نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

الفنان التشكيلي كريم العامري الباحث في أعماق الخراب : حاوره:نبيل عبد الأمير الربيعي

أقام الفنان التشكيلي كريم العامري معرضهُ الشخصي التاسع على قاعة دار الود للثقافة والفنون في بابل تحت عنوان( البحث في أعماق الخراب) , وقد احتوى المعرض على أكثر من (25) لوحة تشكيلية تقرأ فيها صرخات الحرية وقهقهات الزمان وهواجس الروح ومتاهات الدروب ,وأشلاء لا بد أن تنبض بالحياة وتلعن الليل والظلام الكئيب, فقد استطاع العامري أن يبين لنا من خلال لوحاته جراحاته المتخثرة في عالم الرؤيا ,و من خلال مقابلة مع الفنان العامري يقول" حين تكونوا عن مرأى في هذا المعرض.. ستصرخ أفواه الأبناء في بطون الأمهات قبل أن تستيقظ على أنشودة الجرح الدائم , وفي إشارات في مضمون الوحدة الكاملة للوحة , وهي في تقديري مجموعة كبيرة من الوحدات المتناثرة ,إذ من هذا المنطلق فكرت بضرورة الدخول إلى عالم آخر أو أسلوب آخر وهو مفهوم لأهمية التفكيك " ,
* هل معرضكم هذا مغامرة من قبلكم كفنان يسعى للتجديد؟
*غامرت بتفكيك الوحدة الكاملة إلى أجزاء , ودخلت إلى أسرار الجزء, وما يضم من مخفي فأظهرتهٌ للوجود , وهذا مبنيّ على أساس معرفي لأن من يتحدث بالوجود دون الرجوع إلى المعرفة فلا يعرف بالوجود ولا بالمعرفة كما يقول عبد الجبار الوائلي في كتابه " وحدة الوجود العقلية".
*هل جعلتك المغامرة تكتشف الأشياء والدلالات وهي أحد مفاتيح المعرفة؟
* هذه المغامرة جعلتني أكتشف أشياء ذات دلالات وإيقاعات ذات معنى وتكوينات تكاد تكون مفتاح آخر من مفاتيح المعرفة , وفتحت أمامي آفاق أخرى للدخول إلى ألامعلوم وأسرار المختفي وإشارات الوجود التي مضى عليها آلاف السنين و كما إنني أدركت إنهُ من الضروري جداً أن أدخل إلى جزء الجزء المقطوع من الوحدة المتكاملة للوحة فوجدت منافذ أخرى مفتوحة وغير مغلقة , وأدت بمعرفتي بسيمولوجيا المكان في هذا المعرض, قد غامرت بتجربة قد تكون استثنائية عن تجاربي السابقة.
* نلاحظ لوحاتك في هذا المعرض قد استخدمت فيها التقنيات الحديثة إضافة إلى الخامة كان هناك استخدام (الفوتو شوب)؟
* لقد استخدمت التقنيات الحديثة (الفوتو شوب) وهي تقنيات بصرية في تنفيذ لوحاتي إضافة إلى استخدام الخامات من جانب آخر , لكنها لا تخلو من إخفاقات , إذ بالإمكان تجنب هذه الإخفاقات بمناطق متفرقة من هذا المنجز , لعلي توفقت بعض الشيء في كثير من الحوارات البصرية المعلقة على هذه الجدران , وكان هذا توثيقاً للمتلقي في سجل الزيارات للمعرض
* نلاحظ لوحاتك تبحث عن مأوى وقلق في هذا الخراب وعنوان المعرض يدل على ذلك؟
*باعتقادي إن عملية البحث عن مأوى في مفاصل العمل الفني هي عملية معقدة بعض الشيء , من حيث اكتمال تأثيث هذا المأوى أو مساحة الاستقرار , والقلق حالة مشروعة, والثقافة في مواجهة القلق من رأيي تحتاج إلى معرفة والاتجاه بالخطوة نحو الأمام , ذلك لأني إذا فقدت الجانب المعرفي بما أنجز فاني أقع في فخ الإحباط , وبذلك أكون قد فقدت السيطرة على الحوار المقنع , وعلى هذا الأساس عليّ الإفصاح عن بعض ما هو مخفي من إيقاعات ودلالات.
