نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

    في حوار مع الكاتب والدراماتورج علي عبد النبي الزيدي: في عرض (ميت مات) كنت حاضراً كدراماتورج أكثر من كوني مخرجاً

    في حوار مع الكاتب والدراماتورج علي عبد النبي الزيدي:
    في عرض (ميت مات) كنت حاضراً كدراماتورج أكثر من كوني مخرجاً ..
    ننافس على جائزة القاسمي التي  تمثل واحدة من الأحلام الجميلة والمهمة التي يطمح لها الكثير من المسرحيين العرب
    مهرجان الهيئة العربية للمسرح سوق مسرحي يُقدم فيه آخر طروحات العروض المسرحية العربية المنتقاة بعناية، وهو سوق عكاظ بعمقه الحضاري ولكن بثياب مسرحية جديدة
    ذهبناً للمنطقة (الأصعب) إخراجياً، وهذه نقطة (جوهرية) في تجربتنا، وهذا ما لم يستطع أغلب لجان التحكيم في العراق أن يستوعبوه بسبب أنهم يحتفوا بـ (السائد)

    حاوره – عبد العليم البناء

    يواصل مبدعو المسرح العراقي حضورهم الفاعل والرصين والجاد في المشهد المسرحي العربي، عبر عديد المشاركات المميزة، لاسيما في دورات مهرجان المسرح العربي التي اعتادت الهيئة العربية للمسرح على اقامته دورياً، في أكثر من مدينة عربية تحت شعار (نحو مسرح عربي جديد ومتجدد)، وآخرها الدورة الثالثة عشرة من هذا المهرجان التي ستقام في مدينة كازابلانكا في المملكة المغربية بين العاشر والسادس عشر من كانون الثاني يناير 2023، حيث ترشحت ثلاثة أعمال عراقية مهمة للتنافس على (جائزة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي - النسخة العاشرة) وهي: مسرحية (أمل) تأليف وإخراج د. جواد الأسدي وانتاج الفرقة الوطنية للتمثيل في دائرة السينما والمسرح، ومسرحية (خلاف) تأليف وإخراج مهند هادي ومن انتاج  الفرقة الوطنية للتمثيل ذاتها، ومسرحية ( ميت مات) تأليف وإخراج علي عبد النبي الزيدي، وانتاج مشغل دنيا للإنتاج الفني في مدينة الناصرية العراقية.
    والمسرحية الأخيرة (ميت مات) التي هي من تأليف ودراماتورج علي عبد النبي الزيدي وتمثيل محسن خزعل ومخلد جاسم وسجاد جارالله ومن انتاج مشغل دنيا للإنتاج السينمائي والمسرحي في الناصرية، حققت حضوراً مهماً ومؤثراًوعميقاً ليس في مهرجانات العراق حسب بل وفي مهرجانات المسرح العربية والدولية، تكلل بحصاد وافر من الجوائز والمراكز المتقدمة تأليفاً وتمثيلاً وإخراجاً لعله فاق كثيراً من المسرحيات العراقية، ويعد ترشيحها للمنافسة على جائزة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي لعام 2023 تتويجاً لمسارها الإبداعي الذي فاق كل التوقعات، باعتبارها المرة الأولى التي تحقق فيه مسرحية قادمة من خارج العاصمة بغداد ومن فرقة غير رسمية تكسر معادلة عروض المركز والهامش بجهد نوعي غير مألوف وفي مدة قصيرة جداً..
    في حوارسريع  توقفنا عند دلالات هذه المشاركة وهذا التنافس الإبداعي الكبير لهذه المسرحية مع مبدعها الكاتب المسرحي الكبير الذي يعد أكثر كتاب المسرح في العراق قاطبة الذين قدمت نصوصهم من عديد المخرجين العرب على خشبات المسارح العربية،والتي خاض فيها للمرة الأولى تجربة الدراماتورج الابداعية وابتدأنها بالسؤال الآتي: 
    * ما دلالات هذه المشاركة المتنوعة والمتعددة لمسرحية (ميت مات) في أكثر من مهرجان وتتوجت بمشاركتها بمهرجان المسرح العربي الـ13، والتنافس على جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عمل مسرحي عربي لعام 2023 ؟ 
    - الدلالة الأولى أنها فرصة تاريخية لمشغل دنيا للانتاج الفني في مدينة الناصرية جنوبي العراق.. أن يكون المشغل حاضراً في مهرجان ينتظره الأغلب من المشتغلين بحقل المسرح عربياً، وثانياً فرصة أخرى أن نجرب عرض مسرحية (ميت مات) بعد تجارب عرض عراقية، وعربية في الأردن، وقد حققنا جوائز وأصداء كبيرة لا توصف، وجدلاً واسعاً وفر لنا سعادة ومتعة كبيرة.. كل هذا جاء لأننا كنا على قدر كبير من الدقة، وكنا نخطط بشكل تفصيلي لكل صغيرة وكبيرة، وكنت حاضراً كدراماتورج أكثر من كوني مخرجاً.. فهو يأخذني لما هو أبعد بكثير، يجرني للأفكار المهووس بها والتي أشتغل عليها منذ سنوات طويلة. 
    أقول وأنا المطلع والمشارك في دورات عدة.. إن مهرجان الهيئة العربية للمسرح هو سوق مسرحي يُقدم فيه آخر طروحات العروض المسرحية العربية المنتقاة بعناية، وهو سوق عكاظ بعمقه الحضاري ولكن هنا بثياب مسرحية جديدة، وفيه الكثير من النبل والتمدن والإحترام...
    *لنحص عدد الجوائز التي حصدتها المسرحية وهل تعتقد انها ستحصد جائزة القاسمي بعد كل هذا الحصاد الوافر؟
    - حصل عرض مسرحية (ميت مات) على جائزة أفضل عرض مسرحي من قبل لجنة نقاد المسرح العراقي في مهرجان العراق الوطني الأول  للمسرح (دورة سامي عبد الحميد) الذي نظمته نقابة الفنانين العراقيين بالتعاون مع الهيئة العربية للمسرح، وفي نفس المهرجان حصدنا جائزة التأليف، وترشح الممثل محسن خزعل ومخلد جاسم لجائزة التمثيل، وفزنا بجائزة أفضل عرض مسرحي في مهرجان الرحالة المسرحي في الأردن، وجائزة أفضل ممثل لـ مخلد جاسم، وترشحنا في مهرجان بغداد الدولي الثاني للمسرح لجائزة التمثيل والنص..
     فيما يتعلق بجائزة القاسمي، فهي تمثل واحدة من الأحلام الجميلة والمهمة التي يطمح لها الكثير من المسرحيين العرب ونراها تشريفاً لنا ولتجربتنا التي تمتد لأكثر من ثلاثين عاماً على خشبات المسارح، ولكن أن تقدم عرضاً مسرحياً له نكهة جديدة وإيقاعاً مختلفاً واستثنائياً، ويناقش واحدة من الإشكاليات في حياتنا وتترك أثراً يشكل أيضاً اهتماماً متزايداً عندنا.
    *على ماذا كنت تراهن وأنت تخوض مهمة الدراماتورج  للمرة الأولى وهل تعد هذه التجربة (فأل حسن عليك) لكي تكررها مع نص آخر من تأليفك أيضاً لتقارب من جديد تجربة المخرج المؤلف بثقة تامة؟
    - أنا ذهبت في هذه التجربة الى (الدراماتوجية) لأكون المفكر دائماً في البروفة.. بدءً من النص الى نص الخشبة، وقد خضت تجارب عدة وفق هذا السياق عربياً وعراقياً.. أي أنني كنت حاضراً في بروفات العديد من المخرجين العراقيين والعرب الذين قدموا نصوصي منذ سنوات وما زالوا، لذلك أقول أنا إبن خشبة المسرح التي تسحرني بأفكارها دائماً، ومسرحية (ميت مات) واحدة من التجارب التي أعطتني الكثير وحققت لي المتعة والسحر والدهشة داخل متن البروفات طويلة الأمد، هو ليس عملاً مسرحياً عابراً.. 
    إنه تفاصيل التفاصيل الدقيقة خرج من معطف ورشة لا حدود لزمنها مع مجموعة رائعة من شباب المسرح الذين أؤمن بقدراتهم ووعيهم وخيالهم، خرج من حوارات المقهى الساخنة مع أقداح الشاي التي لا تعد، لذلك أقول نحن ذهبناً للمنطقة (الأصعب) إخراجياً، وهذه نقطة (جوهرية) في تجربتنا، وهذا ما لم يستطع أغلب لجان التحكيم في العراق أن يستوعبوه بسبب أنهم يحتفوا بـ (السائد)، الحركة الصاخبة، الألوان، الصراخ، حركة الممثلين المتواصلة، حركة المفردات الديكورية ووو... وهذه وجهة نظرهم التي أحترمها طبعاً، فالإخراج من وجهة نظرهم لابد أن يكون هكذا! وهي وجهة نظر تنسجم مع النمط الكبير من العروض المسرحية عراقياً وعربياً. في حين أرى أن كل هذا وأكثر ليس سوى المنطقة (الأسهل) بالنسبة لهذه التجربة لو أردنا أن نشتغل وفق ما هو صاخب وسائد وإيقاع متسارع ووو... إنه أسهل ما يكون ولن يأخذ منا سوى شهر واحد من البروفات في حين أن تجربتنا خرجت من سنة كاملة من البحث والتجريب والنقاشات المحتدمة، إنها مغامرتنا المحسوبة بدقة، ولو قدّر أن نشتغل وفق (لجان التحكيم) لما كان لهذا العرض أن يثير جدلاً واسعاً منذ سنتين ويكتب عنه عشرات المقالات والدراسات والبحوث، وتحتفي به المهرجانات العراقية والعربية.. فنحن الآن نخطط  مزاجاً روحياً لعرضنا العاشر مع تقارب الأيام لنسجل حضورنا في المملكة المغربية.  
    * كلمة أخيرة..
    - شكراً من القلب أستاذ عبد العليم الحاضر معنا دائماً، والمواكب لحركة المسرح العراقي والعربي بشكل يومي، الاستثنائي المحب.

