نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

    حوار مع الشاعر المصري عبدالناصر الجوهري

    س: ما هي بدايتكَ مع الشِّعْر؟
    حكايتي مع الشعر حكاية صُدفة، حيث اكتشفتني مُعلِّمة اللغة العربية آنذاك السيدة هناء أحمد عوض ،عندما كنت في الصف الثاني الإعدادي، قالت لي بالحرف الواحد :" لديك موهبة الشعر"، وسألتني:" هل عندك أحد يرعى موهبتك بالبيت؟"، فكان ردي: " لا يوجد أحدٌ ، أبي رحل لدار البقاء وأمي امرأة أمّية لم  تنتبه لهذا"، فأشفقت عليّ ثم قدمتني بالإذاعة المدرسية، لم أكن أعلم أني لدي موهبة لولا هذه السيدة الفاضلة، هي التي نبَّهتني لهذا، جزاها الله كل خير. وهذا ليس بغريب على مُعلمي اللغة العربية يوزارة التربية والتعليم ، وفي عام 1999 صدقت حدسها و كان ديواني الأول" الشجو يغتال الربيع".
    س: ما هي القصيدة التي كتبتها واكتشفتك من خلالها المُدرسة؟ هل تتذكرها؟
    كانت قصيدة عن " يا أمي يا أمي "، وكتبتها أثناء موضوع التعبير الذي كلفتنا به معلمتي وهو عن الأم  ، وكنت اخترتُ كلمات اختلط بها العامي بالفصحى، وكانت هي البداية. ولازلت محتفظ بهذه القصيدة منذ أن كنت في بالمرحلة الإعدادية  للذكرى، ثم قمت بعد ذلك بتهذيبها، بعد أن ازدادت خبرتي وأدواتي، لأن لها ذكرى غالية في نفسي..
    س: أنت من مدينة دكرنس، وكما هو معروف أنها عاصمة لمركز ريفي، فهل أثرت البيئة التي نشأة بها على تجربتك  الشعرية؟
    لابد أن يتأثر الشاعر بالبيئة المحيطة به، فالإنسان جزءٌ لا يتجزأ من البيئة يتأثر بها وتؤثر فيها، وخير دليل على ذلك كتابتي، وأضرب لك مثال: (كرباجًا خلفكَ يا حوذي)، كذلك (سأصلي خلفكَ يا شيخ الشوارع). فهذه المقاطع ناتجة من تأثري بالحارة المصرية، والبيئة الشعبية التي ترعرعت فيها وانحيازي للبسطاء وهذا واضح جدا في قصائدي مثل( الحمام الزاجل يحتل الأبراج).
    س: ما هي المسابقات الشعرية التي اشتركت بها؟
    هناك الكثير من المسابقات التي اشتركت فيها سواء داخل مصر وخارجها، والحمدلله فزت بالكثير منها وهي عديدة مثل:
    المسابقة الأدبية المركزية لأحسن ديوان فصحى عام 2005 من الهيئة العامة لقصور الثقافة وكان من حُسن حظي أن تم تعييني بالهيئة العامة لقصور الثقافة ،  جائزة مركز سعد زغلول الثقافي (بيت الأمة) للشعر الفصيح ، وكرمنى الدرعمي الدكتور عبداللطيف عبدالحليم ( أبو همام)،
    جائزة جمعية الأدباء بالقاهرة.. في شعر الفصحى وتكريم من الشاعر الكبير/ محمد التهامي
     جائزة النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر أفضل ديوان شعر عام 2016
    وهناك الكثير والكثير من الجوائز، ومن الجوائز التي حصلت عليها على مستوى الوطن العربي
    جائزة نادي تراث الإمارات للشعر الفصيح لعام 2003
     جائزة المربد الأدبية بالأردن على شبكة الإنترنت لعام 2007.
    جائزة أمير الشعراء - الموسم الثاني عام 2008 بدولة الإمارات العربية المتحدة، وتم اختياري من ضمن أفضل 35 شاعرًا بالوطن العربي
    س: كيف تم اختيارك لمسابقة أمير الشعراء لعام 2008؟، وما هي أجواء المنافسة في تلك المسابقة العربية؟ وهل كانت رحلة ناجحة؟
    تم اختياري من بين 7 آلاف شاعر وشاعرة من 22 دولة عربية، عن طريق إرسال مجموعة من قصائدي إلى لجنة المسابقة، فتم ترشيحي للسفر لكي أشارك في منافسات الجولة الأولى، فحزت على إعجاب لجنة التحكيم وبرنامج أمير الشعراء، فتم تصعيدي للجولة الثانية بجدارة للمنافسة من بين أفضل 35 شاعرًا في الوطن العربي للفوز على مسرح شاطئ الراحة بمدينة (أبوظبي) بالإمارات، والحمد لله نلت إعجاب المشاهدين والأدباء بالوطن العربي، وكانت رحلة ناجحة، لأنني كنت اختبر فيها مشروعي الأدبي وهو اهتمامي بالشعر المقروء وليس المسموع، وأعلم أين أنا؟ وأين قدمي بين النخب العربية، كما استفدت أيضا من صداقتي مع بعض الشعراء الذين تعرفت إليهم في هذه المنافسة، أذكر منهم الشاعر الأردني مهند ساري، والشاعر اليمني أمين العقاب، والشاعر الفلسطيني سامح كعوش، أحمدأبو سليم والشاعر الإماراتي سعيد المنصوري، والشاعر الموريتاني آدي ولد آدبا، والشاعر المغربي أحمو الحسن، والشاعر المصري أحمد بخيت والشاعر السعودي محمد يعقوب، ومعبر النهاري، والشاعر السوري حسن إبراهيم الحسن ، والدكتور أديب حسن، وعماد جبار من العراق ، وخالد الوغلاني من تونس وغيرهم كثيرين تعرفت إليهم واستفدت من تجاربهم الإنسانية والشعرية.. ولازالت أتذكر كلمات الدكتور عبدالملك مرتاض الجزائري التي قالها لي بأمير الشعراء: "يا عبدالناصر.. شعرك ليس منبريًّا ولا خطابيًّا وقصائدك تعج بالشاعرية المفرطة وتنعدم منها الجماهرية " فتأكدت من شاعريتي المكتوبة وليست المسموعة..
    س: كيف ولماذا تم فصلك من الهيئة العامة لقصور الثقافة التابعة لوزارة الثقافة؟
    علمت بقرار فصلي من الهيئة من بعض الأصدقاء في مصر عندما كنت أشارك في برنامج أمير الشعراء بالإمارات، وكنت على وشك الانسحاب من المسابقة لولا تدخل بعض الشعراء والأصدقاء العرب، لأني كنت أمثل مصر ولا يجب أن انسحب فأنا أمثل الوطن الغالي، ولا أمثل نفسي، ورغم ذلك تألقت في هذه المسابقة وأبليت بلاءً حسناً، والحمد لله لولا تدخل الدكتور/ أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة الذي أصدر قراراً بعودتي للعمل، واعتبار أيام اشتراكي في المسابقة إجازة بدون مرتب، فتحية لهذا الرجل الوطني دكتور/ أحمد مجاهد.. وأسامح من حاول فصلي ؛لأن التاريخ سيقتص منه
    كما لا أنسى وقوف الأدباء بجواري كالشاعر الكبير/ سعد عبدالرحمن مسئول الثقافة العامة بهيئة قصور الثقافة، ولا أنسى أيضا الأديب الكبير محمد السيد عيد الذي دعمني كثيراً حتى أكون موظفًا بين حنايا هذه الهيئة.
    س: ننتقل الآن إلى الإصدارات ، فما هي وكم عدد دواوينك الشعرية؟
    أول ديوان صدر لي كان (الشجو يغتال الربيع) عام 1999- نشر خاص، ثم الديوان الثاني (حّباتٌ من دموع القمر)، فالثالث مسرحية شعرية بعنوان (الشمس تلملم أسمالها) وهو الإصدار الوحيد الذي أصدرته لي الوزارة، أما الديوان الرابع (لا عليكِ)، الديوان الخامس (المهرجُ لا يستطيع الضحك)، الديوان السادس (لمن تُهدرين شجوني؟)، الديوان السابع (مكلومٌ هدَّه الشوق)، الديوان الثامن (ماذا الآن أُسميكِ؟)، أما الإصدار التاسع فهي مسرحية (في الواق واق) عام 2009، ثم (دعوي لم ترفعْ بعدُ )– يناير 2015 – مجموعة شعرية ،ثم (علي باب المليحة) – يناير 2016 – مجموعة شعرية ثم (حديث البراءة )– يناير 2016 ،  مجموعة شعرية ثم صدر لي عن الهيئة العامة المصرية للكتاب : (موءودةٌ لا تُجيدُ الصُّراخ) - 2017 - مجموعة شعر، ثم ( أعدكِ ألا أحبكِ) - 2016 - مجموعة شعرية ثم  (برزخٌ يليق بالعشق) - 2016 - مجموعة شعرية،   ( صرخةٌ لا تجف ) –  يناير 2015 – مجموعة شعرية،(من وريقات الحنين ) -  2020- مجموعة شعرية.  
    س: متى أصبحت عضوا في اتحاد كُتّاب مصر؟
    أصبحت عضواً باتحاد كُتّاب مصر عام 2002، كما أنني صرت الآن عضوا في أتيليه القاهرة ،ثم جمعية الأدباء بالقاهرة، وعضوًا باتحاد كُتاب الإنترنت العرب بالأردن، وعضوا برابطة الأدب الإسلامي العالمية، ،.
    س: ما هو أثر الوالدين في الشاعر والإنسان عبدالناصر الجوهري؟
    بالنسبة لأبي ما يزال في ذاكرتي هذا الإنسان الطيب الجميل، الذي اصطدم بمملكة الغيلان، فتعلمت منه الطيبة ولكن طيبتي ليست استسلام، وأيضا تأجيل اصطدامي مع الغيلان والالتفاف من حولهم، وأتحمل مسئوليات أسرتي ولا أضيع من أعول وأن احترس من الأقرباء قبل الغرباء، هكذا تعلمت من الماضي الذي تركه أبي في ذاكرتي، هذا الماضي ظل يطاردني أعواما كثيرة، رحم الله أبي، لم تشفع له طيبته مع الآخرين..
    أما أمي هذه الإنسانة الريفية الجميلة هي علمتني كيف أحب الآخرين وأن أعافر في الحياة وان أهرب إلى الإمام وليس للخلف وأن انتصر لها على طريقتي الخاصة، انتصاراً أدبياً، فكثيراً من كتاباتي أهديها لتلك المرأة التي تحملت عناء الشقاء،  مثل (حمالة القش) ،  (دون غيري برحلكِ أوصيتني )، فلم أشعر في رحابها باليتم أو الفقد، فلولاها ما استمر مشروعي الأدبي، فقد خففت عني كثيراً وأنقذتني كثيراً من أعباء الحياة، رحم الله والدي وأسكنهم الله فسيح جناته.
