نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

الفنانه العراقيه زينه مصطفى سليم والوان الانسان والحياه والطبيعه:حاورتها: فرح الشمري





حاورتها فرح الشمري
انها الفنانة التي لم تغفل عنها الساحة الفنية العالمية,, تميزت لوحاتها الاستثنائية بذلك الضوء الشهي المنبعث من عمق اللوحة بعذوبة شاعرية يحاكي المتلقي ويسحبه بشاعريته للدخول الى صلب العمل ويحل زائراً جميلاً على حواسنا. يقول انك لا تنسني واعلم جيدا انني لن انساك. يحاورنا بلغته الخاصة مدركاً انه لا يُنسى تاثيره الغامض والصريح.. العميق والقريب... هذا ما يحدثنا به ذلك الضياء من لوحات تنبض بالوان الحياه واشعتها الملونه بكل اطياف الاحاسيس الذي يعلن عن ولادته باعمال الفنانة التشكيلية العراقية المغتربة زينة مصطفة سليم.. الحاصلة على شهادتي الدبلوم العالي والبكلوريوس في الفنون التشكيلية جامعة بغداد . وكانت واحدة من المتميزين الذين تخرجوا من المعهد والاكاديمية ممن تركوا بصمة مهمة في رحلة الفن العراقي الحديث.انها وقفة تأمل مع الفنانة زينة سليم.. نرحب بك ونطمح من خلال حوارنا الشيق معك ان نمر على مراحل حياتك الفنية ومحطات انتاجاتك وتسليط الضوء على مفاهيمك الخاصة التي تبلورت خلال تجربتك والتجوال بين مواسم لوحاتك والتمتع بالمشاهد الدرامية التي مر عبرها الضوء كرحلة عشقية مع نساء فرزتهم الطبيعة كما تصنفينهم,, واسميتهم ..(سيدات الفصول).







س_بداية, نود ان نعرف نبذة مختصرة عن بدايات زينة الفنانة والانسانة..


تحية عطرة عزيزتي فرح ,,


ج_حقيقة انا اعتبر نفسي من المحظوظين الذين تبنتهم الطبيعة ومنحتهم جزءاً من اسرارها.. فالفن هو لغة انسانية رفيعة المستوى.. عشقت الفن منذ طفولتي التي نضجها الفن والالم معا وفارقتني مبكرا .. كانت كلمات والدي الاولي التي اطلقها علي ابنتي فنانة موهوبة مازالت ترن في اذني التي حملتها رسالة في عنقي منذ ذلك الوقت.. استغرقت رحلة دراسة الفن 9 سنين اكملت خلالها معهد الفنون واكاديمية الفنون ..كانت فترة كافية لاحتواء فني وتهذيب موهبتي وتنميتها بالشكل العلمي الصحيح..










س_هل اعتمدت زينة بانتاجاتها على الرسم فقط ام تطرقت للنحت ايضا وخامات اخرى لطرح اساليب متنوعة في اغناء تجربتها؟


ج_الفنون التشكيلية بصورة عامة تضم الرسم, النحت, السيراميك, التصميم, الخط والزخرفة.. هم كيان واحد لا يتجزء,, الفنان المتمكن يستطيع ان يبدع بها ويحاورها ويتنوع باستعمال خاماته وتقنياته فهذا يثري العمل الفني ويحقق نتائج رائعة,, لست مع ان يتقولب الفنان في منهج واحد ضمن تقنية معينة فيفقد العمل متعته البصرية ويحتكره التكرار والملل..



س_مما شاهدته من اعمالك الواقعية التي يحضرها الابداع دائماً .. وذلك الضوء المتفرد ولمستك الخاصة التي تركت بصمتك واضحة في جميع اعمالك الواقعية منها والتعبيرية وانتهاءاً بالتجريدية التي ترسم نفس البصمة والتميز, لمست هذا التفرد الابداعي واضحاً في كل من لوحاتك التي اثارت انتباهي باسماءها قبل الدخول لمضامينها كلوحة (نور من الداخل) و ( زفير الارض) و(حب في الجليد) و(في رأسي طائر).. انها تمنح المشاهد شغف الدخول في هذا العالم والتقرب منه ومحاولة لمسه..


