نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

المستقبل المغاربي في حوار خاص مع الدكتور عزالدين جلاوجي / مسيكة لشهب


الروّائيّ الجيّد هو من له القدرة على خلق جو عجائبي                                                 
نظم أول أمس قسم اللغة والأدب العربي بجامعة 20أوث 1955 ندوة أدبية حول الأعمال الأدبية والنقدية للأديب عز الدين جلاوجي بتنظيم عميد الكلية الدكتور أحسن ثليلاني ورئيس قسمها الأستاذ عبد السلام جغدير وجملة من الأساتذة والبيداغوجين بذات القسم.وقد قام الأديب بكل ثقة وجرأة إبداعية في عرض كل منجزاته الأدبية وكان لنا حوار خاص معه اكتشفنا من خلاله طيبة هذا الرجل وتواضعه العلمي وخفة ظله وتفعمه بالحيوية والنشاط..فهو ابن ولاية سطيف نشأ فيها وترعرع وتتلمد بمدارسها وهو الآن أستاذ أكاديمي جامعي يحمل شهادة الدكتوراه في الآداب وهو حريص في أعماله
الأدبية على توظيف التراث والموروث الثقافي من عادات وتقاليد مختلفة .

المستقبل: سؤال روتيني اعتدنا أن نطرحه على كل مثقف مهما كان تخصصه، متى كانت بداياتك الأولى في الكتابة؟
جلاوجي: كنت قد بدأت في فترة الطفولة والمراهقة بكتابات هي شبه عفوية رغم قيمتها الخاصة عندي إلا أنّ أول كتاب أو رواية صدرت لي  هي "لمن تهتف الحناجر"  سنة 1994  وتحوي 12 قصة مختلفة

