الأكثر قراءة
عدد زوار المجلة
الثقافة هي لغة شعوب العالم المتقدمة فيجب علينا أن نحرص على ثقافة أولادنا وتعليمهم جيدا
نشاطات ثقافية
حوارات
أصدارات ثقافية
المقالات
روافد أدبية
نصوص مسرحية
فنون تشكيلية
موقع المجلة على الفيسبوك
محمد المشايخ ناقدًا ومؤرخًا / د. محمد السماعنة
د. محمد السماعنة. الأردن
مسرح الشارع ظاهرة ثقافية / محمد صخي العتابي
البناء الاجتماعي والعقل الجمعي وتحرير الإنسان إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن
الأنساقُ الفلسفية في البناء الاجتماعي نابعةٌ مِن الهُوِيَّة الوُجودية للفرد في رحلة بَحْثِه عن ذاته وحياته . ورحلةُ البحثِ لَيْسَتْ انتقالًا ميكانيكيًّا في الزمان والمكان ، بَلْ هي انتقالٌ ديناميكي في تأثيرات سُلطة العقل الجَمْعي في مَصادرِ التاريخ وقَواعدِ المعرفة . وهذه التأثيراتُ مُرتبطة بجذور المشروع الحضاري للمُجتمع ، وقُدرته على تَوحيد الذاتِ والمَوضوعِ في مَنطِق اللغة الرمزي الذي يتحكَّم بالعلاقاتِ الاجتماعية ، وانعكاساتِها على الأحداثِ اليومية والوقائعِ التاريخية . وسُلطةُ المُجتمعِ المَعرفيةُ لا تتجذَّر في الإدراكِ الحِسِّي والوَعْيِ الفَعَّال ، إلا باعتمادِ التفكير النَّقْدِي في الواقع المُعَاش ، وتحريرِ الظواهر الثقافية مِن قُيود الأحكامِ المُسْبَقَة والقوالبِ الجاهزة . وإذا كانت المعرفةُ تَكتسِب شرعيتها مِن صَيرورةِ التاريخ ومَركزيةِ الوُجود، فإنَّ الهُوِيَّة تَستمد سُلطتها مِن الترابط المصيري بين مَنطِقِ اللغة الرمزي وأشكالِ الحياة اليومية . ولا يُمكِن أن تتحوَّل صَيرورةُ التاريخ إلى حالةِ خَلاصٍ مُستمرة في المُجتمع إلا بِصَهْرِ المعرفة في الهُوِيَّة ، وتَذويبِ التجارب الشخصية في الأفكار الإبداعية الجَمَاعية . وهذا مِن شَأنه تَطهيرُ البناءِ الاجتماعي مِن الوَعْي الزائف ، وتحقيقُ التجانسِ بين المضمونِ العميق لشخصية الفرد الإنسانية ، والبُنيةِ الجَذرية لعملية صِناعة الثقافة .
2
العقلُ الجَمْعي لا يَقْدِر على تَحويل مَنطِق اللغة الرمزي إلى هُوِيَّة مَعرفية للمُجتمعِ والتاريخِ ، إلا بتوظيف الوَعْي الواقعي في بُنية الفِعْل الاجتماعي، لأنَّ الوَعْي هو القُوَّة الدافعة للفِعْل. والوَعْيُ والفِعْلُ مُرتبطان بالتَّغَيُّرات النَّفْسِيَّة التي تَطْرَأ على حياة الفرد الداخلية والخارجية . وجميعُ هذه العناصر مُجتمعةً تُشَكِّل النسيجَ المعرفي، والتكوينَ الشُّعوري ، والتطبيقَ العملي . وبالتالي ، يُصبح المُجتمعُ شَبَكَةً مِن زوايا الرؤية المُتَنَوِّعَة والمُتكامِلة ، وحاضنةً للظواهر الثقافية ، والآلِيَّاتِ اللغوية القادرة على تفسيرها وتَوظيفها . وإذا صَارَ الواقعُ المُعَاش أداةً فِكرية للنهضة والإبداع ، فإنَّ التاريخ سَيُصبح رافعةً للوَعْي بِكُلِّ أشكاله وانعكاساته ، وهذا يُسَاهِم في السَّيطرة على المَعْنَى الوُجودي المُتَشَظِّي في العلاقاتِ الاجتماعية ، والمعاييرِ الأخلاقية ، مِمَّا يُؤَدِّي إلى تحرير الإنسان مِن ضَغطِ الاغترابِ الذاتي ، ومَأزِقِ الخَلاص الفَرْدي ، وقُيودِ الاستهلاكية المادية، وهَيمنةِ الآلَة على الطبيعة .
3
تحريرُ الإنسانِ تَجسيدٌ للهُوِيَّة الوجودية في السُّلطة المعرفية ، التي تُمثِّل مَنظومةً مِن الشُّروط الضرورية لإعادة إنتاج الإنساق الفلسفية في البناءِ الاجتماعي والبُنيةِ الثقافية ، مِن أجل بناء ماهيَّة الإنسانية على السِّيَاقات التاريخية القائمة على النَّقْد البَنَّاء ، ولَيس التقديس المَصْلَحي . والتاريخُ الحقيقي هو الكِيَان الواقعي الذي يَستطيع الصُّمُودَ في رُوحِ الزمانِ وجَسَدِ المكانِ اعتمادًا على قُوَّته الذاتية بلا إسناد خارجي ومصالح مُغْرِضَة . وكُلُّ تاريخٍ يَستمد وُجوده مِن عوامل خارجية دخيلة ، وأنماط تفكير استبدادية ، سَوْفَ يَتفكَّك ويَنهار بسبب التناقضِ بين الإدراك الحِسِّي والوَعْي الفَعَّال ، والتعارضِ بين الواقع المادي والتأويل اللغوي . ويجب أن يَكُون التاريخُ تَطَهُّرًا دائمًا مِن الأحلامِ المَكبوتة والأفكارِ المَقموعة ، وتَطهيرًا مُستمرًّا للعلاقات الاجتماعية مِن الوَعْيِ الزائف والوَهْمِ النَّفْعِي المَصْلَحي الذي يُكَرِّر ذَاتَه ، ويُعيد نَفْسَه وَفْق أشكال استهلاكية مادية تَضغط على ذاكرة الفرد ، وتُضعِف شخصيته ، وتَسْلُب حُرِّيته وإنسانيته ، وتُحَطِّم مَركزيته في الطبيعة والوُجود .
