نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

    البناء النصي وصورته الفنية/عدي العبادي

     image
    يختلف محمود عباس العقاد مع طه حسين حول دلالة النص الشعري وعلاقته بالشاعر والبيئة التي ولد فيها النص حيث يعتبر العقاد علينا الرجوع للشاعر وفهم ظروفه لفهم المدلولات اما طه حسين يرى موت المؤلف وان علاقته تنتهي بحال طرحه في الساحة وعلى المتلقي الذي ينتهي اليه الخاطب كشف ما في وادخله وفضح المسكوت عنه ومع ما طرح الأساتذة يظل النص محط جدل حول ماهيته ونحن الذائقة العامة نتعامل مع النص كوجود إبداعي تحلينا جماليته على مواطن الإبداع فيه ونجد مجموعة من نصوص للشاعر عصام كاظم جري حملت طابع فني وشعري جمعها في ديوان أطلق عليه اسم ( خارطة الريح ) تنوعت كتاباته في طرحا من ما يدل على انها مثلت تجارب تختلف عند الشاعر
    لا ظل
    ولا ملجأ يحمل الدروب على الغناء
    الذي يلمع في أحدقنا
    احكم الصوت
    التي تكررها الإقدام
    وكلما احرق الحكمة
    أبحر في امتداد قميصك
    أيتها الأرض
    حلفت إلا أكون أمير لزمن ما
    وحلفت إلا اشرب كأس الفوز
    لان الهزيمة سمة ورائية
     عند تفكيك هذا النص لدخول إلى عوالمه لكشف مدلولاته نعرف انه يتحدث عن واقعية الشاعر الذي ترجمة عن نفسه أحاسيس أطلقها بطريقة شعرية معبر عن ذاتية يذهب الناقد العربي سلماوي إلى إن النص ابن الشاعر أو تجربة ممسوخة منه اي مكون من حالة عاشها تبرز ملامح ما يشعر به وجري في كتابته بوح عن تصوراته من خلال فنية طرحها بأسلوب خاص فهو يملك موهبة تمكنه من التعبير عن إرهاصاته
    أخذتنا الريح
    ونحن نلهو
    دون قوس
    فالأرض سباح
    والحشائش نهر
    لن يعقبه موسم للغرق
    ليس جديرأ
    إن نحلم بامرأة من دنانير
    ان نحلم بروايات
    تصدأ الذاكرة
     أفق واسعة في استخدام الجماليات كالريح التي أخذته والحلم بامرأة وربطها بواقعه انه يترجم أحاسيسه من خلال القصيدة  الحداثوية التي فتحت أفاق واسعة إمام الشاعر وقد تنوع في طرحه واشتغل على بناء متفرق حيث تجد عدة صور على سياق واحد ان هذا يدل على قدرة الذات الشاعرة عند عصام كاظم جري الذي يبتكر وينسق في لغة شعرية الحدث ودلالات نصوص مجموعته ( خارطة الريح ) تحمل فيض من شعر الحديث حيث يمتاز أسلوبه بكثرة الصور مع إيقاعات داخلي ومن ما يجعل القارئ في تناغم مع منتج جري 

    ليلة قدر / ماهر طلبه



    حين استمع إلى خطبة إمام المسجد؛ عادت له طفولته.. مدرس التربية الدينية.. التى مازالت علامات عصاه تلون روحه وذاكرته.. كثيرا ما حدثهم عن ليلة القدر، وكثيرا ما قال لهم انتظروها فى العشر الأخيرة من رمضان، وكثيرا ما ظل ساهرا..
     لم يكن يومها قد فتح بعد صفحة الأحلام.. لكن هذا المدرس فتح له بابها.. فكان يتمنى أن يقابل ليلة القدر ليطلب من الله أن يختفى مدرسه من حياته، أو يُدخل آياته فى قلبه فلا ينساها ويهرب من مصير دائما ما يقابله فى كل حصص الدين... ذكره إمام الجامع بالحلقة المدورة فى السماء.. الضوء الذى ينير فجأة.. باب الأحلام الذى يُفتح فتتحقق كل الأمانى والامنيات...
    دخل حجرة نومه.. شاهد على سريره شيئا ما يتحرك.. لم يدرك ما يشاهده فى أول الأمر... لكنه لم يتسرب إلى قلبه الخوف قيد أنملة.. لذلك اقترب.. كانت هى... حلم قديم وقد انزاح عنه وعنها الغطاء.. فبدت أمامه دوائر من الضوء الأبيض الناصع... تأملها طويلا.. يعرف أنها تظهر كلمحة عين.. لذلك أسرع برفع يده للدعاء... فتحت عيناها على صوته المرتفع.. ورسمت على وجهها ابتسامة حانية.. فزادت مساحة الضوء حول وجهها الصبوح.. دعته إليها... انزل يده المرفوعة بالدعاء... استجاب.
    ماهر طلبه

    الامام علي رجل المبادئ والقيم الانسانية / محمد صخي العتابي


    https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhjkS52V-u9toTrgXhWiJt4_rGgk__Qvh5e0V9LEmILfu4aWr-IM94LH0EHmU47qa3PLMLz32Ff-uRwe48j2sC3JcYwt2qh6FOXrIJqRJIonzFuYSgG3eApzyyoQJbg1U3ftNVUesHlD00/s1600/%25D9%2585%25D8%25AD%25D9%2585%25D8%25AF.jpg

