نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

مهرجان السينما المتنقلة يبهر الجمهور بتظاهرة حاشدة.....عبد الجبار العتابي



  تحت نصب الحرية في ساحة التحرير في بغداد، وفي ليل بغداد الشاعري الجميل، وسط هدوء ربما لم تألفه بغداد في نهاراتها، كانت هنالك شاشة كبيرة تقوم على طرف من الساحة وتمتد امامها عشرات الكراسي فضلاً عن آلة عرض سينمائية، كان الظلام قد خيّم على اجزاء من المكان فيما العابرون فيه، من الراجلين والراكبين، يتساءلون وهم يتوقفون قليلاً محدقين بالمشهد: (ما الذي يجري هنا؟) وبعد سماعهم الاجابة ترتسم على شفاههم ابتسامة حائرة، فهم لم يصدقوا بعد أن هذا التجمع وسط الليل لعرض فيلم سينمائي!!، ربما كان لسان حالهم يقول (هؤلاء بطرانين) أن ينزلوا في منطقة الباب الشرقي الخالية الا قليلاً من المارة والعابرين ويشاهدون فيلمًا، وما اكثر الافلام في القنوات الفضائية، لكن العديد من العابرين تفضل وجلس وشاهد، وهو مندهش من هذا التجمع الغريب، لكن العرض السينمائي تم، اشتغلت الألة وتهادى صوت الحوارات الى الآذان بعد أن خفت الحركة وتوقفت السيارات عن اطلاق منبهاتها وتميز المكان بسحر خاص جدًا، هو سحر بغداد في مسائها الجميل وممزوجًا بسحر السينما، عرض فيلمان: الاول قصير.. للمخرج لؤي فاضل بعنوان (تسجيل) والثاني روائي طويل.. لعدي رشيد بعنوان (الكرنتينة)، وهو ضمن مهرجان السينما المتنقلة الثالث الذي يقيمه المركز العراقي للفيلم المستقل، بعد أن كانت فعالياته قد افتتحت بفيلم عراقي يحمل عنوان (في احضان امي) لعطية ومحمد جبارة الدراجي عرض على قاعة المركز الثقافي النفطي.
  وقال مدير المهرجان محمد الدراجي: "إن المهرجان مهم جدًا لنا كسينمائيين عراقيين وكشعب عراقي بسبب عدم وجود دور عرض سينمائية، وجاءتنا الفكرة أن نذهب نحن الى الجمهور، نذهب الى أمكنة ليس من السهولة الوصول اليها وليس من السهولة أن تصلها شاشات العرض السينمائية، ولكننا قدر أن ننجح في هذا الموضوع".
  واضاف أن ساحة التحرير وفي يوم الثامن من نيسان، المفروض الرسالة وصلت والمفروض الهدف وصل بأن بغداد موجودة، وأن تسع سنوات من هذا التغيير تجعلنا مستمرين دائمًا وخاصة أن المحتل غير موجود، ولكن المؤسسات والقدرات التي تقوم بها هي شخصية وبسيطة جدًا، ولكن المؤسسة والدولة في الانسان العراقي نفسه وهذا ما نحققه نحن.
  وتابع: "سنذهب في مهرجاننا هذا الى اكثر من ثماني محافظات عراقية: من البصرة الى كربلاء والنجف والسماوة ثم ننتقل الى الانبار ومن ثم الى شمالي العراق، وهذه الخطوات تجعلنا نتمنى أن لا يكون مهرجان السينما المتنقلة سنويًا بل أن يكون كل ثلاثة اشهر، ومن الممكن أن تكون سينما مفتوحة بشكل افضل للآخرين ويشاهدها الناس في اي مكان".
  وأوضح أن ساحة التحرير مهمة جدًا بالنسبة للمواطن البغدادي والمواطن العراقي، هذه السنة الثانية التي ننظم فيها المهرجان، وكنا قد افتتحنا المهرجان في قاعة داخلية لكن الآن هو الافتتاح الحقيقي للسينما المتنقلة، ونتمنى أن يحرك المهرجان شيئًا في الساحة الفنية ويمكن أن نقيسه من الجمهور الحاضر وكانت دعايتنا قوية جدًا ولكن يبقى المشاهد العراقي متخوفًا أو مترددًا من حضور هكذا فعاليات في الهواء الطلق.
