نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

كريم حيال السومري .. التائه دوما ….بقلم :زكي عطا

الراحل الأستاذ كريم حيال مع الفنان المسرحي الأستاذ زكي عطا في صورة تذكارية (سبعينيات القرن الماضي)


أواه..متى أجدك!؟
متى أقف والتف حول عنقك أيها الفرات!؟
أتعبتني وأنا لازلت حتى يومنا هذا أبحث عن كريم حيال!، كم أود أن أتحاور معه في هذا الزمان!؟، لكني يئست وتعبت واقتربت منك أخيرا أيها النهر الخالد، كان دوما يحتضنك كريم وتحتضنه، كان يحمل دوما لك أشعارا (إعترافات مالك بن الريب) ، كل صباح ينهض كريم من فراشه قرب (الجرف) ويعبد خيوط الشمس ويغتسل منك وجهه أيها النهر، هو يعيش معك دائما لكنك تركته وحيدا، تخاصمت معه عند انتحار جواد الازرقي القاص المتمرد ويحيى عبد الزهرة الحلاق الشاعر الجميل، اللذان فقدهم كريم بلحظات عناد فوضوية، بماذا أعاتبك أيها الفرات صاحب الذاكرة الأبدية، لقد التحق كريم صيفه وشتاءه بجرفيك الجميلين، وكنت أيضا وسادته وكان مطمئنا لهذيانك، ولكنك أبعدته عنك رفضته في صحراء المدينة، لا أحد يعرف كيف يتعامل معه وكيف هو يتعامل مع مقاهي المثقفين، تاه من بعدك كريم أيها النهر وجعلته يتعامل مع الآخرين من بعدك مع أناس لا يفهمونه مثلك!
كان ممثلا رائدا وكاتب قصة يمتلك الخيال الرائع، نشر منذ الستينيات قصصه في مجلة الأديب العربي وفي صحف أخرى، أهداني المادة الديناميكية وكنت في عمر الخامسة عشر حيث كان يتابع حينها بروفات (المسيح يصلب من جديد) تأليف نيكوس كازندزاكي وإخراج الفنان حازم ناجي.
كان يجلس في قاعة الجمهورية فيما نرى فيه نحن الممثلين والمخرج (دراماتورج) العمل، مازلت أتذكر حينها إعجابه بأدائي لشخصية القبطان، وكانت هديته لي أن علمني الفكر الماركسي!، ضاع كريم عندما غلبته المدينة وتركه أدباؤها وفنانوها، عندها أيقن أن السحر انقلب على ساحره، فعاد مره أخرى إلى ضفة النهر وأسس جماعة التمرد فلا طعام سوى الخمر ولا التقاء غير لقاء النهر، فكان التيه والموت هو الطموح الكبير لصاحب البسمة الطيبة، مات كريم وقد نموت نحن مثل موتك ياكريم بن حيال التائه دوما.
زكي عطا