    عندما نتحدث عن الأمام علي عليه السلام لابد أن نتحدث عن العدالة التي لازمت شخصيته والقيم الأخلاقية والقواعد الإنسانية النبيلة التي أخذها الإمام عليه السلام عن النبي
    صلى الله عليه وآله وسلم فهو الذي تولى بنفسه تربية عليّ (ع ) بعد  ولادته وذلك عندما أتت فاطمة بنت أسد بوليدها المبارك الى رسول اللّه (ص ) فلقيت منه حباً شديداً له حتى أنه قال لها: «إجعلي مـهـده بـقرب فراشي » وكان (ص) يطهّرعليّاً أثناء غسله ويحرك مهده عند نومه ويناغيه في يقظته ويتأمّله ويقول : «هذا أخي وولييّ وناصري وصفيّي وذخري وكهفي وصهري ووصيّي وزوج كريمتي وأميني على وصيتي وخليفتي»
    ولقد كانت الغاية من هذه العناية النبوية هي توفيرالتربية الصالحة لعليّ(ع) وأن لا يكون لأحد غير النبي (ص ) دورفي ‌تكوين شخصيته الكريمة وقد ذكر الإمام علي (ع ) ما أسداه الرسول الكريم اليه وما قام به تجاهه في تلكم ‌الفترة إذ قال : «...وقد عـلـمـتم موضعي من رسول اللّه (ص ) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة وضعني في حجره وأنا وليد يضمّني إلى صدره ويكنفني في فراشه ويمسّني ‌جسده  و يشمّني عُرفه وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه واستطاع بهذه المرافقة الكاملة أن يقتطف من ثمار أخلاقه العالية وسجاياه ‌النبيلة الشيء الكثير وأن يصل تحت رعاية النبيّ(ص) وعنايته وتوجيهه وقيادته  إلى ‌أعلى ذروة من ذرى الكمال الروحي  وهذا الإمام أمير المؤمنين (ع ) يشير إلى تلك الأيام القيّمة والرعاية ‌النبوية المباركة المستمرّة إذ يقول : «... ولقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر أمّه يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً ويأمرني ‌بالاقتداء به».
     في اليوم الذي عزم فيه الرسول الكريم على الهجرة إلى يثرب اجتمع سادات قريش بدار الندوة واتفقوا على قتله فجمعوا من كل قبيلة شاب قوي وأمروهم بانتظاره أمام باب بيته ليضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه بين القبائل.جاء المَلَك جبريل إلى النبي(ص) وحذره من تآمر القريشيين لقتله فطلب الرسول الكريم(ص)  من الأمام علي عليه السلام أن يبيت في فراشه بدلا منه ويتغطى ببرده الأخضر ليظن الناس أن النائم هو النبي(ص) وبهذا غطي على هجرة النبي وأحبط مؤامرة أهل قريش وفي بعض الروايات انه سأل اصحابه من يبيت على فراشه فلم يجبه الاعلي ويعتبرالأمام علي (عليه السلام) أول فدائي في الإسلام بموقفه في تلك الليلة التي عرفت فيما بعد بليلة المبيت ونزلة الآية القرآنية الكريمة في شأن وحق الأمام علي عليه السلام حين نام في فراش الرسول (ص) بسم الله الرحمن الرحيم ﴿
    وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ﴾  كان الحبيب المصطفى قد أمره أن يؤدي الأمانات إلى أهلها ففعل حيث كان أهل قريش يضعون أماناتهم عند الرسول الامين (ص). وكانوا في مكة يعلمون أن عليا يتبع محمدا أينما ذهب لذا فإن بقاءه في مكة بمثابة تمويه لجعل الناس يشكون في هجرة النبي لاعتقادهم بأنه لو هاجر لأخذ عليا معه. بقي علي في مكة ثلاثة أيام حتى وصلته رسالة النبي محمد(ص) عبر رسوله أبي واقد الليثي يأمره فيها بالهجرة للمدينة
     خرج الأمام علي (ع) للهجرة إلى المدينة وهو في الثانية والعشرين من عمره وحسب رواية ابن الأثير في أسد الغابة فقد خرج علي وحيدا يمشي الليل ويكمن النهار بينما تذكر مصادر أخرى أنه اصطحب ركب من النساء هم أمه فاطمة بنت أسد وفاطمة بنت محمد وفاطمة بنت الزبير وزاد البعض فاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب أو ما سمي بركب الفواطم. ولم تمض غير أيام قليلة حتى وصل علي إلى قباء حيث انتظره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بها ورفض الرحيل قبل أن يصل الأمام علي(ع) الذي كان قد أنهكه السفر وتورمت قدماه حتى نزف منهما الدم وبعد وصوله بيومين نزل الأمام علي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة حين وصل الرسول الكريم إلى المدينة قام بما عرف بمؤاخاة المهاجرين والأنصار لكنه آخى بين علي وبين نفسه وقال له: «أنت أخي في الدنيا والآخرة»