    س: ما هي جذور شاعرنا عبدالناصر الجوهري؟
    بالنسبة لجذوري من ناحية الوالد، فقد رحل الجد الأكبر من الشام إلى مدينة "السرو" بمحافظة دمياط ثم انتقل إلى مدينة دكرنس بمحافظة الدقهلية؛ ثم التقى والدي بفتاة ريفية تتسم على ملامحها تباشير الفطرة، هي أمي الريفية الآتية من قرية "شها" الحبيبة، والتقى الحبيبان، وكنت أنا الابن الثالث لأبوي؛ وأنا من مواليد برج الأسد (شهر يوليو بالتحديد 28 يوليو) فقد ولدت بعد وفاة الزعيم الراحل جمال عندالناصر بأشهر بسيطة عام 1970.
    س: ما هي الأمور التي تعجبك شاعرنا في المشهد الأدبي المصري؟
    يعجبني وطنية فؤاد حجازي، أستاذ أدب الحرب؛ ويعجبني التوازن الذي يخلقه الأديب الكبير محمد السيد عيد بين المؤسسة الأدبية الثقافية والأدباء؛ ويعجبني تواضع الدكتور/ أحمد مجاهد ودعمه للإبداع وللشعراء الشباب، ويعجبني إنسانية وعطاء الشاعر/ رفعت المرصفي، وثقافة واستلهام للتراث  للكاتب المسرحي محمد عبدالحافظ ، ويعجبني إخلاص النقاد والشعراء أمثال: أحمد فضل شبلول، عبدالمنعم عواد يوسف، الدكتور/ شريف الجيار، الدكتور/ محمد زيدان، الدكتور/ أيمن تعيلب، الناقد/ صبري عبدالله قنديل، الدكتور/ فوزي خضر، أحمد سامي خاطر، الدكتور/ محمود نسيم، والصحفي الكبير/ حزين عمر، والمذيع/ عبدالله يسري، والمذيع/ محمود شرف، والصحفي/  محم والأديب الكبير/ خيري شلبي.
    ويعجبني كذلك الحب والتواصل الإنساني من الشاعر/ أحمد عبدالمعطي حجازي، ويعجبني شموخ الشاعر أحمد سويلم، والله أخشى أن أنسى أحداً، لأنني صنيعة هؤلاء وغيرهم من الكثير من أصدقائي خارج المشهد الأدبي، فلهم مني كل الحب والتقدير.
    س: الآن وبعد أن عرفنا ما الذي يعجبك في المشهد الأدبي، جاء الدور على ما الذي لا يعجبك فيه؟
    لا يعجبني في الساحة الأدبية الشللية وسيطرت بعض أنصاف المواهب، وتلك الطائفية الأدبية بين قصيدة النثر والشعر العمودي الأصيل، وتلك الطائفية الأدبية بين الشعر العامي والشعر الفصيح؛ وتلك الصراعات الموجودة في نوادي الأدب والتي لا مبرر لها، وهذه الأنا المتضخمة لدى بعض الأدباء.
    ويغضبني خدمة الجماعة للفرد، وأتمنى أن يصبح الفرد في خدمة الجماعة، والتركيز فقط على الإصلاح الثقافي والعمل على تثبيته، لأن الصورة غير جيدة، كما أنه يغضبني إصرار معول الهدم على الإطاحة بإنجازات المبدعين، والتربص بقوافلهم المبدعة، فأتمنى أن يكف هذا المعول عن الهدم، وأن يكون في خدمة البناء.. والغريب أني أصبحت كالرحالة.. انتقل في وظيفتي من مكان لآخر.. حتى لا اصطدام بهم.. مستخدما أسلوب الكر والفر.. ربنا يهديهم.
    س: ما هي الصعوبات التي تقابلك في الوقت الحاضر المشهد الأدبي؟
    أول عائق يزعجني هو شبح النشر الذي يطاردني كثيراً، فإني أطبع على نفقتي الخاصة في سلسلة أدب الجماهير في مصر التي يشرف عليها الأديب الكبير/ فؤاد حجازي. فإلى متى سأظل أطبع على نفقتي الخاصة؟ فهل السلاسل الأدبية في المؤسسات الثقافية لدينا حكراً على جوقة بعينها، فأعتقد أن هذه طامة كبرى، أما دور النشر في مصر متورطة أيضاً في الطبع والنشر فقط للأسماء اللامعة ولم ينتبهوا للجيل الثاني القادم من الشعراء المبدعين في مصر، ونسوا رسالتهم لدعم المبدع المصري الشاب!؛ ولا أخفيك سراً أن هناك أيدي خفية تعبث في الساحة الأدبية.
    س: عبدالناصر الجوهري موظفاً، هل ترى نفسك سعيداً بهذه الوظيفة؟
    بعد تجربة فصلي عندما كنت أشارك بمسابقة أمير الشعراء، لم أعد سعيداً بهذه الوظيفة، فأنا أخشى على نفسي وعلى إبداعي اليوم أكثر من الأمس، فأنا الآن تحت رحمة كلاليبهم وأنا بين شقي الرحى، الشللية من ناحية وكوني موظفاً تطارده شعراء السلطة، لكن رسالتي البسيطة إلى رَّبة الشعر فأقول لها أنقذي عبدالناصر الجوهري، وإلا سوف أعشقك أكثر فأكثر.
    س: كيف يرى الشاعر عبدالناصر الجوهري القضية الفلسطينية؟ وهل تناولتها في كتاباتك؟
    هي قضية مركزية ليست قاصرة على الصراع العربي الصهيوني فقط، ولكن أيضا يتأثر بها الشرق الأوسط والعالم كله، واعتقد أن هناك معسكرين هما الممانعة (مقاومة) والآخر المعتدلون (المطبعيون)، واعتقد أيضا أنه يوجد صراع عربي-عربي يؤثر بالطبع على مسار القضية الفلسطينية حيث أن الفصائل الفلسطينية نفسها منقسمة في هذين المعسكرين. فتحول الصراع من صراع فلسطيني-صهيوني إلى صراع فلسطيني-فلسطيني، دولة في الضفة ودولة في غزة، وأتمنى أن ينمحي هذا المشهد القاتم وان يعود جسر التواصل مرة أخرى بينها للتصدي لهذا العدو الغادر. أما في كتاباتي فأنا انحاز لتلك القضية المركزية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.. إلى جانب الرومانسي والذاتي في أشعاري؛ ومن قصائدي السياسية الشهيرة (ممر في جدار الاغتراب) و (لا حرة تزني) وغيرها التي تثبت انتمائي العروبي والقومي.
    س: ماذا تمثل الأنثى في عالم عبدالناصر الجوهري؟
    الأنثى كائن رقيق يعشق الكلمات المعسولة، ولكن أحذر من إغضابها فهي تصير كالقنبلة الموقوتة، فإنها في قصائدي هي القمر والحب والحرية التي أبحث عنها، ولكن خلية النحل لا تأخذ عسلها إلا بعد وخذات عديدة.. وقد أهاجمها في شعري أحيانا.. من أجل العودة لحيائها؛ مثل قولي في إحدى قصائدي (عودي إلى مهج البراءة يا هبة)
    س: بماذا تنصح البراعم والشعراء؟
    للشعر شروط أولاً: الطبع (الموهبة)، ثانياً: الدراسة وتحصيل الأدوات، ثالثاً: الدربة، أي المشي على درب المخضرمين من الشعراء، رابعاً: المعرفة، معرفة شيء عن كل شيء، خامساً: الذكاء، فهل كان المتنبي يعيش وحدة؟، مؤكد كان حوله مئات من الشعراء ولكنه بذكائه وابتكاره الشعري نجح في أن يتميز ويتفرد، سادساً: الاستمرارية، سابعاً: كل هذا يؤدي إلى النضج الفني، العنصر الحاسم في معادلة الإبداع.
    س : بماذا تشعر الآن؟
    أشعر بالغربة في وطني، لأن الغربة نتاج سلبية الوظيفة التي أراها أمامي ولا أستطيع تغيريها وشللية المشهد الأدبي التي تحاصرني، وصراخ البسطاء من حولي وعدم وجود الحوار بيننا وبين بعضنا البعض، وأخشى أن يقتل بعضنا البعض من أجل لقمة العيش يوم ما في وادي الدلتا الضيق.
    س: لماذا قدم الشاعر عبدالناصر الجوهري استقالته من نادي أدب قصر ثقافة المنصورة؟!
    كان تواجدي بنادي أدب المنصورة بشروط ضمنيه بيني وبين نفسي، وهي احتواء جميع الأطياف الفكرية والأدبية ومحاولة تجميد رصيد الشللية ومساعدة البراعم والمواهب، ولكن قد نفذ صبري ولم أعد احتمل أيضا تدخل المؤسسة في إقصاء الأدباء والشعراء في المؤتمرات وحرمانهم من النشر وطباعة إصداراتهم لأسباب واهية. لقد قدمت استقالتي عدة مرات، ولكن هذه المرة لا رجعة فيها مع اعتذاري للجمعية العمومية بالنادي التي أعطتني غالبية الأصوات في انتخابات النادي عام 2008.
    س: سؤال أخير لشاعرنا الكبير، هل تعتقد أنك آخر أجيال المبدعين لمدينتك؟
    مدينة دكرنس بمحافظة الدقهلية  ليست بعاقر فقد أنجبت في مجال العلم د. أحمد مستجير و د. حسن أبوالعنين؛ وفي مجال الموسيقى الفنان والملحن/ أحمد الشابوري؛ وفي مجال التمثيل المثل/ جلال معوض الهجرسي؛ وفي مجال الدعوة فضيلة الشيخ/ محمد حسان؛ وفي مجال الرياضة الكابتن/ نادر السيد؛ ومجال الجمعيات الأهلية الحاجة نعم الباز ونجاح الباز؛ وفي مجال الشعر الإعلامي/ جمال الشاعر، والشاعر والناقد د. يسري العزب؛  والدكتور محمد أحمد العزب ، وعاشق اللغة فخري محمد صالح وفي مجال المسرح الناقد المسرحي د. رضا غالب، والدكتور عبداللطيف الشيتي ، والفن التشكيلي الفنان يوسف حماد ، نبيل مرجان وذلك على سبيل المثال لا الحصر. واعتقد أنني أمثل الجيل الجديد الذي يحاول الخروج من النفق.. وأتمنى أن يحاول آخرون مثلي البحث عن مكانة لهم في مصر والوطن العربي.

