نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

 

البصرة في ثلاثينات ذاك القرن ـ شارع الساحل

هناك شخصيات مجهولة أو انها كانت معروفة فغدت على مرور الزمان في حكم المجهول، كما ان هناك شخصيات غطتها الانانية، او الخوف من التشهير فأصابت اسماءها بالتحريف، أو التبديل
..ومع كل هذا وذاك، فأنها شخصيات معروفة بالاسماء، مجهولة بالهويات، ستبقى ما بقى الغناء الميل الذي ورثناه عن الاباء والاجداد في تراثنا الغنائي الفولكلوري..!
من هذه الاسماء “صبري افندي” امين صندوق البصرة أو كما كان اسم الوظيفة معروفا في العهد العثماني “صندوق امين البصرة”..
لم نعرف عنه شيئا الا بقدر ما حدثتنا عنه في ندوة اذاعية صديقة الملاية، انه كان شابا انيقا، من شبان البصرة المعروفين بالاريحية وحضور مجالس الطرب والغناء ، ومنذ اكثر من عشر سنوات، حدثني صديق بأن صبري افندي ، ما زال حيا يومذاك، وانه يسمع الاغنية المقرونة باسمه فتنهمر الدموع من عينيه..!
نحن لانعرف عنه الان شيئاً… ونرجو ان يستجيب الله دعاء الوف الذين يرددون الاغنية، الله يخلي صبري صندوق امين البصرة..
ومن الشخصيات التي خلدها غناؤنا الشعبي اغنية “جواد، جواد مسيبي” ان كل الذي نتمكن ان نعرفه من كلمات الاغنية، ان جوادا هذا نسب الى مدينة المسيب، وانه ترك مكانه ورحل “لركض وراهم واصبح..” مرة أنجبح مره اطيح” ولكني سألت اكثر من واحد من ابناء المسيب عن جواد، فكان جوابهم، ان المعروف عنه ان اباه اسمه “مسيب” حسب..!
* * *
ولئن كان ابناء بغداد يعرفون موقع “كهوة عزاوي” وكثيرون من الشيوخ قد ارتادوها، وشربوا “الناركيله” فيها ، غير ان احد هؤلاء الرواد، وهو سلمان، الذي “مدكدك” بالوشم، يكاد يكون غير معروف ، ومع كل هذا ، ومع اندثار كل اثر لمقهى عزاوي، فستبقى الاغنية “ياكهوتك عزاوي” بيها المدكدك سلمان” من اغانينا الشعبية الفولكلورية ،المحببة الى القلوب والاسماع..
* * *
ولئن كنا نعرف “الفينة” وهي الطربوش لباس الرأس ايام العهد العثماني والتي لاتزال موجودة، تلف حولها (السيدية) أو (الكشيدة) ، فأننا لانعرف من هو بالذات “عبود” الذي جاء من النجف (منكس الفينة) وهذا الجهل لايمنع ان تكون اغنية (عبود اجه من النجف ومنكس الفينة) على كل شفة تستذوق الغناء الشعبي الاصيل..
* * *
اما غالب الذي اسمه للتدليل “غلوبي” كما كانت العادة الشائعة في التسمية في العهد العثماني قدوري بدلا من قادر، وستوري بدلا من ستار ، فلا نعرف ماذا فعل، وأي خيانة اقترفها ، حتى راحت الالسنة تردد “ما ريده ما ريده الغلوبي” ولكننا نعرف ان الاغنية ستبقى، وان نغمها الرقيق سيعيش..
* * *
وقد لايعرف كثيرون ان اكثر الاغاني شعبية العراقية شيوعا في البلدان العربية هي اغنية (حميد يا حميد) تصغير حميد، ولكن من هو الـ (حميد) هذا الذي شاع اسمه وانتشر؟ لا شك ان صاحب الاغنية، وما زال حيا، بامكانه ان يزيح الستار عن هذا الـ (حميد) المجهول، ان لم تقف موانع بيننا وبين ما نريد..
* * *
وهناك شخصيات معروفة الاسماء، مجهولة الهوية، جاءت باغانينا الشعبية التقليدية، اسماء كثيرة ليس بالمستطاع حصرها وذكرها بمثل هذه العجالة.. فمن هي يا ترى فخرية..
فخرية كصت باص
بالقسطخانه
بعد الجرح ما طاب
خزن مكانه؟
ومن هي (سليمة) التي جعلت المتغزل بها يعلن أساه وألمه باغنية رقيقة خالدة.. نامت عيون الناس، كلبي شينيمه..؟
ومن هو بدري الذي يعنيه المغني…لكعد اباب الحوش وانده يبدري، نوبه الطم على الراس نوبه اعله صدري؟..
ومن هو (ابو خوام) الذي دفعت التقاليد القبلية فتاة، ان تذهب الى مضيفه، وتصرخ …لكصد لبو خوام وبجي بمضيفه…يرجع لي ساهي العين يحسبها ضيفه؟
ومن هو مجيد بالتصغير، الذي استنجد به صاحب الاغنية صارخا… لجني الضيم يمجيد خويه لجني؟.
ومن هو (داود) العواد… الذي توسل به المغني…عيني عيني يداوود متعلمني ضرب العود؟..
شخصيات كثيرة خلدها غناؤنا الشعبي، قد يكون بعضها معروفا عند صاحب الاغنية، وقد يكون بعض آخر معروفا عند البعض، وقد يكون بعض ثالث غير معروف عند الجميع.
* نشر الموضوع في مجلة الاذاعة والتلفزيون في عددها الثامن عشر من عام 196
6