نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

فاطمة الربيعي: حرمت من ميراث عائلتي الغنية لكوني فنانة :أجرى الحوار عبد الجبار العتابي


  على الرغم من الاحتفاءات التكريمية التي نالتها خلال الاسبوعين الاخيرين، الا ان الفنانة العراقية فاطمة الربيعي بدت في تواضعها ذاته وظلت على ملامحها المبتهجة تلوح سيماء من الحزن الشفيف، كما انها قدمت عملا مسرحيا نالت عليه ثناء واضحا فكان مناسبة مميزة لها للتعبير عن قدرتها على التفوق والعطاء، فاطمة الربيعي.. تحمل احزانها التي يبدو ان تتنامى لاسيما انها تقول بكلمات واضحة وجريئة ان الحكومة لم تعطها شيئا، كما ان حقها الشرعي في ارث والدها اخذ منها لكونها فنانة.
* ما الذي استفزك في مسرحية (جنون الحمائم) لتشاركي فيها؟- المسرحية من اعداد واخراج عواطف نعيم المأخوذ من مسرحية (سوء تفاهم) للبير كامو، ودوري فيها شخصية الأم التي من خلال ما عاشته او عاشه الانسان العراقي بشكل عام من مآسي ودماء ومن ما مر على الشعب العراقي تحجرت المشاعر عندها ولم تعرف ولدها الذي من المفروض ان تعرف غريزيا بفعل عاطفتها، ولان الام لا يمكن لها ان لا تعرف ابنها مهما يكن، ولكن هذه المرأة من كثرة الالام التي مرت على المرأة العراقية تحجرت مشاعرها في الحب والامومة وهذه نتيجة، هذا مفهوم العمل، وقد اعجبني، فأنا من طبعي ان اقرأ العمل بشكل تام فأن جذبني اليه فأقرر المشاركة وان لم يجذبني ولم اجد فيه نفسي اعتذر، العمل فيه معالجة جميلة جدا واسقاطه على الواقع العراقي وهذا جذبني اكثر وانا كفاطمة الربيعي انتمي لهكذا اعمال التي هي الاعمال الملتزمة الجادة التي تناقش الهم العراقي وفيها انتماء للمسرح العراقي وتقول فيه كلمة وهذا واجبي كفنانة وهمي وخصوصا في المسرح، عندما تكون هناك مسرحية من هذا النوع تكون فاطمة بطلتها.
* ما شاهدناه خلال المسرحية يؤكد على قدرتك على العطاء، الم تتعبي ولديك هذه المسيرة الحافلة؟- لا اتعب من العطاء، العطاء هو همي الوحيد في الحياة،هذا ديمومتي وتواصلي مع الناس، فالفنان لايقف عند عمر معين،وعندما يقف معناه انه يموت، وانا ما زلت احيا ولدي طاقة للعطاء واتمنى ان اعطي اكثر واكثر وان اقدم عملا للمرأة العراقية بالذات لانها متفردة، ليس لكوني امرأة فقط بل ان المرأة العراقية متفردة وفاطمة الربيعي متفردة في عطائها، هذا ليس غرورا وانما لحقيقة، لانها متفردة في الامها وصبرها وتحديها وبكل الظروف، انا واحدة من هؤلاء النساء اللواتي اعطين وما زلن، لذلك سأبقى اعطي واتمنى من الكتاب في الدراما التلفزيونية ان يكتبوا للمرأة وان اقوم بتجسيد هذه الشخصيات.
* هل يعجبك حال المسرح العراقي الان؟- انا متفائلة باستمراريته، ولكن لا اتفاءل في الوقت نفسه.. بسبب ان جمهورنا لم يعد يأتي الى المسرح او اننا لم نعد نعطي للجمهور ما يريده وانما نعمل من اجل ان نعرض اعمالنا خارج العراق، وجمهورنا احق ان يشاهد اعمالنا وأحق ان يشاهد متاعبنا التي تتواصل لعدة اشهر من اجل عمل واحد، ليس هنالك جمهور ولا فائدة من عرض عمل مسرحي لمدة يوم او يومين.
* ما السر برأيك في عدم حضور الجمهور للاعمال المسرحية؟- لا يوجد سر.. بقدر ما هناك هذه الشماعة (الحالة الامنية) او ربما ان الاعلام غائب عن العروض او غير جيد والعروض المسائية غير موجودة ويجب ان تكون هناك عروض مسائية لان الناس تعودت ان تحضر مساء وهذه هي الطقوس المسرحية، وان لا يوجد مسرح مساء لا احد يأتي او اذا الحالة الامنية اصبحت جيدة فبالتأكيد الجمهور سيحضر.