    حوار مع الكاتبة والشاعرة نارين عمر / صديقة عثمان

    نارين عمر
    الشاعرة نارين عمر من مواليد مدينة ديرك خريجة ، قسم الّلغة العربيّة من كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة في العاصمة "دمشق"، مع مثابرتها في
    الدراسة أهتمت بهوايتها بكتابة الشعر وقراءته والمطالعة لديها العديد من المؤلفات الشعرية المخطوطة، وكان لموقعنا الموقر هذا اللقاء معها:
    - كيف اكتشفت نارين عمر مواهبها؟
    منذ صغري بدأتُ ألاحظ توجّهي نحو المطالعة والكتابة، بالإضافة إلى الاستماع إلى الموسيقا
    والأغاني، وربّما لهذا السّبب بدأتُ بنظم الشّعر الغنائيّ وما أزال أهتم

      - ما هي مؤلفاتك و أهم إصداراتك ودواوينك الشعرية؟
    حتى الآن نشرتُ مجموعتين شعريّتين إحداهما بالكرديّة بعنوان "perîxana min" والأخرى بالعربيّة بعنوان "حيث الصّمت يحتضر"، ونشرتها في عام 2008م يتجاوز عدد مؤلّفاتي المخطوطة والجاهزة للطّبع والنّشر أكثر من عشرين مؤلفاً:
    ثلاث روايات بالعربيّة "الهروب إلى الحياة، وبوح الذّاكرة في رئة الواقع، قبل الهجرة بخطوة"، وروايتان بالكرديّة:
    Koçberiya bê nav""Henasên bîranînê, û "
    أكثر من ست مجموعات شعريّة، شعر نثري وموزون مجموعتان قصصيّتان باللّغة الكرديّة وثلاث مجموعات بالعربيّة.
    دراسة حول ظاهرة العنوسة والأخرى عن جرائم الشّرف، ودراسة عن تاريخ المرأة الكورديّة ماضياً وحاضراً، كما أحضرت مجموعتين شّعريّتين ومجموعتين قصصيّتين للأطفال والصّغار بالكرديّة والعربيّة أيضاّ، وقد نشرت بعضاً منها في مجلات ومواقع مختلفة.
    و كتاب عن الفنّانات الكرديّات منذ القرن الثّامن عشر وحتى وقتنا الحالي وكتاب عن الفنّانين الكورد الرّجال.
    كتاب عن الأغاني الخاصة بالعروسين في الفلكلور الكرديّ.
    كنتُ سأبدأ بطبع ونشر العديد منها ولكنّ الظّروف التي مرّ بها شعبنا ووطننا خلال السّنوات الماضية جعلتني أؤجّل هذا الموضوع.