     شهد الأمام علي(ع) جميع المعارك معه إلا غزوة تبوك خلفه فيها على المدينة بعده وقال له‏:‏ أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وسلم له الراية في الكثير من المعارك  عرف علي بن أبي طالب ببراعته وقوته في القتال وقد تجلى هذا في غزوات الرسول ففي غزوة بدر قتل الأمام علي(ع) نصف المشركين الذين قتلوا في بدر. وغزوة أحد قتل حملة اللواء من المشركين واحدا بعد الآخر و كانوا تسعة رجال ثمانية من بني عبد الدار و تاسعهم عبدهم مما أربك العدو و اضطره للفرار وفي غزوة الأحزاب قتل عمرو بن ود العامري أحد فرسان العرب وفي غزوة خيبر هزم فارس اليهود مرحب وبعد أن عجز جيش المسلمين مرتين عن اقتحام حصن اليهود قال رسول  الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لأدفعن الراية إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ويفتح عليه» فأعطاها لعلي ليقود الجيش وفتح الحصن وتحقق النصر للمسلمين. وقيل إنه اقتحم حصن خيبر متخذاّ الباب درعا له لشدة قوته في القتال. وكان ممن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة حنين . وكان لعلي سيف شهير أعطاه له النبي(ص) في غزوة أحد عرف باسم ذو الفقار  كما أهداه درعا عرفت بالحطمية ويقال أنها سميت بهذا الاسم لكثرة السيوف التي تحطمت عليها.
    ومن المشاكل الذي يعانيه مجتمعنا اليوم من مرض المحسوبية التي تؤدي الى وضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب وهذا ماحاربه أمير المؤمنين
    في حكمه اذ كتب عليه السلام الى عامله مصقلة الشيباني متوعداً إياه في شيء بلغه عنه: «بلغني عنك أمراً ان كنت فعلته فقد اسخطت إلهك وعصيت امامك انك تقسم فيء المسلمين الذي حازته رماحهم وخيولهم و أريقت عليه دماؤهم فيمن اعتامك من اعراب قومك.. ألا وان حق من قبلك وقبلنا من المسلمين في قسمة هذا الفيء سواء يردون عندي عليه ويصدرون عنه».
    حارب الامام علي (ع) الطبقية والحرمان والفقروهو القائل( لو كان الفقر رجلا لقتلته) وكان (ع) ملاذ للفقراء والأيتام تعامله الحنون والعطوف معهم بينما كان يمشي في شوارع الكوفة ليلا يتفقد الفقراء والايتام فسمع صوت أطفال يبكون فاقترب من الدار وطرق الباب ففتحت أمهم الباب فسالها الامام عن سبب بكاء اطفالها فاجابت انهم جياع ويبكون من الجوع
    فقال الامام (عليه السلام): ولم هم جياع؟
    فقالت: لاننا لا نملك الطعام
    تعجب الامام عليه السلام وسألها عن صاحب الدار فأجابت إن أبوهم قتل في المعركة ثم لاحظ الأمام ان هناك قدرا يغلي فسالها عنه فاجابت انني وضعت ماء في القدر وأنا أحاول ان أسلي الاطفال حتى ينسوا الجوع ويناموا ... فقال لها انتظريني أمة الله فأسرع الأمام الى داره وحمل جرابا فيه الطحين والسمن والتمر
    فقال له قنبر : سيدي دعني أحملها عنك
    فاجاب الأمام (عليه السلام): أنا اولى بحمله منك
    وحملها على ظهره وتوجه الى تلك الدار ... طرق الباب ففتحت له الأرملة الباب فقال لها : امة الله أما... ان تطبخي الطعام وانا اسلي الاطفال أو ان اطبخ أنا الطعام فقالت أن كان لابد فاوقد التنور فكان الامام عليه السلام يوقد النار في التنور ويقرب خده الشريف الى النار قائلا : يا علي ذق .. كيف يبيت الايتام جياعا ذق يا علي ... فجاءت المرأة كي تخبز الخبز فتوجه الامام الى الاطفال واصبح يلاعبهم ويحملهم على ظهره وهم يضحكون فرحين ... يقول قنبر تعجبت فسالت نفسي اهذا قالع باب خيبر قاتل مرحب ؟؟!! ولما اكمت المرأة الطعام كان امير المؤمنين يضع الطعام في فم الايتام ويقول ( كلوا وسالوا الله ان يغفر لعلي )
    روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطب في آخر جمعة من شهر شعبان وتحدث عن شهر رمضان وشرفه وثواب الطاعة فيه فقام إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: يا رسول الله ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟
    فقال: يا أبا الحسن، أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز وجل، ثم بكى (صلى الله عليه وآله).
    قال له أمير المؤمنين: يا رسول الله ما يبكيك؟
    قال: يا علي أبكي لما يستحل منك في هذا الشهر، كأني بك وأنت تصلي لربك، وقد انبعث أشقى الأولين والآخرين شقيق عاقر ناقة صالح فيضربك ضربة على مفرق رأسك، ويشقه نصفين ويخضّب لحيتك من دم رأسك
    فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): يا رسول الله وذلك في سلامة من ديني؟
    فقال (صلى الله عليه وآله): في سلامة دينك ثم قال (صلى الله عليه وآله): يا علي من قتلك فقد قتلني، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن سبّك فقد سبّني، لأنك مني كنفسي، وروحك من روحي وطينتك من طينتي، وإن الله عز وجل خلقني وإياك واصطفاني وإياك، واختارني للنبوة واختارك للإمامة، فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوتي، يا علي أنت وصيي وأبو ولدي وزوج ابنتي وخليفتي على أمتي في حياتي وبعد موتي، أمرك أمري، ونهيك نهيي، أقسم بالذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية انك لحجة الله على خلقه وأمينه.