    أمنة برواضي في حوار "مع الناقد" مع الناقد الأدبي عبدالرحمان الصوفي / حاورته الروائية أمنة برواضي


    السلام عليكم أستاذي الفاضل أولا أرحب بكم وأشكركم على تفضلكم بالموافقة على الإجابة عن أسئلتي. 
    ليكن أول سؤال كما جرت العادة من هو عبد الرحمان الصوفي؟

    جواب:
    عبدالرحمان الصوفي : اشتغلت أستاذا لمادة الفلسفة ( السلك الثانوي ) ، وأستاذا لمادة اللغة العربية ( جميع الأسلاك ) . أشتغل حاليا مديرا تربويا ( مؤسسة تعليمية خصوصية / طنجة ) ، ومؤطرا بيداغوجيا لمؤسسات خصوصية أخرى بنفس المدينة.


    سؤال:
    2 - أستاذ الفلسفة عاشق للأدب والنقد، يكرس وقته للنقد الأدبي..
    كيف يشرح لنا الناقد هذا التحول في مساره الفكري وإن كانت الفلسفة والأدب في خانة العلوم الإنسانية؟

    جواب:
    الجامعة المغربية خلال أواخر الثمانينات وبداية التسعينات ، لم يكن فيها وضوح بين في الفصل بين مختلف تخصصات العلوم الإنسانية، فطالب الأدب العربي يدرس المواد الأساسية المتعلقة بالتخصص، و يدرس كذلك موادا ثانوية أخرى ، ( يمتحن فيها كذلك ) الفلسفة والتاريخ والجغرافيا والدراسات الإسلامية واللغات، وطالب شعبة الفلسفة يدرس بدوره مواد الأدب العربي وغيرها. وأشير أن الكثير من الطلبة الذين حصلوا على شواهد الإجازة سنة 1993 و 1994 ، وجدوا أنفسهم وجها لوجه أمام واقع البطالة. وضع فرض عليهم العودة للجامعة، والتسجيل في تخصص آخر، أي من شعبة الأدب العربي، إلى شعبة الفلسفة، أو شعبة القانون أو غيرهما . وعبدالرحمان االصوفي واحد من جيل ( حاملي الشواهد المعطلين بالمغرب ) .
    – بداية حبي وعشقي للنقد الأدبي تعود لسنة 1987 ، أي خلال السنة الأولى من التعليم الثانوي، والفضل يعود لأستاذ مادة اللغة العربية، التي كان يمدني بكتب علم العروض، وكتب البلاغة والبديع والبيان، ودراسات للعقاد وطه حسين وغيرهما، وكل ما كان يمدني به له علاقة بالمقرر.
    - توطدت علاقتي بالنقد في فترة دراستي في الجامعة من خلال مادة ( علوم المناهج / والأجناس الأدبية ( التحليل الشعري / التحليل السردي وغيرهما ). كما أن فترة البطالة التي عشتها لأكثر من خمس سنوات، جعلت مني بائعا للكتب القديمة، مهنة مكنتني من الاطلاع على أمهات الكتب في النقد الأدبي وغيره .
    - أما علاقة الفلسفة بالنقد فهي علاقة وطيدة جدا، فالمنطلق والخلفية الفكرية الفلسفية للنظريات النقدية الأدبية عبر مد العصور الأدبية هي نظريات فلسفية ( المرجع ). وأقدم مثلا : ستيفن أولمان) في كتابه دور الكلمة في اللغة، يرى أن المعنى يمثّل نقطة التقابل في ثلاثة أنواع من علم المعنى:
    1- علم المعنى اللغوي/Linguistic Semantics 
    2- علم المعنى الفلسفي/ Philosophical Semantics 
    3 - علم المعنى العام / General Semantics
    ( وللتوسع في معرفة علاقة الفلسفة بالنقد، يمكن الاطلاع على كتاب ( الذرائعية اللغوية بين المفهوم اللساني و النقدي / تأليف : عبد الرزاق عوده الغالبي ) .
     