4
البناءُ الاجتماعي لَيس كُتلةً أسمنتية جامدة ، وإنَّما هو كَينونةٌ مُتماهية معَ مَنطِق اللغة الرمزي ، ومنظومةٌ مُتفاعلة معَ السِّيَاق التاريخي للفرد والمُجتمع ، ومنهجيةٌ مُندمِجة معَ عملية صناعة الوَعْي الفَعَّال . والبناءُ الاجتماعي يَمْزُج التجاربَ الشخصية بمصادر المعرفة،ويُحَوِّل العواملَ النَّفْسِيَّة إلى معايير أخلاقية قابلة للتطبيق على أرض الواقع ، مِمَّا يُنتج بيئةً خِصْبَةً مُلائمة للأفكار الإبداعية ، ويَدفَع باتِّجاه توليد ظواهر ثقافية مُلتصقة بتفاصيل الحياة ، وغَير مُنفصلة عنها ، ولا مُتعالية عليها ، فَتَصِير الثقافةُ _ الشَّعْبِيَّة والنُّخْبَوِيَّة _ حَلًّا عمليًّا للواقع الإنساني المأزوم ، ولَيْسَتْ جُزْءًا مِنه . وهذا يَستلزم أن يَكُون البناءُ الاجتماعي قادرًا على تجاوُز ذاته ، وتَجَاوُز عناصر البيئة المُحيطة به . وهذا التَّجَاوُزُ الدائم للذاتِ والمُحِيطِ يُؤَدِّي إلى تَوليد الأفكار الإبداعية بشكل مُستمر ، وكُلَّمَا تَوَلَّدَتْ أفكارٌ إبداعية ، انبثقتْ تأويلاتٌ جديدة للتاريخ ، مُستقلة بذاتها ، وغَير خَاضعة للأدلجة السِّيَاسية . وهذه التأويلاتُ لا تَخترع تاريخيًّا ذهنيًّا بعيدًا عن الواقع ، وإنَّما تَقُوم بدمج الهوامش معَ المركز، لِتَكوين صُورة شاملة بكل الزوايا والأبعاد ، مِمَّا يُؤَدِّي إلى تحليل دور الفرد في التاريخ باعتباره إنسانًا فاعلًا في الزمان والمكان ، وصانعًا للحَدَثِ ، ومُكْتَشِفًا للحُلْم ، ولَيْسَ شخصًا مَجهولًا بلا هُوِيَّة، وَمُسْتَلَبًا بلا شرعية ، ومنسيًّا بلا ذاكرة . إنَّ الفردَ مِثْلُ التاريخ ، كِلاهما يُجسِّد فلسفةَ الوجود في رحلة البح
ث عن المَعْنَى .
من وحي ١٥ شعبان الأغر / رعد الدخيلي
عندما نتحدث عن عصر الظهور ؛ إنّما نتحدث عن وعد إلهي قطعه ﷲ سبحانه و تعالى.. بأن يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما وجورا..
وهذا الوعد الإلهي لا يكون حتى تعجز البشرية عن التخلص من الظلم و الجور فتلتمس المنقذ المخلّص أن ينقذها من ضائقتها الحضارية الخانقة.. فيأتي الفرج ، و تزدهر الدنيا بنور الظهور المنتظر بإذن الله.
أما ما نحن نقوله من كلام .. بأن الإمام المهدي(ع) لن يظهر حتى نمهِّد له نحن قاعدة جماهيرية أو دولة ينطلق منها لكي يحكم العالم .. فهذا إعتقاد خاطئ و مجترح للغيب ، إذ ما جدوى ظهور الإمام(ع) في أمّة صالحة يصلحها.. هو يظهر في دنيا فاسدة طالحة لكي يصلحها.. تماماً مثلما ظهر الأنبياء و
الرسل(ع) !..
علينا أن ننتظر الفرج ؛ عندما نحاول فلا نستطيع أن نقيم دولة إسلامية نسعد فيها بالعدل.. لنا نحن ، لا أن نبقى نرزح تحت نير الظلم و الجور والعبودية و الرق و الإستعمار و المذلة منتظرين نبيّاً أو إماماً يخلّصنا
آفاق فراتية في عددها الرابع / جواد عبد الكاظم محسن
وفي باب أعلام وسير نشرت: (عبد الحميد الراضي) للأستاذ الدكتور سعيد عدنان، و(عدنان آل طعمة) للأستاذ الدكتور محسن القزويني، و(عبد الكريم راضي جعفر) للدكتور مصطفى لطيف عارف.
وفي باب ذكريات نشرت: (يومي الأول في الصحافة) للصحفي الرائد محسن حسين جواد، وجاء في باب قراءات نشرت عرضاً لكتاب (العليون من الشعراء) للشيخ عبد الأمير النجار، وفي باب مكتبات نشرت ما كتبه الأستاذ ظاهر المحسن عن (المكتبة المركزية في جامعة الكوفة)، وفي باب الشعر قصيدة (عروس الفرات) للشاعر توفيق حنون، وفي باب القصة (زيارة غامضة) للقاصة سنية عبد عون رشو، وحفلت أبوابها الثابتة، وهي (نصوص أدبية، كتب، ومسيبيات، وأعلام معاصرون، وفنون، ومحطات ثقافية، وإصدارات حديثة، وغيرها) بموادها العديدة المتنوعة.
