نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

البغداديون ... أصالة ومروءة -

 
لاتزال هذه الصورة مائلة امامي ، وان بعد العهد بها وتتمثل فيها انسانية البيئات الشعبية والحب السائد بين الناس يوم ذاك . ماشهدته كثيرا وماسمعته اكثر من تلك الخواطر الشعبية ذات النكهة المستطابة مايلي:
قصة الديك:
في شتاء سنة 1947 ارسلتني جدتي لامي رحمها الله الى القصاب لاشتري ( ربع لحم غنم ) وكان بيتنا مطلا على السوق . ووجدت مجموعة من اهل المحلة على باب الدكان ينتظرون دورهم في الحصول على الغنم . وهنا حضرت عجوز تحمل ديكا مربوطا من ساقيه وقالت للقصاب راجية . عيني ابو اسماعيل اذبح لي هذا الديك :. فنظر اليها متأملا وسألها :. هو ديك ام دجاجة .. ؟ اجابته :. بل هو ديك
فرفع صوته فوق ما هو معتاد :. امي انا لا اذبح ديكا ، لان الديك يؤذن لصلاة الفجر مع ديك العرش ، فيوقض الناس لعبادة الله . أأتيني بدجاجة وانا في خدمتك . فانصرفت العجوز .

جنازة الغريب :

تقع خانات المراكب قريبا من ( بيت الابلجي ) والشريعة المنسوبة لهذا البيت . وهي مجموعة من الخانات منها ماهو ملك لبيت ( الزيبق ) وهي اليوم انقاض ، وتقع ضمن القسم الشاطئ لمحلة الشيخ بشار .
صارت هذه الخانات مأوى للمشردين ولمن لا اهل ولا سكن لهم . وحدث مرة ان مات احد الفقراء الغرباء في خانة منها . ولم يكن له من يشيعه ويقوم على دفنه . فأجتمع اخيار المحلات وارسلو مناديا ينادي :. هذا مسلم غريب . لاهل ولا قريب .. يا اهل الرحمة هلمو لتشييعه ودفنه ورحمه الله قريب من المحسنين .
والغريب ان القوم تقاطروا حتى لكأنهم يشيعون علما من اعلام البلد. وبعد ان اجروا المراسيم وعادوا من دفنه جمعوا ما لديهم من بقايا حطام فأذا هي دشداشة وسترة وعباءة متهرنة. وعثر احدهم على ( درهم ) واحد في جيبه ، وهنا حضرت عجوز قد حطمها الزمان تولول وتبكي ، واذا هي شقيقته الوحيدة الباقية من العائلة وحاول احدهم ان يسلمها تركة المرحوم ( الدرهم ) فصاح به احد وجوه المحلة وهو من ( بيت الشاوي) قائلا : انه من العيب علينا ان يموت جار لنا ولا نعرف بحاله . وان يكن كل حطامه من الدنيا درهما واحدا . وارغم القوم على جمع ما تجود به نفوسهم ليسلموه الى تلك العجوز على انه تركة فقيدها ، استلمت النقود وانصرفت غير مصدقة بهذه الحفنة من المال.
شريك الشط :

كان ( بزون ) بائعا للسمك الى حدود الحرب العالمية الاولى وهو  يبيع سمكة  ( اكواما ) لبيع كل كوم بقروش معدودة او بارات . وحصل ان جاءته يوما امرأة فقيرة لاتحمل الا قرشين وسألته . عيني ( بزون ) بكم هذا الكوم؟ ... اجابها باربعة.
فرفعت راسها متحدية وقالت :. اسمع بزون .. بائع السمك والشاي واللبن والشربت شريك الشط . فخذ حقك ولا تغال في الثمن !.. فضحك بزون واجابها :. تنازلت عن حقي في الشراكة فهاتي القرشين وخذي ( كومة السمك ).
وهذه الحكاية سمعتها ولم اشهده. وهناك الكثير من امثال الاريحية الشعبية من وقائع وحكايات لا اخر لها . وبها دلالات على اصالة الخير في الناس واما الشر فهو امرعارض.