نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

ملاحظات في فلسفة الالوان واستعمالاتها: بقلم: د. علي الجوادي

ملاحظات في فلسفة الالوان واستعمالاتها 
مدخل الى عالم الالوان
ان للالوان فلسفــــه حقيقـــــه حيث ان الألوان تؤثر في حالاتنا النفسية فتبعث فينا النشاط أو الهدوء وتدفعنا إلى الاسترخاء أو العمل الجاد او الانفعال. اضافة لذلك فإن لها أيضاً تأثيراً في حالتنا الجسدية إذ يمكن لأحادية اللون في المكان أن تسبب تعباً في البصر، وهنا سوف نوجز قدر المستطاع كي نقدم الفائدة المرجوة قدر ما نستطيع.
الاهتمام بالألوان ظاهرة صحية، والشخص الذي يحب ويتابع تنسيق الألوان في منزله ومكتبه ومحيطه العملي أو الحياتي بشكل عام، هو إنسان بلا شك يحمل الكثير من الحيوية والثقافة والتنظيم. والاهتمام بالألوان انعكاس طبيعي لثقافة عالية تتجلى بالذوق الذي يعكس طبيعة الإنسان ونفسيته.
الكثير من الناس يتعامل مع الألوان، ولكن بعضهم يتعامل معها بانطباع نفسي دون التمرس في القراءة أو المعرفة بماهية الألوان ومدلولاتها النفسية. بعضهم لا يدرك ما هي الألوان الأساسية أو الألوان الثانوية، أو الألوان المتعاكسة أو المتضادة وما هي الألوان المتكاملة والمتضامنة، وغير ذلك.
واعتقد أنه من المفيد ان يكرس الانسان غير المتخصص جزءً من وقته لمعرفة ماهية الألوان ومدلولاتها النفسية ليساعده ذلك على اختيار الألوان وما يناسبها او يتنافر معها من ألوان
ابتداءً سنشير الى انه هناك خطين رئيسيين للبحث عن درجة لونية أو اكثر قادرة على الانسجام الكامل مع أذواقنا.
كل انسان يفضل ويحبذ بعض الألوان وفي الوقت نفسه لا يحب او يرفض ألوانا اخرى. بالطبع، اختيار الألوان او رفضها وقبولها يعود الى اسباب متداخلة فيزيولوجية، نفسية، اجتماعية، دينية، رمزية، ذوقية.
ومن الجدير ذكره ان للكل لون معنى نفسيا يتكون نتيجة لتأثيره الفيزيولوجي على الانسان. فيمكن القول أن الحالات النفسية والعاطفية قد تسبب عن آثار الألوان على الانسان. فالألوان مفرحة، مهدئة، مهيجة، محزنة، مشوشة، مقلقة، مؤملة، مخيبة وهكذا العوامل الاجتماعية كالآداب، السنن، التقاليد والعادات لها اثرها في اختيار وتفضيل اللون. فالسواد ليس لون الحداد والحزن عند كل الشعوب كما أن البياض ليس لون الفرح والسرور عند الجميع. والبيئة الجغرافية والأقليمية ايضا لها اثر يذكر في اختيار اللون، لأن كل شعب يمكن أن يحبذ لونا ويستثمره وفقا لظروفه البيئية والجغرافية.
من هنا نقول ان وظائف أي لون تختلف بأختلاف الحضارات والمجموعات البشرية. يطرح (غرهام كوليير) مثالا للتدليل على ذلك في أطار الوظيفة الرمزية للون في الرسم الديني البيزنطي في القرون الوسطى: فالأزرق اللون الغالب على رداء العذراء الخارجي يرمز الى النقاء والصفاء ويلمح الأحمر الى العاطفة البشرية والأنهماك الدنيوي ويمثل الأخضر الخصوبة وحالة الأمومة بينما يستعمل الذهبي كأرضية للصورة ليرمز الى ما هو مقدس وغال وعزيز ومتعال.
علاوة على هذا كله فالذوق الفردي له دوره في تفضيل لون على لون. فالألوان بالأضافة الى كونها مظهرا من مظاهر الواقعية تكون حاملة ارث ثقافي حيث تتمظهر في الألوان جملة من البنى الأسطورية الحضارية المؤسسة لثقافات الشعوب فلها دلالات جمالية.

ما هو اللون
اللون هو جزء مهم من الاشياء المرئية هو ما نراه عندما تقوم الملونات بتعديل الضوء فيزيائيا بحيث تراه العين البشرية وتسمى عملية الاستجابة ويترجم في الدماغ وتسمى عملية الاحساس التي يدرسها علم النفس.
واللون هو أثر فيزيولوجي ينتج في شبكية العين، حيث يمكن للخلايا المختصة فيها القيام بتحليل ثلاثي اللون للمشاهد، سواء كان اللون ناتجاً عن المادة الصباغية الملونة أو عن الضوء الملون.
  