ومن الجدير بالذكر أن هذه المجلة لا تعرض للبيع في المكتبات التجارية، وإنما توزع جميع نسخها المطبوعة - على سبيل الإهداء - إلى الجهات العلمية القريبة مكانياً مثل المكتبات العامة والجامعية والمراكز الثقافية والتراثية وما شابه ذلك، وإلى الأدباء والمهتمين بالشأن الثقافي، وهو ما يحقق أهدافها في خدمة الثقافة ، ويطابق شعارها (سفيرة المسيَّب الثقافية).
ويمكن الحصول على نسختها الرقمية والاستمتاع بقراءتها والاستفادة منها.
اللغة والعقل الجمعي في فلسفة حركة التاريخ إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن
الملحمية وتداعياتها في المسرح البرشتي/ مجيد عبد الواحد النجار
مفهوم المسرح الملحمي الذي صاغة برشت، استند على العناصر التي استفاد منها من المسرح الشرقي التقليدي القديم، فهو يريد منه ان يجعل المتفرج راصدا متعقبا ومتسائلا للأحداث، لا متفرجا مندمجا بالأحداث التي تقع امامه على خشبة المسرح، من اجل ان يوقظ فيه الحيوية والفعالية(1).
في البدء يجب ان نثبت بان المسرح الملحمي هو من صناعة وتنظير صاحب الريادة اروين بسكاتور الذي تعلم من استاذه راينهارد في وضع الأسس الكاملة لهذا النوع من المسرح والذي أراد من خلاله ان يجعل (المسرح برلماناً والجمهور هيئةً تشريعية)، كما استخدم فيه التقنيات من اجل تعديل وظيفة المسرح وتأثيره على المتفرج، والتي ادخلها فيما بعد على مسرحه السياسي، دون التقليل من قيمة المسرح الاغريقي او (المسرح الارسطي)،او التناقض معه، لأنه يعتقد بل يؤمن بان رسالة المسرح هي تغيير وتطوير ذهنية المتفرج وتحويلها الى ذهنية إيجابية عاملة في المجتمع(2)، هذا من باب الانصاف والاحقية في صياغة المسرح الملحمي، ولا ننسى ان برشت اشتغل مع بسكاتور ولفترة طويلة ويعتبره استاذه في المسرح، لكنه – برشت – اجتهد بان يدخل المسرح الملحمي في (الادب) لذلك كتب نصوصه المسرحية جميعها عن طريق النظرية الملحمية، فبالعودة الى مشهد الشارع الذي يتحدث عنه برشت عن التغريب والذي هو المثال الامثل والمتداول لتجربة المسرح الملحمي، وندقق كل التفاصيل التي تحدث بها، فيما يخص المشخص/ الممثل وما يخص المشاهد، كل هذا يدخل في صلب الادب وليس المسرح، وبالعودة أيضا الى الإشارة (للتغريب) واهميته في المسرح الملحمي والذي يشكل الجزء الأكبر والذي يتناول الاحداث الاجتماعية والإنسانية المطلوب تصويرها وتسميتها على اعتبارها شيئا يدعو للتفسير والايضاح لا مجرد امر طبيعي مألوف من اجل السماح للمتفرج بالذهاب الى النقد بشكل بناء من وجهة نظر اجتماعية (3)، اليس هذا كله موجود في النص!، ولو لم يكن موجودا ماذا على المخرج ان يفعل؟ وماذا على الممثل ان يجسد؟، هل يخلق المواقف والاحداث لوحده؟ وهل بإمكان المخرج ان يقدم مسرحية (البخيل) لمولير مثلا، بنظرية المسرح الملحمي كما كُتبت؟ دون تعديل، وعلينا ان لا ننسى ان هذا المصطلح يعود أصلا الى ارسطو .
واذا ما ناقشنا (الملحمية) وفسرناها بأبسط تفسيراتها وجدنا بانها (تقسيم المشاهد واستقلاليتها)، وبرشت طبعا يقترب كثيرا من مفهوم (دبلن) في تعريفه للملحمية، والتي يعدها قادرة على تقطيع الدراما الى اجزاء، فماذا نقول عن السينما – الذي اشتغل برشت بها-، اليس تقنية استقلالية المشاهد موجودة في السينما اصلا؟ الم تكن تقنية تقطيع المشاهد موجودة في السينما؟، لماذا لا يكون برشت تأثر بها مثل ما تأثر بالمسرح الشرقي ونقل هذه التقنية التي هي ليس (غريبة) عن الجمهور، فالجمهور كان يتابع العروض السينمائية وهو يعرف ان الاحداث غير متسلسله، وهو متعود ان يجمع هذه الاحداث في النهاية لكي يخرج بقصة مشوقة ومتسلسلة، وتعود في السينما ان يشاهد خطوط فرعية للقصة، وبعضها هامشية، لكنه يتمكن من متابعة القصة الاصلية دون تأثيرات الخطوط الجانبية عليه، كما ان الجمهور كان يشاهد افلام (شالي شابلن) دون حوار،- يذكر (ان (شابلن) استخدم العنصر الملحمي دون ان يكون اشتراكيا او ماديا)(4)– فقط هناك اشارات ورسائل، تكتب على الشاشة، لكنه يتفاعل معها لأنه يفهمها، كما ان برشت كانت له تجارب في السينما مع المخرج العالمي (بايست) في (اوبى القروش الثلاث)، كما عمل مع زميله (فريتز لانج) في لوس انجلس على انجاز (الجلادون يموتون كذلك)، وهو يشير الى أنه تأثر بالسينما الروسية، وسينما ايزنشتاين عندما زار برلين عام 1929.
هل هذا يقودنا للقول بان نظرية برشت المتعلقة بالمسرح الملحمي، هي ليست ابداعا خالصا حققته عبقريته المسرحية، انما هي عبارة عن تنظيم واعادة انتاج من التجديدات والتجارب التي حدثت في عالم المسرح والدراما (5) ومع هذا فقد عُدت نظرية برشت متكاملة من جميع النواحي لأنها عالجت العمل المسرحي بأكمله.
