نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

مضامين وأساليب ومسميات ..في تأريخ فن الرسم الحديث:بقلم: حكمت مهدي جبار



 
حكمت مهدي جبارأمتلأت مسيرة الفن التشكيلي في العالم بالعشرات من المضامين وألأساليب
والمسميات التي وضعها النقاد .جاءت كلها لتجعل من الفن التشكيلي بكل
فروعه  الفن التشكيلي العالمي ,حتى تمكن أولئك النقاد من أجبار حركة الفن
والفنانين على قبولهم بتلك النعوت والمسميات.
لقد عرف الفن بأنه (1)(نشاط خلاق ,يؤدي الى أبداع صور فنية,تعكس الواقع
وتجسد نظرة الأنسان الجمالية اليه).وتأريخ الفن هو(2) تأريخ مشاعر
وأحاسيس وأنفعالات وهو تعبير عن شعور أو تكافؤ بين العاطفة التي يحسها
الفنان وبين مايريد أنجازه).كما هو في اللوحة التشكيلية .والرسامون
جميعهم كانوا يستغرقون في اعمالهم الفنية كما يستغرق الطفل في
لعبته.والمهم عنده أن يخرج بشيء جميل ينال أستحسان المتلقين والمشاهدين
من جميع الناس.ولم يكن ينتظر الناقد ليقول له أنك من المذهب الفلاني أو
الأتجاه الفلاني أو المدرسة الفلانية .
وأزاء تلك المشاعر والعواطف كيف تمكن النقاد من أن يطلقوا مسمياتهم
ونعوتهم على تلك الأمواج المتدفقة من الأبداعات في الفن التشكيلي..أن كل
المسميات التي اطلقت على تأريخ فن الرسم الحديث لم تتمكن من تصنيف أساليب
فن الرسم تحت عناوين معينة.ذلك لأن اغلب الرسامين لم يتوقفوا عند أسلوب
واحد .وأذا كان (3)تأريخ فن الرسم تأريخ متغير ومتحول من أتجاه الى
اتجاه,فأن الغالب الأعم من الرسامين لم يولد تجريديا ولاانطباعيا ولا
كلاسيكيا ,وما أن نضج وتطور حتى راح يبحث عن أساليب أخرى وهو يغوص في
عالم الجمال الفني وهو لايعرف ان ما يفعله كان مستقبليا أو وحشيا أو
سرياليا.

لقد أبتدع النقاد مضامين وأساليب ومسميات,لأعمال الرسامين.يشاركهم في ذلك
بعض مؤرخي الفن والأدباء والمفكرين والأعلاميين. وكانت تلك النعوت تأتي
عن طريق ردود افعال عن عمل فني .وكل ذلك كان يحدث في أوربا في القرن
التاسع عشر,قرن ظهور العلم والفن والفكر والأدب في اعلى صوره.وهو بداية
ولادة ما سمي بـ (فن الرسم الحديث).فقد ولدت لوحات الرسامين الكبار أمثال
(مونيه – بيسارو – رينوار – سيزان - ) المتميزة بكثافة البقع اللونية
والمتأثرة بسطوع ضوء الشمس ,ولدت (انطباعا) معينا للنقاد ,فقالوا عنها
أنها تركت فينا انطباعا جميلا.ومن هنا راجت مفردة (الأنطباعية) على لوحات
اولئك الرسامون وهي تتسم بالبقع ياللونية مع التأكيد على ضوء الشمس.فصار
كل من يرسم على طريقتهم ينشد التجانس البصري وأحلال القيم الضوئية محل
اللمسة معتمدة على تبقيع الألوان.وأنتشر هذا الأسلوب في رسم المناظر
الطبيعية .أما (الوحشية) فجاءت نتيجة تأثر النقاد بلوحات ( ماتيس – ديران
– روو – ماركيه – دونجن) التي عرضت في (القصر الكبير) في باريس سنة
1904.وقد أشتعلت اللوحات بالألوان وتشوهت أشكالها وكأنها صرخات
متوحشة.فأطلق عليها (الوحشية).
ونعتقد ان جميع الرسامين في العالم ,يعرفون كيف وضع (الدادائيون) أسما
لهم ,بتلك الطريقة العبثية العشوائية.عندما عجزوا عن نعتهم بأسم فني
.وعندما راح الرسام المشهور(تزارا) يبحث هو وجماعته كيفما اتفق في صفحات
القاموس ليضعوا أيديهم على أول كلمة تظهر في الصفحة.فكانت DaDa)).لتطلق
عليهم (الدادائيون).وهكذا مع (التكعيبية) التي كانت مفردة تستنكر أعمال
الفنانين (جورج براك – بابلو بيكاسو - ) لأنهم شوهو الأشكال وحولوها الى
(تكعيبات) كما صرح بذلك الناقد الفرنسي المشهور(لويس فوكسيل) وهو ينظر
الى تلك الأعمال في معرض أقيم في باريس سنة 1908.
وعودا على بدء.فأن منفذي تلك الأعمال من الرسامين كما قلنا لم يكونوا
يقصدوا معاني تلك المسميات.والدليل على ذلك ,أن (بيكاسو- و- براك) قد
أعترضوا على تسمية (فوكسيل) للوحاتهم الفنية.وقالوا (4)(عندما ابدعنا
الفن ,لم نكن نفكر في المكعب والتكعيب ,بل كنا نحاول التعبير عما نشعر به
في انفسنا).فضلا عن ان (بيكاسو) هو الرسام الذي لم يثبت على اسلوب أو
اتجاه فني معين .منطلقا من أن فن الرسم فن حر المهم فيه هو التعبير عن
المشاعر وبأي صورة أو شكل أو طريقة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)    المعجم الفلسفي المختصر – موسكو - 1986
(2)    آفاق النقد التشكيلي – عباس الصراف – بغداد – 1979
(3)    الموجز في تأريخ الرسم الحديث – هربرت ريد – دار الشؤون الثقافية –
بغداد – 1989
(4)    آفاق النقد التشكيلي – عباس الصراف – بغداد - 1979


 مضامين وأساليب ومسميات ..في تأريخ فن الرسم