     كانت وفاة أمير المؤمنين (عليه السلام) قبيل الفجر من ليلة الجمعة ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة قتيلا بالسيف ، قتله ابن ملجم المرادي (لعنه الله) في مسجد الكوفة وقد خرج (عليه السلام) يوقظ الناس لصلاة الصبح ليلة تسع عشرة من شهر رمضان ، وقد كان ارتصده من أول الليل لذلك ، فلما مر به في المسجد وهو مستخف بأمره , مماكر بإظهار النوم في جملة النيام ، ثار إليه فضربه على أم رأسه بالسيف ـ وكان مسموما ـ فمكث يوم تسعة عشر وليلة عشرين ويومها وليلة إحدى وعشرين إلى نحو الثلث الأول من الليل ، ثم قضى نحبه (عليه السلام) شهيدا ولقي ربه تعالى .

    الرائدة التشكيلية العراقية نزيهة سليم


                                       الرائدة التشكيلية العراقية نزيهة سليم
             
          
                          
                          
     ولدت نزيهة سليم عام 1927 في اسطنبول لابوين عراقيين وكان والدها محمد سليم , عاشت في كنف عائلة ولعت بالفن التشكيلي..

         
    وبرز منها كل من الفنانين جواد سليم صاحب نصب الحرية الشهير في بغداد وشقيقها سعاد سليم وكذلك نزار سليم.
        

    الفنانة الراحلة التي تخرجت من معهد الفنون الجميلة في بغداد واكملت دراستها في باريس.

               
                     الفنانة مع امها واخويها ، وكذلك الوالد

     كان والدها ضابطا في الجيش العثماني وينتمي الى الرسامين الاوائل، معلمها الأول.. فقد كان يدعمها ويرعاها الى جانب سعاد وجواد ونزار، وقد شاركت، في وقت مبكر، خلال عقد الخمسينيات والستينيات، في رسم المشهد الحديث للتشكيل في العراق.. لتحافظ على أثر جواد في صياغة اهداف جماعة بغداد للفن الحديث. وجواد ذاته كان قد درّسها تاريخ الفن في معهد الفنون الجميلة ببغداد.

                               

                          الفنان الفرنسي فرناند ليجيه

     ثم اكملت دراستها للفن في المدرسة العليا للفنون الجميلة في باريس ( 1947- 1951) حيث تخصصت في الرسم الجداري الجداريات وتتلمذت على يد الفنان الفرنسي (فرناند ليجيه).

     كان باستطاعتها البقاء كمعلمة للفن في فرنسا بسبب تفوقها حيث كانت الرابعة على دفعتها في جائزة روما، لكنها اختارت ان تعود للعراق على الرغم من ان الآفاق التي فتحت لها في الخارج.

          
    وطوال نصف القرن الماضي شاركت الفنانة في نشاطات مختلفة كإسهامها في جماعة بغداد للفن الحديث.. وفي تأسيس جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، الى جانب دورها التربوي كأستاذة في معهد الفنون الجميلة حتى عام 1982.. واخلاصها لفنها جعلها تكرس حياتها لاستكمال مسيرتها الفنية، فقد عالجت قضايا المرأة، والعمل، والطفولة، بالأسلوب الذي يعبر عن مزاجها وشخصيتها.. فاسلوبها حافظ على فن لا ينفصل فيها الخيال الخصب عن ملاحظاتها الدقيقة في رسم النساء والطبيعة والموضوعات الاجتماعية.
                        
    اعطت كثيرا عبر اعمالها بالحياة الاجتماعية للمراة العراقية واظهرت معاناتها في كل مكان في السوق والبيت والعمل واظهرت تلك الاعمال تعاطفا واضحا مع المراة كانت الفنانة تحس الام المراة العراقية وتعكس معاناة المراة العراقية في قلمها الذي لم ينطفأ طيلة حياتها واكملت زمالة لمدة عام في المانيا الديمقراطية للتخصص برسوم كتب الاطفال ومسرح الاطفال.

       
    ولسوء الحظ سرقت اغلب لوحات الفنانة نزيهة سليم التي كانت في المتحف العراقي للفنون عام 2003 ضمن اكبر حملة سرقات للمتاحف شاهدها العراق , ولم يبق من تلك الاعمال سوى عدد قليل جدا.

       

    عملت استاذة بمعهد الفنون الجميلة منذ عودتها من باريس و محاضرة في كلية الفنون الجميلة.
                    

    كتبت الاقلام عنها لكن جذبني قول بعض النقاد والفنانين وانقل قسم منه نقلا عن جريدة المدى وجمعية المثقفين العراقيين .

                                

                                                الأستاذ مؤيد البصام
     الأستاذ مؤيد البصام فقد تحدث عن الأختلاف بين لوحة جواد سليم ولوحة نزيهة سليم وقال:

    لقد التزم جواد الخط البنائي الفني الشكلي الذي امتاز بالصلابة والقوة بينما اتبعت نزيهة الأسلوب نفسه إلا ان رسوماتها امتازت بالرقة والسلاسة، وربما يعود هذا إلى كونها امرأة.

    القاص والناقد محمد مبارك تحدث عن جذور تجربة الفن التشكيلي لدى نزيهة سليم قائلاً :
    لقد نشأت الفنانة في عائلة مبدعة، كانت شاهده على قدرات الأنسان العراقي الأبداعية ، وقد استمدت خطوطها من التراث العراقي القديم، واستلهمت فنها من معطيات الفن السومري والبابلي والآشوري.
       
    الرسامة (نزيهة سليم) آخر ما تبقى من عائلة تضم اشهر التشكيليين العراقيين، هذه العائلة التي ابتليت بالموت المبكر، فقدت (جواد سليم) ومن بعده نزار وسعاد، وظلت نزيهة سليم تعيش في عزلة، تعالج محنتها الصحية بمفردها، وفي أحيان تزورها تلميذاتها لرعايتها، وضعف الخدمات جعلتها في ازمة صحية قاسية. لك كل المجد ايتها العملاقة وستبقين نجمة ساطعة في تاريخ الحركة النسوية العراقية .