اذا كانت هذه النظرية متكاملة وتم عرض جميع اعماله على هذا الأساس لماذا غير بعد ذلك التسمية الى (المسرح الجدلي)، هل هناك علاقة بين هذا التغير وشخصية برشت الجدلية المزدوجة؟… وهو الذي لم يصبح ثوريا اجتماعيا الابعد ان سلك السبل في عدميته الأولى (6)، هل يمكن ان يكون لهذا الاضطراب النفسي والجسدي الذي عاش فيه برشت اثر على ما قدم من نصوص مسرحية؟ وما نظرته للمسرح وهو المعروف عنه ان جميع اعماله مقتبسة من اعمال أخرى، وبالتالي فهو مقتبس كل ما يتعلق بنظريته من المسرح الشرقي وتحديدا مسرح (النو) الياباني، والمسرح الهندي، والمسرح الصيني، ومن استاذه بسكاتور، اذن اين النظرية، وما هي التجارب التي اجراها عليها؟ وما هي النتائج التي خرج بها من اجل تطبيقها؟، لقد اراد برشت من خلال مسرحه تغير العالم، فهل استطاع ان يغير من خلال نظريته احداً من جمهوره، هل هناك استبيان قبلي وبعدي من اجل معرفة تأثير النظرية على الجمهور؟.
وبالعودة الى ان المسرح الملحمي يخاطب عقل المشاهد لا عواطفه، اقول منذ متى والمسرح لم يخاطب العقل، اذا ما عرفنا ان المسرح بالأساس انبثق من المعابد، واحتضنته الكنائس فيما بعد، وكانت صبغة التعليم واضحة عندما استخدمته الكنسية الرومانية بطرح تعاليم السيد المسيح وتعليم أبنائهم بنفس الأسلوب وعن طريق المسرح أيضا، وكذلك قام رجال الكنيسة في العصور الوسطى بدعم وتشجيع مسرحيات الاسراء والاخلاقيات كوسيلة لإدماج رسالة الكتاب المقدس (7), فالمسرح الذي يُستخدم لتعليم الأطفال الا يعد هذا مخاطبة للعقل، لان أساس التعليم هو موجه للعقول وليس للعواطف، اذن من الممكن ان نعتبر ما قاله برشت (تغريبا)، وهو الذي لا يؤمن بالإنسان ولا يحترمه يريد ان يخاطب عقله، نعم لأنه لا يعترف به ككائن له وعي وفهم فقد اعتبره وهذا اعتراف منه في قصيدته (المسكين ب. ب)، ان الكائنات البشرية – وهو يعتبر نفسه واحدا منهم-، (حيوانات كريهة الرائحة) الى حد غريب، كما ان الانسان والطبيعة هما الموضوعات الرئيسية التي تستولي على مسرحياته الأولى والتي يتناول فيها اشكالا من الإنسانية اخطر من ذلك التدهور في بيئة مفزعة، ففي مسرحية (بعل) مثلا نجده يروي حياة شاعر عديم الرحمة ذي ميول جنسية مزدوجة، يشبع غرائزه بدون وازع ضمير، ويموت في النهاية في مهانة وحطة وسط البول والركام معلنا ان العالم ما هو الا براز، وفي مسرحية (طبول في الليل) يصور ما تعانيه الشخصية الرئيسية من فوضى وعزلة… ويسلك اشد السبل اطمئنانا وامانا،(انا خنزير، والخنزير يذهب الى بيته)، وفي مسرحية (غابة المدن) يصور برشت اختلاف الكون وقسوة البشرية التي لا مبرر لها، مختتما المسرحية بتقبل الشر تقبلا سلبيا، هل هذا التغير الذي يسعى اليه برِشت، هل بهذه الطريقة يريد برشت ان يغير العالم، ان هذا الامر يستدعي الوقوف امامه كثيرا، ان هذه الازدواجية الموجودة في شخصية برشت قد انعكست على اعماله وحياته، ولم تتغير نظرته عن المجتمع وعن الفرد، لذلك فهو لا يريد ان يعلم المجتمع من خلال مسرحة او يجعله ثوريا، بل يريد ان يعيد تعليمه وفق ما تملي عليه شخصيته الازدواجية والفوضوية، وضل برشت في حياته الأولى لم يغير من نظرته اتجاه الانسان الذي اعتبره حيوان كريه الرائحة الى حد عجيب ، وهو غير جدير ببطولة او اخلاق او حرية ، او أي شيء اكثر من العمل في سخرية على ما فيه خير هو وبقاءه (8).
ومن ثم اذا كان كل ما يهم برشت هو الانسان وقضايا المجتمع ،والانسان لديه هو الأداة الرئيسية التي يحرك بها المسرحية، لذ لمَ يحمله مسؤولية الإرادة ويجعلها بيد الانسان وليس خاضعة للظروف الحياتية، التي تجبر الانسان في احيانا كثيرة بان يسير معها، وقد ذكر لنا الله في كتابه العزيز: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) (9) ويقول: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ)(10)، اذن ما ذنب الانسان ان نحمله مالم يستطيع تحمله، وهو غير خاضع لإرادته وحده، وهو غير عالم بكل ما يحصل له سوى الامور الانية، التي من الممكن ان يخطط لها ويفكر، لكن برشت يصر على ان يحمل الانسان المسؤولية ويخضع كل هذا الى المسرح الملحمي، الذي يعني سرد الاحداث الماضية من حروب ومأسي واعمال بطولية وظروف متعددة من قضايا الانسان ومشكلاته التي مر بها في حياة قاسية ومريره، وطبعا هذا الطرح يكون جماعيا يخص شعبا كاملا مر بهذه المعاناة، واحيانا يكون الطرح فرديا(11). وبالعودة الى كتاب المسرح الاغريقي، نجد انهم اعتمدوا في طروحاتهم على المثيولوجيا، ونقلوا للشعب الاغريقي كل البطولات القديمة، ليتعلمو ويستخلصوا الدروس والعبر منها.