* هل استشرت أحد الفنانين في عملك هذا؟
*كانت لي ثمان تجارب هي معارضي الحقيقية السابقة , كنت أشعر بالمتلقي من خلال معارضي , وكنت أستشير صديقي الناقد التشكيلي صلاح عباس في كثير من الأعمال , كان جوابه صريحاً في مناطق الخلل والإخفاق وكذلك أستاذي الفاضل سمير يوسف وهو السبب لصنع فنان اسمهُ كريم العامري.
*هنالك أجد خدعة في بعض لوحاتك, وهذا ما يتناقلهُ ذو الاختصاص في الفن التشكيلي فما هو ردك ؟
*أنا لا أشتغل أعمالي للمتخصصين كمنهج لحياتي الفنية, ولم أفكر بالخدعة ولم أجد فن الخدعة ولا زلت تلميذاً صغيراً أمام الفنان الكبير شاكر حسن آل سعيد وفي معرضي العاشر لم تتكرر هذه التجربة فأنا في تجدد وأنقب وأدخل إلى أسرار الأجزاء وأتمتع بلوحاتي لأظهرها للوجود ليستسيغها المتلقي .

رأي النقاد والفنانين في لوحات العامري:
لقد استخدم الفنان العامري في أغلب لوحاته( الفوتو شوب) كمونتاج إضافة للتوليد الصوري والطباعة والرسم المباشر والتخطيط بحيث يوحي إليك العمل الفني لمخلفات الحرب أو الذاكرة المحلقة بسنوات المحنة التي مر بها العراق وقد التقت الشرارة بالفنان والناقد التشكيلي صلاح عباس مدير مجلة تشكيل يقول" إن الفنان كريم العامري فتح لنا نوافذ وجدانه وذاكرتهُ , وأطل علينا بمستوى فني وتقني لافت للانتباه وقد كرس فنهُ لتجسيد الحياة العراقية في أصعب مراحلها , وهي حياة المحنة العراقية بعد الحرب , وقد اشتغل الفنان بذاكرة الماضي التجريدي وحظ خطاه كي يتجاوز السياقات التقليدية المعمول عليها في لواحاته الفنية , والعامري فنان متجدد ينحت دائماً في مغزى الأسلوب وجدواه , وبصراحة حقق العامري حضوراً كبيراً على الصعيد الفني في بغداد وبعض المدن العربية , وها هو الآن في الحلة يحقق حضوراً مبدعاً آخر أكد فيه شخصيته وبصمته,ولكن المتلقي يستطيع أن يستنطق أي عمل فني من خلال المُلغَزات بسهولة , ويبدو لي إن أي عمل فني بمثابة واشِ يقدم الوشاة عن الفنان وما يختلج في ذاته وسره , والعامري فنان مسوغ في الحرية والفهم الجيد في معنى الحداثة وما بعد الحداثة,وأنا كفنان ناقد لا أرغب بالطباعة , لكن العامري فنان مغامر وفنان جريء , ولوحات معرضهُ تعكس فن الحرب ولكن بشكل خجول ولم يجسد هذه التجربة" ,وقد شارك الفنان العامري في الكثير من المهرجانات والمعارض العربية والشخصية و حصل على الكثير من الجوائز منها القلادة التقديرية من دائرة الفنون التشكيلية ودرع المهرجان الأول للفنون التشكيلية لمحافظات الفرات الأوسط عام2008 وشهادات تقديرية من منظمات عالمية وإنسانية , ويؤكد الدكتور باسم العسماوي مدير دار الود في بابل "إن العامري تمكن من اختراق التقنية الحديثة وقد استخدمها في أعماله الفنية وصناعة اللوحة التشكيلية , وكانت أعمالهُ صدمة للمتلقي بمراجعة ذاكرتهُ البصرية في استحضار واستذكار المواضيع المحتدمة لهذا الفن, وقد تمكن الفنان العامري أن يضع بصمتهُ التي انفرد بها عن الآخرين , وهكذا عمل على لوحات تظهر الجرح العراقي الموجود في داخل هذا المواطن الجريح , وهذه هي مهمة الفنان الحقيقية " ,ويؤكد الدكتور محمد عودة سبتي" إن العامري كريم في لوحاته يعزف سمفونية اللون على أوتار مخيلته وهواجسه الموجعة , التي تسبح أشرعة خطوطه في شواطئ جمال اللوحة , وفي عالم مطلق يتلاشى فيه الماضي والحاضر والمستقبل , ليهز المضاجع ويأخذُكَ نصهُ البصري في رحلة أبدية , رحلة سفينة تبحر بلا رجوع , الفنان العامري مباحة دلالاته ومرفرفة إشاراته , فتفتح لنا باب الحوار معها ونتأملها عن قرب , نتفحصه, عن بعد نتقمصها بوجداننا لتستفز ذاكرة القيود التي لا بد أن تنكسر والحروب التي لا بد أن تندحر , وللطيور وهجرتها التي لا بد أن تعود إلى أوطانها " , لقد وضع الفنان العامري بصمته في أعماق قلوبنا ويؤكد للمتلقي بأن الإنسان لا يموت ما دام قبلهُ ينبض.