                                        
    ومن سوء حظ الفن ومحبيه ان تراث هذه الفنانة الغزير على مدى عمرها الفني المديد، تعرض بعد الاحداث المؤلمة الاخيرة التي عصفت بالعراق للسرقة والتلف والضياع والتخريب، حتى قبل ان يدقق ويوثق كاملا، وما بقي منه اليوم، كما تأتي به الاخبار لا يتجاوز الست لوحات

            وفي عام 2008 ودّعت بغداد الفنانة التشكيلية العراقية نزيهة سليم عن 81 عاما، بعد وحشة وكآبة عاشتها في سنواتها العشر الاخيرة. ووفاة هذه الفنانة بمثابة طي لصفحة مشرقة من سيرة رواد الأمل في الحياة العراقية المعاصرة. وعزاؤنا في ما راكمته من حضور في التجمعات الفنية مثل «جماعة بغداد للفن الحديث» أو من تأسيسها لكيانات فنية مثل «جمعية الفنون البصرية المعاصرة» اضافة الى دورها التربوي كأستاذة لتدريس الفن في «معهد الفنون الجميلة» ثم لاحقا في «أكاديمية الفنون الجميلة» ما جعلها اسماً متفرداً في فضاء حركة الفن الحديث في العراق

    رحمها الله الرائدة التشكيلية العراقية نزيهة سليم التي رحلت بعد أن ضاعت لوحاتها
    المصادر الحوار المتمدن /  كاترين ميخائيل

    ولن تكونى الأخيرة/ صابر حجازى


    نتيجة طبيعية قصص قصيرة جدا / ماهر طلبة


     

    أمن
    أمره الطبيب المعالج أن يفتح فمه – على اتساعه – ليرى الفاسد داخله.. فخرج من عنده مسرعا ليخطر الأمن.
    ذكر محاسن
    عدّد الجالسون محاسنه لها لعلها تلين وتنهي هذا الخلاف العائلي القائم بينها وبينه.... فلما انتهوا.. شكرت لهم سعيهم.
    الوريث
    نظر إلى ابنه الوليد الذي يلتهم ثدي زوجته بشراهة، وحاول أن يطرد الخاطر الذي يقتحمه... "هل يرث الأبناء الآباء وهم بعد أحياء؟".
    حرب جديدة
    لقد حلمتُ  أمس أني نائمٌ وحين استيقظتُ اكتشفتُ أن حلمي حقيقي؛ فقد كنتِ في حضن ابن ورد.
    سبق ترصد
    شاع في شارعنا أن الرجل القاطن الطابق الثاني من المنزل رقم خمسة عشر يحب المرأة التي تقطن المنزل المقابل. وأن قصة غرامه بها تمر عبر النوافذ المتقابلة .. شاع، لكن لم يتأكد الخبر. حتى أنا نفسي لم أكن متأكدا –رغم ترديدى المستمر للشائعة- فصرت أتعمد إطالة النظر إلى نافذتها –المقابلة- لعلي استطيع الإيقاع بالجانية.
    هزيمة مبكرة
    لأنه كان دائما بالنسبة لها شهريار، لم تستطع أبدا أن تمثل عليه للنهاية دور سندريلا.
    حتمية
    لأن شهريار وسندريلا بطلان فى حكايتين مختلفتين من كتاب الحواديت، كان الطلاق  هو النهاية الطبيعية بيننا .
    نتيجة طبيعية
    تسلل إلى صفحتها ليلا وسرق الحذاء ثم عاد يطالبها بأن تكون له سندريلا... في النهاية طردت من كتاب الحواديت/حياته بعد أن صارت –له- محض خادمة
    فراشة
    تملكتها شهوة الانتقال بين الرجال؛ فسقطت فى حضن "السلوى "*
     
