نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

    إطلاق كتاب "إيسولينا وعجة بالفلفل الأسود" للكاتب منجد صالح تقرير/ فراس حج محمد

    أطلق في متحف محمود درويش مساء يوم الأحد 27 شباط/ فبراير 2022 كتاب "إيسولينا وعجة بالفلفل الأسود" للكاتب منجد صالح، بإدارة وحوار الروائي والأكاديمي الدكتور أحمد رفيق عوض، متحدثا عن الكتاب وأسلوب الكاتب وخبرته الواقعية والإفادة منها في بناء عالم القصة القصيرة لدى منجد صالح، فكانت أشبه بالقصص الطويلة التي لم يلتزم فيها الكاتب بمنطق القصة لدى كتابها من الأجيال السابقة، معتبرا أن هذه الكتابة نوع من الفرادة التي تميز بها الكتاب. مع تشديده على أهمية الالتزام بقواعد الفن لأي عمل أدبي، لأنها محددات مهمة للعمل، وهي التي تمنحه شخصية واضحة.

    أما الكاتب منجد صالح فتحدث عن علاقته بأحمد رفيق عوض الذي كان مرشده الأول ومشجعه إذ عرض عليه نصه الأول قبل أكثر من عشرين سنة. كما تحدث عن كتابته للقصة القصيرة وكيف أنه يغرف من بحر الواقع، وفرق بينه كراوٍ أحيانا في القصص وبين أبطال قصصه الذين كانوا في أغلبهم من الواقع وما زالوا على قيد الحياة، وألمح إلى حضور بعضهم اليوم.

    وفي مداخلات متعددة، أشاد المتحدثون بالكتاب، وبجنسه الأدبي كونه قصة قصيرة، وقلة من يكتبون هذا الجنس الأدبي اليوم، كما جاء في مداخلة لوزير الثقافة د. عاطف أبو سيف. كما أكد الدكتور نبهان عثمان ما جاء في الكتاب من أحداث واقعية وأن الكاتب غلّفها بأسلوب قصصي.

    أما الناقد تحسين يقين فتحدث عن فن القصة القصيرة وكتابتها وتلقي الأعمال الأدبية والإبداع في النقد الذي يوازي الإبداع في الكتابة. في حين أشار الشاعر جمعة الرفاعي إلى ملمح السخرية في كتابات منجد صالح، كاشفا النقاب عن العمل الثالث الذي سيصدر قريبا للكاتب منجد صالح.

    وتحدث المحامي الحيفاوي حسن عبادي عن تلقي الأسرى للكتاب وقراءتهم له حاملا للكاتب تساؤلاتهم التي تناولت صنعة الكتابة وزمانها ومكانها.

    وكتاب إيسولينا والعجة بالفلفل الأسود، صدر عن وزارة الثقافة الفلسطينية (2021) ويقع في (175) صفحة من القطع المتوسط، ويتألف من عشر قصص تراوحت بين القصة القصيرة والقصة، وتدور أحداث تلك القصص في أماكن متعددة في فلسطين ومدن في دول من أمريكا اللاتينية ككوبا والمكسيك، مستفيدا الكاتب في هذه القصص من عمله في السلك الدبلوماسي ووزارة الخارجية لما يزيد عن ست وثلاثين سنة. وتحدث فيها عن موضوعات اجتماعية وسياسية متنوعة.

    حوار مع الكاتبة والقاصة والشاعرة فرح تركي / اسعد عبدالله عبدعلي

    حوار مع الكاتبة والقاصة والشاعرة فرح تركي 

    " الكتاب كان رفيق صباي ولن أتخلى عنه " /  فرح تركي  

    حوارات/ اسعد عبدالله عبدعلي 

    كان القرار بالحوار مع الاديبة فرح تركي في محاولة لإبراز دور المبدعين في بلدي, وسط عواصف الفوضى والجهل التي تجتاح البلاد, فالجمهور المتلقي ولأسباب (الجهل والفوضى) التي يعيشها البلد, فيصبح اي تافه على برنامج "التك توك" مثلا مشهورا! وله جمهور كبير يقدر ما يقدم من سفاهة, بالمقابل اهل الثقافة الادب لا احد يعرفهم, ونتاجهم الابداعي مغيب, فتصور معي ايها القارئ ان مشهد فيديو لاحد التافهين مع محتوى تافه, يروج ويتابعه الملايين, لكن قصيدة مبدع تضيع وسط ارتفاع صوت الجهل, 

    فكان هذا المشروع الذي اعمل عليه للتعريف بالمبدعين, وكان هذا الحوار مع المبدعة فرح تركي.

    تعريف بالكاتبة والشاعرة والاديبة فرح تركي

    كما ظهر لي من خلال السيرة الذاتية للكاتبة فرح تركي فهي قد تنوعت في نشاطاتها, بدأ من عملها ككاتبة فري لانس لموقع تكلمي / كاتبة مقالات لبشرى حياة / مدير التحرير التنفيذي لمجلة عروس الآداب الورقية / مديرة مكتب مجلة أمارجي /بغداد, مشاركة في حماية الصحفي ورشة السلامة المهنية مع مركز الإعلاميات العراقيات بدعم من وزارة الخارجية الألمانية 2018, 

    مشاركة وتأهل في الملتقى الدولي الشبابي الثاني لقصة القصيرة عن مركز أفاق للدراسات المغربية اليمنية 2021, مشاركة في مسابقة متحف الكلمة الاسبانية للقصص القصيرة عام 2017.

    النتاج الابداعي للكاتبة فرح تركي

    1- الكتب المشتركة 

    اولا: مشاركة مع مجموعة كتب وفنانين في كتاب ورقي بعنوان العراق بين الم وامل 2016, ثانيا: مشاركة بمجموعة نصوص في كتاب الكتروني مع مجموعة كتاب وشعراء بعنوان عشق صوفي 2016, ثالثا: مشاركة في كتاب يضم قصص صدر عن مجموعة قراء العالم بعنوان من 300 بعوضه صدر عام 2016, رابعا: مشاركة في كتاب يضم مجموعة مقالات صدر عن قراء العالم بعنوان من سيقود الجنس البشري, خامساً: أعداد كتاب الكتروني بعنوان حفنة آهات مع تدقيق أزهار الأنصاري, سادساً: إصدار همسه حروف مجموعة نصوص نثرية وتصميم رغد حميد مجموعة كاتبات عراقيات وعربيات 2017, سابعاً: مشاركة وإعداد كتاب الكتروني بعنوان وهج الذكرى 2017 مع مجموعة كاتبات, ثامناً: المشاركة وأعداد كتاب الكتروني بعنوان رغبة حياة مجموعة قصصية لمجموعة كاتبات 2017, تاسعاً: المشاركة في كتب ورقي مجموعة قصص رعب بعنوان أرواح عام 2019. عاشرا: كتاب مشترك بعنوان " ترانيم عشق ", صدر عن كتاب العراق عنوان المبادرة نكتب لنتنفس عام 2019 مترجم للإنكليزية.

      2-  كتب منفردة للكاتبة

    اولا: مؤلف (بوح بتذكرة صدق) عن دار أمارجي, ثانيا: (حب يزهر في عتمة موت) مجموعة قصصية صدرت عن دار اس ميديا بغداد صدرت عام 2017, 

    ثالثا: (عربة الأمنيات) مجموعة قصصية صدرت عن دار كريم المتنبي عام 2018, وطبعة ثانية مع دار ميم / مصر / 2021, 

    وكان لنا هذا الحوار مع المبدعة فرح تركي:

    1- كيف تعرّفين نفسك لمن لا يعرفك ؟

    - قبل كل شيء أنا إنسانة لا أختلف عن غيري الا بمقدار إحساسي بألآم الناس، أجد الشغف هو مسار خط لي توجها معين في الكتابة التي لازمتني كرفقة مخلصة من الثانوية, شاركت حبي للقراءة وتوجهاتي نحو المعرفة, الكتاب كان رفيق صباي. 

    2- اين تجدين نفسك شاعرة, ام قاصة, ام كاتبة؟

    - أجد نفسي رئة للحروف والكلمات, عندما تمر بي ذكرى او موقف, فانا مهما تكلمت, لا اجد الكلام منفذا للفضفضة, كان القلم هو أماني, لذلك كل يوم اود ان أبداً ككاتبة كشاعرة كصحفية, احب المسرح والسينما, رائحة الورق تلهمني, انا صاحبة قلم بعيداً عن كل المسميات, المهم اني راضية وسعيدة وادع الالقاب لمن يبحث عنها, الحرف الكلمة منار لي, المهم انه يعبر عني.

    3- لماذا الشعر ؟

    - الشعر كان في مرحلة متأخرة, فقد بدأت بكتابة مذاكرتي على شكل قطعة نثرية كلغز يترجم شعور ما، وبعدها مررت بتحول في عمر التاسعة عشر لأكتب الرواية, كتبت عدة روايات ومسرحية واحدة, الا أني في ساعة يأس أقدمت على حرقها, وكان هذا بعد وفاة حبيب روحي وملهمي أبي، لكنني عدت بروح جديدة اكتب الشعر الحر, مترجمة عشقي لزوجي على شكل قصائد, كانت لكل قصيدة قصة إلى ان تكاثرت القصائد.

    4- من أي باب أتيت القصيدة؟

    - هل لي أن أخالفك بالتعبير، القصيدة هي من تقتحم وتفرض نفسها, فهناك مواقف تقال بلغة تؤرخها الكلمات وتطاوع القوافي لتنقش أحساس ورؤى قائلها, لا جدال في آن المرأة تختلف عن الرجل برقة المشاعر ورهافة الحس.

    5- برأي الشاعرة فرح تركي هل تعد القصيدة التي تكتبها المرأة هي ومضات ونبضات اتية من الحلم ام الواقع؟ 

    - كلمة شاعرة كلمة كبيرة, دعني أتسلح بالتواضع بسؤالك هذا فهو يخبئ لي فخاً لا أود ان أقع فيه, دوما ما أجد الالقاب أيا كانت سواء مهنية او ادبية, هي مبكرة جدا لدي في الشعر مؤلف شعري عنوانه أغصان العنب, وتضمن قصائد وجدانية وانسانية وومضات ونصوص نثرية, لربما بنظري أحتاج الى عدد اكبر لتطلق علي لقب شاعرة, أخاف أن تهجرني القصائد وتنتقم من غروري حينها,  القصيدة كي تولد تحتاج الى موقف واقعي يصاغ بخيال, لنمتلك ذاك السحر الذي يمكننا من سرقة الحلم ومشروعيته. 

    6- يربط الكثيرون الأدب النسوي بحركة تحرير المرأة من سطوة الذكورية, برأي الشاعرة فرح تركي إلى أي مدى أثر هذا الفكر في خفوت وقلة الأسماء الأنثوية قياسا للذكورية؟

    - نعم ، لا ننكر أن مجتمعنا للان فيه معتقدات ومفاهيم مسيطرة عليه ولكن مهلا الا تعتبر وجود المجتمع من وجود عاداته ومفاهيمه، هل ستتمكن من تطبيق تقاليد الصين لو ازحت تقاليد المجتمع العراقي, فتبقى المسالة مسألة أثبات وجود ومحاربة للاندثار لمن تمتلك الموهبة أيا كانت مفروضة, روائية  او طبيبة او اي مهنة كانت, ولكن لنتأكد من ان سطوع الثقافة يجعل من سلطة الذكور مسلطة لخدمة الانثى لا لمحاربتها, في سبعينات القرن الماضي شغلت العراقية كثير من المجالات ولم تكن تلك النظرة مفروضة, الفكر والثقافة هي الحل. 

    7- ما هو دور الشاعرات العراقيات في الساحة الأدبية؟

    - أن يتماسكن بالمحبة والمنافسة النقية فيما بينهن, وكل نجاح بعده يقدم حاضرا, لأنه مفتاح الثقة والاعتزاز بكينونتهن وبقلمهن, فتنهر قصائدهن بعطاء وصدق, نعم هناك من يقوم بعرقلة إبداع المرأة بوسائل كثيرة, منها الهجوم الدائم على ابداعها! والتشكيك فيه والتقليل المتعمد من حجم نجاحاتها, كيف السبيل للمرأة أن تتخطى ذلك؟ أرى أن التجاهل هو علاج جيد,  فهل من المعقول أن أرمي بحجر من يرميني انه تعطيل للمسيرة, ومن ثم الاستمرارية, وبعدها صفقة نجاح مثمرة ولا تحدثني عنه أبدا. 

    8- منذ متى وكان إخراس القصيدة سهلاً , أضحى الغموض ظاهرة شائعة في، الشعر الحديث. خلقت فجوة عميقة بين الشاعر والمتلقي. ما سر ملازمته لأغلب التجارب الشعرية الحديثة؟

    - انا أجدها مهارة وبراعة, فانا كمتذوقة شعر أحب ان اقرا ما بين السطور, لأقول يا الله كم مبدع /ة من  كتب هذه القصيدة نحن نستحق الدهشة, الدهشة التي تعلن عن الفخامة والتميز 

    9- الكاتبة  فرح تركي كيف تقيمين المشهد الأدبي العراقي الراهن, في وسط ما يبدو للمراقب البعيد المحايد اضطرابا او تداخلا؟

    - العراق منذ عام 2015 شهد نهضة أدبية نستحقها, وظهر فيها الكثير من الأسماء الأدبية, سواء كانوا كتاب وشعراء, توقفت أعمالهم لبعض سنوات بسبب الظروف التي مر بها العراق من حروب وتداعيات أمنية, ثم كانت عودة حميدة, وأجد أن كل ذي قلم مسؤوليته أن يتحف الأدب العراقي في كل الظروف, كل كلمة هي ثورة وحياة وعبرة, وبالتأكيد المستهجن سيكون مصيره الذوبان والنسيان, ويبقى الادب الراقي الرصين فلا تصح المجاملات وان كانت في البداية فستذوي مستقبلاً .

    10- هناك من يصف الخطاب الشعري لدى المرأة عموما بالخطاب الذي لم يزل متعثرا ما رد ك؟

    - نعم لكل درب هناك عثرات لأي شخص يمر به, لكن  ليست العثرات من تحدد الوصول المرحلة ما بعدها والاستقامة, الأدب والنسوي بصورة خاصة, لا زال ربيعاً.. يزهو, لا عليك بطفو بعض التي سميتها حضرتك عثرات, وهناك شاعرات كسرن القيود, وخاطبننا بلغة شعرية بليغة وقريبة إلى النفس تذوقاها كما العنبر  وعطره.

    11- لو اصبحت وزيرة للثقافة ما هي مقترحاتك للبث بها كخطة عمل ؟

    - شكراً لهذا السؤال الظريف, سبقت وسمعته كدعوة لطيفة من قلب صديقة مخلصة, بعد صدور مجموعتي القصصية الثانية, قابلت دعوتها تلك بابتسامة, الثقافة قبل أن تنحصر في الفنون والأدب  تشمل, ثقافة أحترم الإنسان كقيمة روحية, ولأنه مخلوق أكرمه الله ووهبه الحياة, وستكون من أولياتي المناطق التي تم الغاء الفن والأدب من طقوس حياتهم, فلا بد من دمج الفن والثقافة كروتين يومي, فلا حياة دون فن ودون استيعاب للتجارب العالمية, الاهتمام بالمبدع العراقي قبل المدعون من خارجه, وسأعمل على الإكثار من المهرجانات التي ألغيت أغلبها, والعمل على تضمين المناسبات الدينية إلى وزارة الثقافة والحرص على تنظيمها, فهي تعتبر مصدر جذب سياحي مهم  الانفتاح على العالم وتعريف العالم بنشاطات وتراث العراق وجماليته, والعمل على أزالت الأفكار التي تعتبر المسرح والسينما والفن عموما هي سبب للانحلال, من خلال أعمال رصينة خاضعة للرقابة والفحص قبل صدورها للمتلقي, والعمل على الالتفات إلى المحتوى المرئي والسمعي والمقروء وتوزيع الفرص ليستقيم الامر, فنحن الآن في حرية تؤهل أي طفل لبث قناة على اليوتيوب, وتحديد المحتوى الصادر عن بلد عمره سبع الآلاف سنة,  وهناك المزيد .

    - في ختام حوارنا نشكرك ونتمنى لك التوفيق والنجاح في مشاريعك الابداعية القادمة. 