    سؤال:
    3 - بصفتكم ناقدا ما هو تصوركم للممارسة النقدية؟ وكيف تجدون النقد في المغرب والوطن العربي؟


    سؤال:
    4 - من موقعكم كناقد كيف ترون مستقبل النقد مع كثرة الإصدارات الأدبية؟
    سؤال:


    5 - سؤال مرتبط بما سبق، بصفتكم رئيسا لمجموعة من المواقع المهتمة بالنقد كيف يخدم النقد الإبداع؟ وهل تعتقدون لغياب النقد دور في رداءة الإبداع وكثرة الاصدارات؟ 


    سؤال:
    6 - كيف ترون مستقبل النقد في المنطقة العربية؟
    أجوبة الأسئلة : 3 و4 و 5 و 6 :

    – الأسئلة التي انطلقنا منها لتأسيس نظرية نقدية عربية ما بعد حداثية، هي النظرية الذرائعية التطبيقية، التي لا علاقة لها بذرائعية " جون ديوي " أوغيره، بل هي نظرية عربية لمنظرها عبد الرزاق عودة الغالبي، وجدت لتطبق على النص العربي ولا تصلح لغيره. ( انظر الموسوعة الذرائعية ) .
    تصوري للممارسة النقدية ومستقبلها في المغرب والبلدان العربية، هو تصور " حركة التصحيح والتجديد والابتكار في الأدب العربي التي أترأسها إلى جانب " الدكتور عبدالرزاق عودة الغالي، والدكتورة " عبير يحيي الخالدي " ، وهو كما يلي وكما أصدرته اللجنة الذرائعية للنشر :
    (...إن الأدب الرصين عرّاب للمجتمع ، وهو رباعي التكوين من سلوك نفسي وتقمّص وجداني وعقل معمّد بإحساس عالٍ، يتناص مع الحياة و تجارب المبدعين في المعمورة، وفن تشكيلي مموسق، أمّا النقد فهو عرّاب الأدب والأديب، وهو أهم علم من علوم الأدب، وتلك بديهية لا تحتاج إلى أو تحقيق، لكن ما أريد قوله - مع أهمية النقد للأدب وللمجتمع - فإني لم أجد سوى كتاب في النقد، ونزر يسير من نقاد متخصصين في هذا العلم، ويقود المتلقي نحو القراءة النقدية الصحيحة والمبسّطة للنصوص بشكل بحتي ، والتي توازي الطوفان المرعب في الكتابة الأدبية العربية ، ومما يحزّ بالنفس أن غياب التحليلات النقدية العلمية ذات النكهة العربية عن الساحة العربية المترعة بالقديم والحديث، ساعد في نشر الجهل الأدبي الأكاديمي بمعارف النص والتنصيص ومفاصل العمل الأدبي، الشعري والنثري، وما ساعد على ذلك، هو التمرد على التجنيس، ذلك المسلك الذي أشاع الفوضى والقبح بشكل النص العربي الجميل...
    والجدير بالذكر، هو ازدياد الأدباء المطرد ذوي الموهبة الأدبية الراقية في الساحة الأدبية، وبشكل كثيف، ومع ذلك ينقصهم المعرفة الكافية في البناالفني والجمالي للنصوص، ومعرفة التجنيس ومفاصل النص الأكاديمي، وهنا يأتي واجب النقد الغائب عن الساحة الأدبية والنقدية، كعرّاب للأدب والأدباء ، فقلّة النقاد المتخصصين بمناهج علمية وانحسارهم في الساحة العربية النقدية، لا ينسجم مع الكم الهائل من الأدباء والكتّاب الذي يزداد بشكل يومي، وذلك النزر من النقاد لا يشبع ظمأ الساحة العربية الواسعة، مع العلم أن الساحة العربية تمتلك رؤى نقدية محترمة لدى كتابنا النقديين العرب، لكنها قليلة جداً، و لا تخرج من جلباب المعلومات والمؤلفات المكررة، والمأخوذة عن مصادر معروفة ولا تشفي غليل المتتبع العربي والظمأ الأدبي، أو ترضي ذائقة متابع أثر النقدي، فهي عبارة عن كتابات ومؤلفات أخذت عن مؤلفات أخرى، وكرّرت نفسها بنفسها، والساحة العربية بحاجة إلى رؤى نقدية تطبيقية عربية الهوية و موحدة جديدة، كما نجد ذلك بارزًا، في التواصل بين النقاد والتبادل المعرفي في العالم الغربي .... 
    كانت الذرائعية، الحل الأمثل لكونها رؤية نقدية عربية تطبيقية مستندة على أطر ومداخل علمية لكل شيء يذكر من خلالها، ولا تتيح خرمًا للإنشاء الفارغ والكفيف، وغير المستند على قواعد نقدية رصينة، فهي مثقلة بنظريات نفسية وفلسفية تساعد المتلقي والناقد بالدخول إلى أي نص بشكل ذرائعي علمي، و باعتمادية إدراكية واعية بالتحليل العميق لعناصر العمل الأدبي المتقن، بشكل دقيق ومدروس مستل من منهج عربي الأصل أُشير إليه بالتداول، يساعد الناقد على الغوص في مكونات النص باحترام وحرفية عميقة، ولا تقوم الذرائعية بتخريب قشرة العمل الأدبي الخارجية الجمالية، كما تفعل بقية النظريات النقدية الأجنبية، بل تهتم بالشكل والمضمون بشكل متوازٍ و باحترام واتزان نقدي متباين، ولا تعمل كالنظريات النقدية المادية التي لا تنظر إلى أي نص بتكامل، حتى وإن كان في كتاب مقدس ....) انظر المجلد الأول من الموسوعة الذرائعية، ( الذرائعية في التطبيق ) .


    سؤال:
    7 - ما هي رسالتكم للمبدعين خاصة الشباب منهم؟

    جواب: 
    رسالتي للمبدعين الشباب خاصة:
    ( جوابي على هذا السؤال ، لن يخرج عن قناعة وموقف اللجنة الذرائعية للنشر، وموقف وقناعة " حركة التصحيح والتجديد والابتكار ف الأدب العربي " ) .

