نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

الخط العربي المتجدد.. لوحات بصرية سيمفونية عربية خالصة :بقلم:سلوى صالح


يرى النقاد التشكيليون أن الخط العربي لم يعد مجرد عناصر حروفية نمطية تكتب بطريقة كلاسيكية وإنما أصبح فنا قائما بذاته يملك قدرة تعبيرية عالية وقيمة تشكيلية خاصة به دون أن يفقد وظيفته الأساسية كوسيلة اتصال لغوية.
ولما كان التجديد والخلود شرطين أساسيين لكل فن فان التطور الواسع للخطوط العربية يؤكد قدرة الخطاطين العرب على مواكبة روح العصر الذي يعيشون فيه.
ويعتبر الفنان الدكتور محمد غنوم الخط العربي من أهم ملامح شخصية الانسان العربي الفنية رافضا القول.. إنه فن وصل إلى درجة الكمال ولا يمكن الاضافة اليه او الحذف منه فهذا كلام برأيه غير دقيق لسبب ان هذا الفن هو منتج الانسان العربي عبر العصور.
ويتابع في حديثه لوكالة سانا..إن الخط العربي وصل إلى درجة عالية من اتقان القواعد والاسس والاوزان والمقاييس الا انه تراث متجدد طالما اجتهد به الانسان العربي في الماضي من خلال تنويع الصور والاشكال00فما المانع ان يجتهد الفنان المعاصر ويحذف ويضيف ويبدع اشكالا وصورا جديدة لهذا الفن وباختصار فان الخط العربي فن يمكن ان نعطي من خلاله كل يوم ابداعات جديدة وصورا لا تنتهي من الفن العربي الاصيل.
ووصف غنوم تجربته الفنية التي تمتد إلى ما يقارب الاربعين عاما بانها تندرج ضمن سياق المحاولات التي تهدف إلى اثبات ان هذا الفن هو احد منتجات الفنان العربي الذي يتطور ويجاري العصر لذلك يقول غنوم المدرس في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق ان اللوحات التي انجزها اراد ان يقول من خلالها اننا نستطيع ان نقدم ما هو جديد وما هو مدهش وما يحمل ملامح هذا العصر بكل ما فيه00فقد كانت لوحات الخط العربي ترسم باللونين الأبيض والأسود الا انني وجدت ان فن الخط يجب ان يدخل عالم اللون بكل درجاته وانواعه من الوان حارة وباردة ما جعل اللوحات تعيش عرسا لونيا يبهج كل من يشاركه أفراحه سواء كان ممارسا او مشاهدا او هاويا.
وتابع قائلا.. إن هناك لوحة جميلة قد ولدت تحمل في تشكيلها وتلوينها مختلف ألوان الطيف .. ومن خلال صعود وهبوط والتفاف وعناق الحروف مع بعضها تشكل تكوينات جديدة تبهجنا بمنظرها ونسمع الحانها العذبة وكأنها سيمفونيات بصرية عربية خالصة.
ومن خلال التجربة والبحث في عمق هذا الفن الذي اختاره الله لتكتب به أقدس الكتب القرآن نجد ان الحروف باشكالها وبهويتها البصرية لابد ان تتوافق بين الشكل والمضمون لذلك فان التشكيلات الحروفية العربية تستطيع ان كان وراءها من يحسن استخدامها في التشكيل العربي المعاصر ان تعبر عن هموم وقضايا العصر ولا نحتاج لغيرها من اشكال تشبيهية فهي قادرة ان تعطينا احساسا عاليا بالمسؤولية في كل مكان.
وحول ممارسة الخط بين الحرفة والهواية يقول غنوم ان الخط هو فن قبل كل شيء وليس حرفة ولكن البعض يمتهنونه لكسب الرزق ولكن هؤلاء يبقون في وضع المحاكاة والتقليد وطريقهم محدود جدا يقتصر على اتقانهم لحروف وكلمات ابدعها فنانون سابقون00لذلك اقول لمن يريد ان يحاور هذا الفن الجميل عليه قبل كل شيء ان يعشق هذا الفن.
أما الفنان جمال بوستان مواليد 1942 فيرى ان أي هواية ممكن أن تتحول إلى احتراف فهناك خطاط فنان وهناك خطاط حرفي يشتغل للسوق وفي كلا الحالين يعتبر الاتقان احد اسباب النجاح.