    *السلوى : نبات اكل للحشرات
     

    خزف بابلي يقبض على اللحظة التائهة / محمد اسماعيل



     أوقف الفنان خالد جبار، الزمن، خزفيا، وهو يثبت قطرات ماء تندلق من جرة، ضمن معرض "تسعة فنانين من بابل" الذي نظمته قاعة "حوار" للفنون، مطلع أيار الجاري، وقد عدته منجزا استثنائيا، في سلسلة فعالياتها، بحسب الفنان قاسم سبتي.. مدير القاعة، الذي قال: "تخطى فنانو بابل أزمة الخزف التي تعانيها بغداد بسبب شحة الكهرباء اللازمة لتشغيل الافران".
    فنيا يراهم سبتي: "قدموا تجارب معاصرة.. غير تقليدية، وبهذا تسد الحلة الشاغر الذي تعانيه العاصمة، إذ تدخر مدينة صفي الدين الحلي ثمانمئة قطعة من نتاج هذا العام وحده، في حين لم يستطع المركز الا تقديم بضعة أعمال" عائدا الى إطراء موجودات المعرض: "أعمال فائقة الجمال، تدل على حس فني راقٍ وجهد ومواظبة متفانية، أسفرت عن التفاف هؤلاء الفنانين الشباب، حول أستاذهم حيدر رؤوف "تسعة تدريسيين شباب في كلية الفنون الجميلة بجامعة بابل، أشرقوا على بغداد" قال الفنان د. فاخر محمد، متابعا: "قدموا رؤى جمالية، من خلال تقنيات الخزف، متعاملين مع الشكل باعتباره إعادة لتأسيس الموضوع الواحد مرات عدة".
    عده الفنان فهمي القيسي: "يشي بتطلعات الشباب الاكاديمي" ووجد فيه الفنان محمد شوقي: "تجربة جديدة على عالم السيراميك قاطبة" فيما لمس الفنان محسن الشمري: "رؤى متعددة جمعها المعرض، مستوعبا طروحات قابلة للبحث النقدي طويلا، تفتح آفاق تنظيرية تمتد الى عمق مستقبل الحداثة التشكيلية" مؤكدا: "خزف أصيل، يوحي بتراكم خبرة عقود من السنين، وليسوا شبابا بعمر الزهور".
     "فتحوا أبواب السيراميك المغلقة" قالت الفنانة زهراء البغدادي، إجرائيا، أما فنيا فأوضحت بأنهم استخلصــوا الأشكال الماثلة أمام المتلقي من جهد مبذول في تأمل الطين وتركيب ألوانه، وسبكه كالذهب، داخل إطار غير مرئي من الوعي الفني الذي تحكم بالأفران وطوع نيرانها المهولة لإعطاء نتائج إبداعية مذهلة".
    من المشاركين قال الفنان منذر محمد: "المعرض نتاج تخطيط سنتين، جمعنا معا وكل واحد محتفظ بإسلوبه.. أنا عملت على الصحون والمزهرية المقطعة، التي وظفت فيها رموز العراق القديم" فيما اشتغل نبيل مع الله راضي، على المعالجات التكوينية للشكل الهندسي.. "استخدمت لون واحد وإثنين، في كل قطعة".
    خرم خالد نتاجاته، بحروف كوفية ومسمارية، قابضا على اللحظة الشاردة، في دورة الحياة، بينما قال د. سامر أحمد: "رابطنا 24 ساعة.. نصل الليل بالنهار، على مدى شهور، داخل مشغل كلية فنون بابل، بانتظار الكهرباء كي ننجز الاعمال، طالبا الا يربط الجمهور الاستخدامات النفعية للسيراميك، في صناعة الصحون والأكواز والجرار والادوات الكهربائية، مع خلاصات الفكر الجمالي المحلق الذي يعملون عليه كفنانين وليسوا حرفيين.
    مزجت د. زينب سامي، الموروث المزي ومزجته بالمعطيات المعاصرة.. "الارقام ذات المعاني السحرية، في حضارات وادي الرافدين.. 3 و7 و9.. أم سبع عيون.. الخضرمة.. الطقوس المؤداة والتقاليد المتبعة.. حرف السين، اربطها بالحاضر في خطاب تشكيلي ذي خصوصية لا تبقي أعمالي في نمط واحد، إنما تجريب متلاحق".
    شارك في المعرض كلا من حيدر رؤوف وسامر احمد وخالد جبار ونبيل مع الله راضي وحيدر صباح واطياف علي وسلام احمد وزينب سامي ومنذر محمد.
      

    أكلات شعبية في ذاكرة جوع الفقراء / محمد اسماعيل

             أكلات شعبية في ذاكرة جوع الفقراء
     
    ما زلنا نشتهيها
    يوقظني صوت جدي وجدتي، يستحضران اسميهما من عمق الاهوار.. حسيّن ورسل، كي لا ينسيانه في بغداد التي طوتهم بجوع اخف وطأة من مهانة الاقطاع.. مهاجرين جنوبيين ما زالوا يسمون الجيل الثالث منا (شروگية).
    و(شروگي) كلمة حميمة الى نفسي، برغم تعمدها اهانة وليس توقيرا للنسب، لهذه المفردة اكلات لذيذة ورثناها مع فقر الاهل الذين لا يمتلكون ما يورثوننا، سوى صفات كالميسم في ضلع (السليت).
    تلك الاكلات اقترنت باستيقاظ جدي وجدتي لصلاة الفجر، تصنع لي جدتي (مريسة) خبز يقطع ويحمس بالدهن، فتتكسب اطرافه؛ لذاذة منقطعة نظير الطعم.
    وعندما يستيقظ اخوتي: كاظم.. محامٍ الان وازهار وسعاد.. باحثة اجتماعية وزوجة الفنان علي المطوع، تعد لهم امي (رصاع) وهو خبز تمن ينضج على طاوة، نسميها (تاوة) غير مبتعدين بالتاء عن الطاء، حسب رولان بارت الذي يجيز استبدال التاء بالطاء بالدال في الترجمة.
    اذا ما نفر واحد من اخوتي، متبطرا على النعمة، تقول له امي:

    لاتتبطر لا الله يطيرها علينا.
    فاروح في صفنة تأملات.. هي شحيحة اصلا.. الرزق شحيح، يعني طائر طيب النعمة طايرة منا قبل ان يتدخل الله في طيرانها بسبب تبطر اخي على الرصاع، اذن هل هو الشيطان وحده الذي كان يجوعنا.

    محروك اصبعه

    اذا كان دوامي في المدرسة، صباحا، فانا اعب المعدة بالـ (محروك اصبعه) قبل التوجه خالي الجيوب الى الصف، ارنو الى اقراني يتلذذون بالكيك وانا اتلظى اشتهاءً (أعف اذا انحنت لهن رقاب) فاقنع زملائي بانني اكره طعم الكيك.
    لم يقتنعوا بل كانوا يهينونني: لا انت مو تكرهه بس ماعندك فلوس.. يتيم ماكو احد يعطيك فلوسا.
    طيب ما ذنبي بذلك؟ ولماذا يسخرون من كوني لا املك فلوسا وهل انا الذي امت والدي يوم ولادتي واظل مع اخوتي على يد جد وجدة لم يتقيا الله بيتمنا؟
    الاطفال من حولي في المدرسة لم يقتنعوا لكن المشكلة انا فقط الذي اقتنعت بان طعم
    الكيك كريه، وما زلت حتى زمن الرفاه المالي الذي اعيشه الان، لا استسيغ طعم الكيك بل
    اكرهه عضويا وليس نفسيا.