    - هل كان لك اشعار تم غنائها؟؟
    نعم، منذ انشغالي بالكتابة شدّني الشّعر الغنائيّ ربّما لحبّي الشّديد للموسيقا والغناء الذي اكتسبته من عائلتي المحبّة لهما حبّاً لا يوصف أو من عائلتي الكرديّة الكبيرة التي يشهد لها العالم بحبّها للغناء والدّبكة، أو لأنّ الأحبّة من شعبي دفعوني إلى ذلك حين طلبوا مني كتابة كلمات أغانٍ لنوروز ولمناسبات قوميّة أخرى أو لأنّ هذه الأسباب وغيرها مجتمعة دفعتني إلى ذلك. الفنّانون والمغنّون الذين كتبت لهم هم معظم فنّاني ومغنيّي ديركا حمكو:
     جمال سعدون، آزاد فقه، روني جزراوي، جوان صبري، رضوان جزيري، كمال عبد الكريم، فوزي علي، مروان شرو، بهزاد قمر، شاهين شان، بالإضافة إلى الفنّان دلو دوغان والفنّانة هيفي مراد والفنّان هڤال قامشلوكي، وكان هناك تعاون بيني وبين الفنّان الرّاحل عادل حزني ولكنّ الموت حال دون ذلك.
    وأوّل من غنّى من أشعاري هو بربند سمي في عام 1995م

    - ما هي النشاطات التي تم نشرها لك في صحف ومجلات عربية ودولية، أو التي قمت بها في الوطن وخارج الوطن؟
    شاركت في ندوات ثقافيّة "اجتماعيّة وسياسيّة وفكريّة وأدبيّة" في جميع مناطقنا الكرديّة "ديرك ونواحيها وقراها، كركي لكي، تربسبيه، قامشلو، عامودا، دربيسية، سري كانيه، الحسكة"، بالإضافة إلى ندوات في دمشق وحلب وغيرها.
    شاركت مرّتين في مهرجانات كردستان الجنوبيّة في عام 2012 في ملتقى إعلاميّي باشور وروژآڤا
    وفي عام 2014 من خلال الاحتفال بتأبين الشّاعر الكبير عمر لعلي من قبل وزارة الثّقافة في إقليم كردستان
    وبعدها أقامت لنا رابطة كتّاب كوردستان مهرجاناً شعريّاً في دهوك، وتوجّهت إليّ الدّعوة لحضور مهرجان "سيداي جگرخوين" في عام 2008 لكنّني لم أتمكّن من الحضور لأسباب أمنيّة، وكذلك لم أتمكّن من حضور مؤتمرات ومهرجانات أخرى في الأردن وغيرها لأسباب مختلفة.
    أكتب وأنشر في مختلف المجلات والصحف والمواقع الكرديّة والعربيّة.
    كما كتبتُ ونشرتُ وما أزال في جرائد ومجلات معظم الأحزاب الكرديّة.

    - ماهي الجوائز التي حصلت عليها ؟
    على الرّغم من أنّني أعتبر محبّة شعبي ومجتمعي لي من أكبر وأفضل الجوائز، فإنّني تشرّفت بهذه الجوائز وشهادات التّقدير التي حصلت عليها:
    - جائزة الشّاعر تيريج Seydayê Tîrêj.
    - جائزة من الحزب الدّيمقراطيّ الكرديّ في سوريا الپارتي.
    - جائزة منظّمة المرأة في حزب الوحدة الدّيمقراطيّ الكرديّ في سوريا.
    - جائزة العلّامة والشّاعر ملا أحمد پالو من قبل رابطة الكتّاب والصّحفييّن الكرد في سوريا.
    - جائزة اتحاد نساء كردستان سوريا.
    - شهادة تقدير من فرقة ديرك الموسيقيّة بقيادة الفنّان جوان صبري.
    - وسام أفضل كاتبة لعام 2009 من موقع دلجان الالكتروني.
    - الجائزة الثّالثة للقصّة القصيرة من دار الأدباء الثّقافيّة بإدارة الشّيخة خلدية آل خليفة.
    - مجسّم للشّاعر جكرخوين من منظّمة المرأة بالحسكة في حزب الوحدة الكرديّ.
    - جائزة مهرجان الشّعر الكرديّ التّاسع عشر الذي أقيم في قامشلو في عام 2014 بالإضافة إلى كوني كنتُ من بين أفضل الكتّاب على مستوى العالم من قبل لجنة تحكيم شعبة الكتّاب والأدباء في منتدى الصّحافة العالميّة لعام 2009 م كما وتمّ التّنويه إلى العديد من أعمالي الأدبيّة المشاركة في مسابقات وجوائز عربيّة وعالميّة.

    - ما رأيك ونظرتك للاستفتاء وهل لك طريقة معينة احتفلت به؟
    أعتبرُ الاستفتاء الحدث الأبرز والأهمّ لنا كشعب وأمّة خلال هذه الفترة الهامّة جدّاً في تاريخنا، وعلينا جميعاً أن نقف إلى جانب إخوتنا في جنوبيّ كردستان، وندعمهم بكل الوسائل
    والإمكانيّات. كتبتُ فيه بعض المقالات، لكنّني أحببتُ أن أعبّر عن موضوع الاستفتاء بشكل آخر أكثر تميّزاً من خلال الّلحن والموسيقا حيث شاركتُ في كتابة كلمات أغنية للفنّان الرّائع "جوان صبري"، وقد حوّلها إلى ڤيديو كليب تذاع في مختلف الفضائيّات والإذاعات الكرديّة، بالإضافة إلى كتابتي لكلمات أغنية سيغنّيها الفنّان المتألق "هڤال قامشلوكي" سوف تذاع بعد أيّام، وكتبت كلمات أغنية للفنّان الأصيل "رضوان جزيري" سيذيعها خلال اليومين القادمين وكلّها عن الاستفتاء والاستقلال.

    تى يكون الشاعر قريباً إلى قلوب الناس؟
    في كلّ مناسبة أذكر، وأؤكّد على أنّه إذا أراد أيّ شاعر أو كاتب أو سياسيّ أن يكون قريباً من النّاس ومحبوباً لديهم عليه أن يتحلّى بـ"التّواضع" كلّما كان متواضعاً، سخيّ التّواصل معهم، مشاركاً لهم في أفراحهم وأحزانهم كان قريباً إلى قلبهم، بالإضافة إلى الصّدق والأمانة في كلّ ما يكتبه، وينشره، لأنّ الشّعر النّابع من وجدان وفكر وقلب الشّاعر بصدق وتفان يلج قلب ونفس القارئ بصدق وأريحيّة وسلاسة، بهذه المزايا والصّفات يستطيع الشّاعر أن يكون متفاعلاً مع قضايا شعبه ومجتمعه وقريباً إلى نفسهم.

    -ما رأيك بالشعر الكوردي، وهل أخذ مكانته بين الأوساط الثقافية؟
    الشّعر الكرديّ موجود، ويتميّز بكلّ مقاييس الشّعر، ولدينا شعراء كرد متميّزين وجيّدين، ولكنّني أرى سبب عدم انتشاره بالشكل المطلوب كامناً في قلّة عدد المهتمين بالشّعر والشّعراء وعدم الاهتمام الكافي بهم من الجهات المسؤولة على الرّغم من أنّنا استبشرنا خيراً خلال السّنوات الأخيرة بتوجّه شرائح من مجتمعنا الكرديّ إلى تعلّم لغتنا الكرديّة، لكنّهم ما يزالون يجدون الرّاحة والمتعة في الكتابة والقراءة بالّلغات الأخرى لكنّني متفائلة بالجيل القادم الذي سيولي الاهتمام الكافي بلغتنا وأدبنا.

    -هل كان لك اي نشاط أو مشاركة في المجلس الوطني الكوردي؟
    نعم، شاركتُ في المجلس الوطنيّ الكرديّ في سوريا، محليّة ديرك ممثّلة عن "الاتحاد النّسائيّ الكرديّ في سوريا" الذي أسّسْتُه مع مجموعة من نساء ديرك وتمّ الدّعوة لتأسيس الاتحاد بمبادرة شخصيّة منّي في عام 2012 م، وكنت أوّل امرأة من ديرك تشارك في المجلس.

    - كيف تجدين تأثير الفن في المجتمع الكوردي؟
    الفنّ الكرديّ عامل أساسيّ وهامّ من العوامل التي حافظت على تراثنا وثقافتنا وحضارتنا، وهو فنّ راق ورائع بكلّ أجناسه وأنواعه، ولكن مع الأسف لا يوجد اهتمام كاف به وبالفنانين باستثناء عدد قليل من الفنّانين الذين أخذوا حصّتهم وحصّة غيرهم، وندائي دائماً لوسائل إعلامنا المختلفة والفضائيّات الكرديّة الكثيرة أن يهتموا بالفنّ والفنّانين.
    ربّما لهذا السّبب ومنذ سنوات طويلة أكتبُ عن الفنانين والفنانات عبر حلقات متسلسلة بالكرديّة والعربيّة، أنشرها في مختلف المواقع والصّحف والمجلات.
    - هل المجتمع الكوردي يهمل المثقفين والشعراء الكورد؟
    مع الأسف شعبنا الكرديّ كغيره من شعوب الشّرق لا يلتفت إلى مبدعيه إلا بعد رحيلهم، حيث يمجّدونهم، ويعظّمون شأنهم، ويتسابقون على الحديث عنهم.
    صحيح أنّ بعض الشّعراء والمثقفين أخذوا مكانتهم ولكنّ البعض الكثير منهم ظُلِموا.
    نتمنّى من الجهات المعنيّة الاهتمام والرّعاية.