 اما المخرج لؤي فاضل، مخرج فيلم (تسجيل) فقال: إن السينما المتنقلة ليست جديدة على العراق لأنها كانت موجودة في الخمسينيات وكانوا يسمونها (السينما الصيفية) والآن لقلة دور العرض او لعدم وجودها لعرض الافلام العراقية خاصة، الهدف من السينما المتنقلة أن تعرض افلامًا عراقية صورت بعد العام 2003، وأن وظيفتها هي للجمهور العراقي ليشاهد هذه الافلام، أي أن يشاهد نتاجات ثقافة بلده، لأن هذه الافلام تشارك في مهرجانات خارجية ويحصل العديد منها على جوائز ولكن المواطن العراقي لا يشاهدها، فهدف مهرجان السينما المتنقلة أن يشاهد الجمهور هذه الافلام، والجميل بالموضوع أن الافلام ستعرض في محافظات عدة من الشمال الى الجنوب، وهذا شيء جيد.
 واضاف: أن المهرجان يساعد في انتشار أن هناك سينما عراقية، لأن في الشارع عندما نتحدث ونقول فيلماً عراقياً يتفاجأ السامع، فالعراق بعد 1991 نسيّ ثقافة أن هناك فيلمًا عراقيًا، بعد آخر فيلم وهو (الملك غازي)، لذلك ارى أن وجود المهرجان يساعد في تعزيز حب السينما.
  فيما قال الفنان احمد شرجي: إن السينما المتنقلة خطوة مهمة تحسب للقائمين عليها، لكن هذه التظاهرة شيء مهم فأن يعرض فيلم سينمائي عراقي وسط بغداد وتحت نصب الحرية هو تأهيل وتدريب للذائقة العراقية الشعبية، ويجب ترسيخ ثقافة الشارع، ليس ثقافة الشارع بمفهومها المطلق، ولكن أقصد أن تنتقل الثقافة الى الشارع والى الحارات من اجل الارتقاء بالذائقة الجمعية للمجتمع العراقي، فليذهب الفيلم الى الحارات والشوارع وليأت الجمهور والمثقفون، وصراحة أن تنصب عارضة فيلم بـ 35 ملم وتعرض في ساحة التحرير في قلب بغداد هذا شيء مهم جدًا، وانا أثني على كل القائمين على هذه التظاهرة، وهذه الجهود يجب أن تعضد وتدعم من اجل ترسيخ سينما حقيقية وثقافة سينمائية.
 اما المخرج السينمائي اسعد الهلالي فقال: إن السينما بحد ذاتها هي حاجة ملحة لأنها تقترب من الانسان العراقي الذي ابتعد كثيرًا عن السينما باشكالها سواء كانت مغلقة في صالات عرض سينمائية أو مفتوحة في عروض عامة في الساحات، ونحن الآن بلد حر، بلد يحاول أن ينفتح على التيارات والافكار كافة، والسينما واسطة نقل فاعلة جدًا وربما اكثر فاعلية من الجريدة محدودة القراءة والكتاب محدود الكتابة اكثر الآن، لكن السينما تشاهد من قبل الجميع، وهذا المهرجان قيمته عالية ويجب أن تكون كذلك، اما بالنسبة للتأثير على الآخرين فأنا متحفظ ما دامت طبيعة العروض في اماكن محدودة المشاهدة، وربما السبب له علاقة بالوضع الامني، فالسينما لا يمكنها أن تعرض ان لم يكن هناك ظلام تام.
  واضاف:أن الظاهرة هي كحراك ثقافي مهم ونتمنى أن يكون اكثر تأثيرًا وفاعلية، حاليا ربما فاعليته محدودة لأسباب خارجة عن علاقة المسؤولين عن العرض وربما لأسباب امنية، لكنها خطوة جيدة، فأي حراك بالراكد الثقافي العراقي  هو جيد جدا وهذه خطوة حراك مهمة جدًا.
على قاعة المركز الثقافي النفطي، في ساحة الاندلس بحضور حشد من الفنانين والسينمائيين والمختصين وعدد من الايتام من البيت العراقي الآمن.