وقال إن اللوحة الحروفية بحاجة إلى مقدرة ومعرفة عميقة بقواعد الخط واساسياته والتمكن من ادواته 00وان الحرف العربي يمتلك طاقة تعبيرية هائلة الا ان بعض الفنانين يكرر نفسه ولا يجيد سوى نسخ الايات بطريقة صنمية مقلدا الخطاطين الكلاسيكيين دون ان يعطي شيئا جديدا وبالمقابل هناك من يجدد ويحمل فكرا متطورا وهذا يعود إلى ثقافة الفنان.
ويعرف بوستان الخط العربي بانه نتاج ثقافي انساني قابل للتطوير والتجديد وذلك مرهون بحاجة الانسان لهذه الغاية ففي البدايات كانت الكتابة رسوما لاشكال الحيوانات والاشياء ومع تطور الحياة توصل الانسان إلى اختراع الأبجدية التي نفتخر بها والتي أعطت للعالم اسس الحضارة اللغوية المتمثلة بالحروف .
ويعتبر بوستان الخط العربي من الفنون الجميلة وهو الاساس الذي بنيت عليه الحضارة العربية مؤكدا ان الحرف قابل للتطور مثله مثل الموسيقا والفنون الأخرى وهذا يتبع للفهم الجمالي والمقاييس الجمالية لأي عصر.
وفي بعض اعماله استخدم بوستان المدرس في كلية الفنون الجميلة بالجامعة الأوروبية الزخرفة الاسلامية المتناظرة كما استوحى الشكل من المعنى في اعمال اخرى كلوحة من لان عوده كثفت أغصانه التي حاول ان يضمنها شكل أوراق النبات موضوع الحكمة 00وكذلك في لوحة الأخ جناح اذ حاول ان يعطي من كلمة جناح حركة الطيران على شكل طائر سنونو فيما ركز في جزء اخر من لوحاته على البناء المعماري للعمل مثل لوحة وخالق الناس بخلق حسن.
وخلص بوستان إلى القول ان التجديد امر ضروري ومطلوب في فن الخط ولكن على اسس معرفية اذ لا يستطيع أي كان التجديد فيه مشيرا بهذا الصدد إلى التجارب التي كانت غايتها التطوير ولكن كان فيها هدم للخط مثل جعل الابجدية على شكل احرف مقطعة كاللاتينية وهذا ما يلغي جماليات الخط العربي المتصل00فالتجارب الحديثة خلال نصف قرن كانت حركة فنية فيها الغث وفيها السمين.
ويتفق الفنان أكسم طلاع مع زميليه غنوم وبوستان على ان فن الخط قابل للتجديد لكون الحرف مطواعا ويتصف بالمرونة ويبقى تحت سقف الاستخدام اللغوي في تقديم المعرفة والجمال وهذا مبني على اساس اجتهاد الخطاط ومواكبته لتقنيات العصر فينتقل من مجرد الخطاط الكلاسيكي المقلد إلى الفنان الذي ينتج لوحة تشكيلية من خلال الخط.
ولخص تجربته الخاصة بأنها محاولة لتوظيف الحرف العربي كصورة وليس كدلالة أدبية من خلال البحث في صورة الخط والشغف في عالم الخط العربي أي "اكتمال المعنى وجمال المبنى" مركزا على الحرف المفرد والبحث في القاعدة الهندسية للحرف والقائمة على النسب التي لا تكتمل الا بيد مرنة وادوات جديدة ومناخ جديد كالبحث في علاقة الخط والموسيقا او الخط و الحالة الروحانية للكتابة.
وأوضح أن ادخال اللون على اللوحة الخطية جعلها تميل للتصوير وتمتلك أبعادا لم تكن تمتلكها من قبل فصارت عملا هندسيا فنيا يتميز بالخط الحر والرشاقة من خلال حروف فيها تطاول وتعال وحروف ممتدة تنتهي عند انتهاء الانفعال او النفس .. فالفنان يجب أن يكون متأملا متفكرا لان ما ينتجه هو فعل بحاجة إلى طاقة كبيرة والجمال بحاجة إلى ضبط صحيح وتوليف للطاقات لكي يكون تعبيريا.
وقديما قال الخطاط ابن مقلة إن الخط العربي بحاجة إلى خمسة أشياء هي جودة القرطاس وصقل الألماس وحبس الأنفاس وقوة الاخماس ولمعان الانقاس أي الاحبار.وفقا لما نشرت صحيفة سانا.

image

image