    - وانا بدوري أشكركم على هذه الفرصة للحديث عن شغفي في الكتابة  ومضمار الادب, وتقبلوا مني نص خاص لحوارنا هذا:- 

    لوحة..  من أجناس الصمت.

    نطقت .. وتعالت لتخبرنا.. 

    عن هوية ظل..  مارق طاف بحاشيتها..

     نقب عن حلم ماثل

     في كينونيتها لترسم.

    مسارات ملامح وتعفر وجهها بالإحساس وتدهش عالمنا..

     تمحو .. عالم خرابه مائل.

    ينتظر السقطة

    ليدوي بمسامعنا

    من هاجس.. اسود تنوي تحررنا.

    لوحة... لا ترسمها يد.

    لم تلونها.. مقلات. 

    طافت ببحر سنينا.. 

    وصارت ملكة جمال... 

    في ديوان...

    تدون سيرة.. نبض.. ونغم



    لقاء مع النّاقد الجزائري نور الدين صدار/ الأديبة د.سناء الشعلان


    لقاء مع النّاقد الجزائري نور الدين صدار - الأديبة د.سناء الشعلان
     نور الدين صدّار علم من أعلام  المناهج النقدية وتحليل الخطاب في الجزائر والوطن العربي.يعمل حاليّاً عميداً لكلية الآداب واللغات في جامعة معسكر.تقلّد الكثير من الوظائف الأكاديمية والبحثية والتقيمية في الجزائر وخارجه،شارك في العشرات من المؤتمرات المحلية والعربية والدولية حول البنيوية التكوينية ، الأسلوبية ، السيميائية ، المدارس النقدية ، نظرية النص ،التناص ، نظرية القراءة وجمالية التقبل ،وتعليم العربية لغير الناطقين بها.عنده نحو 13 مؤلّفاً في حقول اهتمامه الأكاديميّ،آخرها كتابه “البنيوية التكوينية مقاربة نقدية في التنظير والإنجاز″ فضلاً عن العشرات من الأبحاث العلميّة المحكمة المنشورة.
    { كيف أثّر النقد وتخصّصك الأكاديميّ على تفكيرك ووعيك وحياتك الخاصّة؟
    - الواقع إن النقد الأدبي وإن كان  منطلقه الذوق وهو أساس العملية النقدية ،إلا أنه فكر ومنهج وعلم ، وبالتالي فإن الناقد بوصفه قارئا  حصيفا متميزا عليه أن يتزود بهذه الأدوات المنهجية والعلمية التي تقتضيها القراءة المنهجية للنص الإبداعي ، وإلا فإن القراءة ستصبح مجرد قراءة انطباعية فحسب. ومن هنا  يكون مدخل تأثير النقد على التخصص الأكاديمي  وعلى الوعي والتفكير في حياة أي ناقد يدعي لنفسه الصرامة المنهجية. فالنقد تفكير ومنهج ومثل هذا السلوك لا يتوقف عند القراءة لأي إبداع ، بل يصبح ممارسة فعلية في حياة الناقد ، وفي تفكيره ومنهجه ووعيه منهجه وحتى في  سلوكه اليومي مع الناس يخضع لهذا التنظيم المنهجي الذي استقاه من ممارسته النقدية .
    { هل النّقد حرفة أكاديميّة أم توجّه رؤيوي في الحياة؟
    - هما الاثنان معا ، فالنقد في المفهوم اللفظي للكلمة هو تقويم ،والتقويم  حرفة والحرفة تقتضي الدربة والممارسة والتجربة والصنعة ، وهذا ما جعل نقادنا القدماء يطلقون مصطلح الصناعة على العملية النقدية ، وهذا ابن طباطبا يطلق على كتابه الشهير عنوان”‘ كتاب الصناعتين “، فضلا عن القراءة الواعية  للمناهج النقدية  في أصولها ومرجعياتها الفكرية والفلسفية والابستيمولوجية ، وللآليات المنهجية التي هي مفاهيم وأدوات  إجرائية ينبغي التحكم فيها لتكون القراءة علمية  واعية وفقا لما تقتضيه الصرامة المنهجية ، زد على ذلك  القراءة المتأنية  للنصوص الإبداعية ، وهو ــ و أعني النقد ـــ   علاوة على ذلك توجه رؤيوي في الحياة ، مبني على قناعات ومكونات ومرجعيات فكرية وغيرها  مما يوجه القراءة النقدية ، ومن هنا كان النقد في تصوري حرفة وصناعة  ـــ ليس للعيش ــ وتوجه في الحياة ، لأن الناقد يسعى من خلال قراءته ترسيخ وإقامة  مشروعه الثقافي الذي لا يمكن البتة فصله المشروع الثقافي الوطني والقومي.
    {  ما هو مشروعك النقدي؟
    - هذه كلمة كبيرة ، فليس بمقدور  فرد اليوم أن يقوم عداد وإنجاز مشروع  نقدي دون أن تتدخل معه أطراف أخرى ، وطبيعة المشاريع  العلمية الصارمة  تقتضي  ــ اليوم ـــ التدخل الجماعي من خلال فرق بحثية متخصصة  تساهم في تركيب المشروع النقدي ، ومن هنا بات أمر تحقيق  المشروع النقدي صعبا للغاية. وبغية تحقيق فكرة المشروع النقدي الذي نطمح أن يلعب دورا هاما في تفعيل الحركة النقدية العربية المعاصرة ،انشأت منذ سنتين مخبرا نقديا أطلقت عليه عنوان مخبر  ” المناهج النقدية المعاصرة وتحليل الخطاب ” يتشكل من اربع فرق بحثية تشتغل على مشاريع بحثية بدأت نتائجها تظهر إلى الوجود من خلال تنظيم مؤتمرات وندوات علمية فضلا عن دراسات نقدية ، آخرها المشروع الموسوم : “البنيوية التكوينية بين التنظير والإنجاز″، الذي يعد ثمرة من ثمرات مشروعنا النقدي والذي ستتلوه إنتاجات بحثية في المستقبل القريب . وهكذا حينما يكون العمل الجماعي الجاد تتحقق المشاريع النقدية الصارمة .
    { بوصفك ناقداً هل تؤمن بمقولة ” إنّ النّاقد هو أديب فاشل؟
    - تنطوي هذه المقولة على مغالطة كبيرة تنقص من رسالة الناقد ، بل تجعل دوره دورا ثانويا هامشيا وهذا غير صحيح . لقد جاءت نظرية القراءة لتعيد الاعتبار  لدور الناقد الذي كان مهمشا، بل إن الناقد في ضوء هذه النظرية قارئ منتج ومبدع. ولا قيمة للإبداع إذا لم يحظ بالقراءة الجادة التي تمكن من بعث النص الأدبي إلى الوجود، وتعطيه قيمته ودلالته ، وبدون قراءة يصبح النص في حكم النسيان والطمس. إننا عيش اليوم في  عصر القراءة ، وإن الإيمان بهذه المقولة هو ضربة قاضية للإبداع نفسه الذي لا يستقيم عوده إلا في ضوء  قراءة واعية منتجة ومبدعة .
    { هل النقد قضية أساسيّة في عملية الإنتاج الإبداعي؟أم هو حالة استدراكيّة على الإبداع؟
    - الواقع فإن هذا السؤال متفرع عن السؤال السابق ،فإذا كنا قد أكدنا في الإجابة السابقة على الرسالة المنوطة بالناقد المعاصر ،وهي رسالة تعطي للناقد صفة المنتج والمبدع الثاني للنص الإبداعي ، و قد اتينا في الوقت ذاته  على تفنيد المقولة القائلة:” إن الناقد هو أديب فاشل” ، وأكدنا على التصور الجديد للعملية النقدية وهو تصور  يؤكد على الصفة الإنتاجية والإبداعية للممارسة  النقدية، فمعنى ذلك أن النقد قضية أساسية في عملية الإنتاج الإبداعي، وليس حالة استدراكية كما يتوهم للبعض. فلا مستقبل للإبداع الأدبي في غياب القراءة الواعية والمنتجة لحقيقة النص .
    { كيف توصّف النقد العربي والجزائري؟
    - النقد الجزائري ــ بطبيعة الحال ـــ له خصوصيته وهويته ، وهي هوية لا يمكن فصلها أوبترها عن الخصوصية العربية ، فلا نستطيع أن نقول إنه بخير ، كما لا نستطيع أن نقول إنه في أسفل السافلين ، وفي  اعتقدي فإن النقد العربي والجزائري على الخصوص  ينقسم إلى قسمين الأول  يتمظهر في الكتابات النقدية التي تنشرها المجلات النقدية المتخصصة  والصحف اليومية في أعمدتها الثقافية والأدبية ، وهو في عمومه نقد يحاول أن يستأنس بالقضايا الحداثية ، وهي الغالب الأعم قضايا تجنح إلى التكرار والرتابة ، والثاني وهو النقد الأكاديمي المتمثل في الرسائل الجامعية من ماجستير ودكتوراه، وهو في عمومه يبقى نقدا غير معروف في الأوساط النقدية والثقافية بسبب عدم نشره.
    { لم ينتج العرب حتى الآن نظرية نقدية معاصرة، بل استوردوا النّظريات جميعها من الغرب. بما تفسّر ذلك؟
    - ليس من السهل إنتاج نظرية نقدية معاصرة ،قد نتخلص من التبعية الاقتصادية والتكنولوجية ولما نتخلص من استيراد النظريات من الفكر الغربي ، وتبقى تبعيتنا للغرب في هذا المجال مستمرة لسبب بسيط وهو أن الغرب قام بحفريات عميقة في أركيولوجية المعرفة والفكر والفلسفة، وامتلك الأدوات المعرفية والمنهجية التي مكنته من إنتاج نظرية تنتج  المعرفة ومنها هذه النظريات النقدية المعاصرة ، ويتبين لنا هذا الأمر  حينما نحاول  تمثل هذه النظريات الغربية فنجد أنفسنا مضطرين إلى البحث في مرجعياتها الأبستمولوجيا لمحاولة فهم مكوناتها ومنظوماتها المفاهيمية. وهذا لم نستطيع القيام به فلو أننا قمنا بحفريات  عميقة في الحقول المعرفية في ثقافتنا العربية لاستطعنا أن نكون لأنفسنا نظرية عربية في الفكر والمعرفة ، ولن يتأتى ذلك إلا بتعاون كبير بين مختلف مفكرينا وعلمائنا في إطار منظم يسمح لنا بإنتاج أدوات المعرفة التي تتيح لنا بدورها إنتاج النظريات العربية التي نطمح إليها.
    { هل الإبداع العربي في حاجة إلى بناء نظريات نقدية خاصّة به؟
    - نعم في مقدورنا أن نعود إلى النظريات النقدية الغربية لنستفيد منها بما يتلاءم مع طبيعة الإبداع العربي دون أن نتعسف في تطبيق هذه النظريات على أنها  نظريات مقدسة . ذلك أن ما لم يمثله بعض نقادنا ومفكرينا أن هذه النظريات فهي على أهميتها المعرفية والمنهجية والمفاهيمية إلا أنها  نظريات جاءت لتخدم ثقافة معينة لها  خصوصيتها وهويتها . ومن هنا كان وبد أن تأخذ المختبرات النقدية العربية هذه الإشكالية على عاتقها لمحاولة صياغة نظريات عربية تتماشى وطبيعة الإبداع العربي. ويحضرني في هذا السياق مثال واحد أسوقه للتدليل على بعض المحاولات  الفردية والتي أصفها بالجادة في نقدنا العربي المعاصر التي حاولت تطويع وتليين بعض النظريات والمناهج النقدية لتجعلها في خدمة الفكر والإبداع العربي ، ويتعلق  الأمر بالدراسة التي أنجزها الباحث محمد برادة والموسومة ” محمد مندور وتنظير النقد العربي ” التي حاول  من خلالها مقاربة مكونات النظرية النقدية عند  الناقد العربي محمد مندور في ضوء  المنهج البنيوي التكويني دون أن يسقط في التعسف القاتل في مقولات وأدوات هذا المنهج ، حيث قام بتطويع وتليين مفاهيمه وتطعيمها بمفاهيم وآليات أخرى من مناهج مختلفة بما ينسجم وطبيع الإشكالية التي يناقشها ، ولو حاول محمد برادة  تطبيق المنظومة المفاهيمية للمنهج البنيوي التكويني لما حقق شيئا يذكر ، وبذلك استطاع وبذكاء كبير أن يجعل النظرية النقدية في خدمة موضوعة بحثه .
    {  كيف تصف خارطة النظرية النقدية في الوقت الحاضر؟
    - بكل بساطة يمكن وصف خارطة النظرية النقدية في الوطن العربي ، على أنها نظريا تتأثر بالتقسيم الجغرافي للوطن العربي.فتمثل النظرية النقدية  في المغرب العربي يختلف اختلافا كبيرا لدى إخواننا النقاد في المشرق العربي ، وبيان هذا الاختلاف مرتبط بأسباب ثقافية وتاريخية وفكرية ولسانية ( وأعني باللسانية تأثير اللغة والثقافة الفرنسية في بلدان المغرب العربي وتأثير اللغة و الثقافة الإنكليزية في المشرق العربي)، هذه الأسباب المختلفة أثرت بشكل أو بآخر في رسم خارطة النظرية النقدية المعاصرة في الوطن العربي  وخصوصا إذا علمنا  أن جل المناهج النقدية المعاصرة المشكلة للنظرية النقدية المعاصرة ترتبط بالثقافة الفرنسية ، أو على الأقل كانت فرنسا هي البيئة الأولى  الحاضنة لها .ومن هنا اقتربت المسافات لدى البعض وابتعدت لدى البعض الاخر في مقاربة  مفاهيم وآليات  النظرية النقدية المعاصرة ، أضف إلى ذلك  تباين  مرجعيات لفكر النقدي المشرقي والفكر النقدي المغاربي.
    { إلى أيّ المدارس النقدية تنتمي؟ ولماذا؟
    - الواقع أنا لا أنتمي إلى مدرسة نقدية معينة،ولا أدعي أنني أنتسب إلى مدرسة نقدية  تحت  اسم ما، لسبب بسيط وهو أن كل مدرسه تهدف إلى تحقيق هدف واحد وهوتفسير النص الإبداعي من وجهة نظرها،  تفسير  يبقى مرفوضا من وجهة المدرسة الأخرى،  وعليه فإنني أقف على مسافة واحدة بين كل هذه  المدارس والاتجاهات والنظريات النقدية المعاصرة .وما يكمن أن أقوله أنا رجل يحاول أن يقرأ النص الإبداعي وفق القراءة التي يرتضيها النص نفسه  فلا أدخل بفكرة أو مقصدية مسبقة، ولا  أروج لمنهج معين.
    { ما رأيك بالرّدات النقدية التي نجدها عند الكثير من النقاد الذين يتحولون دون سابق تسويغ من مدرسة نقدية إلى أخرى؟
     - هذه موضة ليست جديدة في ثقافتنا العربية ، فقد سقط نقاد كثر في أحضان المدارس والمناهج النقدية دون وعي أو تبصر أو حتى فهم في كثير من الأحيان لمفاهيمه وآلياتها ومصطلحاتها، وكانت النتيجة أنهم سوقوا أفكارا ومقاربات متذبذبة فيها كثير ما الخلط واللغط  والتناقض ، لذا نجد هذه الفئة من أشباه النقاد يحاولون دوما القفز على حبال كثيرة ، خوفا من البقاء  على حبل معين، ولكن حينما يكون السقوط فإن العواقب ستكون وخيمة .، ولذا فأنا لست مع التسويق ولا مع الرفض .
    { هل النظرية النقدية يمكن أن تكون نظرة للوجود كما هي زاوية نظر للنص الإبداعي؟
          – النظرية النقدية من منظوري  وجدت لمقاربة  الوجود الإبداعي ، الذي هو بدوره تمثيل لوجود الوجود بقيمه وتناقضاته وهمومه وأفراحه وأحزانه وحريته،وبالتالي فإن النظرية النقدية هي من هذه الزاوية قراءة للوجود وتفسير له وفهم لماهيته ومكوناته البانية ، زد على فإن النظرية النقدية تستمد مقوماتها ومكوناتها من مرجعيات أبستمولوجيا وجودية ، فهي  قراءة للوجود من زاوية نظر للنص الإبداعي  .
    { هل تؤمن بموت المبدع بعد إنتاج نصّه؟
    - هذه أكذوبة من أكاذيب ‘رولان بارت ‘ ـــ ونحن نقدر فكر هذا الرجل ومساهماته اللامحدودة في النقد المعاصر ـــ وهي فكرة مستمدة فكر الفيلسوف الألماني ‘نيتشه ‘ والقائلة بموت الإله ، ويعني بموت الفلسفة المركزية . والواقع فإن فكرة موت المؤلف فكرة افتراضية جاءت كرد فعل من الاتجاه البنيوي  على المناهج السياقة التي أولت اهتماما للمؤلف، فجاءت البنيوية الشكلية لتؤكد من خلال هذه المقولة على اهتمامها بالنص وليس إلا النص . ومهما حاولت البنيوية الشكلية أن تهمش المؤلف من حساباتها البنيوية إلا أن المؤلف يبقى حاضرا بقوة وبشدة .
     فهل مات شكسبير بعد أن نالت مسرحياته الشهرة العلمية عبر العديد من القرون. وهل نسي القارئ  ‘ إميل زولا ‘  بعد رواية ‘ جارمينال ‘ ، وهل مات ‘ راسين  ‘ بعد مسرحياته ، وهل مات ‘ بسكال ‘ بعد أفكاره..؟ إن المبدع يبقى حيا في قلوب قرائه مهما طال الزمن ، حتى ولو  تعنت القارئ بنسيانه.
    { هل يمكن بحق أن يكون المبدع خارج نصّه تماماً؟أم هو يعيد إنتاج نفسه بطرق مختلفة في نصوصه الإبداعيّة؟
     - شخصية المبدع تتماهى مع النص الإبداعي ، وبالتالي فإن المبدع حاضر بشكل أو بآخر في نسيج النص ، في كلماته وفي عتباته ، في إيقاعه ، وفي كل مستوى من مستوياته،  ولكن ليس بالصورة التعيينية المباشرة ، وعلى الناقد الحصيف أن يبرز هذه الشخصية بآلية التماثل التي تمكن القارئ من رؤية صورة المبدع في مستوى من مستويات أسلوبه، أليس″ الأسلوب هو الرجل “.
    وفي كل مرة نجد  نفسية المبدع وشخصيته تتمظهر بمستويات مختلفة وتنويعات متعددة في كتاباته الإبداعية.
    ولنا في ذلك أمثلة عديدة في الآداب العالمية ، فمن يقرأ مسرحيات ” راسين ” رغم  تعددها وتنوعها فإن القارئ في نهاية قراءته يجد ‘راسين ‘ يعيد إنتاج نفسه من خلال رؤيته المأساوية التي لطالما هيمنت على كل نتاجه المسرحي.
    { هل فلسفة العلامة رؤية نقدية أم حالة إبداعية ترميزية؟
    -  بالطبع  فإن فلسفة العلامة هي رؤية نقدية لأن العلامة بهذا المفهوم تحمل دلالة سيميائية ، وبالتالي فإن التحليل السيميائي هو تحليل للخطاب ،وإن فلسفة العلامة تهتم ببناء نظام لإنتاج  الأقوال والنصوص، ومن هنا ينطلق التحليل السيميائي مما انتهت إليه جهود اللسانيين حول ما توصلت إليه النظرية العامة للغة.ولكن في الجهة المقابلة فإن العلامة( العلامات ) هي  قبل كل شيء حالة إبداعية ترميزية تسبح في فضاء  إبداعي من  الرموز تحمل رسالة إلى المتلقي  بطريقة إبداعية ، فيأتي التحليل السيميائي (الرؤية النقدية ) ليكشف عن نظام العلامات في النص الإبداعي لما تحمله من رموز ثقافية واجتماعية ، ومن هنا يتحقق التواصل بين الناس عن طريق الشفرات أو العلامات بين الباث والمتلقي .
    { هل الأدب وسيلة لنفي الآخر أم للتواصل معه؟
    - حتى ولو افترضنا جدلا أن الأدب وسيلة لنفي الآخر ، فهو في هذه الحالة تواصل معه  بشكل من الأشكال.
     ومن هذا المدخل نقر بان الأدب من أحدى مهامه الأساسية هو التواصل ، فطبيعة اللغة هي التي تحقق هذه المقصدية .
     فتاريخ الإبداع العالمي هو تاريخ التواصل مع الآخر .
    { ما هو الحدّ الفاصل بين التّناص والسرقة الأدبية وفق رأيك؟
    التناص مصطلح سيميائي معاصر  يدل على تداخل النصوص وتفاعلها ، وأن النصوص تنتج بعضها بعضا وقد يظهر هذا التفاعل النصوصي بمستويات مختلفة فأحيانا بطريقة مكشوفة وأخرى بطريقة ضمنية تحتاج إلى قارئ حصيف ليقبض عليها، وهو ظاهرة طبيعية وصحية بين النصوص ، ذلك أن أي مبدع ليس بإمكانه أن ينتج أي نص من فراغ  إلا من خلال قراءاته الواسعة في النصوص السابقة ، التي تشكل له رصيدا ومعينا يغرف منه عند كل حالة من حالات الكتابة سواء أكانت الكتابة تعيينيةأم إيحائية .ومن هنا فإن تاريخ الآداب هو تاريخ التناص الذي يساعد النصوص على أن تفسر بعضها بعضا.
     أما مصطلح السرقة في مفهومه المباشر فإنه يدل على الأخذ غير الشرعي للنصوص الإبداعية وغيرها وإلحاقها  إلى الشخص . ومن هنا كانت السرقات المفضوحة مرفوضة ومحرمة لأنها تعد اعتداء  على ملك الغير ، ولا يختلف أمرها عن السرقات في المجال المادي ، وهنا يكمن الحد الفاصل بين السرقات التي هي غصب واعتداء سافر وموصوف على النصوص دونما حرج في ذلك .أما التناص فهو تفاعل مشروع بين النصوص. غير أنه ينبغي العودة إلى مصطلح السرقات الأدبية الذي ورد استعماله في التراث النقدي العربي القديم والذي انطوت تحت مظلته مصطلحات كثيرة دلت على النقد العربي القديم تمثل مفهوم السرقات الأدبية تمثلا واعيا  على أنها  شكل من أشكال التناص ، وبهذه الفكرة يكون  تراثنا النقدي قد تعرض إلى فكـــرة التناص دون أن يشير إلى المصطلح بالصيغة المعاصرة ، ويعد ابن رشيق القيرواني في عمـــــــــدته أحد الأعلام الفكر النقدي القديم الذي تعرض إلى هذه المســـألة بشكل دقيق.
    { ماهي الفجوة بين التراث العربي والفكر الغربي المعاصر بما يخصّ نظرية النّص؟
      -  ينبغي بادئ ذي بدء أن نسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية،  فنظرية النص بوصفها نظرية ألسنية  غربية بامتياز ،  هي ثمرة إنجازات المنظرين والباحثين في الحقل اللساني والحقل النقدي والحقل الأسلوبي ،فضلا عن التحولات التي طرأت على مفهوم النص ، والتي تستمد وجودها من الأطر الفكرية والفلسفية والعلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية ، مما أعطى للنص قوة فاعلة. وجاءت نظرية النص لتقوم بوظيفة التأويل والتفسير والبحث عن القوانين والعلاقات التي تحكم النص وتنظمه، وبالتالي فهي التقرب العلمي من النص من خلال البحث عن العلاقات التي تحكم البناء النصي والكشف عن هويته وطريقة نسجه، تمهيدا لقياس وتقويم  عطاء النص .
     إن هذا لا يلغي الإنجازات الهامة والجهود المعتبرة التي بذلها علماؤنا  في التراث العربي القديم ،التي تؤكد على اهتمام الدرس اللغوي والنقدي بالتنظير للنص وبالأخص النص الشعري عند الجاحظ والحاتمي والجرجاني والقرطاجني والسجلماسي، وعلى الرغم من أهمية الجهود المبذولة إلا انها لا ترقى إلى مستوى النظرية النصية المعاصرة، وهذا لا يقلل من قيمة هذه الجهود، إنما يجب أن نقر أن الظروف والمعطيات العلمية التي توفرت لنظرية النص المعاصرة لم تكن متوفرة لدى علمائنا قديما.، وهنا تكمن الفجوة .
    { هل هناك مشكلة حقيقيّة في المصطلح النقدي العربي؟وماجذور هذه المشكلة؟
    - طبعا فإن إشكالية النقد العربي المعاصر ، هي إشكالية المصطلح نقدي نفسه، وبالتالي فلا يمكن فصل المصطلح عن النقد . وقد طرح المصطلح النقدي إشكاليات كثيرة في المجال الألسني والمجال النقدي، حيث شهدت الساحة الفكرية والثقافية العربية ظهور مصطلحات نقدية جديدة ومترجمة أو معربة لم تكن مألوفة ، مما أثار  إشكالية نقدية كبيرة نتيجة التناقضات التي عرفها المصطلح الواحد في الممارسة النقدية، على الرغم من الجهود التي بذلها المعجميون والمترجمون إلا ان الإشكالية ما تزال قائمة بسبب عدم التزام كثير من المترجمين واللسانيين والنقاد بالجهود المشتركة .وفي تقديري فإن معالجة هذه المشكلة تقتضي العودة إلى الجذور المسببة لهذه المشكلة والتي جعلت المصطلح موضع تجاذب متباين ، ويتعلق الأمر بالمصطلح النقدي في التراث النقدي والبلاغي ، فضلا عن المصطلح في أصوله الغربية وصراع المناهج والنظريات المعرفية ، والاجتهادات الفردية التي تسعى إلى توليد مصطلحات جديدة.
     { ما الجديد في كتابك  ” البنيوية التكوينية مقاربة نقدية في التنظير والإنجاز″؟
    - أنا لم أدع بأنني أتيت بشيء جديد في كتابي الذي صدر مؤخرا والموسوم ” البنيوية التكوينية ، مقاربة نقدية في التنظير والإنجاز″ كل ما في الأمر أنني قمت  بتأصيل عميق للمنهج البنيوي التكويني بالعودة إلى مرجعياته الفلسفية الأبستمولوجيا والأسلوبية،  وهذا بهدف إعادة تركيب الجهاز المفاهيمي للمنهج وإعطاء المحتوى الحقيقي لمقولاته وآلياته ليتمكن الباحث العربي من تمثلها و’أجرأتها’ في  الممارسة النقدية، وقد دفعني إلى ذلك لما بدا لي في بعض  القراءات النقدية  العربية من خلط من جهة  وارتباك صريح في الطرح النظري للمنهج من جهة ثانية . ولتستقيم الرؤية المنهجية رأيت من اللازم  أن يحتوي الكتاب على قسم تطبيقي ليتمثل  القارئ العربي حقيقة البنيوية التكوينية تنظيرا وممارسة ، بهدف توضيح الصورة المنهجية للقارئ العربي الذي يطمح إلى إنجاز قراءة دقيقة أو قريبة من الدقة للبنيوية التكوينية وفق ما تقتضيه أصول المنهج .
    { هل هناك إشكاليّة في تعليمية المدارس النقدية المعاصرة للطالب العربي؟ وماهي هذه الإشكاليّة؟
    - نعم تطرح تعليمية المدارس أو المناهج النقدية المعاصرة إشكالية بالنسبة للطالب الجامعي  العربي الذي يرغب في أن يتخصص في النقد الأدبي المعاصر ، فقد كشفت  البحث الميداني الذي أنجزناه بهدف تقويم نتائج اختبارات التي أجريت على طلبة السنة الرابعة بكالوريوس (ليسانس) في المناهج النقدية المعاصرة أن النتائج  المتحصل عليه  في هذا المتطلب   تكاد تكون في رمتها ضعيفة ومحدودة ، وكشف التقويم الذي أجري على عينة واسعة من الطلبة أن أسباب الفشل في النتائج  يرجع إلى الافتقار في الإعداد  للمتطلبات أو لضعف أساليب الإلقاء والتدريس .
    وبات واضحا لنا أن تنفيذ المتطلبات التي تتعلق بالمناهج النقدية المعاصرة يقتضي أن تتوفر لدى الطالب العربي بشكل عام معارف ومهارات ومواقف ذات صلة بالمتطلبات والتي ينبغي على الطالب العربي أن يعرفها قبل أن يقبل على دراسة المناهج النقدية المعاصرة ، وهذه المسائل لم تراعها المنظومة الجامعية في إعداد المتطلبات التي من شأنها أن تهيء السبيل للطالب لدراسة هذه المناهج ، ومن هنا يكمـــــــن الإشكال ، فتبدو المتطلبات المقررة للمناهج النقدية غريبة غامضة ومبهمة بالنسبة للطالب لأنه يمــــــتلك الأدوات المعرفية الكافيــــــــــــة التي من شأنها أن تســــــــــــاعده على تمثل هذه المتطلبات .
    فكيف يمكن أن نعلم التلميذ القسمة وهو يجهل كلية عمليات الجمع والطرح والضرب. أعتقد أن المسألة أصبحت واضحة الآن .