معانٍ والوان
إن الألوان المختلفة غالبا ما ترتبط بالحالة الوجدانية, والقيم, والجماعات, ولكن هذه الحالات غالبا ما تكون متغيرة بين الثقافات. فمثلا في أحد الثقافات يكون اللون الأحمر دافع للحركة, البرتقالي والأرجواني للحالة الروحية, الأصفر للابتهاج, الأخضر للراحة والدفء, الأزرق للاسترخاء, الأبيض يكون إما للنقاء أو الموت.
يعتبر الأساس الوحيد لصياغة التصميم بشكل متكامل وقد تطور اللون تبعاً لاحتياجات التصميم. والألـوان في كل مكان نتحرك فيه في بيوتنا، ملابسنا، شوارعنا،سـياراتنا، صـحفنا، مجلاتنا، أفلامنا ...كل شيء ملون، يؤثر ويتأثر بذوق الإنسان. والألـوان أيضـا لهـا آثرها النفسي ومقدرتها على الإثارة أو بعث الهـدوء، الإحسـاس بالقوة أو الضعف، فهي ذات إمكانية عظيمة يمكن اسـتثمارها في سبيل ارتقاء حياتنا الثقافية والجمالية، كما أن هناك الكثير من الوظائف المتصلة. الاستعمالات اللونية تزيد من أهمية الألوان في حياة الإنسان.
منفردا بفضاء محايد.
ان للالوان علم خاص له رمزه ومصطلحاته وتاريخه. وعلم الالوان اوسع من المعطيات الفنية او تناسق الالوان معها بل يمتد اثره الى الصحة البدنية والنفسية. فينُصح بعض المعالجين المريض الذي يعاني من ارتفاع ضغط الدم أن يلبس ويرى الالوان الباردة مثل الازرق، والمريض الذي يعاني من انخفاض في ضغط الدم يلبس ويرى الالوان الحارة مثل الاحمر. وفيما يلي اشارات لمعاني الالوان.

اجواء افريقية تصميم الاسطة علاء الجوادي

الالوان في القرآن
اللون في القرآن يرتبط بالحركة الكونية ويرتبط بالليل والنهار قال تعالى في سورة المدثر ( وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ ). من هنا تبدأ رحلة الألوان فالليل يدل على الظلمة والسواد والنهار يدل على الضياء والنور والبياض والليل يعمل في نظم الكون فسماء الأرض زرقاء ليست كسماء القمروسطح الأرض ليس كسطح القمر وهكذا. فاللون مرتبطٌ ارتباطاً وثيقاً بالضوء ولذلك فَهمَ اللون يَرتبط إرتباطاً وثيقاً بِفهم الضوء وضَوءِ الشمسِ خاصة.
يرد ذكر اللون كثيرا في القرآن الكريم والالوان الواردة فيه هي: الأخضر والأصفر والأبيض والأسود والأحمر والأزرق هي الألوان الستة المذكورة في الآيات القرآنية كما أن هناك كلمات اخرى قد تدل على ما تدل عليه الألوان كالليل والنهار والنور والظلام.
وقد وردت لفظه الأخضر ثماني مرات في القرآن الكريم واستخدمت كلمة اخضر لبيان ماهية وجمال ثياب ومجلس أهل الجنة:
 (ويلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق) (الكهف، 31)
(عاليهم ثياب سندس خضر واستبرق) (الأنسان، 21)
(الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فاذا انتم منه توقدون) (يس، 38)
 (وأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا) (الأنعام، 69).
(الم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة) (الحج، 63).
(اني ارى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر واخر يابسات) (يوسف، 46)
كما ورد اللون الأصفر في القرآن كريم خمس مرات وباستعمالين هما:
احدهما البهجة والسرور: (. قال أنه يقول أنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين) (البقرة، 69).
وثانيهما المرض والموت والفناء: (اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما) (الحديد، 20). الصورة نفسها توظف في مرة اخرى حتى تكون موعظة بليغة لأصحاب الفكر وأولي الألباب: (الم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيه في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما أن في ذلك لذكرى لأولى الألباب). سورة زمرة آية 21
 (ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون) (الروم، 51).
وعند حديثنا عن الالوان في القرأن قد يكون من تكملة البحث ان نشير الى الصورة اللونية للجــــنـــــه التي يوعد بها المؤمنون كما في القرأن والحديث.
فبناؤها لبنة من فضة ولبنة من ذهب، وملاطها المسك، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران. وأنهارها فيها نهر من عسل مصفى، ونهر من لبن، ونهر من خمر لذة للشاربين، ونهر من ماء، وفيها نهر الكوثر أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، فيه طير أعناقها كأعناق الجزر (أي الجمال) اشارة لضخامتها وجمالها حسب التوصيف العربي القديم. وأشجارها فيها شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، وإن أشجارها دائمة العطاء قريبة دانية مذللة. وجميع اشجار الجنة سيقانها من الذهب وأوراقها من الزمرد الأخضر والجوهر وشجرة طوبى - تشبه شجرة الجوز وهي بالغة العظم فى حجمها وتتفتق ثمارها عن ثياب أهل الجنة فى كل ثمرة سبعين ثوبا ألوانا ألوان من السندس والأستبرق لم ير مثلها.

تناسق الالوان جدارية من تصميم الاسطة الجوادي


لوحة تشكيلية رمزية ذو الفقار والهدهد للجوادي
وحدة المسيرة