لكن برشت ينظر للأحداث التي مرت كابوسا كبيرا انهكت الانسان والمجتمع، وعليه حاول ان يوثق هذا التاريخ المرير لشعبه، ومارس هذا الفعل في بادئ الامر في الشعر حيث كتب العديد من القصائد التي اظهر فيها مظلومية شعبه حيث كتب هذه القصائد بين عام 1918 و 1926 ، حيث كانت القصائد للفوضى والعدمية والكآبة والاستلاب الإنساني في تلك الفترة.
اذن ماذا نطلق على كتابات سنكا وشكسبير، وغيرهم من الكتاب الذين اوخوا لبلدانهم وحكامهم.
فعملية التوثيق لا تستدعي (التغريب)، لان ناقل الحقائق يجب ان يكون اميناً في نقلها، للجيل الجديد من الشعب، الذي ينتظر هذه الحقائق، وينبغي ان يعرفها كما هي ليقوم بنقلها للأجيال التي بعده، دون تشويش، ودون (تغريب)، ولا يحتاج ان يحللها او يحل رموزها، فنقل الوثيقة مسؤولية كبيرة، فمن مسؤولية الكاتب ان ينقل الاحداث كما حصلت في الواقع، مع بعض التعديلات التي تنفعها لغرض المتعة والتشويق، بشرط ان لا يؤثر على مجرى الاحداث، كون الاحداث الواقعية معرضة الى نقلها من جهات عدة، فاذا ما حدث وان نقلت هذه الاحداث من كاتب اخر فسيكون الكاتب الاول محرج امام جمهوره، وتثار اسأله كثيرة حول هذه الاحداث، علما ان قصائد برشت الاولى كانت صادقة في نقل الواقع المرير الذي يعيشه الانسان المضطهد والمسلوب الإرادة، من قبل البرجوازية، ومن ثم نقل التاريخ لا يحتاج الى نظرية جديدة ننطلق من خلالها لتعريف الاجيال به، فهو موجود في الاساطير، وكتب التاريخ والقصص والروايات، التي استعان من بعضها برشت وحولها بخبرته العالية الى اعمال مسرحية كبيرة.
ويبقى القول النهائي ان المسرح لملحمي لا يمكن ان يكتمل الا بكتابات برشت نفسها، فهو قد اختط لنفسه اسلوبا ادبيا يكتب اعماله المسرحية المقتبسة من قصص واحداث اخرى، وعلى الذين يرغبون في الدخول بهذه الملحمية بأعمال كتاب اخرين عليهم اعداد النص المسرحي وفق الخريطة التي رسمها برشت او اعادة كتابة النص من جديد .
الإحـــالات:
(1): ينظر : يوسف عبد المسيح ثروت ، معالم الدراما في العصر الحديث، (المكتبة العصرية، بيروت ، ب، ت)،ص87.
(2): ينظر : اوديت اصلان ، موسوعة فن المسرح، ترجمة: سامي احمد، ج2 ( دار الطباعة الحديثة ، ب ـ ت) ص743.
(3):ينظر : أريك بنتلي، نظرية المسرح الحديث، ترجمة : يوسف عبد المسيح ثروت ( وزارة الاعلام العراقية ، بغداد ، 1975 ، ص 82.
(4): مذكور ثابت، الكسر النسبي في الايهام السينمائي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1994
(5): د. سعد عبد العزيز عبد الصاحب، الجدل في المسرح المعاصر، الهيئة العربية للمسرح، الشارقة
(6): ينظر : يوسف عبد المسيح ثروت ، معالم الدراما في العصر الحديث ، المصدر السابق .
(7):ينظر: حسن كاظم خضير الخفاجي، توظيف المسرح المدرسي في تعزيز الشخصية الإيجابية (مركز البحوث والدراسات التربوية ، بغداد ، 2011) .
(8):ينظر : روبرت بروستاين ،المسرح الثوري، ترجمة: عبد الحليم البشلاوي ( دار الكاتب العربي للطباعة والنشر ، ب، ت).
(9): سورة المرسلات ، الآية(30).
(10): سورة الكهف الآية(22) والايه(23).
(11): ينظر : يوسف عبد المسيح ثروت ، الطريق والحدود : مقالات في الادب والمسرح والفن ، مقالات في الادب والمسرح والفن (منشورات وزارة الاعلام، سلسلة دراسات/118 ، بغداد، 1977)
الماركسية والترف الفكري / سمير عادل
انهى ماركس عمر الفلسفة بعبارته الشهيرة:" فسر الفلاسفة العالم بطرق وأشكال مختلفة، ولكنَّ المهمة تكمن في تغييره".
أي كان فكر ماركس وإسهاماته الفكرية والسياسية والاقتصادية، ثوريا بالمعنى المطلق، وكان نقده ثوريا بامتياز الى فلسفة هيغل ومادية فيورباخ، واستطاع ان يرسخ نظرية مادية في تغيير المجتمع وإعادة القيمة إلى الإنسان التي عبر عنها بجملته المعروفة،" الإنسان هو أثمن رأسمال".
تحويل ماركس الى أكاديمي وفيلسوف، هو محض عمل صرف للطبقة البرجوازية منذ ان حول لينين النظرية الماركسية على الصعيد الأيديولوجي والسياسي والاجتماعي الى واقع مادي ملموس، عندما بين ان السلطة ممكنة بيد الطبقة العاملة، وأن الثورة الوحيدة في عصر ما بعد الرأسمالية هي الثورة العمالية وتحت افاق الاشتراكية، وكل بخلاف ذلك، هي اما ثورات مرتدة لإعادة الأوضاع الى سابق عهدها، او ثورات ديمقراطية تحسن وضع تيارات الطبقة البرجوازية على صعيد السلطة والمعادلة السياسية على حساب الجماهير العمالية والكادحة، ولا يمكن نفي بأن وفي ظل أوضاع محددة، وضمن توازن القوى، يتحسن وضع الأخيرة وبشكل نسبي وبدرجات، وهي نفس الأوضاع قد يمهد او يفرض على أحزاب برجوازية تقديم التنازلات السياسية من أجل الحفاظ على سلطتها الطبقية.