    حوار الدكتورة الجزائرية الأديبة زينب لوت مع الشاعر عصمت شاهين دوسكي

    كلما زاد الألم في ذهن وروح البشرية زاد الاستياء للآخر

    * الثقافة والفنون تحدد هوية الشعوب بتاريخها وتراثها

    * الأدب الكردي بطبيعته الجبلية وارثه الأصيل غني بالقيم الإنسانية

    * المرأة الكردية ذكية وجميلة ومخلصة في أعمالها الأدبية والفنية

    * الإبداع يقتل قبل ولادته

    * كتاباتي الأولية نضجت تدريجيا وفق الأحداث الزمنية العصرية

     
    حوار : الدكتورة الأديبة الجزائرية زينب لوت


    * بدايتك في الشعر كانت مبكرة كيف كانت التجربة ؟

    - بدايتي منذ الطفولة حيث الحلم والعوالم المرئية واللا مرئية أبحث عن الحب والأمان والسلام  وأتلمس شغف القراءة والكتابة والتعبير عن ما يجول في خاطري وصمتي وتمردي حيث كنت قليل الكلام مثلما البرق والرعد يلهمني الحدث ،كان بكاء طفل يستفزني يؤلمني حيث كانت البسمات الحزينة ترافقني في طور المشاكل والأحزان والقليل من المسرات في أجواء الفقر والحرمان في أزقة شارع فاروق وحضيرة السادة المتواضعة والتشبث بحلم قد يكون بعيدا ،أثارت فيا أشعار القدماء امرؤ القيس طرفة والمتنبي والبحتري وزهير بن أبي سلمى قيس بن الملوح حسان بن ثابت الجاحظ عنترة بن شداد أبو العلاء المعري وتلتها كتب معاصرة طه حسين توفيق الحكيم إحسان عبد القدوس عباس محمود العقاد  المنفلوطي إبراهيم ناجي محمود درويش نزار القباني الجواهري البياتي بدر شاكر السياب نازك الملائكة فدوى طوقان  أحمد خانى عبد الله كوران علي حريري ملا جزيرى  سليم بركات بدرخان سندي وغيرهم والتطور إلى عالم الأدباء العالميين أمثال فيكتور هيجو وليم شكسبير فيديور ديستويفسكي فرانز كافكا ليو تولستوي ارنست هيمنغواي السكندر بوشكين يوهان غوته دانتي سارتر ارسطو كل هذه التجارب الأدبية كحزمة أطياف قوس قزح صاغت جمالية فكرية وحسية إنسانية في كتاباتي الأولية ونضجت تدريجيا وفق الأحداث الزمنية العصرية .

      • قد أضاف العمل الثقافي تجربة وثقافة من هي الشخصيات والنصوص التي تأثرت بها ؟

    - ولدت في وسط مدينة دهوك في محلة شيخ محمد عام 1963 م والآن عمري ثمانية وخمسون وما زلت أعاني بين ولادتي وحاضري فكريا وعاطفيا ، مرت أحداث وتجارب مؤثرة في حياة العراقيين والكرد والعالم وتناقضات لا حدود لها  ، ثمانية وخمسون عاما وأنا أشاهد عمليات إبادة إنسانية بطيئة وفي الوقت الحاضر في الأعوام الأخيرة ظهرت عمليات إبادة جماعية وكلما تقدم بي العمر أصبحت اشد وعيا وأكثر إدراكا بما نعانيه من ظلم وجهل وجوع وفساد هكذا حينما تغيب العدالة الاجتماعية والتربية السليمة تتجلى غيوم معتمة تحاول أن تمنع وصول أشعة النور للإنسانية ، فكلما زاد الألم في ذهن وروح البشرية زاد الاستياء للآخر الذي هو محط وجود جبري الذي يتضمن الثقافة والعقلية الإدارية ، وكوني أعرف نفسي شاعر وناقد كتبت الكثير من النقد الأدبي والفني حتى تجلى النقد في صوري الشعرية التي أريد من خلالها أن يكون العالم أفضل إنسانيا ووجوديا ، وقد ذكرت لك في السؤال السابق بعض الأسماء والشخصيات التي تأثرت بأفكارهم ونصوصهم الأدبية الفكرية والفلسفية والشعرية .