    - قلت أنه على المراة الكردية أن تنسى أنانيتها، هل من الممكن توضيح هذه النقطة ؟
    نعم، قلتها، وأقولها على الدّوام.
    بعد عام 2011 ظهرت على السّاحة الكرديّة العامّة منظّمات وتنظيمات نسائيّة عديدة ولكنّ روح الانقسام والانشقاق دبّ فيها بسبب أنانيّة بعضهنّ ممّن انتسبن إليها لأسباب شخصيّة أو عائليّة أو عشائريّة، وبدأن يعملن بأنانيّة مفرطة، ما جعل وضعنا كنساء يتراجع كثيراً، لذلك المرأة النّاشطة في أيّ مجال كان عليها أن تعمل بروح جماعيّة وبنيّة صادقة.
    قبل عام 2011م كان عدد النساء النّاشطات والكاتبات لا يتجاوز أصابع اليدين، وقد قاومت تلك النّسوة الظّروف الصّعبة التي عشنها إلى أن تمكنّ من بناء ذاتهنّ عبر سنوات طويلة من النضال والعمل، أمّا امرأة اليوم فتريد أن تحصل على كلّ شيء دفعة واحدة وبوسائل عدّة.
    على المرأة الكرديّة أن تعمل بإخلاص وتفان، وأن تضع مصلحتها الشّخصيّة وأنانيّتها جانباً عندها ستحقّق كلّ ما تسعى إليه، ولكن هذا لا ينفي أنّ هناك نساء وفتيات أثبتن جدارتهنّ، وأوجّه إليهنّ كلّ التّحيّة والسّلام.
    لأنّني أعرف إمكانيّات المرأة الكرديّة جيّداً، إذا تمكّنت من توظيفها كلّها في خدمة قضيّتها وقضيّة شعبها ومجتمعها ستعطي أفضل النّتائج، فمستوى أعمالها ونشاطاتها هو الذي سيقدّم لها المكانة والشّأن بين شعبها وناسها، وألا تتسلّق السّلم دفعة واحدة

    لقاء مع الفنانة الموسيقية السورية لمى عرنوق / آمنة وناس


      
    السلام عليكم
    وعليكم السلام بكل ما يحمل من محبة
    مازلت أجالس عميق الصمت في خلوة الإحساس، عندما تسلّل لمسامعي هدوء حامل في جيبه السفر، أنتبه، لأستطعم عزفه، فيحملاني جناحي ابتسامة لأحلّق إلى هناك، بين كلمة، أنفاس و وتر، أمضي دونما البحث عن الاتجاه، مع ذاك النغم، مع ذات من عمق ظهر و استتر، أسأل عنها التقاسيم، فتترجل عن ظهر الحنين و تسمعني عشقها المعلن و الدفين، للحن نرحل معه دون الحاجة للسنين، إلى الحرية، إلى روحها المشبّعة بعبق الياسمين. هي التي عاطفتها تأخذنا إلى ذاك الانطلاق، رحلة الفن و الانعتاق، إلى الذاكرة بين الجرح و الالتآم، بين المحبة و السلام، بين الموسيقى و الفنانة الموسيقية السورية لمى عرنوق.
    مرحبا بك سيدتي
    شكرا للمحبة التي تجلت بين أحرف كلماتك، شكرا لاختيارك الحوار معي. الترحيب يليق بجمال روحك أيضا.
    س "الموسيقى محبة واهتمام"، أين نجد "لمى عرنوق" بين الموسيقى و المحبة؟
    ج عندما تحبين تهتمين بمن تحبين، والموسيقى من أغلى ما أملك فهي موهبة متأصلة منذ الطفولة، هي نعمة الله في روحي لذلك وجب علي الاهتمام بها.
    س كيف تتجسّد ملامح هذا الاهتمام؟
    ج حاولت ومازلت أحاول تطوير ذاتي، بزيادة المعرفة والاستفادة ممن حولي من أهل الاختصاص والثقة قدر الإمكان وبقدر ما تسمح لي الظروف.
    س إذا ما أخذنا برأي الملحن الألماني "لودفيغ فان بيتهوفن" بأنه "من عمل بيده فهو عامل، من عمل بيده و عقله فهو صانع، و من عمل بيده و عقله و قلبه فهو فنان"، بين العاملة، الصانعة و الفنانة، أين تترجّل "لمى عرنوق"؟
    ج أترجل في حقل الرضا عن الذات المتواضعة فيما وصلت إليه، لأنني من مواد خام صنعت كورال المحبة بطرطوس، ومن عقل وجد في بيئة مريحة تثقف ومازال يبحث عن التطور والحضارة وحب الحياة، إلى الفن الذي ولد مع أول صرخة لي والذي أبذل فيه كل جهد لأتقدم وأترك بصمة حب ورقي.
    س بروح المحبة أسست الفنانة "لمى عرنوق" كورال المحبة"، ما العلاقة الروحية الوجدانية التي تربطها به؟
    ج هو كالولد بالنسبة لي، قطعة من الروح والجسد والعقل، به وضعت كل الحب والإخلاص، ومنه أخذت كل الود والوفاء، لم يخذلني يوما، أفراده جزء من تفكيري اليومي، وأنا لهم كأم حنون تضمهم بجناحي الاهتمام والمحبة الخالصة.
    س أي الركائب تستقلّ الإنسانة "لمى عرنوق" كي تمكن وجدانها من الغوص في أعماق الموسيقى و نيل إشباع الذات؟
    ج القناعة بالعمل، والطموح للأفضل دائما، هما يجعلاني أعمل بكامل قواي لتحقيق اللحظة، طموحي لا يتوقف، وذاتي لا تشبع، لأنها إن شبعت سأظل أراوح في مكاني، سأظل أغوص في الأعماق لأكتشف، كما يغوص الغطاس في البحر بحثا عن اللؤلؤ...
    س حسب رأي الكاتب و الفيلسوف الفرنسي "فولتير" بأن "كل فن يحمل نورا إلى الآخر"، إلى أي يقودك نور الموسيقى؟
    ج هي استنارة للعقل والروح، تأخذني معها إلى اللانهاية، أنسى بقربها كل شيء إلا هي، تحلق بي في عالم الإحساس والرقي، أنقلها كالعدوى للآخر، فيها كل المحبة وكل تهذيب للنفس، هي التي لا تشبه أي شيء.
    س هل عمقك هذا يصل بنا إلى الاقتناع بعناقك الايجابي مع رؤية الكاتب الانجليزي "ألدوس هكسلي" حيث يعتقد أن " الموسيقى أقدر وسيلة للتعبير عما لا يمكن التعبير عنه بعد الصمت"؟
    ج طبعا... هي التي تناجينا بكل ما تملك من صدق، هي التي تشعرنا بأنها حاضرة وبقوة في أفراحنا وأحزاننا، هي التي تقول ما لا يقال، وتصف ما لا يوصف.
    س بماذا تجيب الفنانة "لمى عرنوق" الروائي الجزائري "واسيني الأعرج" في سؤاله الاستنكاري "هل يوجد غير الموسيقى من يعطينا شهوة الحلم و الذهاب بعيدا في حنيننا"؟
    ج شهوة الحلم يحققها الطموح والإرادة، والحنين هو تلك الذاكرة الممتلئة التي جبلت بأعلى درجات المشاعر و الأكثرها تأثيراً، والموسيقى هي التي توصلنا إلى نشوة الحلم، وتأخذنا إلى جميع المحطات لنمر بها مشبعين أرواحنا وأحاسيسنا، هي الدواء لكل داء.
    س عندما تغيب في أرواحنا نسمات النغم، أين يحملنا ذاك الحلم؟
    ج سيحملنا إلى أرض خصبة تكون ألوانها غذاء للروح، وتفتح أزهارها تفتحا للعقل، لأنه سيكون فيها كل النقاء والانصهار من حيث لا ندري، هي كالسحر.
    س "أنا أحب صوتي اشعر بدفئه.... بالإحساس بالكلمة واللحن.... وفيه نفحة حنان أحبها"، عاطفة "لمى عنوق" بين الإنسانة و الفنانة نحو كم من إحساس تحلق؟
    ج لا حدود لما أحس به، الكلمة واللحن هما كربان السفينة يقودان صوتي ليصل إلى شاطئ الأمان، وأمامهما أذوب بكل جوارحي لأنصهر بهما ونكون معا كتلة مشاعر تفيض صدقا.
    س الموسيقى برفقة البحر و ساعات الغروب، كيف يحضنون إحساس الإنسانة "لمى عرنوق"؟
    ج كم سأخبرك عن البحر، وسحر الموسيقى برفقته، ولحظة الغروب التي تبشر بقدوم نهار آخر، إنها لحظات تمر كالحلم ولكنها حقيقية، هي الجنة التي سكنت الأرض، وهو ربي الذي أسبحه وأمجده لما خلق من جمال.
    س "أتفائل بالليل والغروب لأنهما ينبئان بقدوم يوم أخر"، الغد بين أحضان الإنسانة "لمى عرنوق"، ما هي ملامحه من منطلق يوم عشق الوجع بتفاني؟
    ج أنتظره بكل ما ملكت من تفاؤل وقوة لأنني عشقت الأمل وعشقت الحياة. الألم لا أحمله معي، أحاول ترك رحاله في مكانه ولا أسمح له بالتأثير على غدي، وإن كان له أثر أسعى بكامل إيماني لإزالته.
    س يقول الكاتب و الصحفي السوري "الياس جرجوس" "الأمل مشروع طويل يبدأ بخطوة نحو الأمام"، فحسب رأيك، ماذا تتطلب هذه الخطوة حتى تكون؟
    ج الإيمان بها والقناعة الكاملة بأهدافها والإصرار على تحقيقها.
    س "أنا لا أحب أن أعيش على هامش الحياة"، "لمى عرنوق" في صحبة الحياة، إلى أي مدى أثرت على الفنانة الموسيقية "لمى عرنوق"؟
    ج لا استطيع الفصل بين شخصيتي في الحياة وشخصيتي كعاشقة للموسيقى، أحب في نفسي طموحها بأن تترك بصمة عز ورقي، ومن خلال الموسيقى التي هويت ستكون هذه البصمة وسأعمل جاهدة لتطويرها. فأنا فعلا لا أحب أن أغادر بدون ترك أثر جميل.
    س إذا ما أخذنا برأي الشاعر البريطاني "صمويل جونسون" القائل بأن "الثقة بالنفس أول مستلزمات الأعمال العظيمة"، إلى أي طريق تقود الثقة في النفس الفنانة "لمى عرنوق"؟ و كيف تحافظ عليها لتكون سببا في البناء لا حجة للهدم؟