هذه هي حقيقة ماركس والفكر الماركسي، فلم يكن ماركس فيلسوفا، وقد سدد ماركس ضربة قاصمة الى الفلاسفة، عندما صور تحلق مخيلتهم في تفسير العالم مع انجلز في كتابهما (الأيديولوجية الألمانية)، مثل ذاك الذي يحلق بخياله في عملية الاستمناء أو ما تسمى بالعادة السرية.
أي بشكل آخر نقول، كان ماركس اخطر قائد ثوري، يقض مضاجع البرجوازية والاقطاع وكل القوى الرجعية في اوروبا، والتي سماه في البيان الشيوعي الحلف المقدس. ولأنه كان كذلك، فقد منع من التدريس في الجامعات، وحظر دخوله او العيش في العديد من البلدان الاوربية.
ان الأقلام المأجورة و المفكرين البرجوازيين، لم يكن امامهم خيار في الحيلولة دون ظهور لينين جديد، يعلم الطبقة العاملة الطريق الى السلطة السياسية إضافة الى كل أساليب القمع السياسي والفكري وإشاعة التحميق والجهل، نقول لم يكن أمامهم سوى العمل بتحويل الفكر الماركسي الى منظومة اكاديمية معزولة، تدور اما في الجامعات او في ذهن لفيف من مثقفي الطبقة البرجوازية والبرجوازية الصغيرة، في حين منع صاحبه كما اشرنا من وضع أقدامه في تلك الجامعات.
إن المنطق المتماسك للفكر الماركسي، وتفسيره المادي لكل العلل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، هو احدى العوامل في تبني أولئك المثقفين، الفكر
الماركسي، ولكن منزوع الثورية، مثل حليب منزوع الدسم، وفضلا على ذلك أن رقي الفكر الماركسي بالنسبة لهم وتبني كل منجزات العلم والتطور الانساني، هو مبعث راحة ضمير عندما يجلسون خلف مكاتبهم ، بأبداء النصح والغوص في التحليلات على أساس الماركسية، التي هي محل اعجاب طيف واسع من الجمهور.
ومثلما ابدعت البرجوازية من اجل الربح، ابتكار وسائل للترفيه والاستجمام، ابدعت أيضا في تحويل الفكر الماركسي الى ترف فكري يتمتع بالمنتجعات الفكرية مثل المنتجعات السياحية، مثل مراكز الدراسات والجامعات والصالونات، ويحضر إليها شلة من الناس الذين يسمون أنفسهم بالنخبة بالاستجمام الفكري، وينظرون من برجهم العاجي المحصّن من ضربات منجنيق القرون الوسطى، الى الطبقة العاملة والمحرومين وكل أشكال الظلم القومي والعرقي والجنسي وعملية التجهيل المنظمة من قبل الطبقة البرجوازية الحاكمة، وشيوع الخرافات الدينية، بأنهم أي الجماهير العاملة والكادحة، لم ينضجوا بعد، ولم يفكوا بعد شفرة طلاسم الديمقراطية، بينما هم أي النخبة، تمتلك اكسير الترف الفكري.
إن احدى السمات الإيجابية لانتفاضة أكتوبر في العراق أي انتفاضة تشرين ٢٠١٩، هي انتشار الفكر الاشتراكي بشكل نسبي، وتبني الفكر الماركسي في أوساط اجتماعية عديدة، وقد تحدثنا عنها في وقتها، الا ان ما نريد الإشارة إليه في هذه المساحة، هو سيادة التقاليد النخبوية للبرجوازية الصغيرة على هذه الأوساط، وتنظر الى الفكر الاشتراكي وحتى الحلقات الاشتراكية او التجمعات التي تبلورت حول هذا الفكر، بأن الفكر الاشتراكي هو فكر نخبوي، هو فكر صف من المثقفين الذين ينحدرون من البرجوازية الصغيرة، هو فكر ليس له علاقة بالتغيير، ولا بالتدخل في الحركات الاجتماعية، ولا تعترف بدوره بالتغييرات السياسية والاجتماعية في المجتمع.
وبموازاة ذلك أيضا يعزل الفكر الماركسي عن الفكر الاشتراكي، وكأن الفكر الماركسي هو فكر تحليلي وفلسفي، بينما الفكر الاشتراكي هو فكر نخبة من الناس المحترمين وطيبي القلب والنيات، ولديهم مستوى من الثقافة والفكر النير حول العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات.
هذا العزل، او وضع جدار بين الفكر الماركسي والاشتراكي هو من صنع البرجوازية الصغيرة، ويلتقي أصحابهما في نقطة اللاعمل، وحصر كل شيء بالثقافة وتنوير الناس، حتى ظهور "المهدي المنتظر" ولكن ليس نسخته الشيعية، انما بنسخته الاشتراكية ويقود التغيير.
وان هذا المشهد الكاريكاتوري في أوساط المثقفين الذين يتبنون الفكر الماركسي والفكر الاشتراكي، يمتد الى العديد من المدن، وخاصة بعد انتفاضة أكتوبر.