* لكن الجمهور يريد عروضا كوميدية وليست جادة.- في الفترات السابقة تعوّد الجمهور على المسرحيات الكوميدية لان ما يحمل من هموم ويريد ان يتجاوزها بضحكة او بابتسامة، ولكن هذا لايعني ان المسرح الكوميدي يسفه، لا.. فهناك مسرحيات كوميدية تسلط الضوء على الحالة العراقية المعاصرة او الالام العراقية اكثر من المسرحيات الجادة لو اختيرت بشكل صحيح، ولكن بشكل عام نحن بحاجة الى مسرحيات جماهيرية واعلان عنها بشكل مكثف حتى تكون عودة جمهور المسرح.
* هل تشعرين في لحظة معينة ان فاطمة الربيعي مغبونة؟- كثيرا جدا، اعلاميا وفنيا وماديا، ولكن جماهيريا.. لا، انا اجد نفسي في القمة من ناحية الجماهيرية، نحن دائما نقول ان الشعب العراقي متساوي في الواجبات ولكن في الحقوق غير متساوي، انا واجباتي متساوية واعطيها بشكل اكثر ولست متفضلة طبعا، هذا واجبي قطعا، ولكن حقوقي لم اخذها، حقوقي من الدولة، فهي لم تعطني أي شيء الى حد الان، أي شيء، هل ان فاطمة الربيعي وطوال هذه السنين وهي اول مؤسسة كأمرأة للمسرح القومي لا تعطى (درجة خبير) لكونها تحمل شهادة دبلوم وليست شهادة بكالوريوس؟ هل الشهادات التي اعطيت لفاطمة التي تجاوزت المئات والجوائز والتكريمات داخل العراق وخارجه لا تساوي شهادة بكالوريوس؟، هل حب الناس والتصاقهم بفاطمة الربيعي واحترامهم لها واحترامها لهم لا يكفي؟، انا التي بقيت اناضل داخل العراق طيلة اربعين سنة بكل الظروف وبقيت واقفة وصامدة رغم ما اصابني من مصائب في حياتي الشخصية،ورغم انني حرمت من ورث كبير جدا لكوني فنانة، وانا لم اتعدّ على تقاليد بلدي، وما قفزت على تقاليد العراق الى غيرها.
* بماذا تفيدك درجة الخبير هذه وكل هذه الشهادات لديك؟- غدا.. او بعد غد..، عندما اريد ان احال على التقاعد واريد ان احافظ على كرامتي من خلال راتبي، لان درجة الخبير تحفظني في كبري، حتى لا اتنازل واقول انا بحاجة الى علاج تعالي يا دولة ويا قناة فضائية عالجوني!!، او اذا كنت محتاجة ان ادفع ايجار او أي شيء ان اقول يا.. اعطوني، والناس تترحم عليّ، انا لم افعلها لا في الحياة ولا بعد ان اتقاعد، وان شاء الله لن اتقاعد عن عملي الا حين يأخذ رب العالمين امانته.
* اذا كنت تستحقينها من منعها عنك؟- يقال انه القانون، هل القانون قرآن؟ اليس القانون مرنا؟ ويقال القانون من المادة كذا من الدستور السابق (المنحل) يقول كذا وكذا، هذا يطبق عليّ انا، هذا المنحل، وندائي اوجهه لوزارة الثقافة ومجلس الوزراء.
* اشعر بك تشعرين بحزن عميق وانت تتحدثين بهذا الموضوع، لماذا؟- انا بنت واحد من اغنياء العراق، حرمت من الميراث لكوني فنانة، انا وشقيقتي الفنانة زهرة الربيعي، اخواني الذين حرمونا من الميراث يعملون في اجهزة الدولة الان، يدعون بالديمقراطية والدفاع عن حقوق المرأة، بينما هم اقرب الناس الى اخواته يحرموهن من الميراث لكونهن فنانات !!.
عبد الجبار العتابي