    الجواب : 
    (( مادام النقد هو السلطة الحاكمة في الأدب ، فإن انسحابه من الساحة الأدبية يمكّن الإسفاف والتعدّي وعدم الضبط من الانتشار بشكل واسع ، وهذا الحال حتمًا سيضيّع الرصانة ، وينشر الجهل والتخلّف الأدبي...
    ومن جهة أخرى ، سينتشر الفقر الأدبي بين أصحاب الأقلام ، ويبدأ الانزياح نحو السطحية الأدبية والخروج من العمق والرصانة نحو الانسلاخ من خيمة الأدب العربي المترع بالعمق والإبداع ، والاتجاه نحو تمجيد أجناس أدبية أجنبية بسيطة ، لا تنتمي لمجتمعنا أو ديننا، مثل الهايكو وغيره من الأجناس الغريبة... وهذا حدث فعلًا، ولم نكتفِ بفوضى السريالية وانسلاخها عن الواقع وانغماسها بالغموض حدّ الظلمة، بل رحنا نمجّد حرية النص بكسر الطوق الأخلاقي وتخريب الخلفية الأخلاقية للنصوص الرسالية بذريعة أن الأدب جزء لا يتجزّأ من الفن ، والفن لا حدود أخلاقية فيه ....!؟
    ونسي البعض من الأدباء العرب أنفسهم وأخلاقيات أدبهم ومعلّقاتهم ورعيل الشعراء والعلماء والكتاب العرب، وسربلوا نحو إسفاف الرطانة و السريالية الفارغة الغارقة بالغموض والتغريب والتشتيت والفوضى والانفتاح نحو كسر الطوق الأخلاقي في الأدب، وغرقوا مع الغارقين في بركة الحداثة السلبية وما بعد الحداثة، التي أقصت النص العربي من التواجد في الساحة العالمية النقدية ، بحجة أنه ينتمي للغة صعبة وضربوا التجنيس عرض الحائط ، تأثّرًا بموجة رولان بارت ، لا لشيء ، أكثر من كونه أجنبي ، واختلطت الأجناس بالأجناس ، وصار الكلّ يكتب بأجناس لا يعرفون هويّتها ... وتلك حالة مقصودة بتعتيم سماء اللغة العربية من قبل الرعيل الغربي لفهمهم العميق بأنها سيدة اللغات، وبأنها تمتلك زمام الأمر التحليلي اللساني في الوضع التداولي الذي ميّز تلك اللغة عن بقية اللغات في العالم ، وتأخّر اكتشافه لديهم حتى نهاية الربع الثالث من القرن العشرين والذي وسموه بالبراغماتية الجديدة على يد الفيلسوف الأمريكي (رورتي) ....
    علينا أن لا ننسى فضل القسم الكبير من أدبائنا الذين وقفوا أمام هجمة الحداثة السلبية، وصدّوا ريحها الصفراء حين قلبوا جميع الموازين الأدبية، ووجهوا الجديد من أفكارها نحو الأدب العربي للاستفادة منه بدلًا من النفور والخروج عليه، وأدخلوا للأدب العربي الرمزية والبرناسية والقص القصير المعاصر والشعر الحر وقصيدة النثر، حتى صار أديبنا العربي لوحة سرمدية جميلة تعمل بموازاة العربة الأدبية الأجنبية، بل فاقتها كثيرًا في التكنيك النصي والسردي...
    حان الآن موعد التصحيح والعودة نحو الوطن ، بعد أن ذاق المهاجرون مرارة الهجرة نحو الغرب والذّلّ والمهانة والانكسار الأدبي، ولاحت بالأفق شمس الصباح، وهي نفحة من إخلاص للحرف الأدبي العربي ، استلم مقود تلك المسيرة - الرؤية النقدية الذرائعية - ثلّة من المخلصين للنص العربي ، والتي اجتمعت على شرف الحرف العربي وأقسمت على الانتقام لسفك دمه، وإعادة شرفه وهيبته وهويته العربية، وتثبيت حقيقة قاطعة إن التداول (البرغماتية الجديدة) هو واقع بلاغي عربي الأصل، ظهر في الشعر العربي في أول بيت شعري قيل ، وأن قدرة اللغة العربية الفائقة على استيعاب جميع المنتوجات الأدبية الواردة من كل المشارب بشكل متميّز، وإثبات أنها قد ولدت من منطلق عربي شامل، وأعتقد جازمًا أن العرب واجهوا و سيواجهون رياحًا صفراء و زوابعَ من أصحاب الأقلام المعوجّة ، وأصحاب تأليه وعبادة الصنم الأجنبي من اسم و قول مرطون ، ليس حرصًا على مسيرة الأدب الرصين ، بل هو حرص على مبدأ ( خالف تعرف)....))
    انظر المجلد الثاني ( دور الذرائعية في إعادة سيادة الأجناس الأدبية / عبدالرزاق عودة الغالبي )


    سؤال:
    8 - أصدرتم عدة كتب في النقد على سبيل المثال لا الحصر: 
    - مؤلف نقدي حول التجربة الشعرية للشاعرة "مليكة الجباري "
    - مؤلف نقدي جماعي " تجارب شعرية مغربية في ميزان النظرية الذرائعية"
    - مؤلف يخص التجربة الأدبية والشعرية والمسرحية " لمجد الدين سعودي".
    ماهي المواصفات التي يجب توفرها في العمل الإبداعي ليجد صداه عند النقاد ؟