    ج عندما توضع الثقة في مكانها الصحيح سيكون نتاج أي عمل جدي وفعال مثمرا، فهي كالزرع تحتاج إلى عناية وتنظيف من كل عشبة ضارة، تحتاج إلى المحبة والرغبة لتنمو في جو سليم، أما عندما تبلغ الثقة بالنفس حد الغرور فعلى الدنيا السلام لأنها ستكون كجرثومة تأكل وتتغذى لتسحب خير الفكر وتجره إلى أسفل.
    س بماذا تسقي الفنانة "لمى عرنوق" شجرة الثقة بالنفس حتى تتفتّح أزهارها و تطرح ثمارا تتلذّذ باستطعامها الإنسانة "لمى عرنوق"؟
    ج أسقيها بالإيمان وتعزيز المعرفة والاستفادة من أخطائي، وحب العمل لكي أصل إلى هدفي بشكل صحيح.
    س يعتقد المؤلف الموسيقي اليوناني "ياني" بأن " الموسيقى هي فن، و حالما تصبح فنانا عليك أن تتعلم كيف تتقبل النقد"، كيف هو النقد عبر مسيرة الفنانة "لمى عرنوق"؟
    ج النقد البناء الذي يحكمه المنطق وتغلفه المحبة إن وجد فيا مرحبا به سيحل أهلا ويطأ سهلا. أما النقد الجارح والهدام فلا أسمعه ولا أرد عليه. عند انتهاء كل ريسيتال كنت أقول لمن أعرف محبتهم ما رأيكم بالأمسية نقدا وليس مدحا. يهمني النقد البناء جدا وأتقبله بكل جوارحي.
    س في طريق الفن، كيف تعرّف الفنانة "لمى عرنوق" من يعترضونها من محبين؟
    ج هم الإخلاص والوفاء والرقي.
    س "مجرد ذكر اسمها سورية لا اعرف ما الذي ينتابني من مشاعر العز والشموخ والعنفوان"، كيف تنبض سوريا في روح السورية "لمى عرنوق"، و كيف ينصهر إحساس الفنانة "لمى عرنوق" مع هذا النبض؟
    ج أرى الدنيا من خلالها، هي تعيش في نبضي وفي خفقان قلبي، عندما يذكر اسم الحبيب أمام الشخص تزداد دقات قلبه وتلمع عيونه فرحا، هذا ما يحصل عندما يقال سورية، أنا ابنتها التي أنجبت أعطتني كل الحب والأمان في صحتها وقوتها، في مرضها أنا الابنة الوفية التي لا تستطيع مهما حصل ترك أمها، هي مصدر عزي وعنفواني، افتخر بها أينما حللت.... أنا سورية بكل ما أوتيت من قوة. هي الحق والخير والجمال هكذا أراها بجميع حالاتها.
    س عندما تنام زهرة الياسمين، و يشيّع جثمان السلام بدمعة بلا نشيد، و لا يبقى غير ظل العابرين، كيف للنبض أن يسكن الأرض و يحمل لها نورا من جديد؟
    ج في وطني تنام زهرة ياسمين لتصحو أخرى، تذرف الدمعة لتكفكف ما ذرف من دموع، لا نرى الظلال لأننا نعرف أن وجودها من وجود الضوء، كلما مر شهيد ازدادت قداسة تراب سورية فهي منبع القداسة والنبع لا ينضب. مطلع النشيد الوطني لسورية يقول: حماة الديار عليكم سلام، أبت أن تذل النفوس الكرام. فكيف لشعب يأبى الذل أن يعيش ظلام هو مؤقت، ما يحدث الآن هو غيمة سوداء ستنجلي بإذن الله، نحن أبناء النور والأمل.. نحن أبناء الحياة.    
    س "قد يكون من السهل نقل الإنسان من وطنه، و لكن من الصعب نقل وطنه منه"، هذا ما يعتقد فيه الثوري و الكاتب الكوبي "تشي جيفارا"، كيف تجادل السورية "لمى عرنوق" هذا المعتقد؟
    ج من وصلت محبته للعظم فهو ساكن الروح والعقل، لذلك أنا مع معتقده حتى العظم. سورية في القلب والعقل والوجدان فكيف ستغادر، لها البقاء مادمت حية.
    لأوطاننا البقاء
    شكرا لك الفنانة "لمى عرنوق" على عبق لفظك و جمال تواصلك و إلى لقاء آخر إن شاء الله
    شكرا لمحبتك ولثقتك

    صابرحجازى يحاور الشاعر الفلسطيني محمد ماجد دحلان

    صابرحجازى يحاور الشاعر الفلسطيني محمد ماجد دحلان
    استكمالا لما قمت به من قبل من حوارات ولقاءات أدبية  مع نخبة من أدباءالوطن العربي، يسعدني أن يكون الحوار مع شاعر الصومعة والعاصفة الشاعرالفلسطيني محمد ماجد دحلان هو رقم -13 - من  الجزء الثاني من مجموع اللقاءات مع أدباء ومفكري الوطن العربي في مختلف  المجالات الأدبية والفكرية التي حظيت باسهامات لهؤلاء المبدعين
    وفي ما يلي نص الحوار.
    س1:- كيف تقدم نفسك للقراء؟
    محمد ماجد دحلان ..  شاعر الصومعة والعاصفة ..  فلسطيني  من قطاع  غزة  .
      استظل  بالضاد وأنحني أمام  قدستها  .