     • المهرجانات الشعرية تجسيد لمهارات الأداء ونقل الصورة الشعرية حية مؤثرة كيف تعايشت مع المتلقي وما هي نصوصك الأكثر تأثيرا في نظرك ؟

    - المهرجانات الشعرية مهمة حيث الشاعر والمتلقي وجها لوجه وأكثر تواصلا وتميزا وإبداعا في حضرة تبادل الآراء والنقد البناء ومن خلال إقامتي أمسيات أدبية في مدن دهوك وزاخو والموصل وقراءتي لبعض قصائدي وجدت تفاعلا أكبر وتبادل آراء وأفكار أشمل وأوسع ،يصف الشاعر الفلسطيني محمود درويش إن العراق بلد الشعراء وشيء طبيعي أن يكون هناك بين الشاعر والمتلقي اختلاف وجهات النظر،  ورأيي حينما تكون الأسس المهرجانية الشعرية في ظل المحسوبية والمزاجية واحتكارها لمجموعة ما وتهميش الشعراء الشباب سيؤدي إلى خلق خلل ثقافي إداري يؤثر على المتلقي ، ولكون القصيدة شفهية سمعية في المهرجانات الشعرية يبدأ تأثيرها بين تقاليد الشعر القديم والحديث حيث كان الشاعر نزار القباني مدافعا عن الشعر العربي  يقول: " الشعر في الأساس صوت، وهو في شعرنا العربي، خاصّة، مخزون في حنجرة الشاعر وأُذن المتلقّي. فالصوت إذنْ قدر القصيدة وخيمتها"  ولا يمكن تجاهله ، أما نصوصي الأكثر تأثيرا فكل نص كيان لوحده له تأثيره وتفاعله .

     • اللغة الكردية شعرا ما هي الصورة التي تمنحها للفن من خلال اللغة ؟

    - اللغة الكردية كباقي لغات العالم لها خصوصيتها في تشكيل صورة فنية اجتماعية واقعية وكما تعلمين أغلب المناطق الكردية ذو طبيعة جبلية جميلة فكانت ديمومة اللغة طبيعية بطبيعة المنطقة عشقا وجمالا وإحساسا وولاء وانتماء وما زالت نواة أساسية تمنح مكونات الفن والثقافة الإنسانية الفلكلور والديانات والمعتقدات حتى في اللباس والأزياء والأحداث ،فاللغة الكردية هي جزء من الثقافة والثقافة والفنون تحدد هوية الشعوب بتاريخها وتراثها من خلال الصور الشعرية التي تجسد المعاني التاريخية والمضامين التراثية الأصيلة وعبر الأزمنة كان لدور الشعراء الكرد كبيرا في بيان وتجسيد الواقع الفني والفكري كأمثال عبد الله كوران وأحمد خاني وبدرخان السندي ولطيف هلمت وغيرهم إن الشعوب المعاصرة تتحاور وتتواصل في ما بينهم من خلال الفنون وهذا يؤكد مدى أهميتها شعرا وفكرا وتصورا وتعبيرا ويمد العالم التجديد والنهوض والاعتدال واحترام الآخر مهما كان وهو مؤشر مهم لما يمر به المجتمع من أحداث وتناقضات ومصاعب من خلال اللغة الفنية التعبيرية .

     • لك مؤلف مهم ( اغتراب واقتراب) عن الأدب الكردي كيف حددت تصورك النقدي بداخله ؟

    - كتاب " اغتراب واقتراب " مخطوط لم يطبع لحد الآن ويضم دراسة نصوص ( 18 ) أديبا كرديا ( الدكتور إحسان فؤاد – لطيف هلمت – جنار نامق – رشيد فندي – محمد سايم سواري – جمال بروارى – عدنان المزوري – بدل رفو – كيفي عارف – نزار البزاز – الدكتور وريا عمر أمين – جانيت المرادي – علي برزنجي – سالم كورد – اسماعيل روزبيانى – هجران شيواو – مصطفى حميد – جلال جاف ) لكل أديب رؤية في طرحه النصي والفني فالأدب للجميع دون تميز ،ناهيك عن المستوى العلمي والفكري والوعي ، الذي يكون عاملاً مساعداً لاستلام النص والمضمون والفكرة، فالأدب الكردي مثلاً بطبيعته الجبلية وارثه الأصيل غني بالقيم الإنسانية الغنية بالجمال الراقي والوفاء السامي والتواصل الإنساني مع جميع شعوب العالم ،ودراسته وتحليله وتجلي مداه الفكري وتجسيد إبداعه الروحي وتسليط الضوء عليه كدراسة أي أدب في العالم بجميع جذوره التي تمتد إلى عوالم خاصة به كنظرة أولى ،ولكن بأبصار ورؤية عميقة نرى ونحس إن جذوره تمتد إلى ما لانهاية من التطور الفكري الإنساني الإبداعي في مختلف الأطر الأدبية ،فلا يظن القارئ الكريم إن الأفكار محددة ومقيدة لنمط معين من الآداب ، فالأفكار لها الحرية في كل مكان وزمان ،ولكن يمكن القول إن هذه الأفكار النصية الأدبية لها خاصية جميلة عامة تتجلى بقوة الجبال وشموخه ،ونسيم الوادي وصفاءه،وخرير الجداول وانسيابه،وقامة الصنوبر وجماله ،وهكذا مثلما الصحراء لها مداها السرابي الواسع ،وصوت الريح الهاب مع الرمال ،وخيوط أشعة شمسها الساطعة ،والأديب الذي يكتب هنا وهناك بينهما خاصية المكان والزمان، ولا يمكن تصور الضيق في الفكر إن من يكتب عن أدب معين هو خاص به’ إلا ما رحم ربي فكل إناء ينضح بما فيه من جهة ،فحرفة الكتابة لها عوالم مميزة لإيصال الرسالة الأدبية للآخر،وهكذا الآداب الإنسانية للإنسان عامة إن كان في الشرق أو الغرب أو أي مكان في العالم .

    الكتابة عن أفكار وروح وإحساس الأدباء لهو عمل شاق جداً فالبحث المستمر عن النص والفكرة الإنسانية إجهاد ومتعة ،إجهاد في الاختيار والتأويل الفكري والحسي الفني ومتعة الكتابة إنك تكتب عن الأخر ،هذا التواصل الفكري الإنساني بين الكاتب والأديب والنص ،يجسد استمرار الحياة الأدبية واستمرار التجدد ،والتغير مهما كان النص الفني شعرا، قصة، مسرح، أو لوحة أو أي مجال فني أخر ..وبعد كتابي الأول (عيون من الأدب الكردي المعاصر ) عام2000م  الذي ضم دراسة وتحليل عددا من نصوص الأدباء الكرد ومنهم الأديب الدكتور بدر خان السندي الأديب الدكتور نافع عقراوي الأديب صلاح زنكنة وصلاح شوان وعبدالله كوران ولطيف هلمت والفنان التشكيلي سالم كورد ومحمد البدري والشاعرة كولالة نوري والروائية كليزار أنور والأديب كاكه ى فلاح وصديق شرو وعبدالله عباس ومحمد درويش علي وحكمت الأتروشي وكريم ده شتي وأحمد تاقانه....وكتابي الثاني (نوارس الوفاء)عام 2001م الذي ضم الأدباء الكرد المبدعين الأديب الكبير جكر خوين الأستاذ المبدع صلاح سعد الله وصبري بوتانى ومحمد أمين بنجويني وخسرو الجاف ومحسن قوجان ومحمد سليم سوارى وفريد زامدار وعبد الرزاق بيمار وعباس عسكر وآزاد شوان وبرهان البرزنجي ونجم رحمن وارانى وعمر عثمان وبلقيس الدوسكي وسالار إسماعيل والفنان التشكيلي دلشاد نايف المزوري وغيرهم. وبعد تشجيع الأستاذ الكبير الأديب والإعلامي جمال برواري وسالم كورد وجلال جاف وبدل رفو وغيرهم من الأدباء المبدعين واصلت الكتابة ليكون هذا الكتاب (الاقتراب والاغتراب) وهو الكتاب الثالث عن إبداعات الأدباء الكرد بالنقد والدراسة والتحليل والتأويل.. أتمنى قد قدمت شيئاَ جميلا وقيماً على مأدبة العالم الأدبي الكردي والعربي والعالمي والإنساني بصورة عامة .

     •  كتابك ( المرأة الكردية بين الأدب والفن التشكيلي) تناول علاقة المرأة بالفن هل يمكن الحديث عن أهم الأسماء والأعمال النسوية في الأدب الكردي ؟

    - المرأة الكردية ذكية وجميلة ومخلصة في أعمالها الأدبية والفنية وهن كثيرات ولا يمكن حصرهن في كتاب واحد ولكني اخترت بعض الأسماء بين الأدب والفن التشكيلي  وعنوانه  " المرأة الكردية بين الأدب والفن التشكيلي " وهو كتاب لم يطبع لحد الآن وضم (23 ) أديبة وفنانة تشكيلية ومنهن ( الشاعرة أروى شريف جاف – الأديبة الدكتورة بلقيس الدوسكي – الشاعرة بهار محمد – الشاعرة تريفي دوسكي – الشاعرة  تيروز آميدي – الفنانة التشكيلية جانيت المرادي –  الفنانة التشكيلية جيهان محمد علي – الشاعرة جنار نامق – الأديبة خالدة خليل – الفنانة التشكيلية روناك عزيز – الشاعرة زكية المزوري – الفنانة التشكيلية رويده حسين - الأديبة زوزان صالح اليوسفي – الشاعرة سندس سالم النجار – الشاعرة سلوى كولى – الشاعرة فينوس فائق –  الشاعرة فرح دوسكي – الروائية كليزار أنور – الشاعرة كولالة نوري – الأديبة ميديا يوسف الحيدري – الأديبة نظيرة اسماعيل كريم – الشاعرة هيفاء دوسكي – الشاعرة هيفي بروارى  ) وقد كتبت عنه الأديبة المحامية السورية نجاح هوفك : " بصيرة كاتب وشاعر أعطى للمرأة اهتماما كبيرا ليكتب عن معاناتها، آمالها، أحلامها ،عن الفكر المتقد بالإحساس الجميل، والذهنية المتحدية بين الواقع والخيال ، إنها المرأة الكردية التي تمتد جذورها إلى أصالة الحضارة وقد أخذنا اليه كاتبنا مع لوحات فنانات تشكيليات رسمن بالخطوط والصور تمازج الألوان بروحهن الحالمة، المتمردة ، المتفاعلة مع الطبيعة ، غزارة في الإحساس ، وتجسيد للواقع، والفن والإبداع عالم روحي مدون بإحساس عصمت دوسكي الذي سيبقى مصدرا فكريا ، جماليا ، ثريا ، لمدى تعاقب الأجيال ليأخذنا من خلال عوالمه الشعرية إلى عالم الأنثى لنكتشف فيه السحر والأصالة والقوة ممتدا من تاريخ الأمس متفاعلا مع الحضارة المعاصرة ." ولو طبعته إحدى الدوائر المعنية بالثقافة الكردية أو الشخصيات الثقافية أو الجهات النسوية القادرة على مهمة الطبع والنشر لمدت معنويا أطر الاستمرار والإبداع واستمرار الكتابة عن الأدب الكردي فهناك كتاب آخر عن الأدب الكلاسيكي الكردي عنوانه " فرحة السلام " ما زال على الرف ويضم  " 18 " شاعرا كلاسيكيا كرديا  ( علي الحريري – فقيه طيران – أحمد الجزيري – شمس الدين الاخلاطي – خالد الزيباري – احمد خاني – منصور الكركاشي – حسين الباته يى - برتو الهكاري - بكر بك الارزي - نور الدين البريفكاني - طه المائي - حسني البامرني - غياث الدين النقشبندي - أحمد نالبه ند - ممدوح البريفكاني - أنور المايي - طاهر الشوشي ) .

     •( جمال الرؤيا عن الشعر النمساوي) خروج عن الشعر العربي إلى الشعر الغربي ما هو الاختلاف الفني بينهما وكيف ترى الشعر النمساوي من حيث المزايا الفنية ؟

    - الشعر نص فني جميل بذاته فإن علم الجمال ونظرياته هي أسس قيم الشعر النقدية ومدد هذه القيم التكميلية الذائقة الموسيقية للشعر إضافة إلى التصوير وذلك بفلسفة جمالية حسية ترسم خصائص النص والمضمون وبما إنه جمالا تعبيريا كلاميا تسخر اللغة في متونها والبلاغة في نماذجها لنصل إلى بناء نظرية الشعر ونقده ونميز خاصية الجمال التعبيري الكلامي عن بقية الفنون الأخرى وهناك سلوك الفكر والجوارح وهما مهمان في مضمون الشعر وتظل المفردة العربية مأثورا عربيا معبرا بين الجمال والقبح والحق والباطل ويظل فسق أبي نواس مثلا في صوره الجمالية شعرا لأنه حقق دلائل جميلة في التعبير الكلامي فالشعر طاقة وقدرة مميزة على الأداء الجميل لأي مضمون كان ، والشعر العربي ببحوره وتشعباته وأفعاله وصوره يميزه عن باقي الشعر كجوهر وروح وإحساس وجمال وهذا لا يعني إن الشعر النمساوي مثلا بعيد عن هذه المضامين كشكل وتنظيم وروح كونه كيان اختار صورة تعبيرية جمالية خاصة به تتعلق بصحة البناء الشعري لغة والمفردات والروابط والصيغ وجمال التركيب فهذا يسرد وصف الطبيعة شعرا وآخر يختار من أغراض الشعر من مدح وهجاء وغزل وآخر يذكر أسماء مدن وبلدان وأحداث وحينما أخص الشعر بجمالية وحسية فلسفتي الجمالية  ليست جزئية ،بل الجمال في تجربتي الأدبية عطاء علمي وفكري، والحس الجمالي بمستويات عالية ُترصد في الجوهر الشعري بناء على مستويات ذاتية  تربية وفكر وعلم. وتضمحل مجانية الجمال في الإحساس بمقدار ما يتربى الحس علميا وفكريا ومن أهم دلائل الجمال الدهشة  والإثارة والقدرة على التغيير لجذب المتلقي، والجبروت الفكري، والجدية والابتكار والإيحاء . أما الفارق بين الشعر العربي والإنكليزي فالفروق والمظاهر مختلفة فأشملها أن شعر العرب شعر مقصور على أمة واحدة، وأن شعر الإنجليز شعر متفتح واسع الجوانب بحياة أمم  مختلفة. فإذا أردت أن تعزل الشعر العربي عن أشعار العالم  قديمها وحديثها، لم يكلفك ذلك أكثر من حذف كلمات تسربت إليه من اللغات الأخرى، وتبديل مصطلحات لا تتعدى ظواهر المعيشة والتطور العصري، وأن تبلغ إلى بواطن الأفكار والسرائر. ولا يمكن أن تضع الشعر الإنجليزي بمعزل عن آداب العالم، وتخرج ما تسرب إليه من الآداب اليونانية والرومانية والفرنسية والإيطالية وعقائد المسيحية، وما امتزج به من أساطير ، وخالطه من حياة الإنسانية العامة ولا يمكن أن تمسح عنه الصبغة الإنجليزية المستقلة، والخصائص التي استفادت من عناصر هذه الأمة، فأنت بين شعر له صبغته القومية التي لا تختلط بصبغة أخرى، وله في الوقت نفسه وشائج إنسانية لا تمحو عنه تلك الصبغة القومية. فمثلا الشاعر النمساوي ادوارد ف اورتنز يثير صور واقعية بكثافة والشاعر ارنست ياندل يخص مضمون الإهانة من الضعف إلى الارتقاء والشاعرة اندريا سايلر تفسح عالم في هامش الحب والجمال والشاعرة انغيبورك باخمان في مضمون العبودية والشاعرة روزا بوك تجول في حدة الخيانة وغيرهم بمضامين أخرى كنقد أساليب الكنيسة والواقع والحلم وقد اخترت في كتابي الأول بدراسة ونقد وتحليل ( جمال الرؤيا " 19 "  شاعر وشاعرة نمساوية ) – وكتابي الثاني ( جزيرة العشق – " 18 " شاعر وشاعرة نمساوية ) . وكلاهما لم يطبعا لحد الآن لعدم قدرتي على كلفة الطبع والنشر .