    جواب:
    بالنسبة لتجربتي في مجال النقد الأدبي:
    أعتبر أن كتابة الدراسات النقدية ليست وحيا يتنزل على الناقد، بل هي بحث يأخذ من الناقد ما هو مادي ( التنقلات والأسفار – شراء المراجع وغيرهما ) ، وما هو معنوي ( الوقت ، إذ يحتاج انجاز دراسة نقدية شهرا من الأيام / لا أتحدث هنا عن ما ينشر في فضاء الفيسبوك ، ويسمونه نقدا / ... الحديث في الموضوع ذو شجون ...
    لقد أنجزت الكثير من الدراسات النقدية الذارئعية ( منها دراسات بكامل المداخل الذرائعية ) وأنجزت دراسات ذرائعية مستقطعة ( واحدة المدخل ، أو بمدخلين ذرائعين ) ، كل هذه الدراسات نشرت في مواقع اليكترونية وطنية ودولية .
    اشتغلت على تجربة الشاعرة المغربية " مليكة الجباري " ... وتمكنا الحمد لله من طبع كتاب حول تجربتها الشعربية. قدمت للمؤلف الدكتورة عبير يحيي الخالدي.
    نقتطف مما جاء في تقديمها : " 
    (( الناقد عبد الرحمن الصوفي هو ذاك الناقد المحترم ، بل والأكثر احترامًا للأديب والمتلقي العادي والمتلقي المتخصص على حد سواء ، بدأ مؤلَّفَه بذكر المنهج النقدي الذي اعتمده وهو المنهج الذرائعي ( النظرية الذرائعية / عبد الرزاق عودة الغالبي ) ، فطبق آلية النظرية الذرائعية على الأعمال الشعرية للشاعرة المغربية " مليكة الجباري" والمنظومة ضمن خمسة دواوين ، يقوم الناقد بكل أمانة بإلقاء الضوء ، وتعريفنا على مجمل القصائد عبر تطبيق الآلية الذرائعية على تلك القصائد ، معتمدًا طريقة ذكية جدًّا ، وهي التعامل مع الدواوين وكأنها ديوان واحد ، والنفاذ إلى أعماقها عبر أقرب المداخل المتاحة، دون أن يشكل ذلك إرباكًا له، ودون أن ينتقص من القيمة الثرائية لأي ديوان أو قصيدة، فوجدنا الناقد عبد الرحمن الصوفي يلج الدواوين عبر مداخل ذرائعية منتقاة بمهارة، ويغوص في دقائقها ببراعة، ويخرج غانمًا بصيده الثمين، ويعرضه علينا عرض الكريم، ليدخل إلى ديوان آخر متبعًا نفس الإستراتيجية وهكذا حتى ينتهي من الدواوين الخمسة، وقد جمع منها الكثير من الدرر ... )).
    من هذا المنبر أوجه ندائي لكل الغيورين في الجمعيات والاتحادات والهيئات المهتمة بالأدب والنقد في المغرب أن يساعدونني على طبع خمس مؤلفات نقدية تطبيقية أخرى لتجارب إبداعية مغربية مختلفة . 


    سؤال:
    9 - ما هي الرهانات التي يراهن عليها النقد العربي في ظل الحداثة؟

    جواب: 
    جوابي على هذا السؤال، لن يخرج عن قناعة وموقف اللجنة الذرائعية للنشر، وموقف وقناعة " حركة التصحيح والتجديد والابتكار ف الأدب العربي " ) .

    الجواب :
    (( على الناقد في العالم العربي أن يراهن ويقتنع أن النقد أصبح علمًا واسعًا ، ومن أهم العلوم البحتية التي تحتضن الأدب ، والعرّاب الحنون للأدب، فلا يظهر اصطلاح أدبي إلّا من رأس قلم نقدي، لذلك يتوجّب اتباع الطرق العلمية في تطبيقه ليصطف مع العلوم البحتية الأخرى كالفيزياء والكيمياء والرياضيات والتي تطبق بطرق علمية عديدة ومختلفة، ومن الواضح أن نزوح نقادنا نحو الإنشاء في كتابة نقودهم مبعثه صعوبة هذا العلم المرتكز على الفلسفة ارتكازًا كليًا، لكون اللغة العربية التي ينشأ منها الأدب العربي لا تحلّل بعمق، إلا عن طريق علم مبني على التجذير الفلسفي من دال ومدلول ومفهوم، وهذا ما زاد النقد صعوبة، وصار عصيًّا على مدركيه ، هو احتياجه من يدرك العلاقة الوثيقة والفرق بين العلم والفلسفة، والمفردة والمصطلح النقدي، والنص والجنس والعمل الأدبي، وذاك ما يحتاج بحثًا وتقصيًّا وقراءة مستفيضة، ثرّة، عن هذا العلم الكبير الواسع لإغناء اللغة الساندة في التحليل.....
    ساحتنا الأدبية مترعة بالمصادر المترجمة لأيّ كلمة قيلت عن الأدب أو النقد ، لأننا شغوفون وعشاق للمعرفة والبحث عن مصادرها ، و قد قرأت الكثير من كل ما يكتب من نقود ، و تعليقات نقدية وآراء وتقارير و مقالات ودراسات نقدية ، وترجمات شتى، وأدركت من ذلك أن جميع تلك الكتابات النقدية يجب أن ترتكز على منهج نقدي أو نظرية يحتل اسمها العنوان باعتمادية و أعمدة علمية تميّز تلك النظرية بالتحليل أو الدراسة والتقصّي و البحث... كذلك تحتاج الكتابات النقدية إلى إغناء بحثي للأمور التي تتناص مع ما يوازيها من معرفة في بطون النصوص الخاضعة للتحليل، والمتعلّقة بالتوازي والتناص مع نصوص الآخرين، التي كتبت في موضوع البحث أو حوله ، وهذا يحتاج تسميةَ المصادر التي يتناص معها النص، أو أسماء الأشخاص الذين تناصّ معهم الكاتب، وبشكل بحثي علمي، وهذا إغناء للنقد وحق مشروع للأديب على الناقد... )) انظر المجلد الثاني ( دور الذرائعية في إعادة سيادة الأجناس الأدبية / عبدالرزاق عودة الغالبي ) .


    سؤال:
    10 - تساهمون في أنشطة ثقافية ولكم اهتمامات بتوقيعات إنتاجات أدبية ... كيف تقيمون الحركة الثقافية في البلاد؟