لقد أصاب العامري المرمى في لوحاته , فإن أعماله في هذا المعرض تثير الحوار لأنها متباينة تماماً ,وقد أكد د. باقر جاسم محمد" إن بلاغتهُ الصورية قد عزفَ عن تسمية اللوحات لأن العنوان يوضح للمتلقي مضمون اللوحة ووجود لوحات متخمة باللون والشكل والفوضى تعبر عن لا عقلانية الحرب , وهنالك مهارة في التنفيذ للوحات وخطوات راسخة وناجحة ومؤثرة وموحيّة , وألوان تميل للعتمة والظلام وهي سمه تعبيرية ضمنية , وقد أضاء العامري جوانب مهمة مما تحملهُ هذه اللوحات وهو قادر على صنع لوحات ناجحة في الوقت الحاضر , وقد أقصى العناوين من اللوحات لكي يفهمها المتلقي",أما تعليق الفنان التشكيلي كامل حسين فيؤكد"إن المعرض مذهل وأجد علاقة بين كريم العامري والفنان ثامر عبد الله , وقد بحث العامري في أرض صلدة وخراب لأسباب منها إن العامري لا يحب الألوان ولكن هنالك أشياء مهمة منها استخدم في لوحاته المسبحة وسبع عيون وقد فوضها لفنه وهي تمثل جزء من التراث, والعامر لو يكبّر هذه اللوحات بأحجام أكبر لكانت إبداعات موفقة, مع العلم إن لوحات العامري غير متكررة , وقد نجح بهذا التنوع والمتعة في لوحاته",وقد أكد الفنان التشكيلي سمير يوسف إن العامري " باحث عن المجتمع والبيئة ليجد الشيء الجديد وهي اللوحة الجديدة , ولكني أطلب من العامري أن ينتصر على (الفوتو شوب) لا الآلة تنتصر عليه وهو الفنان الباحث", ويعقب د. سلام حربة إن معرض العامري" أجد فيه مدارس ومنها التجريد المتأثر بالفنان شاكر حسن آل سعيد وقد استخدم العامري الفوتو شوب ليزاوج بين العمل الحسي والعقلي لاكتمال اللوحة , ولكن لوحات العامري أجد فيها معنى الخراب لما أصابنا من الحروب ولكنهُ ليس أبدي بسبب وجود النافذة التي تعني الأمل للمستقبل",وللدكتور محمد أبو خضير تعليق عن معرض الفنان العامري "كل معرض لا بد أن يضيف رؤية على مستوى الخامات ,العامري قد امتلك إغواء للمتلقي بمنظومته التقنية (الفوتو شوب ) , وعنوان المعرض يمتلك نوع من الشعرية العالية لكشف هذا الخراب".
وقد أكد العامري بأنهُ ليس مسوق للوحاته ولكنهُ وجد منهجاً خاصاً به كعراقي يرفض الاستقرار وحياتهُ مليئة بالمغامرات والتجديد