     •  تجاوزت الشعر إلى الرواية (الإرهاب ودمار الحدباء) هل هي رواية من الواقع أم استدراج متخيل فني حدثنا عن تفاصيل الرواية؟

    - رواية الإرهاب ودمار الحدباء رواية واقعية تلخص ثلاثة أعوام من الإرهاب في مدينة الحدباء الموصل – نينوى – التي عانت من الويلات والجوع والفقر والذل والإهانة والقتل العلني بحيث تعلق أجساد الموتى على أعمدة الكهرباء لأيام ،صور إرهابية لا يمكن وصفها بكلمات فهي أبشع صور منذ وجود الخليقة على الأرض، أتت الفكرة بعد دمار بيتي وسيارتي وأرشيفي الأدبي بصاروخين من طائرة مقاتلة بحجة شخص إرهابي يرمي المحررين من فوق السطح وبعد التحرير قالوا لي نحن متأسفين فذهب أدراج الرياح كل ما جمعته من سنين عمري ولم تبقى سوى أطلال باكية وحين القصف كنا في بيت جيراننا ،بعدها نزحنا إلى مدينة دهوك وبعد تواصلي مع الصديق الأديب والإعلامي الكبير أحمد لفتة علي اقترح علي فكرة كتابة رواية تلخص مشاهدات واقعية عن الإرهاب والدمار في الحدباء وفعلا كتبت الرواية وأبطالها أنا وعائلتي تضمنت الرواية عشرة فصول ( قبل البداية – من وراء الحدود – دهوك المنطقة الآمنة – احتلال الموصل – منهج ورؤية – الانكسار – إعلان ساعة الصفر – دمار البيت – البحث عن مكان – رحلة بلا نهاية ) . كتب عنها الدكتور الأديب هشام عبد الكريم قائلا : "   أحداث هذه الرواية أحداثا واقعية لم يضف عليها السارد شيئا من الخيال بل كان منصفا في ذكرها  وسردها ، وقد رصد أيضا الأسباب التي كانت وراء احتلال الموصل من تقاطع بين الحكومة المحلية وقادة الجيش فضلا عن ساحات الاعتصام التي غذت وعجلت من سرعة الاحتلال ، وقد لمح الكاتب إلى وجود أمر دولي مبيت لاحتلال هذه المدينة ومحو هويتها .كانت أحداث الرواية تتسارع كما هو الحال في الواقع ، وقد نقلنا الكاتب إلى أمكنة عدة من بيته في حي سومر إلى أحياء أخرى في مدينة الموصل ومن ثم الانتقال إلى كركوك واربيل وأخيرا إلى دهوك .وما هذه التنقلات إلا بحث عن الخلاص وإنقاذ العائلة من الموت والفناء ، كان السارد هو من يروي الأحداث لم يستعن بأحد لأنه الشاهد الحقيقي والبطل في هذه الأحداث المؤلمة .لغة الرواية لغة وصفية استطاعت أن تضعنا في أوار الحدث وهذه اللغة هي الأنجح في مثل هذا النوع من الروايات ، ذلك لأنها كتبت وهي مرافقة وقريبة من الحدث ، وأخيرا يمكنني القول إن هذه الرواية استطاعت أن توثق وتؤرخ لمرحلة تاريخية مهمة من تاريخ مدينة الموصل ونكبتها التي ستتناقل ذكرها الأجيال" لو كانت هذه الرواية في أوربا لانتشرت سريعا وربما غدت موضوعا مهما على شاشة سينما واقعية ولكن مع الأسف الإبداع عندنا يقتل قبل ولادته .

      • لك كتابات عن أعلام أدبية هل يمكنك الحديث عن هذه التجارب ؟

    - الأعلام الأدبية علينا الإشارة إليها وتسليط الضوء عليها في زمن اللا مبالاة واللا اهتمام بل نفيهم وتركهم بين أربع جدران ضيقة وعدم إعطائهم حقوقهم الأدبية والعلمية وعدم إفساح المجال أن يقوموا المجتمع وبيان الأساليب السلبية والإيجابية وإيجاد الحلول لها فالفساد الخلقي والأخلاقي وتركيبة الباطل على الحق وديمومة الجهل والفقر والجوع والظلم وتسليط الطواغيت على الأبرياء وفقدان العدالة الاجتماعية والتربية الصحيحة ونشر المحسوبية والحزبية والأنانية والطائفية أظهرت ثقافة سميتها " ثقافة القبور " حيث الروتين الفكري والإداري والملل المنهجي والتكرار الوهني وضياع الحق والحقوق وإظهار شعارات براقة مجرد شعارات مكسبية حسابية لا تغني من جوع بين هذه العوالم المتناقضة يتيه الفكر والعلم ولا يبقى سوى أسمه فقط . وفي هذا الشأن كتبت كتاب ( إيقاعات وألوان عن بعض أعلام التطواني المغربي ومنهم ( بن كيران التطواني -  عمر البقالي - جمال الموساوي - جميلة مريبطو - محمد المرض - جليلة مفتوح - محمد السرغيني - خالد الضاوي - نور الدين الوادي - سعيدة املال - فاطمة بنيس - رضوان حداد - محمد انقار - زكية بو قديد - سلوى الشودري - بو عبيد بو زيد - احمد بن يسف - سعيد بن سفاج - عبد الخالق اغزوت - سميرة امزغار - نسرين الشودري - رضوان الوادي ) ولم يتم طبعه ونشره لحد الآن .

    . • يقول بيكاسو " الفن يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية " الشعر بلسم الحياة وامتداد في فضاءات متخيلة عميقة كيف كانت تجربتك الشعرية حتى الآن ؟ وما هي منجزاتك؟

    - منذ عام 1978 م وأنا في عوالم الكتابة عانيت الكثير وما زلت أعاني ولو طبعت كتاباتي النقدية ومجموعاتي الشعرية لأصبحت أكثر من 30 كتاب ،مرت تجربتي الشعرية بمفهوم التجربة الشعرية الخبرة النفسية حينما يقع الشاعر تحت سيطرة مؤثر ما موضوع انفعل به  فيندمج فيه بوجدانه وفكره وإحساسه مستغرقا متأملا حتى يتفجر ينبوع الإبداع لديه فيصوغه في الإطار الشعري الملائم لهذه التجربة ذاتية كانت أو عامة . بما يجود فيها الوجدان  العاطفة والإحساس والانفعال والشعور.والفكر المعاني والخواطر وما تضمنه الأبيات والصورة التعبيرية التي تشمل الألفاظ والعبارات والصور والموسيقى والصياغة الشعرية . أما عن منجزاتي الأدبية فهي ( 8 ) كتب نقدية وشعرية صدرت في أمريكا " الرؤيا الإبراهيمية " والمغرب " ديوان بحر الغربة "  وبإشراف تونس " مجموعة شعرية - حياة في عيون مغتربة " وسورية " سندباد القصيدة الكردية وبغداد مجموعة شعرية وستبقى العيون تسافر وعيون من الأدب الكردي المعاصر ونوارس الوفاء وفي دهوك رواية الإرهاب ودمار الحدباء كل هذه الكتب صدرت من قبل أشخاص أثمن واقدر واشكر جهودهم وتواصلهم واهتمامهم . وهناك كتب نقدية ومجموعات شعرية ما زالت على الرف امسح عنها الغبار بين حين وآخر .

     • هل تعكف على مشاريع فنية ونقدية في الأفق ؟

    - نعم هناك طموح وأمل وحلم أن تطبع كتبي النقدية والشعرية ذات يوم ومنها ( اغتراب واقتراب – عن الأدب الكردي المعاصر فرحة السلام – عن الشعر الكلاسيكي الكردي  - المرأة الكردية بين الأدب والفن التشكيلي - إيقاعات وألوان – عن الأدب والفن المغربي - جزيرة العشق – عن الشعر النمساوي - جمال الرؤيا – عن الشعر النمساوي . وكتب شعرية معدة للطبع : ديوان شعر – أجمل النساء - ديوان شعر - حورية البحر ديوان شعر – أحلام حيارى – ومجموعات أدبية أخرى .

     •  كيف ترى المرأة- الوطن- الذات شعرا ؟

    - المرأة والوطن والذات توائم لا يفترقان عن بعض فحينما أكتب تتجسد هذه الصور الثلاثة معا وسمعت وقرأت ألقابا عدة من المعجبين مثلا – ملك الإحساس – شاعر المرأة والوطن – شاعر الإنسانية وجميعها روافد تصب في بحر الإسانية الذي يكون أشمل وأوسع فالمرأة عندي مقدسة كذلك الوطن والذات . فالذات تساوي عندي نحن وحينما تصل إلى هذه المرحلة تكتشف معاني الإنسانية . والمرأة رغم البنود العالمية لحقوق المرأة والشعارات الرنانة ما زالت تعاني من القيود والأفكار البالية حيث اختلطت مضامين الحرية بجوهر الحرية التي تسمو بالمرأة وترتقي بها فارتقاء المرأة ونضوجها الفكري يقيم مجتمعا راقيا . والوطن الجريح أحيانا يباع بثمن بخس حيث التفكير في الجيوب والخزانة الأنانية أفضل من وطن فيه كل الثروات التي تسع للجميع لكن الجشع والطمع وفساد الضمير يدعو له لبيع الوطن والإنسان .

     •  حسب حديث إرنست ليفي:  "ستبدأ الإنسانية بالتحسن عندما نأخذ الفن على محمل الجد كما الفيزياء أو الكيمياء أو المال " ماذا يعني لك السلام جائزة أم روحا تنشد الاستقرار المكاني والإنساني؟

    - أعمل جاهدا أن أصل إلى معاني السلام والإنسانية الحقيقية وليس الظاهرية ولست ممن يركضون أو ينتظرون شهادة ما من هنا وهناك فالسلام عندي أن تقدم شيئا ايجابيا للعالم مهما كان صغيرا أو كبيرا مع الأسف ليس هناك جد واهتمام بالأدب والعلم إلا ما ندر ولهذا تجدين الإنسانية تمر في مآسي ومعاناة ومكابدات وفي قصيدتي أنا بلا عمل أقول : (لا أركض وراء شهادة ورقية

    أنا الشهادة ، أنا الهوية ، أنا الأجمل

    فهل تبحث لي عن عمل

    أم أحمل وطني وأرحل ..؟ )

    كل الأمم المتحضرة تهتم بالأدب والعلم

    * بماذا يساهم الفن من أجل الإنسانية ؟

    - للفن دور أساسي في تطور وتعزيز الخلق السليم والتربية والتعليم حيث يزيد من التفاعل والتعبير عن النفس بمهارات جديدة وتمنح الثقة والطاقة الفكرية الايجابية وتسهيل سبل الإبداع وتنمية الروح والإحساس وتطوير السلوكيات والعادات السليمة والتحسين والمثابرة والصبر ويعمل على تجديد وتطوير الشخصية إلى الأفضل فمن يتعلم الرسم أو الموسيقى مثلا بكون منضبطا دقيقا ويحس بقدرة التغيير ليعطي جهدا فنيا مميزا للإنسانية أما الشعر فهو تقديس الإنسانية بحد ذاته من أفكار ورؤى متقدة بالحب والسلام والسمو والارتقاء والإبداع  من أجل حضارة إنسانية واعية يضرب فيها المثل التطوري في منهج العدل والحكمة والتعليم فبناء الإنسان أولا ثم بناء العمران .  

     • كلمة توثق فيها هذا الحوار الماتع ؟

    - كنت أحلم أن أكون في عالم أكثر رحمة وأكثر إنسانية وأكثر عدلا ،وكأني في زمن غير زمني ، شكرا جزيلا لوجودك النبيل الجميل وسعة صبرك الراقي وإن شاء الله القادم أفضل للجميع .




    لقاء مع الكاتب والأديب الكبير الأستاذ محمدعلي سعيد / حاتم جوعيه


    -  الكاتب: محمد علي سعيد، هو الجمع في المفرد-الأصل من شعب، المولد في البعنة، الإقامة في طمره/عكا. = النكبة

    ولد القاص والناقد والباحث والكاتب والمربي والمثقف الموسوعي والانسان الوطني المتواضع والمعطاء: محمد علي أحمد محمود سعيد/ أبو علي، في قرية البعنة/ الجليل الأعلى، (وهي من قرى الشاغور) يوم: 01- 05- 1951، لوالدين أصلهما من قرية شعب/ الجليل الأسفل، ويقيم وعائلته منذ عام 1975، في مدينة طمره/ عكا.

    س1: بداية، أهنئك بالسلامة والعافية بعد إجراء عملية القلب المفتوح الفجائية، وثانيا أهنئك بتجاوزك السبعين من العمر، وما زلت ناشطا جدا ومعطاء غزيرا، أتمنى لك العمر العريض والمديد والعيش الهادف والرغيد ودوام العطاء المفيد يا صديقي العزيز: محمد علي سعيد. بنظرة بانورامية الى الوراء، ماذا تقول وبماذا تشعر؟

    - الأول من أيار هو عيد العمال العالمي، وهويوم ميلادي عام 1951، وفي هذا العام 2022، أكون قد ودعت منذ نصف سنة تقريبا سبعة عقود/ سبعين عاما من عمري، وأبدأ في العقد الثامن/ في الواحد والسبعين من عمري.

    أنظر الى الوراء، واتتبع جميع الخطواتفي كل وجه من وجوه مسيرتي الحياتية: الوطنية والأخلاقية والاجتماعية والسلوكية والأدبية والتعليمية والقيمية والاقتصادية وغيرها، فأرى كل الوجوه ناصعة البياض.فأرضى عن نفسي كثيرا والى حد بعيد، وبكل تواضع.

    ولأن لساني في حق نفسي قصير، أكتفي بالقول:إني أنام مرتاح الضمير، والحمد لله"... 

    ولما أزل أشعر بروح الشباب وسعادة العطاء ومتعة صداقة الكِتابوهو خير الأصحاب.وكما أقول دائما: العمر إحساس وعطاء وليس عدد أعوام وبكاء.

    وهذا من فضل ربي ورضاء الوالدين وأسرتي.

    ولكن الحقيقة تقول: إن مرضي وعملية القلب المفتوح، أثرت عليّ كثيرا جدا فقيّدت حركتي، ولم أعد أستطيع المشي القليل إلا بمساعدة العكاز والاتكاء على كتف صديق، وأشعر بالتعب كثيرا... ومع ذلك ما زلت ناشطاومشاركا. 

    س2: البطاقة الشخصية

    ج2: الاسم الكامل: محمد علي أحمد محمود سعيد/ والكنية: أبو علي، ولدت في قرية البعنة (من قرى الشاغور: دير الأسد، البعنة، مجد الكروم. في الجليل الأعلى)، يوم: 01- 05- 1951، لوالدين أصلهما من قرية شعب/ الجليل الأسفل.

     حاولت أن أحقق أمنية أبي وهي: أن يسكن ويعيش ما تبقى له من عمر ويُدفن في مسقط رأسه في قرية شعب، ولم تتحقق الأمنية، لأننا رفضنا أن نبيع أو نبدل أرضنا الطابو في شعب، ونسكن في قسيمة أرض للغائبين... 

    وتشاء المصادفة أن أكون وأبي وأمي في حفل زفاف في حي خلة الشريف في قرية طمره/ عكا، اليوم هي مدينة. ونعرف بوجود قطعة أرض ودار للبيع، وهكذا انتقلنا عام 1975، للسكنى في الحي. وهكذا، فأنا شعباوي الأصل، بعناوي المولد، طمراوي المسكن. = معطيات النكبة.