    جواب:
    أجمل الجواب عن هذا السؤال في جملة ( وللقارئ واسع النظر ):
    الساحة الثقافية والأدبية تعرف الحصار و الإقصاء والتهميش الذي يتعرض له الكثير من المبدعين في مختلف التخصصات في بلادنا .
    أختم هذا الحوار مع الأخت الفاضلة " أمنة برواضي " ، بما يقوله الرئيس الأول لحركة التصحيح والتجديد والابتكار في الأدب العربي وهو كما يلي :
    (( "... خلال متابعاتي لسنوات خلت ، للمسيرة النقدية في العالم خرجت بفهم يقرّ أهمية النص الأدبي العربي الإنساني للمجتمع ، والأهم من ذلك ، أنه يختلف اختلافًا جوهريًّا عن بقية النصوص في اللغات الأخرى خصوصًا في الشكل، وله خصوصية إسلامية وعربية بالمضمون، و بسبب وسيطه الحتمي ، اللغة العربية التي تختلف شكلًا وتعبيرًا وبنيةً عن جميع لغات العالم الأخرى، وهو شيء غائب عن فكر المتلقي العربي الذي لا يدرك 
    معطيات تلك النظريات ، التي لا توائم الدين الإسلامي، ويعتبر التفكيك أهم النظريات الحديثة التي تحترم النص المبني على اللوغوس، والذي لا ينسجم مع الرؤية العربية الإسلامية ، لكون دريدا صاحب التفكيك، قد قاد تيارًا نقديًّا عرف ( ما بعد البنيوية ) ( ) وهو ضد النظرية البنيوية التي استكانت لافتراض التناسق في بنية النص الأدبي بناءً على ما ينطق، و قوانين لغوية صارمة وحاسمة لا تقبل النقص أو التغيير أو التعديل، ولا تتأثر بشيء خارج نطاقها، لذلك لجأت النظرية التفكيكية إلى التشكيك بالعلاقة اللغوية ذاتها وفي منطق اتساقها وقوانينها، إذ لم يعد النص – في نظرها – يمثل بنية لغوية متسقة منطقيًّا، تخضع لنظم دائمة وتقاليد ثابتة يمكن رصدها، بل يمثّل النص عندها، تركيبة لغوية تنطوي في داخلها على تناقضات وصراعات وكسور وشروخ وفجوات وثغرات عديدة، تجعل النص قابلًا لتفسيرات وتأويلات لا نهاية لها، وليس هنالك من نص يستعصي على التفكيك كي يخرج من باطنه ما يخفيه، لذلك تبدأ النظرية التفكيكية بتكسير السطح اللامع للنص الأدبي لكي تبلغ أعماقه المعتمة، والتي لا يبوح بها...
    ومن هنا تبدأ الرؤية الذرائعية العربية في تحليل النص الأدبي بشكل مختلف ينحرف باتجاه الخيمة العربية والشكل، فهي تحترم الظاهر والباطن للنص معًا، فعندها 
    بعضهما يكمل البعض، والكثير من النقاد والمتلقين لا يعرفون مضمون تلك النظريات وخطورتها على النص الأدبي العربي بشكل حقيقي، ولا ماهية النص الأدبي العميق، فمعظمهم ينضوي خلف أصبع المقالة الإنشائية المطلقة بشرح تفاصيل النص وإعطاء هذا الإنشاء عنوانًا غريبًا، مع حشر كلمات وأقوال وأسماء أجنبية في هذا الإنشاء ليس لها صلة بشيء ، لإثراء هذا الإنشاء كما يعتقد هو، أقول جازماً أنه يظن هذا هو النقد، مع متعمدية إهمال علمية النقد والنظريات التي تشكل بنيته الأساسية مع العلم انه يدرك تماماً إن النقد علم من علوم الأدب.... )) . 

    تحياتي والود : عبدالرحمان الصوفي / المغرب
    شكرا لكم أستاذي الفاضل وفقكم الله في مسيرتكم.

    مع الشاعر السعودي عبدالله أحمد الأسمري / جراء الحوار الشاعر عباس عمارة


    هذا الحوار مع الشاعر السعودي عبد الله أحمد الأسمري  للحديث عن تجربته الغنية في مجال قصيدة الهايكو. الأسمري من الشعراء السعوديين الرواد الذين كتبوا قصيدة الهايكو. أصدر اول ديوان هايكو في المملكة بعنوان “أناشيد مرتلة في رحاب الهايكو” .هذا بالإضافة إلى مساهماته في نشر الهايكو  من خلال الحوارات والندوات والقراءات الشعرية. أدار الحوار الشاعر عباس  عمارة :

    س:من هو عبدالله الأسمري؟

    ج:عبدالله أحمد الأسمري من مواليد حوراء بلّسمر السعودية.أنا ابن لفلاح وعمري قصيدةأسافر في حلم تطول فصوله؛ مواطن بسيط. أكتب الشعر  على حين المسرة،وإذا هَبّت من النوم الخليقة، كنت أول الناهضين،مع فيض من الشمس والغيوم الوليدة،ومعي نصف رغيف وقطعة التمر القديم، درست علم الاجتماع مذ زمن ليس بالبعيد في جامعة الملك عبدالعزيز،ودبلوم علوم امنية كنت معجب بكتاب مباديء علم الإجرام، والذي ألفُتُ فيما بعد كتابي مباديء علم الإجرام الصادر عن دار السكرية مصر، ثم درست تارة أخرى في قسم القانون،وهنا تحصل المفارقة مابين علم الجريمة والشعر، أدرس الآن القانون لأفتح نافذة على غابة يكتنفها الغموض والصراع بين البشر، وجدت بها أناس مصفدين بالأغلال، وآخرون اعترفوا.

    س:هل سحر المكان قادك إلى شعر الهايكو؟

    ج: لاشك أنا ممن ولد قرب البيادر وبيدي منجل،تأنس  روحي للغة السنابل، وهمس الرياحين،وبوح الجنادب،امتاح من الطبيعة شعري، إنني أحاكي بالشعر الحياة والزهر والغيم والمطر والبشر،وخصوصا عندما يكون لألوان الطيف معنى آخر،ولنسمة الصيف عليل ماللطفه، والقمرالمسجى على هدب خاطرة مبحرة عبر المدى،وحين يضرب الظلام بأطنابه على الكون ويسكب البدر نوره في مجالس السمار،حينها يسافر خيالي كل هذا السفر الطويل ليمتزج مع جوهر الطبيعة،ليعبر عن البهاء الكامن في جلال الطبيعة حسب التماهي مع الطبيعة والذوبان فيها والقبض على اللحظة عبر مواطن الجمال الآسر، بصريًاوحسيًا.

    س: كيف تنظر لشعر الهايكو؟

    ج: أنظر له بأنه  قصيدة التأمل المكثف، كأجمل وأعذب ابتهالات وجدانية في محراب الطبيعة، فهي القبض على اللحظة من مشهدية الطبيعة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة تستخدم فيها فصول السنة والمواسم . الشجر والحشرات الطيور والليل، الهايكو يعتمد على التكثيف و يعطى مشهد جميل لتجسيد النصوص على جدار الروعة والإبداع.

    س:أنت من الشعراء الذين كتبوا الشعر العمودي والهايكو، كيف تجد الفرق بينهما أثناء الكتابة؟

    ج: القصيدة العمودية حين الكتابة لابد من  العناصر التالية: العاطفة.الفكرة .الاسلوب.الخيال، إلى جانب الوزن والقافية، ومن جمالياتها  أنها تجمع بين أساليبِ البديع، وفنون اللغة من تشبيهاتٍ فنيّة، واستعاراتٍ بلاغيّة، فتستغرق وقتًا في البناء، لكنها في النهاية تشمخ فيها روعة الفاصلة.فتحملنا على جناح الغيم وتسقينا من دفء الريحان، أما قصيدة الهايكو فتتكئ على الاختزال والتكثيف والمشهدية والأنية والتصوير والتأمل وقصيرة جدا تبتعد عن المحسنات البديعة،وانزياح لغوي يجسد فيه المبدع صورًا ودلالات تثير ذائقة المتلقي، فالطريق إليها معبد.