كيف تولد الفكرة لديك,, وكيف تعبرين عنها للوصول لهذا التفرد بالحس الجمالي..؟






ج_اعمالي الفنية هي سلسلة الذاكرة التي تعبر عني وتوثق مراحل وتوقفات مهمة في حياتي.. لدي سبلي ووسائلي الخاصة للتعبير عن ما يدور في ذهني ووجداني ويخلق جواً مغايراً عن ماهو مألوف حيث يخرج اللون مغمساً بقطرات وجعي وحنيني وتكهناتي واشتعالاتي وغثياني..اضافة الى سمة الضوء المتقد بلون بات علامة واضحة تميز اعمالي .. لوحاتي اقرب لي اكثر مني الي..وهي الاقرب للطبيعة والتربة ولا تحكمها فترة زمنية .. فهي عصر استثنائي افتراضي خارج نطاق العولمة والقوانين الدنيوية,, انه عالم مسكون بجماله الذي يؤدي طقوس استوحت جمالها من سومر وبابل تأخذ من الواقع شجونها ومن اللامحدود حسنها.. فهي تمنح المشاهد جوازات سفر لمواسم اسطورية خيالية.











س_ هل هناك مدرسة فنية تنتمين لها؟ ومن هو الفنان الذي يستفزك اسلوبه ؟


ج_ اسلوبي بالرسم يقترب الى التعبيرية الى حدٍ ما .. واقول الى حد ما لان هذا المحور يأخذ ابعاداً اخرى.. اذ ان التعبيرية التي اشتغل عليها هي تعبيرية زينة وليس نسخ عن التعبيرية الاستهلاكية كمفردة ومضمون, احاول ان ابدع برسم مدرستي الخاصة بالفن واعطاء اعمالي الكاريزما الخاصة بها دون التشابه مع اي اسلوب او فنان وهذا ليس بالسهل لان البحث لا ينتهي والجهد مضاعف.. ولكن بالتاكيد النتائج اسمى . كل فنان جيد يحرضني للرسم للابداع .كلما توسعت معرفتي توسع ادراكي و ذائقيتي ليس بالضرورة ان اتأثر بتجربة فنان ولكنه يصبح حافزاً لي لاوقض بعض الخلايا النائمة واذهب للرسم في اوج اعجابي بلوحة حتى ان فاتني اسم مبدعها.
س_أنا من المتابعين لكتاباتك النثرية وأجد أنني بصدد شاعرة لا تقل شأناً عن الفنانة التي بداخلك. اعتقد أن عليك الاعتراف بذلك. !


ج _ الشاعرة المشاكسة التي تعبث بحروفها بداخلي .. تخرج وتفرض نفسها أحيانا وتتحدى اللون وتهذي بسطور ربما عجز لوني عن سردها .. فتكون الكلمة هي المكمل الايقاعي واللوني للعمل الفني,, فكأنما اكمل اللوحة بسطور تعطيها ملامحها النهائية.
هذه بعض من ابياتي المتواضعة
فرصة للنسيان


____________






كم اجاهد نفسي فيكَ






وكم الوم الوجد كي لايستفيقَ






لٌمني فكأنني بعض ما فيكَ






* * *






ليتني بعدت عن لهب صوتٍ حنون






وليتني لم الاعب قدري باصبعٍ مجنون






وليتني لم اصل لرحم امي و اكون






* * *






ياذنبي غير المرتكب






يا وعدي غير المرتقب






وسؤالي غير المستجب






* * *






احني من الريح راسي






وارسل مع الطير همسي






يا من كنت حبيب امسِ






* * *






ارقد بسلام فقد مسحت حروفك من دمي






وكلمة عشقٍ قد فرت من تحت فمي






وبكور رياحين قد فضت من حرمي






س_لكل منا لغة في التعبير عن الفرح والحزن, فهل تعتبرين الفن هو اداتك المباشرة للتعبير والى اي مدى ؟ وهل للمؤثرات الخارجية او الداخلية اثر في تحريرك هذه الطاقة التعبيرية وكيف؟


