نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

صداقة الحياة / زيد الحلي


 

بدأ الشتاء يلف بخيوطه الشرق الاوسط ، ومنه بلدنا ، وباتت ملامح التذمر من قسوة البرد القارص ، تتسيد احاديث العوائل ، وليس هذا جديداً عن حالة الانسان الذي يتمنى اشياء في غير أوانها ، فهو يشتهي الدفء في عز البرد ، ويتلهف لنسمات البرد في الصيف اللاهب ... وحارت الطبيعة في تقلباته ، فالحياة مثلها مثل الصحة والمال لا نعرف قيمتهما إلا حين نفقدهما ..!

من السهل على المرء ان يتمنى اشياءه ، لكن من الصعب عليه تحقيقها إذا عاكسته الظروف ، او فشل في تهيئة اوقاتها المناسبة ..

ان رغبات الانسان تبقى ، لاسيما الغاطسة منها في العقل الباطن عصية عن الفهم والادراك ، رغم ان فهمها كشف عن سلامة فكر، وحسن طوية ، وصدق نية..

صحيح ان التمسك بالأفكار النائمة في بئر المرء ، والدفاع عنها باللاشعور، والتضحية في سبيلها بإرادتنا ام بدونها ، هو من اساسيات السلوك البشري ، إذ يصعب على من آمن برؤى معينة ، عاشت معه ، وعاش معها ، أن يتركها ويتخلى عنها ، حتى لو كانت بعيدة عن صواب النطق ، فقد جبل الانسان على هذا المنوال دون ارادة منه ، غير ان ذلك لايمنع ، حين يكون التفكير بصوتٍ عالٍ ديدننا ، فهذا التفكير يعلمنا كيف نقتحم عوادي الزمن ، ونناقش مستجدات ما لانرغب ، ونرحب بالشتاء عند مقدمه بكل ارهاصاته ، مثلما نفرح بحلول الصيف بكل منغصاته..

علينا ان نصادق الحياة ، بود ووداد ، بحلوها ومرّها ، فهي تحمل في جوفها معان كثيره ومفاهيم واسعة ، وكم من المفيد ان نرويها بماء التواصل غير المصلحي .... انها مدينة مفتاحهآ الصدق وشجرة بذورهآ الوفاء وأغصانها الأمل وأوراقها السعادة..

من تجربة معاشة لسنين طوال ، اقول ان الحياة (دولاب هوا) وهي ليست حكرا على فصل معين ، او حالة معينة ، فكم فترة ودورة من دورات الحياة ، كانت مظلمة في تصوراتنا ، لكنها كانت مضيئة في نتائجها اللاحقة ، وكم موقف سعدنا به ، فتبين لنا انه موقف ساذج ، بدأ من اللاشيء وانتهى الى اللاشيء ربما ما نلمسه من فرح طاغ ، او حزن طاغ ، او خلنا عتمة لكنها حزمة ضوء حقيقية ، يكون استثناء ... والاستثناء لا يقاس عليه..!!

فهل نبدأ بمصافحة الحياة ، الان .. و نبحث عن ضوء حقيقي بدلاً عن عتمة مقصودة ، ونرحب بشتائها ، مثل ترحيبنا بربيعها ... قبل فوات الآوان ؟