    عودا الى المحروك اصبعه، خبز يقطع ويغلى بماء يمكن اعتباره منقوع البصل مع شيء من بهارات اذا توفر في حالات الرفاه النسبي، الذي تحسدنا يرابيع الصحراء عليه.
      

    خبز عروك

    اثناء شجر التنور من قبل امي، التي لم تكف عن الخبز ظهر كل يوم، على مدى ثمانين عاما، ومن يعش.. ثمانين حولا لا ابا لك يسأم، فبلغ السأم منها حد استبدال عظام الحوض بعتلات بلاتين اقعدتها على عرش الشيخوخة.
    نقف انا وسعاد على مسافة آمنة، تقينا لهب التنور، اذا فاض نارا، بانتظار خبزتين استثنائيتين، تسميهما سعاد (حنونة) نأكلهما وقد دست فيهما امي اشياء تشبه الشحم او المصارين او البصل او كل تلك الجردة من الرقائق وتلصقهما في بطانة التنور.

    تقسيم البيضة

    اذا شاء جدي ان يرحم بناء، سمح لامي بقلي الرصاع في الدهن، حينها يتحول اسمه الى (خبز بدهن) من التمن ومن الحنطة على حد سواء، وفي مراحل متقدمة، عندما كبرت ازهار.. صار عمرها اربعة عشر عاما، توسط لها جارنا داود رحمه الله، فعينت عاملة في معمل الزيوت، امام رعب مدير عام الزيوت مطلع السبعينيات، من ان القانون يحاسبه على تشغيل قاصر، فاجابه داود: ويحاسبك الله اشد اذا جاعت هذه اليتيمة واخوتها الثلاثة.
    عندما اشتغلت ازهار تمكنا من اضافة بيضة واحدة، توزعها امي على اربع خبزات بالدهن.

    طابك

    عندما كبرت السنوات بنا وعمل كاظم محاميا وسعاد باحثة اجتماعية قبل ان تتعرف الى علي من خلالي.. يتحابان من ورائي ويتزوجان. وانا صحفي، استقرت ازهار تدير شؤون البيت، ناعمة بما زرعت فينا من الفة، اهمها لمة (العيال) حول طابك وسمك كل جمعة.
    والطابك طحين تمن معجون الى حد يعبر عنه باللغة العربية (لازب) اي ثخين على شكل قرص واسع يوضع على طبق طيني مفخور نسميه (طابك) ايضا، وتحته جمر (المطال) المجفف من فضلات البقر، حتى ينضج متيبسا بشكل شهي من حيث الجهة التي يلتصق عندها طبق العجين مع طبق الطين، وتظل من الاعلى (نص استاو) فنقلب المطال عليها لينفذ اجزاء من رماد (المطال) في (الطابك).
    چا اشكد طيب!؟
    مرة يؤكل الطابك لوحده، ومرة مع الزوري.. صغار السمك ومرة مع الكطان في حالات شديدة الكلفة.

                        

    سياح

    يذاب طحين التمن، في الماء، حتى يصبح رائقا وليس معجونا، ويصب على (الصاج) خبزا بسمك ورقة، مكسب ولذيذ مع البيض بالدرجة الاولى يليه القيمر والزبد.





    خريط

    حلوانا في الاهوار (خريط) مسحوق يجمع من رؤوس القصب والبردي، بطعم الشهد، ولنا من الحلوى (كليجة) تعرفنا اليها من وجودنا على (غصور المدن) نتقبل اسمالهم كمسلمات لا هجاس ولا تحسس ازاءها؛ لانهم مدن ونحن فقراء.
    الكليجة تعد في عاشوراء، الى ان جاء من صحح لنا انها للعيد ابتهاجا وليس ليوم (الطبك) حزنا.

                

    العسكرية

    بعد تخرجي في الدراسة، ملتحقا بالخدمة العسكرية الالزامية، تعرفت الى اكلتين شعبيتين لذيذتين من تراث المحافظات الغربية، سائغ طعمها في الذوق الجنوبي، هما (دليمية) و(خميعة).

    دليمية

    كعراقي اتفاخر وعلى الدليم جميعا ان يفخروا بالنكتة القائلة بان دليمي احترق بيته، ولما وصلت سيارات الاطفاء اقسم بالطلاق تتغدون يالله تطفون.
    كما قال الشاعر مظفر النواب: عراقي هواي وشيمة فينا ان الهوى خبل.. والكرم خبل وكل ما هو رائع نتحمس مبالغين به، حد منع الدفاع المدني من اطفاء بيته ريثما يتغدون! كم هو عظيم هذا الدليمي.
    استحضر هذه النكتة المشرفة؛ نظير الاختزالات الغذائية في اكلة واحدة (الدليمية) تؤمن انواع الشهوات: التشريب والتمن واللحم والدجاج، في اكلة واحدة، تدل على ثراء روح الاسلاف الذين تشكل (الدليمية) اكلتهم المفضلة.