    س 2:- إنتاجك الادبي : نبذة عنه ؟
    ديون ريشتي لحظة صمتي  . 
    ديوان  نداء السر النازف 
    ديوان قلب ممزوج  بثرى المغرب 
    ديوان مشترك  مع إخوة شعراء مصريين 
    ديوان تحت الطباعة  بعنوان ^ شفاه ملثمة ^ 
    يمكنني الإشارة  بأن  إنتاجي الأدبي  هو  مزيج  من  المشاعر  سواء الرومانسية  والوطنية  . 

     س 3:- هل هناك إسقاطات للتحولات الاجتماعية والسياسية في أعمالك الأدبية الحالية ..بمعنى آخر هل ترى شعرك بعيدا عن الواقع او معبر عنه ؟ 
    لا يمكن  مطلقاً للشاعر أن ينسلخ  عن واقعه  
    فالشاعر هو  ابن  الواقع   
    دون  ذلك  لا أعتقد أنه  يستطع  أن  ينجب  حرفاً واحداً   
    وإن كان  استطاع  الإنجاب   فأعتقد أنه  لم ولن  ستمر  
    بخلاف الشاعر المسكون بواقعه   والذي  يجب  أن  يؤثر به 
    وحقيقة أرى  فيما أكتب  بكل تواضع  أنه  يتناغم  مع كل المتغيرات  السياسية 

     س 4 :- كيف ترى المشهد الثقافي الفلسطيني؟ وماذا تريد منه؟؟ وهل ممكن تطوير هذا المشهد؟
    المشهد الثقافي الفلسطيني  أرى أنه في تطور  مستمر  
    ويواكب  مسيرة التطور  على الساحات  العربية  ويتناغم  معها  
    وأرى أن  هناك  جهد  مقدر  من وزارة الثقافة الفلسطينية في ذلك  
    أما ما أرغب أو ما أريده  . 
    فأعتقد كل ما  يرغب به كل إنسان  مثقف أو أديب أو شاعر   أن  يتسع  المجال  
    في فتح  آفاق أكبر وأوسع   من  حيث المشاركات  والمهرجانات  والتمثيل   في  العالم  .

      س 5 :- لكل مبدع محطات تأثر وأب روحي قد يترك بصماته واضحة خلال مراحل الإبداع، فما هي أبرز محطات التأثر لديك، وهل هناك أب روحي ؟
    المرحلة  التي  تأثرت  بها  كانت  بداياتي  حيث تفجرت  عندي القريحة  الشعرية  عام  92 منذ دخولي المعتقلات والسجون  وبدأت  أترجم  داخلي  ومكنوني الشعري هناك  . 
    وحقيقة  الأب الروحي  الذي ترك بصمته  على شغاف قلبي الشاعر الكبير محمود درويش  ..  مظفر النواب  ونزار قباني   كان  لهم  الأثر الكبير  في مسيرتي .

     س 6 ؛- هل هناك حركة نقدية في الداخل الفلسطيني  ؟
    أكيد هناك  حركة نقدية قائمة 
    وهنا  لا بد أن أتقدم  بالشكر الكبير إلى نقيب  جمعية  النقد د. محمد بكر البوحي  
    د.أحمد الوحيدي  
    والدكتورة سهام أبو العمرين  
    والأستاذ محمد نصار  
    والأستاذ رزق المزعنن  .

     س 7 ؛- كيف يمكن بالشعر ان نعالج الواقع ونعبر عنه؟
    أكيد يمكننا  معالجة الواقع ونعبر عنه حين  يمكن  أن  يحمل  شعرنا  الرسالة النقدية  السليمة  لمعالجة كل ما  هو  سلبي  .

     س 8:- ما الرسالة التي يود الأدباء والشعراء تقديمها الان للوطن العربي؟
     أن  الثقافة  والأدب  عماد الأوطان  ويجب أن يكون  هناك  اهتمام   كبير  بالشأن  الثقافي والأدبي  ولا  يجوز  مطلقاً  إهمام وجود تلك  الشريحة المؤثرة   في الاوطان 
    وأنهم  من الممكن  وبشكل أكيد   المساهمة  في بناء أوطانهم  .

     س 9 :- ما أقرب قصائد شاعرنا  الى نفسه؟ مع ذكرها

    قصيدة ((( القبلة الأولى !!! ))) من ديوان ريشتي لحظة صمتي 
     
    في القبلة الأولى… الإله موجود 
    حروفه وكلماته تنظرنا 
    كأنها توزع علينا الحسنات يوم قيام الساعة
    في القبلة الأولى …
    شيخ صلى ركعتين 
    في باحات منزله 
    المطلة على صبية فاشتم رائحتها
    فانطلق يحمل عكازه 
    المصنوع من علامة نصر 
    فوق رأس غزال مرَ بأبواب القبلة الأولى
    يحيي صلاح وانحنى لله سجدتين
    في القبلة الأولى …
    أنوار باريس وأفراح كل شهيد عريس
    في القبلة الأولى تراتيل المسيح 
    في القبلة الأولى …
    الإنجيل والتوراة تحت قبعة 
    تحتل الماضي والحاضر والمستقبل 
    بلغةٍ مدفوعة الأجر 
    في القبلة الأولى …
    اللغة تنمو تبيع وتشترى
    تراها تريد احتلال الأسواق
    تريد أن تحتل اللغة العربية 
    تحفر لها الخنادق والأنفاق 
    في القبلة الأولى الحمام ينقل لنا السلام ثقافات 
    وذاك المتلعثم بلغة الإسلام حروفاً 
    يديمها بالطلقات 
    في القبلة الأولى …
    تمر على العاري ملبسه
    تشعر أن البحر بكى فوقه
    والطهارة مزجت عروقه
    في القبلة الأولى …
    تاريخ محمد وأبي بكر وعمر 
    في القبلة الأولى الصخرة والحجر
    في القبلة الأولى …
    الاحتلال والنصر والتحرير 
    الفقير والقائد والأمير 
    يمرون ليروا الوجه الصبوح 
    وقمريه الصفر وعيونه الحمر 
    في القبلة الأولى …
    الطيبة تمشي على أقدامها
    توزع الابتسامات على الحاضرين
    في القبلة الأولى مدرجات تصفق للمارين
    كأنهم يمرون بمدرجات 
    جرش وقرطاج ليحتفلون
    في القبلة الأولى …
    الأمل يختبيء
    بين الأزقة الثائرة يحمل حجراً
    في القبلة الأولى 
    لا تختبيء الطفولة ولا الرجولة
    في القبلة الأولى …
    ترى الفقير ينظر إلى رداء الجندي المغتصب
    ويتمتم بلا خجل 
    فهو من عرق أصيل 
    وربما يكون من ذاك الحزب أو ذاك الفصيل
    فكل فلسطين في القدس 
    تسير نحو التحرير 
    فما زال الأقصى بين اللغات والثقافات 
    واللهجات والأديان والألوان أسير 
    في القبلة ما في القبلة 
    وستبقى القبلة لمن صلى خلف آية الكرسي
    في القبلة الأولى …
    ترى وجه الموناليزا 
    وبين خطوطه فلسفة شكسبير 
    في القبلة الأولى …
    ترى الحكايات فستاناً مطرزاً بخيوط من حرير
    في القبلة الأولى …
    ترى الشمس معبأة بقوارير 
    يشرب منها كل الراكعين والساجدين
    في القبلة الأولى …
    ما يجعلك تنادي الأوس والخزرج
    وفرسان حطين وكل المهاجرين 
    في القبلة الأولى …
    ترى بائع السجائر يحمل شكلاً هندسياً
    يلف به في الأسواق والحانات وبين الزقاق 
    تراه ينظر لنقود حلمت على سطحها
    رائحة مستنقع الجبن والخيانة والقمع وعنصرية الولادة 
    ويبتسم البائع ويخبئها رغماً عن أنفه
    فهو مازال يروي 
    للمارين 
    والجالسين
    والمنتظرين
    وللدافعين 
    وللمسجلين أسمائهم
    على سطور صفحات دفتر الدين 
    داخل الشكل الهندسي 
    قصة ضياع ديناره 
    الذي فيه طمأنينة داره
    في القبلة الأولى …
    الخزف يحملك بسحر ألوانه على أهداب
    لترى فيها انوثة كازابلانكا وطوبية مراكش
    في القبلة الأولى …
    دع كل الأشياء تمر 
    دع السائر والحائر والثائر 
    في القبلة الأولى ما في القبلة الأولى 
    فالقبلة لا تنظر إلا إليك 
    تضع الشمس بين يديك
    لا تعرف إلا صلاتك أنت 
    فأنتَ للقبلة خير شعوب الأرض
    وأنتَ كالنخيل رافعاً ساعديك
    فهي القبلة الأولى وحضن والديك

    س10 :- متى بدأت كتابة الشعر وهل من شاعر معين تأثرت به في بداياتك؟
    بدأت كتابة الشعر عام  92م وذلك منذ دخولي المعتقلات والسجون  
    وتأثرت  بالشاعر العظيم  محمود درويش .

