نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

ماكبث .. ويليام شكسبير




مقدمة لا بد منها

الحديث عن المسرح بشكل عام, حديث ذو شجون, ولم لا؟ وهو أبو الفنون وأكثر أشكال الفنون تأثيرا في نفوس الناس وثاني أقدم اشكال الفن بعد الشعر. يرتبط المسرح ارتباطا وثيقا بالدين والثقافة والمجتمع الإنساني والمدارس الفلسفية والمذاهب الأدبية, وهو من أكثر أنواع الفن فتكا وتأثيرا بالناس. يتميز المسرح بمكانه الخاص والذي غالبا ما يكون في منصة مرتفعة عن الأرض نسبيا ويكون الناس ينظرون للمسرح من أسفل هذه المنصة, ليشاهدوا الممثلين الذين يقومون بأداء الشخصيات الموجودة بالمسرح. هذا هو المسرح كما نعرفه, ولكنه بالتأكيد لم تكن هكذا بدايته.



ارتبط وجود المسرح بوجود الإنسان على الأرض, فالصياد الشجاع القديم والذي استطاع أن يقتل حيوان الماموث برمحه وأخذ يأكل لحمه مع بقية أفراد قبيلته في الليل يسأله أحدهم:" كيف استطعت أن تقتل هذا الوحش الضخم؟ ", فينهض صيادنا الشجاع ويحكي كيف أنه استطاع التحايل على هذا الوحش بذكائه ودهاءه ثم انقض عليه بالرمح, مستعينا ببعض الحركات الجسدية التمثيلية, والمسرح الذي يعد الحوار هو أسلوب السرد القصصي فيه يؤكد أن ذلك الصياد القديم هو أول كاتب وممثل ومخرج مسرحي في تاريخ الإنسانية, لقد تحول من صياد ماهر إلى فنان ورسام وممثل مسرحي. ولكن المسرح بشكله الحقيقي الاحترافي لم يعرف إلا في اليونان.

عرف اليونانيين المسرح منذ قديم الزمن وكان المسرح عندهم شعيرة من شعائر دينهم, حيث كان إله المسرح " دايونيسيس " يحتفل بهذه المسرحيات, ولم يكن المسرح يعني عندهم ترفيه أو تسلية أو أمر ثقافي. انتقل المسرح إلى الرومان بعد سقوط حضارة الإغريق وانهيارها كما انتقلت كل أشكال الثقافة اليونانية بما فيها تعددية الآلهة والفلسفة والطبقات الاجتماعية إلى الرومان. بعد اضمحلال القوة الرومانية غرقت أوروبا في العصور المظلمة والتي حرمت فيها الكنيسة المسرح واغلب أشكال الفنون الثقافية, الأمر الذي جعل الكثير من الأدب اليوناني والروماني يختفي من ذاكرة التاريخ. انتفضت أوروبا بعد نوم عميق واستعادت نشاطها بسرعة كبيرة واستدركت نفسها قبل فوات الأوان فاستعادت الكثير من خزائن الأدب اليوناني والرومان قبل غرقها في بحر النسيان. ظهر في أوروبا العديد من الكتاب المسرحيين الرائعين والذين أثروا المعرفة الإنسانية ونقلوا الإنسان إلى أبعد مما يتصوره, وظهرت العديد من التحف المسرحية التي صُفت بجانب الروائع والتحف اليونانية القديمة وكان المسرح يستعيد لياقته ونشاطه الذي عُرف عنه منذ أن وقف الصياد القديم على قدميه ليعيد تقديم حادثة حصلت من قبل وهي قتل حيوان الماموث.



ما بين المسرح اليوناني والمسرح الحديث تتراقص أسماء كبار المسرحيين معلنة حضورها القوي ووجودها في ساحة الخلود الفني, ولنقم بجولة حول تلكم الأسماء اللامعة والتي بعضا منها لا يعرف منها إلا الاسم فقط ولم يصلنا من أعمالهم شيئا. هنريك أبسن من النرويج, إيسخيليوس من اليونان, توماس إليوت من إنجلترا, تشيكوف أنطوان و ليو تولستوي من روسيا, إيميل زولا من إيطاليا, أوجست سترندبرغ من السويد, جورج برنارد شو من إيرلنده, سوفوكليس من اليونان, جوهان غوته من ألمانيا, فيكتور هوجو من فرنسا, كاسيليوس من روما وهنري جيمس من أمريكا. أما الوطن العربي فمنهم توفيق حكيم ويوسف إدريس ونجيب الريحاني من مصر.

جميع من ذكر في الأعلى كتاب مسرحيون عظماء بلا شك أثروا في تاريخ المسرح العالمي, ولكن أيا منهم لم يبلغ نصف العظمة التي وصل إليها عبقري المسرح الأول ويليام شكسبير, ولكن .. من هو شكسبير؟, هل هو من هذا الكوكب؟ هل هو إنسان؟, من أين أتى هذا الشكسبير؟..