    س: هل تجد مستقبلا للهايكو العربي ام انها موجة ستنتهي يوما ما؟

    ج: يقول الشاعر المغربي سامح درويش. :”باعتبار أن شعر الهايكو أضحى يشكل أفقا ممكنا للإسهام في إثراء الشعرية العربية وانفتاحها، كما أضحى جسرا ممكنا لحوار الشعريات والثقافات الإنسانية عبر العالم”والدليل على ذلك انتشاره وحضوره القوي على الساحة العربية، في بلاد الشام والعراق وبلاد المغرب العربي ومصر وتعدد الملتقيات والامسبات والندوات والدواوين المطبوعة خير شاهد، ورابطة الهايكو العربي والتي يشرف عليها الشاعر محمود الرجبي، والساحة العربية تزخر بشعراء كبار.

    س: يبدو لي انك الشاعر الوحيد في المملكة العربية السعودية الذي حاول الدفاع عن الهايكو ونشره بين النخب المثقفة من خلال إقامة الندوات والقراءات الشعرية؟

    ج:ركضت في مضمار شعر الهايكو حولين كاملين، حيث سافر خيالي كل هذا السفر الطويل ليمتزج مع جوهر الطبيعة بصريا وحسيًا ،لقد بنيت عوالمي كي اجتاز المرحلة بديوانيين،وقد أقمت أمسيات في الأندية الأدبية الثقافية للتعريف به، في نادي أبها الأدبي ونادي مكة الثقافي ونادي الطائف الثقافي ومنتدى عبقر الشعري التابع لنادي جده الثقافي، كما تناول بعض الكتاب في المملكة بالكتابة وتسليط الضوء على شعر الهايكو، وديواني اناشيد مرتلة في رحاب الهايكو، الصادر عن نادي الباحة الأدبي الثقافي، ومن الشعراء الواعدين الذي لهم حضورهم على الساحة، الشاعر حيدر العبدالله والشاعر أحمد يحيى القيسي، وهناك محاولات قادمة من شعراء وشواعر . 

    س:ماهي أبرز الأسباب في رأيك قلة شعراء الهايكو في منطقة الخليج؟

    ج:الشعر الفصيح يحتل مساحة كبيرة من المشهد الخليجي، له حضور ضافي، وذلك لارتباطهم بالشعر الفصيح مذ العصر الجاهلي إلى عصرنا الحديث كسائر الشعراء العرب، كذلك الحضور القوي للشعر النبطي والشيلات،  حجب شعر الهايكو، وكذلك عدم التعريف بهذا الجنس الأدبي القادم من أرض الشاعر الياباني باشو. هناك محاولة لرابطة شعراء الكويت للهايكو أسس حديثًا، نتمنى له المزيد من الإبداع.

    س: ماهي ابرز الإصدارات الأدبية والشعرية؟

    ج: صدر لي ديوان حوراء عن نادي أبها الأدبي وديوان مالم أقله للبنفسج، عن نادي الأحساء الأدبي

    وديوان أناشيد مرتله في رحاب الهايكو، عن نادي الباحة الأدبي الثقافي وديوان شذرات من شعر الهايكو، عن دائرة الثقافة بالشارقة، ملحق رقمي بمجلة الرافد وقريبا إن شاء الله ديواني ساجمٌ فوق خط التجاعيد.

    س: نصوص هايكو تعتز بها؟

    ج: سوف أضع بين أيدي القراء، بعضًا منها لعلها ترتقي إلى مستوى الذائقة الشعرية لديهم.

    أشرعتي الممتدة

     تعلوها النوارس_

     دنت الديار

    …..

    مناجل الفلاحين

      شُدت بأنساج العناكب

    سنين عجاف

    ……

    بين أصداء المساء

          غيمة تسبح

          سكينة خالدة

    …..

     الباب موارب

     يبحث عن الضوء

         مكان مقفل

    …..

     الذئب يشتمُ براءته

           من دم يوسف

          ليس له أثر

    …..

     الفلاحون والنُسّاك _

      يخرجون لرؤية القمر

          السماء فسيحة

    …….

    على سفوح الرحبة

           تنصت الشياه

           لصوت الناي

           غربه

    …….

    السماء حقل

          تحرثه المحركات

         سباق مع الزمن

    …….

     عقارب الساعة

           شُدت بيذبل

          ليل امرؤ القيس

    …..

    هدهد سليمان

          أحاط بما لم أحط

         حقيقة غائبة

    …..

    سناجب الغابة

    تهمس للأزهار

    ملامح غريب

    …..

     مآذن القرية

          تنثر التحايا للسابلة

         فجر عاشوراء

    …..

    حلق النسر

    فوق المروج الخضراء

    جناحاه أفق

    حوار مع د. محمد فتحي عبد العال اجراه استاذ ابو الحسن الجمال

    حوار/ أبو الحسن الجمال
     الدكتور محمد فتحي عبد العال أديب شاب دخل ميدان الأدب من الإبداع والتاريخ الذي كتب بعض فصوله كأنه قصص ذات سرد متقن، وفي نفس الوقت هو صيدلي  شغل بعض الوظائف منها رئيس قسم الجودة بالهيئة العامة للتأمين الصحي فرع الشرقية بمصر سابقا، وقد حصل على درجه الماجستير في الكيمياء الحيوية جامعة الزقازيق، وعلى دبلوم "الميكروبيولوجيا" التطبيقية جامعة الزقازيق.




    التقيناه ودار بيننا حوار حول رحلته مع الكتابة وقدوته في هذا المجال، وكيف وفق بين تخصصه الرفيع وبين إشباع هوايته في عالم الفكر والإبداع، وكيف تطرق لفلسفة التاريخ من خلال كتابه الأخير "مرآة التاريخ"، وعن تناوله لجائحة كرونا في كتابه "جائحة العصر" وموضوعات أخرى سوف نتطرق إليها في حوارنا التالي:  
    - متى بدأت رحلتك مع الكتابة ومن قدوتك في هذا المجال؟
       بدأت الكتابة منذ المرحلة الاعدادية، وكانت بدايات النشر لي في مجلة "علاء الدين"؛ التي تصدر عن مؤسسة الأهرام، وفي المرحلة الجامعية كنت عضواً في النادي الأدبي والجمعية العلمية بكلية الصيدلة، ثم بعد ذلك عملت كاتباً غير متفرغ بالعديد من الصحف والمجلات العربية. وقدوتي في المجال الأدبي الدكتور طه حسين فقد كنت شغوفاً جداً بمطالعة كتبه خاصة ما يرتبط بالدين، أما في الجمع بين العلم والأدب فقدوتي الدكتور أحمد مستجير والدكتور منير الجنزوري.
    -كيف وفقت بين عملك وميولك الأدبية؟
      اعتدت أن أجمع بين عملي كصيدلي ومسؤول إدارة جودة ومخاطر وبين الكتابة، فوقت فراغي على الرغم من كونه محدود إلا أني انصرف فيه للمطالعة والبحث والكتابة.. وتتنوع كتاباتي بين المقالات الأدبية الممزوجة بالعلم وبين القصص القصيرة والروايات، وصدر لي كتاب "تأملات بين العلم والدين والحضارة"، في جزئين، وكتاب "مرآة التاريخ"، وكتاب "جائحة العصر"، والمجموعة القصصية "في فلك الحكايات"، ورواية "خريف الأندلس"، إضافة إلى العديد من الدراسات بالمجلات والكتب العلمية المحكمة.

