نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

رحيل فاجع للقاص زهير رسام: بقلم:حنون مجيد



  اليوم الاثنين 12 آذار 2012 فجعت الأوساط الأدبية العراقية برحيل القاص الكبير زهير رسام. وزهير رسام علم شامخ من أعلام قصة الطفل في العراق، نشر مئات القصص في هذا اللون الصعب والجميل، وصدرت له منها مجموعات قد تعد بالعشرات، وترك مئات أخر كان يعدها للنشر في تواصل لا ينقطع، لأنه كان يعرف أنه في عمر الموت.
كان زهير رسام يدرك أن نشر قصصه بعده إنما هو تواصله الآخر مع الحياة، وان خلوده به لا بغيره، لذا كان مثابراً بلا حدود، وكثيراً ما صرح بهذا أمامي أنا صديقه الذي يمحضه الود الصادق ونقاء الضمير. يمتاز زهير رسام بقلب كبير يفور فيه دم حار ذو حمية وطنية غاية في النظافة والإيمان، ومن خلال هذا جاءت قصصه للأطفال على جانب كبير من التربية واللطف والجمال. ولأنه مثقف انساني، نظيف النزعة، طاهر القلب، جاءت ثقافته كذلك، بل أنه يعرف من المعرفة الإنسانية الكثير ومنتم لها بلا قيود، كما يعرف من الإسلام ولا سيما الجانب المشرق منه بقدر ما يعرف من دينه المسيحي العظيم. وقاريء مئات قصصه سيعثر على مئات الأسماء من مثل: علي وحسن وفاطمة وعائشة وعمر، ونادراً ما يعثر على عيسى وعمران ومريم. وهو من أبرز أصدقاء الحيوان في قصص الأطفال ويبزّ كثيراً من مجايليه في هذا المجال، بل انه نظّف بقلمه النظيف وسريرته النقية طبائع بعض الحيوانات وجعلها صديقة لمن هي أضعف منها.
مرض زهير، وأجرى عمليات جراحية في الشمال العراقي وكردستان دون أن يعرف مسؤول أن هذا المريض ممن قد لا يجود به الزمان، وانه ثروة وطنية كبيرة ونظيفة لا تعدلها على الإطلاق شحنات النفط المهربة بالحرام.
غداً سيمرض آخرون، ممن هم على درجة زهير رسام، وسيموتون بصمت. وقافلة الفوضى ستستمر حتى تأتي الأجيال التي ستلعن التاريخ الذي لا يحفل بوزن الثقافة الكبير ودورها في صناعة مجتمع نظيف، فإليك يا صديقي تحيتي حرّى تقبـّل مقلتيك، وعذراً إن سفحت دموعاً على حيّ مثلك قبل أن أكتب هذه الكلمات الباردة عنك.
أشكرك لأنك منحتني عَبرة نادرة وصادقة مثلك، ورحمك الله وطيّب مثواك.