نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

لا أؤمنُ .. بالبياضِ / ياسمينة حسيبي شاعرة من المغرب

 
وأشقّ دمِــي نِـصفيْن .. لِـتعبُــرَنِــي
لتقومَ - وللمرة الأخيرة - من جسدي
وتُعِـيـد ترتيب ردْهـــة الــروحِ .
أنا امرأة وحيدة كهمزة على السّـطر
حُـضني باردٌ كــالشتاءِ !
وأنت رجل مصابٌ من جهة "الــغَـرْبِ"
تَـفْـزَع إليـكَ الحُـروب راكــضةً ،
تدخُـلكَ من فُتُـــوقِ الجـُرحِ ..
فَتُهيئُ لحْم التّـرابِ تحسّبًا للجوعِ !
تُهاتفني ..
كلما كان الوطن خارج التغطية ،
تُخبرني عن جندي "محظوظٍ" مات دون أن يدري ،
عن امرأة تستثمرُ بطنها في مشروعٍ للشهداءِ
عن نتوءاتِ الثلج ورائحة البرد..
ووُجوهٍ تصدأُ من صرير الرياح .
تحدثني عنكََ وعنّي ،
عن إسمي ، حين هرّبنَـاهُ تحتَ جنحِ البيـاضِ
عن واقعٍ قتَلنَاهُ برصاص الحلُم
عن بقايا وطنٍ نُخبئُها تحت اللّسان ،
وبين واوِكَ .. ونُـوني
وانكسار دمعةٍ في عين نبيّ ،
تَـعِــدُنِـي بيقينٍ يُشبهُ لُـعبَةَ الأطفـــالِ ..
بوطــنٍ حليق اللحية وأنيق الـــرّجـال
بشعبٍ جديدٍ ..
من النازحين والثكالى والأيتامِ !
وأنا الفـــارغة من كلّ شيء ..
يَلْسعنيِ الصقيع بألْسنةِ النارِ
يفغر صراخي ..
كُـلّما تجمّد غضّ الأجسادِ في الخِـيامِ.
أفْـتحُ قناة " الأعراب" فتقذفني بالجثث ،
تقرعني بـِ" الــعاجل" من بائِتِ الأخبار
وبالمسيرات البهلوانية ضد الإرهاب .
أنا التي كَــفَـرتُ - منذ انْـدلاعِ الثلــجِ -
بمؤشرات الجوّ المُــتـــأمْـــركــة ..
وتَــأَوْرُبِ نشـــراتِ الطقسِ !
أنا التي قَـصَفَني العمر من حيث لا أدري
فبلغتُ سنّ الــرّشــد بين رصاصتينِ ..
ووطنٍ لا يتذكّرُ إســمِـي !