    - في التاريخ فلسفة ومنهاج؟ أوضح من خلال كتابك الأخير؟   يبقى التاريخ مرآة للإنسان فعلي صفحته يقرأ ماضيه ويترجم حاضره ومن عبره يستلهم مستقبله، ولأن الإنسان كائن أخلاقي يحتضن في أعماقه قوة خفيه هي الضمير تراقب دوافعه وتكبح غرائزه، فلا غرو أن يكون الفكر الأخلاقي هو أقدم الأفكار الإنسانية لا ينافسه في قدمه سوى الفكر الديني الذي هو قديم قدم الإنسان ذاته ومن رحم الفكرين خرج التاريخ . إن التاريخ هو رحلة الإنسان المستمرة مع الزمن عبر محطات ومشاهد متلاحقة تصنع من الأحداث نافذة على الأخلاق، وموقف الإنسان منها قرباً وبعداً وصعوداً وهبوطاً لذا فصناعة المستقبل تبدأ من استقراء التاريخ، وإعادة بناء الإنسان تبعاً لدروسه وأحكامه، وحتى يصبح التاريخ مرآة صادقة فلابد وأن يكتب كما هو بحلوه ومره دون تمييز أو انتقائية. 
    وفي سبيل تحقيق هذه الغايات يتناول الكتاب عدداً من الدراسات حول علاقة الأخلاق بحركة التأريخ وعلاقة التاريخ بالنهوض بالإنسان والمجتمع وعلاج قضاياه وعلاقة التاريخ بالشعر فضلاً عن عدد من المقالات الأخرى التي تقدم صوراً من التاريخ القديم والمعاصر، ويتألف الكتاب من عشرة فصول هي: الراوي والوالي - مذكرات راهب مسلم - العقد المقدس - سيدة غانا الأولى - صاحب القلب الرحيم - دستور الأخلاق - شريعة الغاب - المتنبي الوجه الآخر - مأساة ابن المقفع - جزاء الإحسان.
    - كيف تفاعلت مع جائحة كرونا فكرياً وأدبياً؟
        بحكم عملي كصيدلي في هذا الوقت بمدينة الرياض كانت المخاطر قريبة للغاية، فكان واجبي تقديم الدعم الثقافي المجتمعي طوال الوقت وبشكل دائم سواء من خلال التعامل المباشر مع المرضى أو عبر مقالات أسبوعية بصحف: "الوسط"، و"صوت الأحرار" بالجزائر، و"الأهرام المسائي" بمصر وغيرها، وفي أوساط الجاليات العربية بالخارج عبر صحيفتي "صوت بلادي" بالولايات المتحدة، و"أيام كندية" بكندا ولقاءات صحفية مع صحف "الوفد"، و"النبأ" في مصر، و"صدى المستقبل" بليبيا.
    كما قدمت عدداً من الأوراق البحثية حول الخيارات العلاجية (لكوفيد 19) والآثار الصحية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي صاحبت الجائحة نشر منها حتى الآن مقالتي البحثية: جائحة (كوفيد-19) خيارات علاجية بالكتاب الجماعي: الأمن الصحي كأحد مهددات الأمن القومي والمجتمعي العالمي الصادر عن المركز الديموقراطي العربي ببرلين بألمانيا والذي يقع في 800 صفحة ويضم عدداً كبيراً من الباحثين والأكاديميين حول العالم . كما فاز كتابي "جائحة العصر" بالمركز الأول فرع الدراسات والأبحاث كأفضل إصدار لعام 2020 بمناسبة احتفالات مؤسسة النيل والفرات للطبع والنشر والتوزيع. 

    يتضمن الكتاب قسماً في شكل أسئلة وأجوبة لكل ما يخص جائحة العصر (كوفيد 19) من تعليمات ونصائح وقائية وفق أحدث الدراسات وتصريحات منظمة الصحة العالمية ومركز منع الأمراض والوقاية منها الأمريكي حتى تاريخ صدور الكتاب في أغسطس الماضي، كما يتضمن الكتاب مجموعة من المقالات التي تغطي ما يحيط بالجائحة دينياً والاعجاز الديني فيما يخص أساليب الوقاية والحجر الصحي، والتي سبق بها ديننا الحنيف العلم بقرون وكذلك تاريخ الاوبئة وكيف تعاملت البشرية معها على مدار التاريخ فضلاً عن الحديث عن أداة صوغ قانون الحياة التي فازت بجائزة نوبل مؤخراً أو تقنية (كرسبر) كمستقبل محتمل لنهاية الفيروسات التاجية ولا يخلو الكتاب من الحديث عن الدراسات الدوائية الدائرة حول إيجاد علاج لهذا الفيروس المخيف واستعراض لأهم التجارب العالمية لإيجاد لقاح له. 

    وسوف يكون الكتاب حاضر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2021 بمشيئة الله تعالى، كما اعتزم تقديم كتابي "فنتازيا الجائحة" والذي يتضمن كل ما أحاط بالجائحة من طرائف تتخطى حاجز العقل والمنطق ببلدان العالم المختلفة والكتاب لازال قيد الطبع.
    -هل يساهم  الأدب في إزالة الأوبئة والجوائح مثله مثل العلم؟
        يسهم الأدب كمشروع أدبي مجتمعي في فترة الجوائح والاوبئة في استثمار فترات البقاء الطويل في المنزل مع أوقات الحظر والحجر الصحيين في تقديم مواهب أدبية جديدة عبر سبر أغوار النفس وإطلاق العنان للتعبير عن الذات والمشاعر المختلجة والتوثيق الأدبي الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما يسهل في التفاعل المجتمعي عن بعد ويثري المشهد الثقافي بأفكار جديدة ومختلفة. 

    كما يتضح دور الحصاد الأدبي في فترات الاوبئة والجوائح كوصفة للعلاج الأخلاقي لأمراض المجتمع ففي رواية (العمى) للروائي البرتغالي "جوزيه ساراماغو" كان تسليط الضوء على الدرس الأخلاقي لوباء غامض يصيب أهل مدينة بالعمى بقول الكاتب على لسان زوجة الطبيب: (لا أعتقد اننا عمينا بل إننا بشر عميان يستطيعون أن يروا إلا أنهم لا يرون) في رمزية لهشاشة الأخلاق والمبادئ الإنسانية وغيابها في كثير من الأحيان.