    س3: شعب ثم البعنة ثم مدينة طمره، لماذا؟

    ج3:شعب قرية تقع في الجليل الأسفل، وهي قرية مناضلة، فقد قاومت عام 1948، وأقام أحد مناضليهامن قادة عز الدين القسام وهو: إبراهيم الشيخ خليل/المشهور بكنيته: أبو اسعاف "حامية شعب/ وضمت الشباب من خارج شعب"، لمقاومة اليهود، وقاومت كثيرا الى أن سقطت، وعندهانزح والدي: علي أحمد محمود سعيد مع أهله وكذلك والدتي: حنيفة أحمد ظاهر أسدي مع أهلها، وغيرهم من أهالي شعب نحو الشمال وهدفهم لبنان، (وقد كانا مخطوبين) وحطت العائلتان للاستراحة (مع غيرهما من عائلات شعب وميعار والبروة) في قرية البعنة.

     عرف بالأمر المناضل القسامي: إبراهيم حنا الياس (وكان قائد فصيل في ثورة عز الدين القسام، وقد ربطته علاقة قوية مع عمي محمد الذي استشهد في الثورة في منطقة المثلث)، بحث عن عائلة أبي مع ابنه الشاعر الوطني: حنا إبراهيم، حتى التقيا بهم، اقترح الشاعر حنا على أبي الزواج (وكان أبي متسللا،مغضوباعليه، مطارداومطلوبا للسلطة، لأنه كان من أشداء حامية شعب بقيادة: إبراهيم الشيخ خليل/ أبو إسعاف). وتزوج أبي وأنجب بطريقة استثنائية.

    س 4: حدثنا عن قصة زواج الوالد، فقد شوّقتنا، فهي غريبة الطقوس.

    ج4:فكرة الزواج بهذه الطريقة اقترحها الشاعرالمناضل حنا إبراهيم على أبي ليساعده في جمع شمله مع أهله، وكان العرس غريبا ومثيرا في طريقته: حفلة للعروس والعريس مختبئ في الجبل، والجيش / البوليس يحاصر العرس والشباب الوطنيون يراقبون... وهكذا تزوج أبي عام 1950، (كيف دخل على عروسه، لا أعرف، اين كان يلتقي بها، لا أعرف.. ولكني أعرف أننا وُلدنا (أنا وتوفيق ووفيق) مهربين.أعطى الشاعر حنا إبراهيم أوراق الزواج موقعة من أعيان البلد شهودا، ولم يكن الحكم لصالح والدي، وبقي متسللا (بين لبنان والجليل) حتى عام 1962، حيث عاد ضمن قانون "جمع شمل العائلات"، في قصة مثيرة وجريئة وتعكس قوة شخصية أمي، رحمها الله.    

    في عصر أحد الأيام، تفاجأتُببحر من الناس يتوجه نحو بيتنا (البراكية من الصفيح) وهم يرقصون ويغنون ويزغردون ويصحجون، ويحملون رجلا وبعض الحقائب. توقفت عن اللعب للتمتع بما أشاهد، دار صف السحجة حول البراكية أكثر من مرة، شرب الناس الشراب وأكلوا الحلاوة، واسمع عبارات متقطعة: (مبروك يا أم محمد، الحمد لله على رجعة جوزك للبيت، ويارب رجعة كل الغائبين و...).                                                                             لم أكن أعرف أن هذا الرجل هو والدي. وفي المساء المتأخر، عرفت، احتضنني وأخوتي وقبلنا وبكى وألبس كل منا بدلة عريس، أحضرها معه من لبنان.

    س 5: بماذا عمل الوالد بعد عودته؟

      ج5: قبل عام النكبة 1948، عمل في فلاحة أرضه ورعاية بقرات ومواشي العائلة، ثم التحق بحامية شعب، (محتذيا بشقيقه محمد مع القسام) وكان من رجالها الاشداء، ومن المقربين لأبو إسعاف. ثم عاش متسللا من لبنان الى الجليل ذهابا وإيابا، وفي لبنان عمل في الفلاحة أجيرا، وبعد عودته الى البلاد. رفض أن يعمل في المدينة مع اليهود أو عندهم، وما كان من حنا إبراهيم إلا أن اقترح عليه أن يعمل معه حجّارا (في المقالع/ المحاجر في منطقة مدينة كرميئيل حاليا)، وافق أبي وبقي يعمل حجارا حتى التقاعد.                                                                   وفي عام 2004، وفي مدينة طمره، توفي بأجله المحتوم، عن عمر ناهز الثمانين، ولكن ذكراه الوطنية والدينية ستبقى وتدوم. رحمه الله وطيب ثراه وجعل الجنة مثواه، وباقية هي ذكراه، إن شاء الله.  

    س5:قليلا عن الحالة الاجتماعية:

      ج5:أنا الابن البكر لأسرة تتألف من 13 نفرا (الوالدان و6 أبناء و5 بنات) مستورة الحال، نحن عائلة وحيدة في البلاد، فلا يوجد لنا أقارب بيولوجيون من الحلقة الأولى أو الثانية، فكلهم في الشتات (الجد العم والعمة، الخال والخالة.. وكذلك نسلهم). مثلا،أبناء عمي يعيشون في الأمارات وعُمان أسكن وكل عائلتي من الوالدين وأشقائي وشقيقاتي في طمره، منذ 1975.                                                                            في عام 1978 تزوجت من المربية: وفيقة محمد توفيق حسن الحاج طه حجازي، وأنجبنا خمسة أبناء وهم: علي، علا، عرين، عبير، وعروب.. تعلموا أكاديميا وتزوجوا ويسكنون في طمره، وحياتهم سعيدة، ولي منهم/ن 15حفيدا وحفيدة حتى الآن، والحمد لله. 

    س6: يشهد لك الجميع بسعة المعرفة ودقتها، فما هو تحصيلك العلمي ؟

    ج6:أعتز أني خريج مدرسة المطالعةالواعية للفهم والمُراجعة المانعة للنسيان. وهكذا أنا منذ المرحلة الابتدائية وحتى يومنا هذا، مثلا: كنت أراجع في الشهر الأخير من العطلة المدرسية جميع مقررات السنة السابقة، وكذلك من حين الى آخر أراجع ما قرأته من قبل وأضع أسطرا تحت الجمل المفتاحية في النص، كما وكنت أصور فهارس الكتب وخاصة: النقد الأدبي، التربية وعلم النفس، وأصنفها في ملفات كي اعود اليها واهتدي بسرعة الى ما أريد، وكذلك كنت قبل عالم الانترنت اقص المقالات من الجرائد وأصنفها حسب مواضيح.

     وأما على المستوى الرسمي، فإنني أنهيت المرحلة الابتدائية في قرية البعنة والثانوية في مدرسة "يني يني" في كفرياسيف، عام 1969، ثم التحقت بدار المعلمين العربية في حيفا (اليوم: كلية) وتخرجت معلما مؤهلا للغة العربية عام 1974، وعدت وتعلمت سنة وتخرجت معلما كبيرا عام 1986، وأثناء عملي في التعليم التحقت بجامعة حيفا عام 1990 وحصلت على اللقب الأول عام 1994، في موضوعي: التربية مساق مناهج واللغة العربية وآدابها مساق اللسانيات، وتابعت دراستي وحصلت على اللقب الثاني/ الماجستير في التربية/ مساق مناهج وأساليب تدريس عام 1998،ودرست سنتين في كلية أورانيم التابعة لجامعة حيفا موضوع " إعداد مديرين للمدارس" عام 2000. ناهيك عن العديد من دورات الاستكمال الأكاديمي.

    س7: هل تذكر بعض الكتب التي قرأتها في المرحلة الابتدائية؟.

    ج7: كنت في الصف الخامس يوم قرأت أول كتاب، وعنوانه: "حي بن يقظان"، واستمررت  أقرأ بنهم ولما أزل أعيش هذا النهم واتمتع به جدا جدا وجدا. قبل انهاء الصف الثامن قرأت عشرات الكتب ومنها: الأرض، من هنا نبدأ، الحي اللاتيني، المعذبون في الأرض، يوميات نائب في الأرياف، في بيتنا رجل، الأيام، كي لا تحرثوا في البحر، أيام معه، النظارة السوداء، روايات جورجي زيدان، وغيرها (وحتى لا تذهب عزيزي القارئ بعيدا، كنت أحصل على هذه الكتب من خالي: محمد احمد ظاهر أسدي، وكان مثقفا ويعمل مرشدا في الكيبوتس، يعطيني الكتاب وبعد أسبوع يناقشني فيه، وكذلك لا أنسى فضل استاذي وصديقي المرحوم الكاتب المربي: أحمد سليم درويش (وهو الأخ الأكبر للشاعر محمود) الذي علمني اللغة العربية من السادس الى الثامن، وأثر فيّ كثيرا. وحاليا، أنا أقرأ أو أكتب يوميا أكثر من عشر ساعات وفي أكثر من كتاب في آن واحد. 

    س8: حدثنا عن مكتبتك الشخصية الضخمة ودورها.  

    ج8: كنت أسافر الى عكا أو الناصرة (بالباص)، أضع أجرة السفر جانبا، واشتري بالباقي كتبا وأعود الى البيت جائعا، وما زلت هكذا (ولكني اليوم لا أعود جائعا ولا أسافر في الباص)، وعندما كان المحاضر يشير الى مقالة معينة في كتاب ما، كنت أشتري الكتاب. 

    وحاليا فإن مكتبتي الشخصية فيها أكثر من عشرة آلاف كتاب، واعتقد أنها من الأكبر في الوسط العربي المحلي، وأعتز بعشرات الطلاب في المعاهد العليا ومن كل البلاد الذين يزورون المكتبة لاستعارة الكتب والاسترشاد.

    أعتز أن مكتبتي أصبحت ومنذ زمن بعيد مكتبة قطرية معروفة يرتادها العشرات من طالبي العلم (بلغ عددهم أكثر من 1500.) لاستعارة الكتب وأقوم بتوجيههم ومساعدتهم في وظائفهم الأكاديمية أو للألقاب الجامعية، وأعتز أكثر وأكثر أني أقوم بكل هذا بمتعة ومجانا، ودون أي مقابل (رغم إلحاحهم بدفع ما أطلبه) وأرفض، وكذلك أرفض أن أتقاضي أجرة أي محاضرة أو مساعدة أقدمها لأبناء شعبي. فالعطاء يعطيني السعادة والوطنية كما أفهما هي ما تقدمه مجانا لشعبك من ملموس الأفعال وليس من بلاغة الأقوال... وأنا سعيد بهذا جدا جدا وجدا.

    س9:ما المناصب التي أشغلتها في مجال الأدب؟.

    ج9:في عام 1972، بادرت وآخرون الى إقامة "رابطة الأقلام الشابة" ومقرها في مكتب السلام في عكا/ الاسوار حاليا، ونشرنا باسم الرابطة. 

     عملتمتطوعا وبرغبة منذ بداية السبعينات وحتى يومنا هذا 2022،  محررا أدبيا في العديد من المجلات الأدبية: مجلة مشاوير عام 1976حتى توقفها، والصادرة عن رابطة الكتاب العرب في إسرائيل برئاسة المرحوم: جورج نجيب خليل، ثم في مجلة الشرق (محررا ورئيس تحرير ومدير تحرير) من عام 1984 حتى توقفها عام 2014، بسبب مرض صاحبها د. محمود العباسي. وفي مجلة الجيل الجديد والإصلاح وأمواج السلام وهي بالعبرية ومواقف، كما وحررت سلسلة كتب "قالت لي الرياحين" لجمعية انسان برئاسة أد. ماجد الحاج وحاليا أعمل محررا في مجلة المرايا حول أدب الأطفال والصادرة عن الكلية الأكاديمية بيت بيرل/ القسم العربي ونائب رئيس تحرير مجلة "شذى الكرمل" الصادرة عن الاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين الكرمل- 48، وفي تحرير الموقع النتي: الكرمل 48، وصفحة التواصل للاتحاد الكرمل 48، وكذلك في موقع: كتابنا لصاحبه الكاتب: إبراهيم مالك.  

    ساهمت في إقامة العديد من الأطر الأدبية: رابطة الكتاب والأدباء في إسرائيل عام 1986، برئاسة المرحوم: فوزي جريس عبد الله (واشغلت منصب السكرتير فيها)، ونقابة الأدباء، وجمعية مركز ثقافة الطفل / الأسوار برئاسة الكاتبة حنان حجازي واتحاد الكتاب الفلسطينيين- حيفا وفيما بعد 48 عام 2010، كما وساهمت كثيرا في إنجاح الوحدة عام 2019 بين الاتحادين ( اتحاد الكتاب 48 واتحاد الكتاب الكرمل)، وإقامة منتدى المتقاعدين في طمره ورئيس لجنة اختيار كلمات الأغاني في مهرجان الأغنية المحلية الذي كان يقام في طمره، وإقامة جمعية ألوان للثقافة والابداع (وأشغل رئيسها الفخري)، وجمعية مسرح الثقافة (وأشغلت منصب السكرتير) وعضو إدارة مؤسسة الأسوار/ عكا منذ تأسيسها وعضو إدارة جمعية السباط للمحافظة على التراث الفلسطيني برئاسة الصديق الباحث: خالد عوض. ولجنة إحياء ذكرى جمال عبد الناصر.

    س10: ما المناصب التي أشغلتها في مجال التربية والتعليم:

    ج10: عملت منذ عام 1974 – 2005، في مجال التربية والتعليم (معلما للغة العربية ومرشدا قطريا لها، ثم عضو لجنة إعداد مناهج اللغة العربية وخاصة للمرحلة الابتدائية،  ومحاضرا ( لفهم المقروء ولفروع اللغة العربية وأساليب تدريسها وبناء امتحاناتها) في الاستكمالات المدرسية للمعلمين في العديد من مراكز تطوير المعلمين في بلادنا، وفي جامعة حيفا وفي كلية أورانيم وكلية المعلمين في سخنين وكلية كى في بئر السبع،كما عملت مرشدا ومحاضرا مع بروفيسور راحل لازروفتش ود. برورية شادل في مشروعهما "التعلم التعاوني في فرق متباينة - ألاش". كما واشغلت عضو لجنة جامعة تل أبيب في امتحانات بيرلز العالمية.وفي جميع اللجان المهنية المختصة باللغة العربية: 

    وبقيت معلما للغة العربية في مدرسة البعنة ثم في مدرسة طمره د/خلة الشريف، منذ تخرجي عام 1974 إلى أن خرجت عام 2005، الى التقاعد المبكر لأسباب مرضية. تركت مضطرا المهنة التي فضلتها على غيرها وأحببتها درجة العشق، خرجت الى التقاعد (ومن باب الدعابة، فأنا لست: مُت – وأنت – قاعد- بل أنا حَيْقاعد.)، ولا أجد وقت فراغ، فطوال الوقت أقضيه في القراءة والكتابة ومساعدة الآخرين، ولو تعرفون كم أنا سعيد بهذا. وسعادتي في العطاء.

    س 11* مناصب أخرى في مجال التربية والتعليم:     

    ج 11: بالإضافة الى العمل الرسمي في التعليم والإرشاد، فقد كنتُ عضوا فاعلا جدا في جميع لجان المعارف المتعلقة باللغة العربية تقريبا، ومنها: لجنة إعداد منهاج المرحلة الابتدائية وإعداد الكتب وامتحانات الميتساف/ قياس النجاعة والنمو واختيار كتب المطالعة  وامتحانات لواء الشمال وامتحانات المردود برئاسة أد. يوسف باشي والتوجيه للغة العربية والتصور المستقبلي في تعليم اللغة العربية برئاسة اد. محمد أمارة.... ولجنة امتحانات بيرلز العالمية في جامعة تل أبيب... واللجنة الأكاديمية للتعليم التعاوني في جامعة حيفا برئاسة أد. راحل لازروفيتش، والتي اعتز أنها علّمتني في الجامعة وعملت معها في مشروع: ألاش= التعليم التعاوني محاضرا وكبير المرشدين في الوسط العربي، وكثيرة هي التقنيات التعليمية العملية التي نقلتها من طريقة ألاش في التعليم الى الوسط العربي وأصبحت أساسية تقريبا. كما وإني كنت أول معلم يستضيف كاتبا، وكان هذا عام 1977، حين استضفت المرحوم: جورج نجيب خليل وكنت أعلم قصيدته الرائعة "حيفا" واستضفت بعده الكثيرين، وكذلك مبادرتي الممنهجة في تشجيع المطالعة تحت عنوان "الكتاب خير الأصحاب" ومبادرة "التعلم بالمراسلة"، وكل هذا قبل أن يتم إدراجها رسميا في المنهاج.

