نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

المرأة في حضارة العراق القديم

 
تبوأت مناصب كهنوتية
 د. عبدالله حميد العتابي
من الصعوبة بمكان اعطاء صورة عن المرأة ودورها في مجتمعات العصور الحجرية ولعلها هي التي اهتدت الى الزراعة واوجدتها فضلاً عن بروزها كمعبودة باسم الالهة الأم في العصر الحجري الحديث والتي جسدت فكرة الخصوبة والتكاثر والقسوة من خلال تمثيلها بتماثيل لنساء حوامل. وجد المنقبون تلك الدمى في قرية جرمو في كردستان العراق. وقسم منها على شكل القرفصاء.
ومع تقدم العصور وخلال العصور السومرية تبلورت فكرة الآلهة النساء فضلاً عن تبلور المجتمع الذي حاول انصافها من خلال القوانين ومن خلال حمايتها. فضلاً عن اعطائها حق التعليم واحياناً تتويجها ملكات على البلاد. سمى السومريون الصبية (مونوس تور) أما الأكديون (وهم أقدم هجرة عربية) فسموها (سهرتو) أي الصغيرة وفي مرحلة المراهقة (كي سيكيل تور) وفي اللغة الأكدية (بتولتو) أي البتول.
وفي مرحلة الشباب دعيت باللغة السومرية (كي سيكيل) يقابلها بالاكدية (ارداتو).
لقد حبذ المجتمع زواج النساء وحبذ انخراطهن في السلك الكهنوتي وقسم منهن كانت في أعلى المنصب الكهنوتي. كذلك ساهمت اخريات في الأعمال التجارية من بيع وشراء وتبني وإعارة وغيرها فضلاً عن امتهان بعض منهن الكهنوتية والكتابة والرضاعة.
ولكن المتعارف عليه أنه في حالة انخراط النساء لاسيما النبيلات منهن في السلك الكهنوتي لمعبد المدينة فأنه يحرم عليهن الانجاب مع التأكيد على حقهن بالزواج. والحقيقة وراء ذلك اعتبار بعضهن قرينة للاله في مفهوم تلك العصور. لقد تبوأت بنات الملوك المناصب الكهنوتية العليا في المعبد. وقسم منهن عازفات ومغنيات ينشدن بالمعبد.
تشير البحوث الى امتهان بعض النساء في العصر السومري بيع الخمور. فضلاً عن تبوئ البعض من النساء مقاليد الحكم مثال ملكة كيش المدينة الواقعة قرب اثار بابل كوبابا التي دام حكمها ما يقارب المئة سنة. وكذلك الملكة بو ابي ملكة أور 2650-2550ق.م والتي قدر عمرها حين وفاتها 40 سنة. والملكة نن باندا أي الملكة الصغيرة زوجة الملك مس انبيدا ملك كيش.
لقد عرف عن كوبابا انها حكمت 30 سنة وانها تمكنت من احتلال مدينة اكشاك السومرية القريبة من كيش.
هناك نساء حكمن نيابة عن ازواجهن الملوك مثال شيبتو زوجة ملك ماري زمري ليم ونقيه زوجة سنحاريب وسمورات والدة الملك الآشوري اددنيراري الخامس.
ودخلت في المجالس القضائية كذلك كما وردت في نص مسماري مؤرخ من القرن الثامن عشر قبل الميلاد وذكر فيه لجنة محلفين من النساء أو مجلس
 شيوخ.
في كل ما ذكرناه يتضح لنا الدور الريادي والايجابي الذي لعبته المرأة في حضارة بلاد الرافدين وأنها ساهمت في بناء الحضارة جنباً الى جنب مع الرجل وبدون شك فأن تأثيرها واضح من خلال النصوص والاثار المكتشفة في المواقع الآثارية التي تدل على النظرة التي كانت تتمتع بها نساء تلك العصور.