المستقبل: إنّك توظف لغة في كتاباتك من نوع خاص فيها من الشعرية ما يجعلك تتميز عن غيرك؟  
جلاوجي : الشعرية لا تخص الشعر فقط بل تخص الشعر والأدب وبرأيي الروائيّ الجيّد هو من له القدرة على خلق جو   عجائبيّ وأن يكسر رحابة الأفق  .                                                      
المستقبل:  كم يقدر إنتاجك الأدبي؟         
جلاوجي :  ما يقرب من 30 كتابا ، 06 روايات ، 04 مجموعات قصص ،14 مسرحية للكبار و 40 مسرحية للأطفال
المستقبل :    كنت قد زاوجت بين عديد الألفاظ وهجنتها وخرجت بلفظ واحد مركب..فهل هده تقنية جديدة أم توليد للغة أم اجتهاد فني شخصي ام مادا،؟؟
جلاوجي : فعلا و أشكرك على هذا السؤال الوجيه..وهذه الألفاظ هي :  مقدنس/ ديناغول/ قرزير/ قوزح/ مسردية  فالأولى تجمع بين المقدّس والمدنّس والثانية تجمع بين الدنيا والغول والثالثة تجمع بين قوس وقزح أما الأخيرة فتجمع بين المسرح والسرد ،    هذي تسمى في العربية النحت وهو من مستويات الاشتقاق وأنا اجتهدت في أن أضع ألفاظا جديدة تجمع بين المتناقضات كما الاولى او تعمق المعنى كما في 2 و 3 او تضع مصطلحا لجنس مختلف كما في الخامس
المستقبل : بذكرك لهذا فالسؤال يطرح نفسه ، الآن تحدث بإسهاب عن فكرة المسر دية كيف تجمعت في فكرك يعني الإرهاصات وكيف تبلورت وما مدلولها ومواضيعها؟
جلاوجي : كان كُتَّاب المسرح منذ زمن الإغريق يكتبون نصوصهم إلى الخشبة مباشرة، ولعله لم يدر في خلدهم أن يوجهوا ما يكتبون إلى القارئ، ومع مرور القرون صارت المسرحية تصدر أيضا بين دفتي كتاب مما حفظها من الضياع والزوال، كما ضاعت للأسف الشديد آلاف العروض المسرحية التي كانت ترتبط بالمشاهد في حينها ثم تختفي إلى غير رجعة. مع تطور وسائل تسجيل الصوت والصورة، تحقق حلم الاحتفاظ ببعض العروض لتشكل مادة خصبة للمتلقي في كل مستوياته، مما هيأ للدارسين المتخصصين فرص دراسة ذلك. غير أن ظهور وسائط مختلفة سرق المتلقي إلى غير رجعة، بما استطاعت أن تحققه
من وسائل إغراء، جعلت المسرح منبوذا إلى حد بعيد، حيث راح يفقد معاقله وسحره، ولم يتخل عنه متلقوه فحسب بل وحتى منتجوه أيضا، وبذلك يكون المسرح قد خسر المشاهد وهو الذي لم يكسب القراء في أي مرحلة من مراحله. في وقت راح السرد بأشكاله يزحف على الميدان ويكسب ألآلاف بل الملايين من الأنصار إلى صفه، مما فرض التفكير في إعادة التألق للنص المسرحي، فيحقق رغبة الناس في قراءته دون أن يفقد خاصية التمسرح فيه، وهذا ما حدا بنا إلى إعادة كتابة النص المسرحي ولكن بنكهة السرد فنكسب القارئ أولا ونأخذ ثانيا بيديه ليعود إلى خشبة المسرح دون أن نجرح كبرياءه
بحيث يكون النص مهيئا أيضا للعرض على الخشبة، ويمكن أن يستفيد منه المخرج والممثل معا
المستقبل :في رواياتك تزاوج بين الزمنين الماضي البعيد مثلا الدولة الرستمية في رواية المقدنس وبين الزمن المستقبل البعيد ، فما سبب هذا التفا رق والتضارب في الأزمنة ولماذا غياب الزمن الحاضر زمننا نحن ؟
جلاوجي  : يبتسم ويرد بحنكة الأكاديمي المثقف والأديب الواعي لما يفعله وما يكتبه .. دعي الأمر للقراءلن أنوب عنهم.
المستقبل: مار أيك بالسلطة الجزائرية أنت كأنموذج هل أعطتك حقك الأدبي والفكري الإبداعي؟
جلاوجي : مبتسما ..أنت عدت للموضوع بطريقة ذكية ..
المستقبل : من خلال قراءتنا للعشق المقدنس فإننا لاحظنا أنها تعالج زمنين متناظران بعيدان عن بعضهما البعض الماضي البعيد والمستقبل الأبعد ولا رابط بينهما وهذا ما أحدث فجوة  زمنية تفصل الماضي عن الحاضر مما خلق التشظي الزمني ، فالرواية عادت بنا للدولة الرستمية وفي هذا دعوة للعودة للتاريخ وبالتالي عودة للمسكوت عنه لنعيش حاضرا سليما ونبني لمستقبل زاهر نعيشه ولا نتخيله فقط ، ويبقى الرد الأخير كما قال جلاوجي للقراء الكرام.
المستقبل : ما آخر ما أنتجت؟
جلاوجي :العشق المقدنس كانت أول طبعة له في سنة 2013 ومؤخرا هذا الشهر صدرت طبعته الثانية..و أنا الآن أكتب في رواية  قد أكملها مع نهاية هذا  الربيع.
المستقبل : كنت قد قلت أن الإعلام الجزائري مقصر في حق الأدباء والمفكرين فعلى ماذا بنيت حكمك هذا ؟
جلاوجي : إنها حقيقة الوضع الإعلامي وللأسف فالكثير من الإعلاميين لا يقرؤون لأدبائهم ولمفكريهم والإعلام يهتم غالبا بالفنانين في مجال الغناء والرقص والاحتفالات الشعبية والمناسباتية و يهمّلون أديب أو مفكر أنتج كتاب وضع فيه عصارة مجهود سنوات طوال من العلم والمعرفة ومكابدة الصعّاب للحصول على تلك العصارة ليقدمها في كتاب لأمة اقرأ التي وللأسف لا تقرأ
المستقبل : هل ترى أن الأديب الجزائري المعاصر شانه شأن الأدباء الحديثين قبل الثورة وبعدها وأدباء الاستقلال أي لم يعتني بهم كنخبة و ربوة المجتمع ؟
جلاوجي : في كلمتين قصيرتين ..للأسف فالأدباء عندنا شأنهم شأن العصور الأولى لا يعترف نتاجهم الفكري إلا بعدما يصبحون في قوائم  عداد الأموات ولكنني كمفكر وكأستاذ جامعي وكمنتج لأفكار وفنون فهذفي الأول هو تقديم هذا المجهود الذي أنتجته للقارئ الجزائري والعربي وحتى العالمي ولا يهمني إن قرئء الان وقدّر فقد غرسوا فأكلنا ونغرس ليأكلوا.
المستقبل : عذرا أستاذي الفاضل فقد أنهكتك بالأسئلة وقد أقلبت عليك مواجع أنت في غنى عنها فنشكرك كثيرا على السماح لنا بهذا الحوار الشيّق وكلمة أخيرة من فضلك؟.
جلاوجي : سكيكدة الماء والخضرة والوجه الحسن..هذا أول شيء أحسسته وأنا داخل سكيكدة المضيافة وأشكر قسم الأدب العربي بجامعة سكيكدة وكل أساتذتها الذين استضافوني في هذه الندوة القيمة وشكر خاص لكي سيدتي ولجريدة المستقبل المغاربي.