    س12: كل هذه المناصب وأنت انسان وطني، فكيف هذا؟

    ج12:أنت تعرفني عن قرب، فلا يقدر أحد أن يزايد عليّفي نظافتي الوطنية أبدا. وكل هذه المناصب هي مناصب مهنية وليست إدارية أبدا، وكفاءاتي التي يشهد لي بها الجميع هي التي أوصلتني اليها، ومن خلالها خدمت شعبي.أنا لست رجل إدارة ابدا، لقد رفضت العديد من المناصب الإدارية التي عُرضت عليّ مثل: مدير المدرسة لمدة عام عندما خرج المدير للاستكمال، نائب مدير في المدرسة التي علمت فيها، وأعلنت الوزارة عن مناقصة لوظيفة مفتش للغة العربية في لواء الشمال وطلب المسؤولون والزملاء وبإلحاح، أن أتقدم للوظيفة، فتقدمت وقبل المقابلة بيومين عرفت من صديقي وقريبي مدير المعارف العربية في حينه المرحوم د. علي أسدي بأن التفتيش سيكون إداريا في الإساس ومن ضمن الوظيفة سيكون التفتيش على اللغة العربية في اللواء، فأرسلت رسالة انسحاب قبل يوم واحد. 

    س 13. ما هي المحطات السياسية التي مررت بها، ولماذا؟                                                                                                        ج 13. ولدت في قرية البعنة وكان للحزب الشيوعي حضوره الواضح، وفي مقدمته يقف المناضل الوطني الشاعر: حنا إبراهيم (رحمه الله) وقد عرفته منذ صغري وتأثرت به وبأفكاره كغيري، وبقيت كذلك حتى قامت الحركة التقدمية فالتحقت بها وكنت من الأوائل، والسبب بسيط جدا، عندما كبرت ونضجت وعرفت الكثير من مواقف الحزب الشيوعي الإسرائيلي من نكبة شعبنا 1948 وحتى بداية الستينات حزنت كثيرا، ولكن لا حزب آخر يكون بديلا عنه فصوت الوطنيون والقوميون له، وكان لي نقاش دائم حول نوع الصراع، هم يقولون بالصراع الطبقي وأنا وغيري نقول بأن صراعنا قومي، ولو كان طبقيا لوقف اليهود الشرقيون خاصة معنا... ولهذا انتقلت الى الحركة التقدمية بقيادة محمد الميعاري؛ لأنها تقول بالصراع القومي، وأقنعت العديد من الأسماء الوازنة في مجتمعنا بالانضمام الى الحركة (مثل استاذي وصديقي أحمد 

    درويش وغيره)، وكان شعاري: نحن رديف للجبهة ولسنا بديلا لها... وانتهت الحركة التقدمية وانضم الأكثرية الى حزب التجمع وفيما بعد المشتركة، ولكن الصراع على الكراسي وما لحق التجمع من ظلم، وكانت القشة التي قسمت ظهر البعير عندما حدث الانشقاق (الموحدة والمشتركة) توقفت عن النشاط السياسي المؤطر، وبقيت في النشاط الوطني التقدمي في خدمة شعبي.   

    س 14* المؤلفات الأدبية والتعليمية:الإصدارات في مجالي: الأدب والتعليم واللغة

    ج 14- أ * الإصدارات في المجال الأدبي:

    1-  مسافر في القطار. (آراء في جمل)1972. عن مكتب السلام في عكا، (مؤسسة الأسوار حاليا)، 

           2- كنوز اللغة العربية. (كراستان) 1980. و 1982. (وهما أول إصدار في فقه اللغة، محليا).

            3- هدية الأم. (مسرحية). 1983. ( فيها ملحق يختصرها بالإنجليزية)

             4 - هل أنا آثمة. (قصص) 1975. (نشرت بعض القصص، ولم تصدر في كتاب مستقل.   

             5- في انتظار القرار.( قصص قصيرة). 1984. عن مجلة الشرق.

              6- قراءات في الأدب المحلي. 1995(في نقد الشعر والقصة والمسرح). مجلة الشرق-  شفاعمرو

              7- العلم نور. مسرحية باللغة المحكية). 1994. (

              8- الخروج من مرج ابن عامر. دراسة مقارنة.  1997. عن الأسوار- عكا

     نص الرواية: زكي درويش. والمقارنة مع الشيخ والبحر لآرنست همنجواي. 

    9- أحمد ومردخاي. قصص. 1997. إصدار مجلة مواقف- الناصرة، 

              10- احمد ومردخاي.2009 . صدر مترجما للإنجليزية، في نيو يورك- أمريكا 

    قام بالترجمة د. جمال أسدي من دير الأسد، وأعطاها عنوان "أب وابن".

    واحتوى الكتاب على قصص مختارة للأديب: حنا إبراهيم من قرية البعنة.


    Father & Son. 2009 Peter Lang. New York. WashingtonD.C./Baltimore. Bern Frankfurt am Main. Berlin.Brussels. Vienna. Oxford

    11- فنجان شاي- قصة للناشئة. 2017. صدرت باللغة الفرنسية.

    12- الكتاب خير الأصحاب ومهمات النص. كراسة لتشجيع المطالعة. 2000.

    13- هي الأم. مسرحية وملاحق. 2000. إصدار دائرة الثقافة العربية.

      14-موسوعة "هي الأم". 2004. إصدار: مركز الكتاب والعلوم. الرينة..

      15- بادرت (كوني محررا في مجلة الشرق) الى تكريم الأدباء المحليين وهم أحياء، وعليه قمت بإعداد وتحرير محاور العديد من الأدباء، ومنهم: اد. جورج قنازع (وكان أول المكرمين) ود. فاروق مواسي ود. بطرس دله ود. محمود عباسي ود. عبد الرحيم الشيخ يوسف وعبدالله عيشان وسعاد قرمان وغيرهم... وكذلك حررت عددا عن الأدب النسائي المحلي (33 أديبة) وللأسف كان العدد الأخير 2014. 

    16- كتبت أكثر من عشر مقدمات لكتب أصدقائي، ناهيك عن المراجعة والتحرير.

    17- معجم الشعراء في فلسطين 48. (من 48 – 2015) 2016، إصدار اتحاد الكتاب الفلسطينيين-48.

      18- معجم الوفاء للراحلين من الأدباء من فلسطينيي الداخل- 48, (الذي بين أيدينا). 

    19- حزازير شعبية وأسئلة خفيفة دم وذكية. 2021.

    * المؤلفات الأدبية الناجزة للطباعة أو قيد الإعداد. ومنها:

    1-365  فائدة لغوية. (في مراحل إعداده الأخيرة)

    2-معجم الإنسان والحيوان والأشياء

    3-سنابل من حقول الأدب الشعبي الفلسطيني.

    4-إضاءات في الشعر الفلسطيني المحلي-

    5-مجموعة قصص قصيرة جدا. (لم أختر لها عنوانا بعد)

    6-فنجان شاي. قصة للناشئة.

    8-الفرق بيننا نقطة. مقالات وملاحظات في الأدب والمجتمع. 

    9- إضاءات في اللغة العربية. 

    10- قالوا في ....... المناسبات المدرسية. 

    11- طمره عروس الجليل. توثيق.

    12- حي خلة الشريف عروس طمره. قصة مكان. توثيق

    13- إضاءات في أدب الأطفال الفلسطيني المحلي

    14- ؟؟؟؟؟؟؟ وفي البال مشاريع أخرى.  


    ج 14- ب* الإصدارات في مجال التربية والتعليم:

    1- A.B.C كراسة خط للإنجليزية) (بالاشتراك مع المرحوم: محسن شباط من نحف)- دار الجليل- عكا. 1985. 

    2-قبل القراءة للصف الأول. 1986. (وكانت رائدة في الوسط العربي)

    3-سلسلة كتب "فهم المقروء" للصفوف الرابعة والخامسة والسادسة. . 1993 ( مكتبة الشافعي- كفر كنا)

    4-سلسلة كتب " أنا أقرأ أنا أفكر" لجميع صفوف المرحلة الابتدائية. 1989- بالاشتراك مع: د. محمد حبيب الله والأستاذ: نمر خطيب. إصدار: النهضة- الناصرة

    5-منهاج اللغة العربية للمرحلة الابتدائية.1989. (عضو اللجنة)

    6- منهاج اللغة العربية للمرحلة الابتدائية. 2009..(عضو اللجنة)

    6-سلسلة كتب "الرائد" للقراءة في المرحلة الابتدائية. 1992 . (عضو اللجنة )

    7-سلسلة كراريس تمارين الرائد للمرحلة الابتدائية. 1993 (عضو اللجنة )

    8-مرشد المعلم في تدريس اللغة العربية للصفين: الثاني والثالث. 2000 (عضو اللجنة). 

    9-المرشد في تدريس اللغة العربية للصفوف: الرابع والخامس والسادس. 2004 (عضو اللجنة). 

    10- البستان للرابع والخامس. (نصوص أدبية ثنائية اللغة: عربية وعبرية) 2007. بالاشتراك مع: د. محمد أمارة ود. عبد الرحمن مرعي. (تجربة رائدة).

    12-  دليل كتاب البستان للرابع والخامس. 2007. (نفس الطاقم أعلاه).  13- اللغة العربية والهوية الوطنية. للمرحلة الإعدادية. 2. بالاشتراك مع: أد. محمد أمارة ود. يوسف جبارين/ عضو الكنيست حاليا. 

    •المؤلفات التعليمية الناجزة للطباعة أو قيد الإعداد.، ومنها:  

    1- علامات الترقيم الكتابي والرقمي.

    2-أتعلم الاملاء لوحدي.

    3- المساعد في تبسيط القواعد للمرحلة الابتدائية.

    4-تقنيات في زيادة الثروة اللغوية واقتراحات تعليمية عملية، للمرحلة الابتدائية. 

    5-الكتابة الإبداعية. (اقتراحات عملية للمرحلتين الابتدائية والإعدادية)

    6-أساليب حديثة في تعليم اللغة العربية.

    7-الكتاب خير الأصحاب. (مبادرة رائدة ممنهجة لتشجيع القراءة في المدارس، طبقتها وأثمرت)


    س 15* شهادات التقدير ودروع التكريم:                                                                                               

     ج 15-قامت مجلة الشرق بتكريمي وذلك بتخصيص عددين كاملين عن مسيرتي الحياتية والأدبية، الأول عام 1995 والثاني عام 2011، وحصلت على دكتوراة فخرية من جامعة المواهب الثقافية العالمية في كندا ولبنان 2015... وقامت بتكريمي العديد من المؤسسات والجمعيات، ومنها: مؤسسة الأسوار 2007، ومؤسسة شخصية العام الثقافية 2011، وبلدية طمره ومجلس البعنة 2020، ولجنة الأكاديميين في طمره وفي البعنة، وجمعية أنصار الأدب للسلام/ عربية يهودية وجمعية مسرح الثقافة ونادي المتقاعدين في طمره وجمعية ألوان للثقافة والابداع 2020  ونادي القراءة في مجد الكروم 2021، ونلت جائزة مشروع حياة من وزارة الثقافة والرياضة لعام 2021، ومكتب المعارف المهني/ مدير المعارف العربية وآخرون وهيئة القانون والنظام/ درع فلسطين الذهبي برئاسة: سمير الأحمد في السلطة الفلسطينية 2013، والعديد من المدارس ونوادي القراء وأعتذر للآخرين لخيانة الذاكرة، ناهيك عن عشرات شهادات الشكر والتقدير من المدارس التي استضافتني وكنت أرفض أن اتقاضى أجرتي التي استحقها.وبالتداعي كنت أول معلم يستضيف كاتبا في المدرسة (استضفت الشاعر المرحوم جورج نجيب خليل عام 1977، وفيما بعد أصبحت الاستضافة ضمن فعاليات المدرسة غير المنهجية، وللأسف مؤخرا أصبح الكثير منها تجاريا ولتعبئة التقرير)


    س 16 * ما الأجناس الأدبية التي تكتب فيها؟ وما أفضل ما كتبت؟

    ج 16- بدأت بالشعر في المرحلة الثانوية وتركته، ثم بالقصة القصيرة والقصيرة جدا ولما أزل، ثم بمقالة النقد الأدبي الحديث ولما أزل، ثم بمقالة اللغةوقد كنت أول من أصدر كتابا في  فقه اللغة/ اللسانيات باسم "كنوز اللغة العربية" عام 1984، كما وكتبت العديد من المسرحيات بحسب المناسبات وكانت ابرزها مسرحية "هدية الأم" وقد تجسدت في أغلب المدارس في البلاد، وكنت أهديها مجانا لمسرح الثقافة الذي ساهمت في إقامته ورعايته وأشغلت سكرتيره. 

    أنا كالأب لا أفاضل بين كتبي وقصصي وهذه مثالية لا يصلها أحد، لأنني لست ملاكا. أشير الى ما ترك أثرا حسنا من مؤلفاتي: كتابي الأول لفت انتباه الحركة الأدبية المحلية فقد كان رائدا في بنائه وأسلوبه (أفكار في سطور.. ) وكان بخط يد صديقي الفنان: صبحي سرحان وبرسوماته المعبرة، وكان فعلا جواز سفر ناجح جدا، وبالتداعي أيها الكاتب اهتم كثيرا بكتابك الأول، دعه يثير انطباعا جيدا لدى القراء فهو جواز السفر لمستقبلك الأدبي وإلا ستندم على سرعتك في الإصدار، وإياك أن تنخدع بمجاملات التعليق المنافقة في صفحات التواصل. وقصتي "حياة" (حيث اختبأ علي المحمود الوطني المطارد عند زوجة صديقه وقد كانت تستحم) كانت سببا في ترجمة قصص المجموعة الى الإنجليزية، وقد تطرق اليها العديد من الكتاب والنقاد. وكتابي "كنوز اللغة العربية" فتح شهية القراء للاهتمام بفقه اللغة. وكتبي " فهم المقروء" ساهمت كثيرا في منهجة الموضوع.

    ؟؟؟؟؟؟؟؟ * هل تعتبر نفسك نصيرا للمرأة؟   طبعا وبكل تأكيد ويتلخص مطلبي منها: أن تكون كما تريد وليس كما يريد لها الآخرون، ولكن ضمن الثوابت الأخلاقية والعرف الاجتماعي.... وأذكر لك بعض ما قلته في كتابي "مسافر في القطار" عام 1972، "  وموقفي إيجابي منها في قصصي: حياة، الولادة، .


    س 17-أوضح لنا قولك:يوجد نقاد ولا يوجد نقد. كيف؟

    ج 17-أقول هذا بدون تطرف، والسبب العلاقة الاجتماعية التي تربط جميع الأدباء ببعضهم البعض تقريبا، هذه العلاقة تجعل الناقد الجيد يميل (وليس الاستعراضي الانطباعي) الى الكتابة المجامِلة (وبعضها لدرجة المنافِقة) ناهيك، أن أكثر الكتاب يصرحون بأنهم يرحبون بالنقد الصريح البناء، ويغضبون إذا حدث هذا معهم، لا يرغبون إلا في المدح والثناء. بالإضافة الى ما تعانيه الحركة الأدبية المحلية من ظاهرة الإسهال الأدبي بسبب سهولة النشر وخاصة في المنابر الرقمية/ الشنكبوتية من صفحات تواصل ومنتديات ومواقع والتعليقات المجاملة درجة المغالاة في النفاق؛ مما يخدع الكاتب وينتفخ فيصدق نفسه أنه في مستوى ما يقرأه من تعليقات. 

    قال صديقي المرحوم: اد. فاروق مواسي: لا أريد أن أخسر صديقا كلما كتبت مقالة فيها قليل من الصراحة، وقال المرحوم الشاعر: نزيه خير: قررت أن أحرق أصابعي وكتب بعض المقالات الصريحة، ثم توقفت وقال: أنا لا أريد أن أحرق يدي. وكتبت شخصيا في صفحة التواصل "الحق والحقيقة فخسرت الصديق والصديقة، فلعنت الساعة التي بدأت فيها أميّز بين الألف والعصا". 


