نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

    تجربتى حول مسرحية " والله زمان يامصر" كتبت عام 1973

o-234
تجربتى حول مسرحية " والله زمان يامصر" كتبت عام 1973لا يمكن أن يستمر الحال على ما هو عليه ؟ سبتمبر 1973... المكان ....الاسكندرية
الوطن منقسم إلى جناحين ..جناح يسيطر عليه العدو الإسرائيلى وترفرف أعلامه فوق أرضنا فى غرور وجناح مستغرق فى غيبوبة..
الشوارع فى الداخل ممتلئة بالتفاهة والناس مستغرقة فى تفاصيل الحياة اليومية اختفاء الشاى والسكر ...الخ ..كنت أدرك أن استمرار هذا الحال من المحال ..حالة اللا سلم واللا حرب ..كما أطلق عليها الكاتب والصحفى الكبير محمد حسنين هيكل ..كنت مع جيلى أشعر بالتمزق ..وفى مقهى الدرينى بمحرم بك كنا نجتمع كل ليلة بعد الثامنة والنصف مساء كمجموعة من الشعراء والأدباء والمسرحيين ،والحوار يطول وعادة ما يتبع الحوار الشجار فيما بيننا لأننى أرى أن دورنا فى هذه المرحلة يجب أن يكون تهيئة الناس للمعركة وتوجيه مشاعرهم للإحساس بالمعركة بدلا من الغيبوبة ولكنى كنت أقاوم والسبب الحالة التى عاشها جيلنا من الضياع ..فمن يدخل التجنيد لا يعرف متى يخرج منه ولا أمل فى الخروج فالبلاد كلها فى حاله حرب والمعركة القادمة فاصلة ... وهذه المعركة الله أعلم متى تبدأ ؟
وكانت حرب الاستنزاف قد توقفت والناس فى يأس ولكننى كنت أومن أن جيلى دفع الثمن وفى العالم الثالث الشهداء من الفقراء ليس لهم ثمن كانت تأتى جثثهم ليلا ويدفنون وأخبارهم تأتى سرا وفى كل يوم نرى صورا لأناس لا نعرفهم فى الجرائد يتحدثون باسم مصر وأنهم المسئولون عنها كانوا مصريين فقط فى شهادة الميلاد أما الشهداء أبناء مصر الحقيقيين يدخلون الجيش كأرقام وعندما يستشهدون يدفنون سرا وفى الليل وكأن حياتهم كتب عليها ( الحياة السرية) وهم مجهولو الأسماء فى كل زمان ومكان ..ودائما شهداء .
لا تظهر صورهم فى الجرائد والصحف ..تشاجرت مع ناجى أحمد ناجى ومحمد حسونة ومحمد مرسى على ضرورة أن نجهز أمسيات شعرية وطنية فى حب مصر والمعركة وقلت لهم اجذبوا حمدى رؤوف من تجاربه العاطفية وجريه خلف البنات إلى المعركة وكان ناجى يقول دائما ..معركة إيه ..ياعم سيد الدنيا ربيع والجو بديع ..وفى النهاية وبعد حوار طويل اقتنعوا بأن نبدأ بتجهيز عدد من الأمسيات الشعرية والأدبية فى حب مصر والمعركة وبدأت من جانب آخر أجهز فرقة شباب المسرح الطليعى بقصر ثقافة الحرية إلى هذه الأمسية ..وجماعة المسرح الطليعى تمثل مجموعة من الهواة تمثل جزءاً من نشاط القصر وكان محمد غنيم مدير القصر يرى أنه تجمع كبير يضم ما يقرب من ثلاثين أو أربعين شابا وفتاة يأتون باستمرار وكان دائما يقول لى : هات الأولاد بتوع المسرح لحضور ندوة سياسية أو ثقافية أو افتتاح معرض فهو يراهم ( جمهورا احتياطيا ) متواجدا يدارى عيبا كبيرا وهو عدم إقبال الجماهير على الثقافة الجادة أو الندوات كنت أرى ضرورة أن يحضروا حتى يكون لديهم ثقافة موسوعية فرجل المسرح يجب أن يكون موسوعى الثقافة بينما كان يراهم هو أنهم يفطنون العيوب .
أول أكتوبر 1973
قدمت أول أمسية ثقافية فى منظمة الشباب الاشتراكى الناصرى فى قسم محرم بك تحت عنوان فى حب مصر والمعركة وتحدثت عن سيد درويش وتأثره بالمجتمع وأحداثه ثم غنى حمدى رؤوف مع الكورال وفوجئنا بالشباب ينقد الأوضاع ويعبر عن اليأس ، الذى وصل اليه ولكن مع أغانى حمدى رؤوف لسيد درويش تحولت الأمسية إلى ما يشبه المظاهرة الفنية الثقافية فى حب مصر تركنى حمدى رؤوف وخرج من الندوة مسرعا مع فتاة وجلست بمفردى فى الندوة وفى المساء سألنى ناجى أحمد ناجى عما حدث فأخبرته فقال حمدى رؤوف مشكلة يا ريس قلت له : هو فنان موهوب ووظيفتك ووظيفتى أن نحافظ على أى موهبة حقيقية ونوجهها فهو ملحن ممتاز ومطرب جيد ويستطيع أن يجمع حوله مجموعة من الشباب وهى صفات هامة وسأجعله يتعاون معك فى الأمسية الثقافية (بتاعتك) ضحك ناجى أحمد ناجى وقال : عايز تتعبنى ياريس قلت ..معلش ..
يوم 5 أكتوبر 1973 قدم ناجى أحمد ناجى إخراجه لأمسية ثقافية فى حب مصر والمعركة واشترك معه فوزى خضر الشاعر الموهوب الذى كان لا يبخل بالتواجد معنا دائما كمسرحيين واشترك حمدى رؤوف معه ويومها قدم حمدى رؤوف من ألحانه تلحين أغنية لى بعنوان بلدى بلدى ..ولم أحضر الأمسية لظروف خاصة بالعائلة ولكننى حضرت فى نفس الميعاد ..جاء ناجى فرحا ملوحا ثم همس لى "هل تعتقد أننا نفعل ما هو صحيح وهل هناك معركة ستتم وسط هذا اليأس واللا انت عايز تودينا فى داهية ؟؟؟ "