نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

من المسرح الثوري إلى القضية الفلسطينية .. مسرحيون يؤكدون : تطور لغة الخطاب المسرحي الجزائري عزّز وثاقه بالقضية

من المسرح الثوري إلى القضية الفلسطينية .. مسرحيون يؤكدون : تطور لغة الخطاب المسرحي الجزائري عزّز وثاقه بالقضية

 

يؤكد مسرحيون جزائريون وعرب، في هذه الورقة، أن تطور لغة الخطاب في المسرح الجزائري وتحوله من مسرح ثوري مباشر إلى مسرح رمزي يخاطب عقل المتلقي بلغة إيحائية فنية بليغة، وتحقيقه الفرجة الفنية من جهة والنهضة الفكرية من جهة أخرى، زاد من تفاعل المسرح الجزائري مع القضية الفلسطينية بشكل أكثر نضجا، وأعطى لالتزام المسرح الجزائري بفلسطين بعدا أعمق وأبلغ.
الكاتب والناقد السوري هيثم يحيى خواجة : التحدي في كيفية إيصال صوت فلسطين إلى الجماهير عبر الفن
قال الناقد السوري هيثم يحيى: "الأكيد أن التجسير يأتي عبر الفن في كل الأجناس العربية، غير أن هذا التجسير يحتاج إلى وعي وفكر ولست ضد الاختلاف الذي أعتبره ظاهرة صحية لأن الحياة لا تحتمل أن نكون جميعنا صورة طبق الأصل .. دعونا نختلف ونلتقي ونتصارع لنصل لتحقيق أهدافنا، فلا أحد لا يحمل في قلبه حب فلسطين ووجع القضية الفلسطينية". مضيفا في سياق متواصل: "من منا لا يحمل في وجدانه الاحترام والإجلال والتقديس للثورة الجزائرية التي نعتبرها أكبر ثورة في التاريخ المعاصر، ولكن التحدي كيف يمكن أن نناقش القضية الفلسطينية؟، ومن الذي يمكنه أن يوصل صوت فلسطين عبر الفن إلى وجدان الجماهير؟ .. هناك يكون السباق وهنا يكون التميز".
المسرحي أحمد بن عيسى : المسرح الجزائري التزم دائما بالقضايا الإنسانية العادلة
أما المسرحي الجزائري أحمد بن عيسى، فبدوره أكد أن المسرح الجزائري تبنى دائما القضايا الإنسانية العادلة، فقد كان دائما ثوريا حماسيّا، ولو أنه في بداياته تبنى لغة رمزية غير مباشرة بسبب الفترة الاستعمارية، لتتغير فيما بعد لهجة المسرح إلى لغة ثورية مباشرة بعد تأسيس فرقة جبهة التحرير الوطني". كما أشار المتحدث، إلى أن من حيث توجه المسرح إلى إنتاج عدد من الأعمال الثورية التي تبنت عديد القضايا التحررية في الداخل والخارج، كان للمسارح الجهوية بعد الاستقلال دورها المهم في إنتاج أعمال مسرحية في خط ثوري محض. من جهة أخرى وعلى مستوى الاقتباس والترجمة التزم المسرح الجزائري –حسب بن عيسى- بتجسيد نصوص عالمية لكتّاب ثوريين تبنوا القضايا التحررية، أما القضية الفلسطينية فقد كانت دائما في صميم اهتمامات الخشبة الجزائرية من خلال عديد الأعمال على غرار أعمال كاتب ياسين ومسرحية "فلسطين المخدوعة". في هذا السياق يقول ذات المتحدث، إنه لا يمكن أن ننسى شهيد القضية محمد بوديا، الذي قتل على يد "الموصاد" بسبب مواقفه الثورية المساندة لفلسطين.
المسرحي العراقي الدكتور محمد زيد : المسرح الجزائري على غرار الفلسطيني مسرح مقاومة
بدوره أشار الدكتور والمسرحي العراقي محمد زيد، إلى أنه من المتعارف عليه أن ما يربط الجزائر وفلسطين هو المقاومة، كون الجزائر عاشت تحت نير المستعمر مدة 132 سنة، وهو ما جعل المسرح الجزائري ينح نحو الخط الثوري ويمتلك نكهة تقترب كثيرا من المسرح الفلسطيني من حيث إنه مسرح مقاومة، ومازال لحد هذه اللحظة، وأعتقد أن المسرح الجزائري ظل لفترة طويلة يتعامل مع الاستعمار من خلال هذا المنطق وهذا البعد الجمالي غير أن المسرح الجزائر اليوم بعد خمسين سنة من الاستقلال، أصبح ينحو منحى آخر، حيث إن هناك تطور جمالي وفكري وإيديولوجي على مستوى التقنيات الجزائرية التي أصبحت تبتعد شيئا فشيئا عن المباشر، أصبح المسرح الجزائري يستعمل الاستعارة والرمز، بينما يبقى المسرح الفلسطيني الذي يقبع تحت الاحتلال يعتمد الخطاب المباشر لغة له في بعض المسارح، رغم أن هناك مسارح تتعامل مع نصوص عالمية ليس لها علاقة مع القضية مباشرة، حيث تطرح تلك المسارح أفكارها وتتبنى معمارية جمالية للمتفرج.
المخرج المغربي رويبعة إبراهيم : رغم تغير الخطاب إلا أن القضية لازالت في صلب المسرح الجزائري
"المسرح الجزائري الذي هو جزء من المسرح المغاربي تفاعل مع القضية الفلسطينية بشكل كبير منذ البدايات مع "مسرح الهواة"، حيث كانت القضية حاضرة ولا تزال في الأرشيف المسرحي المغاربي الذي لا يخلو من معالجة القضايا العادلة في الوطن العربي، وعليه أظن أن حيز القضية الفلسطينية كبير على الخشبة الجزائرية كما المغاربية، رغم أن شكل الخطاب المسرحي اليوم تغير من الخطاب الحماسي المباشر إلى خطاب رمزي إيحائي يوازي بين خطي الجمالية الفنية والرمزية الفكرية".
الناقد الفلسطيني نادر القنة : علينا إعادة النظر في مفهومنا للالتزام في المسرح
"لابد أن نصحح أولا مفهوم الالتزام في المسرح، هذا المصطلح جاءنا من حقل قانوني وتسلل إلى العلوم الإنسانية وتشابك معها، شخصيا أرى أن هذا المصطلح من الناحية الإيديولوجية تحدث فيه مجموعة من التطورات نتيجة ما تدّخره من علوم، وعليه فالالتزام الذي أعنيه هو الالتزام الإيديولوجي الحزبي. الثورة الجزائرية قدّمت أعمالها الأولى في ظل الحزب الواحد ومن المؤكد أن جبهة التحرير الوطني كحزب سياسي فصائلي أثّر على الإنتاج الأدبي والفني في ذلك الوقت وفق أراء الجبهة، حيث كانت تلك الأعمال خادمة للقضية الجزائرية من نافذة الجبهة، لتأتي بعد الاستقلال فترة إعادة البناء والتي سماها الرئيس هواري بومدين بثورة البناء والتصحيح داخل المجتمع الجزائري، ولكن مع تغير النظام في فترة حكم الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد بدأت الانفتاح على أحزاب وإيديولوجيات أخرى أثّرت على المسرح الجزائري، وهو بالضبط ما يحدث في فلسطين حيث بات المسرح يخدم خط الفصائل والأحزاب ولا يخدم المستقلّين والقضية الفلسطينية في حد ذاتها، وهو ما يمكن أن نسميه بالهيمنة الحزبية وليست الفنية".
وداد لعوج