    س 18* هل لك أن تشرح لنا بعض المصطلحات الأدبية التي استحدثتها ؟1- الشعثرة:    كلمة نحتها من: الشعر + النثر. وتعبر عن النص تتراوح فيه روح الجملة الشعرية بالنثرية.2– العزف على وتر الإبداع: حيث يمتد هذا الوتر من الواقع الحياتي الحرفي الى مدى الخيال، وعليه ينقسم الوتر الى ثلاثة أقسام بالتتابع: مستوى الفهم المباشر وقراءة الحروف أي الواقع الحرفي ويبدأ بالانزياح نحو مستوى الفهم المجاور وقراءة ما بين الحروف ثم مستوى الفهم المغاير وقراءة ما وراء السطور. (لقد استفدت كثيرا من تخصصي في تدريس موضوع فهم المقروء ونظرياته، وتأليف الكتب فيه)، وهذا يلائم كل نص ابداعي كلامي وخاصة للشعر، أو فني.                                                                                           3– مهمات النص: م= مضمون، هـ= هدف، م= مبنى، أ= أسلوب، ت= تقييم. وهذا ملائم جدا للنص القصصي.                                           4– الاسهال الأدبي: بسبب سهولة النشر وغياب الرقابة، ازداد الكم الأدبي الضحل جدا والمفسد جدا للذائقة الأدبية. (أنظر فقرة تحمل الاسم نفسه، في هذا الحوار). 

    5– القصيدة الممنتجة: القصيدة التي يسرق صاحبها عباراتها من هنا وهنا ويرتبها وينشرها، تماما كما المنتجة في التصوير السينمائي أو التلفزيوني. 

     6– المقالة الجوكرية: يقولون بأن ورقة الجوكر في لعبة الورق (الشدة) تنوب مكان أي ورقة أخرى، (أنا شخصيا لا أعرف أية لعبة بالشدة) وعندما تقرأ كتاب تأبين مثلا تلاحظ أن المضامين والجمل متشابهة في الكتاب وفي كل الكتب، وعليه فكلمات التأبين هذه تصلح لكل ميت (إذا استثنينا الاسم وبعض معطيات التعريف المقتصرة به) وهذه المقالة الجوكرية قد نجدها في أكثر من مجال في النقد الأدبي أو احتفالات التكريم أو التأبين أو التخريج وغيرها.  


    س 19- * ماذا تقول في:  المشهور والمغمور من الأدباء.                                                                                                       

     ج 19- ينقسم الناس الى ثلاثة اقسام من حيث التسويق الإعلامي لأنفسهم.  

    1- قسم يجيد تسويق نفسه إعلاميا، ويصبح مشهورا واسمه على كل لسان تقريبا (ولو على الصعيد المحلي، على الأقل)، بغض النظر عن قيمته في مجال تسويقه لنفسه.

    2- قسم لا يجيد تسويق نفسه إعلاميا، ويبقى مغمورا لا يسمع به إلا القليلون وغالبا من العائلة والمقربين جدا إليه، وأيضا بغض النظر عن قيمته في مجال تسويقه لنفسه.

    3- قسم واقعي معتدل، لا يلهث وراء الإعلام كما القسم الأول وفي الوقت نفسه غير مهمل في حق نفسه كثيرا، فهو من حين الى آخر يظهر هنا أو هناك. والأمثلة كثيرة (ولن أذكر أي  اسم فهي معروفة  للكثيرين تقريبا)،وفي جميع المجالات: الأدبية والفنية والسياسية والوطنية والاجتماعية وغيرها.. وفي الوقت نفسه لا نستطيع أن نتجاهل دور الإعلام في خدمة وتلميع فئة المشهورين وفي تهميش من يستهدفه الإعلام لأسباب في نفس يعقوب. وعندما يصبح المدعوم إعلاميا مشهورا حقا بقيمته في مجاله ويعترف به الجميع تتغير المعادلة، فيصبح الاعلام يركض وراءه ويطلب رضاه ويزمر ويهلل له، ويصبح هو داعما للإعلام.  نستنتج كمحصلة حاصل المعادلة التالية:"ليس كل مشهور مهم وليس كل مهم مشهور".

    س 20 * ظاهرة الاستشراف الأدبي، لديك، 

     ج 20-لقد كتبت عن الممثلة فريال خازن خشيبون، بعد أن شاهدت مسرحية "بوابة راشومون" في بداية السبعينات، بأنها راقصة أكثر منها ممثلة، وهذا ما حدث فعلا لها، فقد أقامت فرقة للرقص باسم "سلمى" وأصبحت راقصة ومدربة رقص معروفة. وفيما يلي ما كتبت ونشرت وأخبرتها فيما بعد "... ولقد لاحظت أن لغة جسمها راقصة أكثر منها ممثلة.. فكثيرا ما تعطي أكثر من حركة جسم لحدث لا يتطلب تلك المرونة... وإن المستقبل أمام هذه الفنانة..."

    وقد انتبه لذلك صديقي الشاعر والباحث حنا أبو حنا، عندما قرأ مجموعتي القصصية "أحمد ومردخاي" ليكتب مقدمة لها، كتب " وتتميز بعض قصصه بظاهرة الاستشراف فقصته " حكاية الجيران " كتبها قبل اندلاع الانتفاضة (وانتفضت حجارة الطريق) و" احمد ومردخاي " كتبها قبل مؤتمر مدريد و"الولادة" كتبها قبل مؤتمر الجزائر وإعلان الدولة الفلسطينية وغيرها.  

    وفي منتصف الثمانينات، صرحت لأكثر من أديب وناقد أن د. إبراهيم طه هو الناقد الحداثي العلمي بامتياز وهو في نظري: عميد النقد الحديث المحلي، (وحاليا هو من أعلام النقد الأدبي في العالم العربي) وكان تصريحي هذا لا يعجبهم وبمرور الوقت اعترفوا بذلك وصارحوني مستغربين صواب استشرافي هذا. ولقد استشرفت مستقبلا أدبيا للكثيرين ونادرا ما خاب استشرافي. 


    س21- * هل لك أن توضح لنا مصطلح " الإسهال الأدبي " وأنت صاحبه: 

    ج 21- ما تقدم يصح في جميع المجالات، ولكني سأقتصر على عالم الأدب. إن سهولة النشر في المنابر الورقية والرقمية مثل: (المواقع العنكبوتية والمنتديات وصفحات التواصل الفيسبوكية) وفيها تكون المبالغة في المجاملات درجة النفاق بحكم العلاقات الاجتماعية وسياسة "حُكَّ لي فأحُك لك" أو لأهداف أخرى في نفس يعقوب (ولا علاقة لها بالأدب)، وفي الآونة الأخيرة بدأت المواقع والمنتديات تمنح كتّابها شهادات تقدير عامة أو لأفضل نص (وألقاب جامعية أو وظيفية)، بسبب التنافس فيما بينها. إن سهولة النشر هذه وكثرة المجاملات والإطراء، ساهمت في تسويق الكثير من الأسماء، وبغض النظر عن القيمة التقييمية. مما أدى الى غزارة في الإصدار الكمي وغير الكيفي، مما اضطرني ومنذ أكثر من عقد، الى وصف الظاهرة بـ "الاسهال الأدبي". وفي المدة الأخيرة وللأسف يكثر اللغط حول ظاهرة الاستكتاب الابداعي أو النقديالمدفوع الثمن بالنقود، وكذلك ظاهرة الاستكتاب المتبادل وعلى ذمة المثل "حُكّ لي فأحك لك".


    ومع ذلك، لا أخشى من ظاهرة الاسهال الأدبي وهذا الكم من الإصدارات لأني أشبهها بسباق الماراتون يبدأ بالمئات وينتهي بفائز واحد أو اثنين أو ثلاثة. كما وأني أومن بمحكمة الزمن والتي ستحكم لصالح الجيد.

    س 22- * ماذا تقول في ظاهرة التكريم والمنتديات والشهادات؟

      ج 22-لقد كثُرت حتى هَزُلت، أنا مع التكريم المعتدل ولست مع التعظيم درجة النفاق، ومع المدح المتواضع ولست مع القدح اللاذع، فأمسية التكريم والإشهار، هدفهما التعريف والدعم المعنوي ولا مانع من التطرق الى القليل من لكمات النقد ولتكن اللكمات بقفازات حريرية. ولتكن عادلة في التوزيع وليست شللية، وللأسف بعض الأدباء يجيدون تسويق أنفسهم في أكثر من أمسية بصرف النظر عن القيمة الأدبية، والعض الآخر لا يلتفت إليهم أحد، وليكن الظلم موزعا بعدالة على الأقل.

    وأما النقد فيكون في الأمسيات الأدبية ويجب أن يكون موضوعيا وليس حاقدا أو منافقا. وأما توزيع الشهادات من المنتديات على أدبائها فقد هزلت جدا وعمّت حتى طمّت، والكارثة أو المجزرة الأدبية فهي في شهادات الدكتوراة والدكتوراة الفخرية والبروفسورة.. عيب والله عيب والله هذا عار وشنار، لدرجة صرت أتسامح مع تعليقات النفاق. 


    س23- * ما رأيك في جائزة الإبداع؟والبعض يقاطعها.

    ج 23-جائزة الإبداع من حقنا وليست منة من وزارة الثقافة والرياضة/ الدائرة العربية.  ولقد تقدم إليها أثر الأدباء ومنهم أدباء لا غبار على موقفهم الوطني.. في البداية نالها من يستحق وللأسف فيما بعد فقدت بوصلة القيمة الأدبية ونالها الكثيرون منة أدباء الصف العاشر ففقدت الكثير من قيمتها المعنوية وهيبتها وبقيت قيمتها المادية.. وقلت إنها أصبحت منحة مادية سينالها الجميع.. لقد نلتها متأخرا، وكنت مرة في لجنة التحكيم وحدث نقاش بيني وبين زملائي وأصدقائي أعضاء اللجنة وأصررت أن ينالها من يستحقها وممن تقدموا اليها كثيرا ودافعت عنهم ونالوها.. ولكن الوزارة استغنت عن معرفتي وموضوعيتي. للأسف لا توجد معايير أدبية تضبط منحها. وانعدام المعايير لا تقتصر على هذه الجائزة فقط، وتنسحب على ما يستحقه الكاتب من كتبه في المكتبات العامة، ومن اختيار الكتب لطباعتها على حساب وزارة المعارف أو مفعال هبايس، ومن استضافة المدرسة للأديب وما يستحقه (بعض الأدباء يتواصلون مع المدارس ويزورون أكثر من مدرسة وأكثر من صف في كل مدرسة..). وفي هذا حدِّث ولا حرج.   وأقول في هذا: عندما تصبح النقود هو المعبود... قولوا معي هَزُلتْ وعلى الدنيا السلام. 


    س 24- نشهد لك بروح الدعابة الخضراء، على حدّ قولك، أذكر لنا بعضالطرائف الذكية والإجابات المسكتة التي حدثت معك...ج

    24- كثيرة جدا هي الطرائف التي حدثت معي، لدرجة أن أحد أصدقائي الصحفيين (محمد موسى حجازي) كتب بعضها في مقالة نشرها في أحد أعداد مجلة الشرق الذي تناول مسيرتي الحياتية والأدبية. 

    * سألتني معلمة في إحدى محاضراتي عن السبب في ظاهرة كثرة السائقات مقابل السائقين، فأجبتها: إنه الاستقلال الاقتصادي، وقبل الاسترسال، قاطعتني: أستاذ محمد اريد جوابا على طريقة الضربة القاضية... فكرت قليلا وأجبت: إذا كانت النساء تسقن الرجال فكيف لا تسوق السيارات.  

    * قلت لمعلمة طالبة في احدى الاستكمالات وكانت ذكية وصحيحة الإجابات دائما: أنت مصيبة. استغربت وأصرت أن تعرف التفسير، قلت: الفعل أصاب يصيب واسم الفاعل للمذكر: مصيب وللمؤنث: مصيبة، أي أنت على صواب فيما تقولين وتفعلين، فسعدت كثيرا، وحدث في الحصة نفسها قلت لمعلم طالب: أنت مصيبة. فأجابني ولكنني مذكر، فأجبته على الفور: هذه ليست تاء التأنيث وإنما هي تاء المبالغة فهو عالم وعلّامة.                     * بعد الانتهاء من الاستراحة في أحد الاستكمالات، قلت قاصدا: هيا الى العملُ (بالرفع). وليزعل سيبويه والكسائي... وتساءل البعض عمّا أقصده، فقلت: أنا انسان لست مجرورا ولا أحب الجارين والمجرورين، وكذلك أنا انسان لست نصابا ولا أحب النصابين، وأنا إنسان أحب أن أبقى مرفوع الرأس وأن أذهب الى العمل وأنا مرفوع الرأس، فإلى العملُ. (وإياكم أن تخبروا: سيبويه والكسائي). 

    * أراد عنوان أحدى العائلات أن يحرجني في إحدى المناسبات عندما رآني أتوكأ على عكاز، فقال: وأهش بها على غنمي. فما معنى أهش؟ فأجبته (وقد وقفت على خباثته، وأنا لا تنقصني الجرأة ابدا حيث تجب)، يا أستاذ إذا كنت تسأل لتعرف فأنا على استعداد للإجابة والإفادة، وإذا كنت تسأل لتفحص، فهات أسئلة من قيمة الدولار وليس الشاقل. فما هدفك، سكت واندهش الحضور. 


    س 25- * صفات تعتز بها....وصفة هي نقطة ضعفك.

     ج 25-إن لساني في حق نفسي قصير جدا جدا وجدا. فأنا ومنذ صغري لا أذكر أني سرقت شيئا ولا كذبت ولا أسأت الى أحد ولا ترددت في مساعدة الآخرين بما أقدر ولا كنت سببا في مشكلة بل ما زلت ومنذ صغري مرورا في أيام دراستي وحتى الآن أعمل لإصلاح ذات البين بين الأصدقاء، وأعتز بثقة الجميع تقريبا بي بسبب استقامتي وموضوعيتي وواقعيتي. أقول دائما عندما أكتب نقدا أو قراءة أدبية: أنا لا أخون ضميري ومعرفتي ولا أجامل وإن كنت أجَمِّل أحيانا من باب المحافظة على نسيج العلاقات الاجتماعية. أعتز بنظافة وطنيتي وأخلاقي ويدي. وسأبقى نصير الضعفاء والمستضعفين والمغمورين وخاصة من الأدباء، وداعم المواهب الواعدة حقا، وأعتز أن الكثيرين من الأسماء الأدبية المعروفة تصرح (غير الذين لا يصرحون) بأن لي فضل عليها في بداياتها الأدبية. نقطة ضعفي أني أصدق الآخرين، والسبب لأني لا أكذب أبدا. 


    س 26- * أشياء لا يعرفها أحد عنك.                                                                                   

     ج 26-بسبب صحتي السيئة منذ أكثر من عقدين، لا أحد يصدق أني كنت رياضيا، وحصلت على أكثر من كأس، وخاصة في المرحلة الثانوية:  - كنت سباحا ماهرا، وأنقذت اثنين من الغرق أحدهما يهودي في البحر عند شاطئ عكا، والآخر ابن بلدي في بركة البعنة وهو اليوم طبيب ويقيم في ايطاليا، وأذكر أنه زارني مع والديه وقدموا لي هدية قميص وبلوزة وجوارب و... لأنه مزّق ملابسي عندما انقذته وكنت قد قفزت بملابسي الى الماء حين رأيته يغرق.– كنت أمشي على يديّوأصعد الدرج، وبهما حصلت على الكأس لمدرستي في كفر ياسيف في مسابقة بين العديد من المدارس الثانوية (أذكر أني كنت في الصف العاشر)                                             

    - كنت الفائز دائما في مباراة المكاسرة بالأيدي.                                                                

     – كنت الفائز دائما في مباراة الإمساك بيد واحدة ورفع الجسم لتقبيل اليد الماسكة بماسورة او غصن شجرة.                                                – اختارني استاذي وصديقي د. بطرس دلة لأكون في رأس مجموعة طلاب الثانوية لمقابلة الفيلسوف جان بول سارتر عندما زار البلاد وزار ثانوية يني يني في كفر ياسيف، ولكنهخيّب أملنا في موقفه السياسي تجاه شعبنا.  – في المرحلة الثانوية كنت أكتب رسائل العاشقين من أصدقائي في الصف. 


    س27 – كلمة اخيرة تحب أن تقولها في نهاية هذا  اللقاء ؟؟

    ج 27 –أشكرك جزيل الشكر الشاعر والناقد والإعلامي القدير الدكتور حاتم جوعيه  على هذا اللقاء المطول والشائق ، وفيه فتحَ  لي المجال للتحدث  باسهاب عن مواضيع  وقضايا هامة جدا : ثقافية وأدبية وغيرها .