نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

غزال النهر والولوج الى عوالم الذات:بقلم: علوان السلمان


 علوان السلمان

غزال النهر والولوج الى عوالم الذات:بقلم: علوان السلمان
الشعر..التحدي الدائم لحدود الاقيسة..كونه كائن زئبقي..متحول..سابح في لغة مشحونة بالفاظها الشفيفة التي تشكل مفاتيح النص واسرار نجاحه من جهة ولمانح معنى جماليا يحرك الذاكرة من جهة اخرى..
والشاعرة مريم الترك في نصها الشعري(غزال النهر..) تؤثث منتفضة على غبار التقليدية الفراهيدية عبر ماهية اللغة الرامزة والايحاء كي ترتقي بالنص الى رؤى وتجليات تركيبية ودلالية..
عمد زهو الريح
لا الهواء ناقل المعنى
ولا الماء رائحتي حضور
فالنار ممشانا على النهر الوحيد
فالنص عندها يتحرك وفق منظومة سردية صورية تعتمد التكثيف والايجاز لخلق نضج تركيبي ودلالي انطلاقا من العنوان الذي هو(ثريا النص)المسهم في السياق الشعري والذي يشكل دلالته في نفس الشاعرة..
فالنص يقوم في بنيته على استحضار التضاد اللفظي(الماء ـ النار...) والذي ينسج الصورة الشعرية المكثفة التي تقوم على الادراك الواعي لأثره في توحيد الصورالتي منحته وظيفته التاريخية المعانقة لاغاني لوركا صوت اسبانيا القتيل من جهة..
واغاني لوركا للنشيد
مثل السنابل والبلابل
لغزالة الفجر الحزينة
وانتهاء بالقادمين..الذاكرين بالاشارة..
هل سوف يأتي بعدنا..
من قد يقول..
كانوا هنا..
فالشاعرة تلتقط المحسوس وتبني على الجزئيات صورها بعمق معرفي..انساني..فتخلق نصا يقوم على تداعيات منثالة ..متداخلة ومعطيات النص الذي تنسجه دون تكلسات تطغى على الذاكرة باعتماد لغة بعيدة عن التقعر والتعقيد..
والناي صوت قلوبنا
وجيوبنا
تشكو فراغات الحياة
فتقدم نصا أتكأ على نزعة بلاغية وتقنية الانزياح والايحاء واستنطاق الرمز وصور الطبيعة..مع تكثيف وتركيز حتى غدا تعبيرا عن لحظة انفعالية..
فالشاعرة تركز على العناصر الشعورية والنفسية للتضاد لتظهر نقائض الذات في حدتها مع الواقع والزمن..ولتعبر عن توترها النفسي الحاد.. عبر السؤال..
هل سوف تزرعنا ايادي
من حملوا المناجل والحقول
هل سوف تحصدنا الحقيقة
في الرسائل والرسول..
فالسؤال هنا طرف في هندسة المتن تكثيفا للدلالة ..فضلا عن انه ايقاع حسي يكشف عن ذات قلقة ..لذا فاجواء النص عندها ترتكز على بؤرة التوتر الذاتي التي تبوح بما يهيمن على النفس..
فالسؤال الذي هو قصيدة الصمت الايجابي يسهم في ابراز الخطاب الذاتي(الانا)المنطلق فكريا ضمن منطقة الصمت..
اما التكرار الوظيفة الدلالية في العمل الشعري فتوظفه الشاعرة من اجل اكساب النص فاعلية صوتية ودفق موسيقي ومن ثم تحقيق ال
تنقل من لحظة التوتر الى لحظة الانفراج..
وبذلك قدمت الشاعرة مريم الترك نصا متصاعدا يعكس الرؤية المزدوجة في الحياة..ضمن بناء متوازن في جمله وصوره القائمة على المفارقة
paradox الاسلوب البلاغي الذي وظيفته خلق التوتر الدلالي في النص الشعري عبر التضادات في الاشياء والموجودات داخل الخطاب الشعري من اجل الوصول الى لذة النص ودهشته..وهذا ما يؤكده قول الناقد كلينشا بروكس(ان الحقيقة التي يسعى الشاعر الى كشفها لا تاتي الا عبر اسلوب المفارقة..)..
فالشاعرة عبر نصها تحاول استكشاف خبايا النفس في رؤية متعددة الزوايا لتضفي ذائقة جمالية تحقق المتعة وتنبش الخزانة الفكرية لغرض حثها للاسهام في الاجابة على الاسئلة المطروحة والتي تخاطب الروح الانسانية من خلال استنطاق اللغة واشتغالها على منظومة من العلاقات الاسلوبية والبنائية لتحقيق موسيقية تنبع من بنية النص الذي امتلك اقصى درجات الكثافة مع اكتمال دلالي اسهم في الاحاطة بالمعنى..
علوان السلمان