إذا لم يمض الفكر الماركسي نحو التغيير الثوري في المجتمع، وانهاء علاقات الإنتاج الرأسمالية القائمة على استثمار الانسان، وبناء المجتمع الاشتراكي،
فهو فكر له علاقة بكل شيء ولكن ليس له أية علاقة لا من قريب ولا من بعيد بماركس ومنهجيته بالتغيير الثوري، اما الفكر الاشتراكي دون مد يده الى
الماركسية كعلم التغيير او كما يصفه منصور حكمت بأنها علم تحرر الطبقة العاملة والذي بالضرورة علم تحرر المجتمع، مثل بقية العلوم الأخرى، يتحول دعاته الى انبياء لا حول لهم ولا قوة، حيث يفتقرون الى المعجزات كي يتبعهم الاخرين.
وكما ان التصورات والأفكار الليبرالية والديمقراطية والقومية والفاشية تمثل تيارات داخل الطبقة البرجوازية، فان التصورات والأفكار الاشتراكية و الشيوعية والفوضوية والنقابية، تعبر عن ميول وتيارات داخل الطبقة العاملة، ويعتبر الفكر الماركسي هو علم ذلك التيار في الحركة الاشتراكية داخل الطبقة العاملة مثلما يعلمنا منصور حكمت قائد ومفكر الشيوعية العمالية.
أي ما نريد ان نقوله، بأنه لا مكان للأفكار والتصورات خارج حدود الطبقات، وعليه ان الفكر الماركسي هو الراية النظرية لتيار محدد في الحركة الاشتراكية وهو التيار الشيوعي داخل الطبقة العاملة، وليس راية لكل الطبقة العاملة، شأن التيارات البرجوازية الانفة الذكر، التي تبغي كل واحد منها جر الطبقة البرجوازية تحت رايتها.
ولكن ماذا فعلت البرجوازية بالفكر الماركسي، فقد فصلته أو بالأحرى ودقيق العبارة انتزعته من طبقته، وحولته إلى راية سياسية للشرائح الاجتماعية
المتذمرة والساخطة ضد الاستعمار والامبريالية والرأسمال العالمي وضد الاستبداد والدكتاتورية داخل الطبقة البرجوازية والبرجوازية الصغيرة مع تفريغه من محتواه الفكري والسياسي، وعندما انتفت الحاجة اليه، حولته الى مكتب فكري لترفيه المثقفين من تلك الطبقات.
بمعنى اخر ان الفكر الماركسي هو راية التيار الشيوعي داخل الطبقة العاملة، ولا معنى للفكر الماركسي خارج طبقته، وكل ما يقال بخلاف ذلك هو محض هراء وفبركة برجوازية، لإبعاد هذا السلاح النظري من يد الطبقة العاملة في نقد الرأسمالية ونظامها الجائر والعمل على قلبه. وليس هذا فحسب فالفكر الماركسي دون تحزبه، دون تنظيم الفصيل الثوري الذي يعبر عنه التيار الشيوعي، دون العمل على سيادة افاقه الفكرية والسياسية والاجتماعية على الطبقة العاملة، فلا يتجاوز فلك البرجوازية ومكاتبها الفكرية، التي ترتعب من ظهور لينين آخر يٌمَكَنّه من تبنيه، و يسلحه بالجسارة الثورية لمد يديه إلى السلطة.
الوجود والثقافة والمعرفة إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن
أهمية أشتراك التلاميذ في نشاط المسرح المدرسي/ محمد صخي العتابي
أذا أتخذ النشاط المسرحي دعامته من المجتمع ذاته وأوضح بجلاء الاتجاهات التي يأمل أن يحققها ذلك من مستقبل المجتمع وحاضره وماضيه يؤثر تأثيرا قويا في أي من أعضائه وقد يأتي هذا التأثير بطريقة عارضة مادام هذا الفرد عضوا في المجتمع ولاكن متى مابذلت الجهود العامدة لتحقيقة بصورة واعية فأن حياة الفرد لابد أن تكون متمشية في حاضرها ومستقبلها مع طبيعة الاحداث التي يعيش فيها وأن مهام هذه الانشطة تعزيز العلاقات الانسانية والاجتماعية بين التلاميذ والعمل على تعميق الشعور بالمسؤلية وتحملها وتضحية وممارسة مختلف الاساليب الديمقراطية في التعامل الاجتماعي وأحترام القوانين والانظمة والتحلي بأخلاق والثقة بالنفس .
وتتيح للتلاميذ في مختلف مراحل العمر فرصا يعبرون فيها عن كثيرمن الموضوعات التي تعكس الحياة من حولهم فأن من بين الوضائف العامة التي يؤديه المسرح المدرسي في المدارس هي أتاحة الفرصة للتلاميذ للتنفيس عن مكبوتاتهم فيفصحون عن هذه الانفعالات المخزونة وليدة الماضي .
ومن هذا أن التربية الفنية الواعية يجب أن تدخل في حسابها كيف يكمن أن يتحول التفكير الاجتماعي الجديد الى صورة واقعية ملموسة.
انتخابات وقوائم ومرشحون ودعاية وديموقراطية : فازع دراوشة / فلسطين
أستمع كثيرا للدعايات التي تقدمها القوائم المرشحة لانتخابات الكنيست الخامسة والعشرين ( والكنيست لمن لا يعرفها بعد من الأعاريب هي برلمان العدو الذي دونه جميع البرلمانات العربية أداء واحترافا وحرية تعبير ...)
تجد
في المبثوثات سوقا للأفكار التي
تنهال عليك من كل حدب وصوب.
وتجد
في المبثوثات ما لا يسرك
وهو كثير وتجد فيها ما يسرك وهو
قليل.
تجد فيها ملامح قوة العدو وتفاني المرشحين لخدمة قومهم
وتجد فيها الصوت العربي
يصارع كي يؤمن له
منصة في السوق مستقبلا
تجد
في مضمونها فسطاطين : فسطاط
العدو وان امتد ما بين غلاة العنصريين إلى الأقل عنصرية
. والفسطاط
الثاني : فسطاط
الفلسطينيين العرب (
والفلسطينيون عند
العدو عرب على التعميم والتغليب , او ان
شئت الأغيار وإن تنوعت التغطية لاستقطاب شرائح من الأغيار تلزم هنا أو هناك ).