ج_ بالتأكيد الفن هو تعبير مباشر عن وجدان الفنان , ارهاصاته, ضحكاته, تأملاته, لكنه أيضاً لا يخلو من تأثير المحيط ويقدم رسالة له بتعامل جمالي كي تكون اقرب للنفس في مخاطبة الذات . ان العمل الفني هو شاشة صماء تحركها معرفة المتلقي وتجعل من صمتها رواية سحرية تتشعب لابعد نقطة في وجدان الناظر, اذن لا تكتمل المعزوفة الا باّلتين واحدة تعزف والاخرى تستمع وتنصت


كل عمل حقيقي لهُ القدرة ان يمتص حتى ذرات الضوء التي تحيط المكان الذي وضع فيه..
س_ عند تجوالي في ارشيفك أثارت انتباهي لوحة اسميتها اصحاب الفيل, انها عالم مختلف عن اعمالك ولها خصوصيتها هل لك ان تحدثيني عنها:
ج_ لوحة اصحاب الفيل.. عمل درامي ملحمي استنطقته من الاية القرآنية وكانت واحدة من لوحات مشروع تخرجي لسنة 1998, تناولتها باسلوب واقعي لهذا تجدينها مختلفة تماماً عن مراحلي الاخيرة التي هي خلاصة عن تجاربي القديمة وهذه اللوحة واحدة من هذه التجارب.
س_ هل تعتقدين ان الفن صفة وراثية ؟


ج_ الفنان هو مشروع مبني على عدة عوامل ومؤثرات كونت هذا الكيان , من ضمن هذه العوامل هي الوراثة لها تأثيرا نسبيا يحكمها مدى استيعاب الانسان لهذه الجينات وتلحقها عوامل مهمة اخرى كالاستعداد والموهبة.. الظروف والمثابرة.. البحث والاخلاص.. المعرفة والتواضع.. العاطفة والادراك.. التواصل والاستمرار.. كل هذه العبارات مجتمعة غير متجزئة تمثل بجملتها الفنان
س_ماهي المواضيع التي تناولتها في بداياتك وهل تذكرين اول لوحة رسمتها ؟


ج_من الصعب جدا ان اتذكر اول لوحة .. ولكني اتذكر بعض المواضيع التي تستفزني للرسم..كنت مولعة برسم البورتريه منذ الابتدائية والمتوسطة حتى قبل المعهد.. وكان والدي اكثر شخص رسمته اضافة الى اخوتي اثناء نومهم..ومن ثم بدأت اخرج للطبيعة التي كان لها الدور الكبير في تهذيب لوني وارتقاءه, كان الخروج للطبيعة وقتها في فترة دراستي عملية شاقة و بمثابة جهاد لانتاج عمل فني ,الا انها كانت من اجمل واثمن مراحلي الفنية التي اثمرت عن معرض شخصي للطبيعة 1998 في سنة تخرجي كان تحت اشراف ومباركة الاستاذ والصديق د زهير صاحب المفكر والباحث في تاريخ الفن
س_ لقد قمت باقامة معرض شخصي في مدينة مونتريال-كندا مؤخراً تحت عنوان )سيدات الفصول) ماذا كانت الفكرة وما هو صداها عند المتلقي الكندي؟ .حدثينا عن هذه التجربة وصعوباتها. :