     س 11:- كيف ترى الشعر العربي الذي يكتبه الشعراء الفلسطينين  اليوم؟
    حقيقة لكل بصمته  ورسالته  وأرى  أنه  في تطور  ملموس  ويلامس الوجع  الفلسطيني  . 
    ونحن  دوماً  بحاجة إلى ما  يمكن  أن  يتناغم  مع  أوجاعنا  وطموحاتنا  وتطلعاتنا
     
    س 12:- هل ترى أن القلم و الشعر الفلسطيني استمر في حمل هم الوطن  ؟
    أرى فعلاً  أنه  إستطاع أن  يحمله وإستمر إلى يومنا  هذا  في حمل  هموم  الوطن والصراخ  من أجل  الوطن  .
    ومازال  القلم  الفلسطيني  يعلن  عن نفسه  أنه  مرافق  الرصاص وفوهة البندقية 

    س 13 :- بماذا يميز الشعر الفلسطيني في الداخل أو في الشتات عن غيره من الوطن العربي ؟
       يتميز فقط  بالألم  الذي  يغلفه    فنحن  مازلنا تحت  الإحتلال  
    لهذا  دوماً  تستشعر  الوجع  المسكون   فالحرف  الفلسطيني  .

    هل لنا في نص من ابداعك ؟

    قصيدة ((( الأراجوزات !!! )))
    هذا جزء منها :-  
    الوحش جبان
    الطلقات ليست طائشة
    والجدار ليس حلماً
    طلقة تصيب المكان
    وطلقة تغتال الحمام
    ومسرح الأحداث جسد فلسطينية
    دم في الطرقات
    قهر للهوية
    اجتثاث للجذرية
    وبائعة الفجل في القدس صابرة
    والأفكار العربية
    مازالت مثلجة
    متى تذوب على فوهة البندقية !!!
    متى تشتعل الأجندة !!!
    لا نعلم
    ولا تعلم القضية
    ونمضي على درب
    من علمونا الموت
    نحارب في كل زقاق
    في كل صرخة
    طفل يفجر حقيبة
    وجميلة بسكين تغادر الكلية
    وشاب يترك حلمه بين كفي خطيبة
    وشيخ صلي ركعتين
    يدلنا على الفكرة

    س 14 :- برأيك هل هناك حركة نهضة بالشعر الفلسطيني وهل أنت متفائل بهذا الشأن؟
    لا يمكن  أن  نتخلى عن  التفاؤل  
    ويجب أن  نستنر  بالبحث عن  كل ما هو  أكثر نضجاً  لنرتقي لمستوى آلام  وطموحات أبناء شعبنا .

    س 15:- لك تجربة في عمل موقع الكتروني علي الانترنت - احكي لنا كيف كانت - وكيف استفدت انت والعديد من الادباء من هذة التجربة ؟
    حقيقة  كان  لي  تجربة  على موقعي  الذي أنشأته  ***  موقع  الصومعة  الأدبي  ***  والذي من خلاله   تعرفت    على الكثير من  التجارب الأدبية   سواء على المستوى الفلسطيني   أو  العربي أو  على مستوى   أدب  الغربة  .
    http://www.swm3a.com/

    س 16:- هل استطاعت الشبكة العنكبوتية توافير التواصل بين الاديب والمتلقي - خصوصا وحضرتك عضو في العديد من المنتديات الثقافية والادبية ولك صفحة باسمك علي الفيسبوك ؟
    لا  أنكر  مطلقاً أن  الشبكة  العنكبوتية أو  السماء الزرقاء  ..  التعامل   معها   بجدية   يمكن  أن   يرسم  لك  معالم  طريق  تسير  عليها  واثقاً   ..  حيث  من خلال  موقع  التواصل الإجتماعي  إستطعت  الوصول  إلى المشاركة  في المؤتمر المتوسطي للكتاب في فاس بالمملكة المغربية   عام  2013  .. ومن خلاله استطعت التواصل مع  آلاف الشعراء والكتاب والأدباء  والنقاد  .   .
    https://www.facebook.com/profile.php?id=100002292945353&__mref=message

    س 17:- لماذا اخترت اسم (  شاعر الصومعة والعاصفة  ) لنفسك
    الصومعة  بكل تأكيد    هي  مكان  للتعبد  ..  ولأن   قريحتي الشعرية  تفجرت  داخل المعتقلات  والسجون  فاعتبرت  السجن  صومعتي  لأنني بدأت   أكتب  في السجن  بعيداً  عن  الناس  .   . والصومعة  ينعزل  بها   المتصومع   ليتعبد  ويتضرع   لله   عز  وجل  .

    هل لنا في نص من ابداعك ؟

    قصيدة ((( إحتراق تحت ظل الغياب !!! )))
    عتمة مفرغة 
    ذاكرة تعتقل ذاتها 
    والسحاب صورة الإختلاف 
    مرآة تطل على غيابها 
    نوافذ الصبر تفترش كفها 
    شمعة هناك 
    جمرة في قبضتي 
    والقلب يعلمني 
    أن أكن طائر مغرد 
    وعطر يكشف اسرار دمعي 
    أتلاشى في ذاتي 
    أقيم قصري 
    جدران من حروف 
    ولا عزوف 
    أشعل الآهات 
    وأعشق بركاني 
    وأكتبها. .. 
    نصف قصيدة 
    استحضرها 
    حلم 
    حقيقة 
    قبلة 
    ارتشف كأس خمري 
    أثمل الحانة 
    وأستيقظ من غيبتي 
    أهديها لهيبي 
    وأجعل الحزن نصيبي 
    آه يا سيدة الغياب 
    من يرسو على خاصرة الوجع ؟!!! 
    من بين الضلوع تربع ؟!!! 
    من لرب السماوات تضرع ؟!!! 
    سيبقى الإنتظار رفيقي 
    لن يمت حنيني 
    ولن احرر من أعماقي سجيني 
    فعهدي. ....
    مازال مع عشق يدميني !!!!!

    س 18:- واخيرا  ما الكلمة التي تحب  ان تقولها في ختام هذة المقابلة ؟
    في البداية أتقدم بالشكر  العظيم   لكَ أخي  القدير الأديب المبدع  الأستاذ صابر حجازي .
    أما  الكلمة   الذي لابد  من أن  نرسمها .
    آمل  أن  يحقق  الله  الحرية لشعبنا  الفلسطينية والإستقلال والإستقرار لشعوبنا  العربية .
    وأن يخرج  شعبنا  الفلسطيني  من  الحقبة  السوداء  الذي  آلمت  شعبنا  وأوجعته  
    وأن  يتم   لم  شمل  الشعب الفلسطيني  .
    لنستطع  مجابهة آلة  العدو  الذي لا  يتوانى للحظة    للبطش  بكل مكونات  شعبنا.


    ————

    الكاتب والشاعر والقاص المصري صابر حجازي

    http://ar-ar.facebook.com/SaberHegazi

    – ينشر إنتاجه منذ عام 1983 في العديد من الجرائد والمجلاّت والمواقع العربيّة
    - اذيعت قصائدة ولقاءتة في شبكة الاذاعة المصرية 
    - نشرت اعماله في معظم الدوريات الادبية في العالم العربي
    – ترجمت بعض قصائده الي الانجليزية والفرنسية
    – حصل علي العديد من الجوائز والاوسمه في الشعر والكتابة الادبية
    –عمل اكثر من (30 )اللقاءات وألاحاديث الصحفية ونشرت في الصحف والمواقع والمنتديات المتخصصة