والفسطاط الفلسطيني والعربي ( هناك مرشحون
من الجَولان العربي السوري ) متنوع أيضا فمنه
العربي الصافي والعربي
المخلوط مع غير الأغيار .
وتعجبني الرموز المستخدمة لكل قائمة ولفت انتباهي
رمزان :
الرمز الأول : "ض " وهو
رمز التجمع الوطني الديموقراطي بقيادة الأستاذ Sami Abou Shahadeh - سامي أبو شحادة المحترم وللرمز ايحاءاته فهو رمز
اللغة العربية الخالد ( لغة االضاد ) مع كل
دلالات ذلك ومضامينها .
والمحور الذي يدور حوله هذا الحزب بسيط وفعّال في آن : "المساواة" مع كل ما يقتضيه هذا الأمر ومحو
للعنصرية .
الرمز الثاني : وهو مضحك
ولم يتقصده أصحابه حتما ولكن
غباءهم أوقعهم فيه : م ح ل
( مَحْلْ ) وهو رمز التكتل ( هليكود ) بقيادة العدو نتنياهو .
وفعلا
جاء الرمز والاسم ليعبر عن المضمون
من حيث لا يعلمون : ليعبر عن المحل والقحط
وكل الايحاءات المرافقة وهذا ما
جناه الفلسطينيون خاصة والعرب عامة من هذا الشخص
وحزبه منذ فوزهم بالحكم
بانتخابات الثلاثاء 17 أيار 1977 وان
ظهر للبعض بقع ماء هنا وهناك ولكنها
انكشفت سرابا .
وأما الأغاني فهي مُشَكَّلَة وتتبنى بعض الأحزاب بعضا منها والبعض الأكثر لا يميل إليها .
وشخصيا أتابع الدعايات الانتخابية الإسرائيلية منذ 41 عاما يوم كنت بالثانوية العامة وتحديدا انتخابات الأول من تموز 1981. ومن أطرف الشعارات وأطرف الأغاني التي عايشتها :
الأول
: شعار حزب همفدال ( الحزب الوطني الديني وهو حزب يميني ديني
متطرف وتحوّر لأحزاب أخرى ( بضم الهمزة ) وابرزها
حزب البيت اليهودي بقيادة أييلت شكيد . والمهم
تَبنى حزب المتدينين هذا في
انتخابات الأول من نوفمبر 1988 شعار :
انتخب
المفدال وعلى الله الاتكال (
وفي
رواية ( على الله المتكال )
لاحظوا ان حزباً يهوديا دينيا متطرفا يداعب
الفلسطينيين لانتخابه بتبني مبدأ
سامٍ لدى المسلمين وهم جل الناخبين الفلسطينيين !!
الثاني : في الانتخابات نفسها ( الفاتح من نوفمبر 1988 )
أعد أشياع الليكود ( التكتل ) وكان
بزعامة الهالك اسحق شمير ( سمير ) يومها
طلعةً زجلية في دعايتهم الانتخابية
, وهي جميلة بغض النظر عن مضمونها الكاذب
:
بِدْنا نْصَوِّتْ لَ الليكود ......
حتى
تتحقق الوعودْ
ولَمّا الليكود اللي "يكود" .....يجيب السلام المنشود
لاحظوا : 1. اللجوء للزجل وهو فن شعبي فلسطيني جميل وأصيل ( وكذلك بلبنان طبعا ) وفن له
احترامه عند أهلنا بالجليل تحديدا وسائر فلسطين
2. استخدم
" المؤلف " كلمة : يكود " وهي باللهجة الفلسطينية الجميلة : يقود ( أي يتولى زمام
القيادة )
3. اختار
لونا زجليا يسهل إيصال الفكرة فيه
وتنغيمه سهل أيضا , ويحفظ بسهولة أيضا .(ما زلت أحفظه منذ 34 سنة رغم أنه مخزّن في ذاكرتي ولا
أستخدمه طبعا )
ولا يخفى على المرء الخطاب النفسي
الذي يرومه أصحاب الشعارات
والدعايات من دغدغة المشاعر والتلاعب بالألباب . ولكن ثقتي بالأهل في فلسطين تجعلني واثق أن مثل هذه الألاعيب لا تنطلي عليهم . ولقد راكم الفلسطينيون في الداخل (
جِوّأ
) من الخبرات بهذا المجال
ما يجعلهم يبزون كل الشعوب العربية بهذا الخصوص واعني ما أسميه "الوعي
الانتخابي والديموقراطي" ولعبة الأحزاب والقوائم وفائض الأصوات ...الخ
وغني عن البيان القول, أمران( الأول ) أني كنت أتوق
لأن يكون الفلسطينيون الفلسطينيون قائمة واحدة كما حصل بانتخابات آذار 2015 فحققوا
غلة معقولة. ولكن جرت الرياح بما لا نشتهي .
والأمر الثاني : أني أهيب
بجميع من له حق الانتخاب أن يمارس
حقه لسبب بسيط : وهو أن هذا الفعل يغيظ عدوهم
وعدونا .مع كامل
الاحترام للرافضين المشاركة من حيث المبدأ أو عقائديا . (ولا يتسع المجال هنا
لنقاش هذه القضية الشائكة ,
وقد
أناقشها لاحقا بسياق آخر ).
وإجمالا لا يسع المرء إلا ان يسجل حزنه لازدهار
اللعبة الديموقراطية لدى
العدو ولانعدامها في
الفيافي العربية جميعها . فالبرلمانات
إما مفقودة في دول الوطن
العربي أو موجودة ولكنها شوهاء تفصل بطريقة تخدم السلطان ولا حول ولا قوة الا بالله
ولعل
جيلاً جديداً ينشأ يغير ما نحن فيه من سوء
على ضوء من قول العزيز الحكيم :
" إن
الله لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "
. صدق
الحق تعالى.