ج_ عن تجربتي الاخيرة في مونتريال (سيدات الفصول) 2011


اختزلت بهذه التجربة شجون واحلام وهواجس وسنين وتعاملت معها بذكاء فطري يحمل حساً رومانسياً , نساء حضرن بفصولهن بشفافية عالية وارض وموسم اختزل انوثتهن وبنرجسية شهية تسحر المتلقي , وتهمس له بتراتيل بلغة عالمها ولون مضئ وطائر متمرد يرتوي من عشقها العتيق.. كان له صدى جميل وكتب عنه نقاد كنديين وفرنسيين وعرب كان, انتعاشة جديدة لسكون ارغمته الغربة على عدم البوح لعشر سنين , واعتبرها انطلاقة جديدة لي . اذ بدأت تتلوها انجازات ومشاركات عديدة عقبتها من ضمنها معرض مشترك في نيويورك لمجموعة من لوحاتي مع نخبة جميلة من فنانين عالميين , ومعارض مشتركة في صالات عمان المهمه.. اضافة الى مشاركاتي المستمرة في مدينتي اوتاوا, وتحضيراتي لتجربة اخرى ورؤية جديدة.
س_أي لوحاتك أقرب لقلبك. ولماذا؟


ج_ لوحة بعنوان (عروس الليل) هي من اقرب الاعمال الى قلبي في مجموعة سيدات الفصول فلها واقع خاص جدا بداخلي وهذا ليس بالضرورة ان تكون اللوحة الاجمل ولكنها الاقرب شبها لنسختي , ومن اعمال الطبيعة, لوحة (عطر الارض) التي من خلالها استنشق ارض بلدي.
س_ مع أي الالوان تحبين التعامل؟ وهل هناك لون يجذبك عن سواه, وكيف يتم اختيارك للون في اللوحة؟


أعشق اللون بكل اطيافه.. اغازله اغني له وانا اضعه على سطح اللوحة واتفاعل معه بقدسية .. ولهذا يظهر جرئ وصادق غير منمق مكمل للرواية التي اريد سردها بل ويعتليها بشاعرية ليصبح هو الحدث والقضية الاساسية بالعمل. ولكنه احياناً يغادرني واجد نفسي ارسم بعتمة رمادية احفر في الظلمة لاجد نفسي , واعالج الموضوع بشجن له لحن مغاير اسلطن معه ويكون شاهدا معي على مشهد جديد لا يقل اهمية واثارة عن اي لون مضئ.
العراق فخور بابنته المبدعة زينة مصطفى سليم وكل ما اراد قوله قد قاله حين انجبك الى العالم معلنا عن ولادة فنانة عراقية استثنائية.. فهل من كلمة اخيرة تحبين توجيهها لوطنك العراق؟
ج_العراق هو عشقي الاول الذي استوطن داخلي .. وانا فخورة بعراقيتي وانتمائي لادراكي التام بخصوصية هذه الهوية وقيمتها الانسانية والتاريخية, ربما وضعتني الضروف بعيدا عنه ودفعت ثمن هذا ألم وحرمان واشتياق مرير , لكن بالمقابل اعطتني فرصة لاختبار ذاتي خارج حمايته واحتواءه وخلقت هذا التحدي لاثبات كياني العراقي والانساني وهي مسؤولية توزع بين الفنانين والمفكرين وحملة الشهادات والقضايا الانسانية والعلماء وكل مهاجر مخلص لبلده في كل بقعة من الارض ان يساهم في رفع هذا الاسم العريق دائما.


العراق الان ليس ارضاً تحدها خطوط وهمية وحدود فرضتها الحكومات, العراق كل واحد فينا بما يحمله من ابداع وثراء فكري وانساني .. العراق هو الحب الذي يجعلنا نبدع هو الهاجس البعيد القريب هو الهدف والانطلاق..املي ان نكون على قدر تلك المسؤولية وان نكون امتداد لحضارة عريقة شهد لها التاريخ
من خلال حواري معك واسئلتي البسيطه ظننت انني احاور رسامه وفنانه تشكيليه لها بعض الخواطر الشعريه لكنني تفاجات بكاتبه من طراز عراقي عميق يجدر بها تاليف الكتب وكتابه المقالات اضافة الى رسم اللوحات المعبره
شكرا لك فنانتنا المبدعه ونتمنى ان نلتقيك في حوارات مقبله مع معارض رائعه
فرح الشمري