نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

الضحك نعمة لاتبخل بها على نفسك/امنة عبد النبي

الضحك نعمة لاتبخل بها على نفسك

 الأغنية الشهيرة "أضحك للدنيا تضحك لك"..كانت نصيحة مبكرة للعابسين والمتجهمين وفاقدي الأمل والرجاء، لكن أحدا لم يأخذ بها، فنحن لانضحك إلا عند الضرورة أو نادرا، لأن الضحك بالنسبة لنا مشروط بالأدب والاخلاق فـ "الضحك من دون سبب من قلة الأدب" هكذا يقول المثل الشائع بيننا. 
مع أن الضحك غريزة بشرية تنبثق منذ الولادة، وربما قبلها، وهي تعبير عفوي عن حالة من البهجة والسرور.
الضحك رد فعل طبيعي للإنسان السليم على المواقف المضحكة كما يمكن أن يكون وسيلة دفاع ضد مواقف الخوف العفوية. والضحك يُعد تعبيرًا عن التعاطف والتفاهم المتبادل بين البشر، وهو احدى وسائل التواصل البشري على مدى التأريخ. لقد لجأت الشعوب الى صناعة النكتة لكي تضحك، وابتكرت فنون الكوميديا في السينما والمسرح والتلفزيون لهذا الغرض.
في هذا التحقيق تستطلع "الشبكة" آراء البعض في ضرورة الضحك وفوائده.
سعادة مجانية
الفنانة التشكيلية (غفران منصور) صاحبة الوجه المبتسم دائما اعتبرت ان خصوصيتنا كعراقيين تفرض علينّا الهروب نحو الضحك بكل طريقة، قائلة: الضحكة كاتم فوري لذاكرة اليأس وحبل ضروري للاستمرار والمعايشة، فأنا كفتاة مقيدة بيوميات مملة أو يابسة لم اعد شيئا سوى الضحك ولم اخطط لغيره حينما ابدأ يومي، لان غاية الحياة وخلاصها في الضحك واجزم تماماً ان الضحك بلا سبب هو بحدِ ذاته غاية في حب الحياة.
خداع معنوي
الشاعر (حيدر العزاوي) اعترض على الزام الوجه بالظهور بما لسنا عليه، فقط لمجرد كونه يحسب ضمن دائرة الضعف، قائلاً: بصراحة انا لا اضحك لاننا لسنا مضطرين لاستبدال مشاعرنا بأخرى قد تكون - وبوقتها- هشة أو مخادعة وليست ذات قيمة مقارنة بما فعلته الدمعة، فانّا لا اميل لاستبدال ملامحي ارضاءً لمجتمعي لانّ الحزن بالنسبة لي مقدس كما هو وقت الفرح، وحالما اضحك لااسمح لشيء باختراق جدار تلك السعادة، والأمر ذاته يحدث عند تعاستي، أميل للتشبع بمشاعري بجميع تناقضتها كي اعيش بما اشعر فلايمكنني اطلاقا التعبير عن شيء لايزورني. والجدير بالذكر انّ للدمعة والضحكة خصوصية عراقية، فكلما حضرت حرب، قتلت صناع الفرح ودفنت من يبيع الضحكات، فلا يتبقى سوى من فر هربا منها، للبحث عن أرض يزرع فيها بذور ضحكاته، لكن ومع هذه الضحكات الخجلة قليلا والضئيلة نستطيع تحطيم جدران المآسي وبسهولة تامة.
كنت أضحك!
الاعلامي اياد عطية قال: عرفت متأخرا ان للضحك فوائد صحية لاتحصى، والحق اني كنت اضحك وأحب الضحك كثيرا عندما كنت صغيرا وحتى في أيام المراهقة، لكن ما أن اقتربت من سن الاربعين حتى اختفت الابتسامة، وصرت لا أضحك كثيرا، ربما هي قسوة الظروف التي مررنا بها خصوصا ايام الحصار، والتي انعكست على شخصيتنا كفرد ومجتمع، لكن اود ان اقول ان تتصنع الابتسامة شيء وان تكون الضحكة والابتسامة جزءا من طبيعتك شيء اخر، نحن مجتمع قليل الضحك كثير الحزن، حتى اننا نبالغ في احزاننا، بينما نرى مجتمعات اخرى تخترع المناسبات التي تصنع الفرحة والبهجة والابتسامة، ومن الطبيعي ان يكون للثقافة والتربية والتفاعل الاجتماعي دور اساس في الموضوع ولا أبالغ اذا قلت ان للوراثة دورا في هذا الموضوع.
فوائد طبية
الباحث الانثروبولوجي (شهيد حسين) فاجأنا بحقائق بيولوجية صحية يمنحها الضحك مجاناً لجسم الانسان هي: انّ الضحك يحفز (هرمون الأندورفين) الذي يفرزه الدماغ ويمكن تشبيه أثاره بتأثيرات المورفين كمسكن للالآم، وللمصابين بالأرق فيسبب الضحك حالة من التعب السليم، ثم يأتي النوم بشكل طبيعي فيزيلها، وللمتوترين فأن الضحك يمحو كليا التشنجات العضلية والتقلصات التي تكون في الأصل السبب الرئيس لظهور الآم الظهر والرأس والعنق، وللأمهات الجدد فأن الضحك يسمح لهنّ بعد فترة قصيرة من الولادة بالانتباه لعضلات منطقة الحوض وتقويتها، وللمصابين بارتفاع ضغط الدم فيؤدي الضحك إلى تحسين الأوعية الدموية بإرتخاء عضلاتها الملساء المصقولة وبالتالي يخفض الضغط الشرياني، وللمصابين بعسر الهضم أو باضطرابات في الجهاز العصبي فيساعد في تسريع أكثر عمليات الهضم تعقيداً، وللأطفال المصابين بالربو والتهاب القصبة الهوائية إثناء تعرض الأطفال لنوبة ربو، يمكن للضحك إن يساعدهم في القيام بتمارين التنفس بشكل أفضل وأكثر إفادة.
خيط مقاومة
السينارست (فاتن السعود) تعتقد ان المنطقة الفاصلة مابين ضفتيّ القهر والمكابرة هي الضحكة، حيث قالت: احتاج كثيراً الى عملية استبدال الضحكة بدمعات متكدسة وعاجزة عن الانهمار  بصراحة ووضوح، وذلك حتى لا افقد آخر خيوط المقاومة وليس محاولة للهروب كما يُشاع بقدر ماهي عملية محاولة للموازنة بين القهر والاعتدال، وقطعاً لن تكون الضحكة خالصة نابعة من القلب مادام في القلب مايؤرقنا، وبمعنى آخر وأدق لن يضحك بصدق وراحة إلا صاحب القلب المطمئن على تفاصيله المهمة، لأن كل شيء يشترى ماعدا الضحكة تحتاج الى أشياء معنوية حتى تنطلق بصدق.