    خميعة

    شالت (الخميعة) جزءا كبيرا من ضيم العسكرية على جسدي الواهي، اذ نجتمع بعد العرضات، وهنا تحضر المناطقية حضور خير وليس من باب التفرقة التي يحث عليها الساسة الان، اذ يتولى ابناء الغربية، تحضير الخميعة، ونحن ابناء الجهات الاخرى من الوان الطيف العراقي الذي كان واحدا وفرقوه الان، نتولى اعداد المفاصل المتبقية من الافطار.
    حين لا اكون ضروريا في مفاصل افطار الحظيرة، اشاركهم اعداد الخميعة، التي هي عبارة عن (ثريد) تشريبة حليب، ما ينشبع منها، لا ابالغ اذا قلت استطعم تذوقها من صحراء الرمادي، الى عمق اهوار الجنوب، حيث يفطرني (خميعة) اصدقائي في الفلوجة: رشيد الحمداني.. رحمه الله ومجيد الجبوري وصباح الحلبوسي.


    موبايل بيكاسو” (أشكال مسرحية)/ تأليف: د.شاكر عبد العظيم جعفر


    أشكال النص :

    شكل أول: تايتل

    صورة للطيف الشمسي تظهر على شاشة سينمائية من جهاز الحاسوب، ألوان تتراقص بخلفية موسيقية جميلة وباهرة، لا شيء سوى ألوان الطيف الشمسي .

    تستمر اللوحة هذه لفترة من الزمن حتى يظهر اسم المؤلف

    أسمــاء الممثلين

    اسم المصـــمم

    مونتـــــــــــــــاج

    اسم المخــــــرج

    المنتـج / إن وجد

    ينتهي الشكل الأول

    شكل ثــاني / رقص مسرحي

    يخرج ممثل كان مختفيا خلف تمثل يساوي ضعف حجم الممثل / وهو يرقص على طبول، رقص جسدي متناسق وبارع جدا، يستمر لدقائق عديدة، وبشكل مفاجئ تتوقف الطبول، لينطلق هاربا بين الأشجار والأعشاب. وبعودة الطبول وتسارعها مع أصوات همهمات مخيفة، يعود مختفيا خلف التمثال.

    تنطفئ الشاشة وينتهي الشكل الثاني.



    شكل ثـالث /بانتومايم

    نفس الممثل متكورا على نفسه، وقد اختفى التمثال دون أن يدري، يرفع رأسه ويندهش لهول المفاجأة، يبحث عن التمثال، لا يجده، يحفر في الأرض بأظافره، بمعاول، بآلات متعددة، لا جدوى، يرتقي سلالم إلى الأعلى، يتعبه ارتقاءها اللا ينتهي، يقفز من فوقها، يحلق في الفضاء، يسقط إلى الأرض، موسيقى أصوات سيارات ضخمة وجرافات، ترافق أداءه، يتدحرج على الأرض كثيرا، يقف على قدميه، تختفي أصوات الجرافات والشاحنات، تدخل الفضاء أصوات كلاب كثيرة لا تحصى بنباح متواصل، الممثل يهرب، يركض في كل الاتجاهات، يرتقي الجدران، السلالم الأشجار، يسقط أرضا يتكور على نفسه محاولا الاختباء في ذاته. ينقطع الصوت بشكل مفاجئ، تتوثق حركة الممثل، يصحو شيئا فشيئا، ينهض ببطيء، ما الذي جرى ؟؟ أكان يحلم ؟؟

    فترة صمت بلا موسيقى

    إطفاء / شاشة سوداء

    ينتهي الشكل الثالث

    شكل رابـع : خيال الظل

    الممثل يقف وسط المسرح، خلفه إضاءة شديدة باتجاه المشاهدين، يتحول إلى ظل، تنزل ستارة بيضاء من الأعلى لتغطي واجهة المسرح بكامله ويتحول المشهد إلى / خيال ظل / ينظر إلى أحد الاتجاهات التي منها تظهر فتاة بهدوء وهي تتجه نحوه، يقف بذهول، تصل إليه تقابله تماما يتقابلان، تمد يدها إليه، يرفع يديه خائفا، مترددا، ليمسك بها، مطر يتساقط، برق، رعود، شجرة في أحد جوانب المسرح، يخلع سترته، يضعها على رأس الفتاة ليحميها من المطر، يتجهان نحو الشجرة ليقفا ، للتخلص من المطر. يدخل من الجهة المقابلة شاب آخر يحمل شمسية وبيده عصا يتبختر بها  وهو يدخن بغليونه ومن فمه يتصاعد الدخان. يتوقف المطر، البرجوازي يرمي بالمضلة بعيدا، يخرج كرسيا صغيرا محمولا، يجلس عليه، لحظات ثم يتركه مغادرا، يأتي إليه الشاب والشابة، خارجان من تحت الشجرة، ينظران إليه يدوران حوله، يرفس الممثل الكرسي، ويجلسان على الأرض قريبين من بعضهما .

    إظلام .

    نهاية الشكل الرابع

    شكل خامس / حوار مسرحي تقليدي

    الممثل والممثلة  يجلسان كل على كرسي وقد أدار كل منها ظهره للآخر.

    الممثل : أي سؤال  يجب أن اسأل ؟

    الممثلة : البحور تغرق بالأنين

    الممثل : علي أن اقطف زهرة الجواب، الجواب الذي يحمل مرارة الوجود .. إلى أين نحن ..؟؟

    الممثلة : ما السؤال ؟ هو رفع النقاب عن الظلام أم الظلمة ؟

    الممثل : اكول ؟؟ اليوم شنو الغدة ؟ احس جوعان .

    الممثلة : حوار جريء في قلب الحقيقة

    الممثل : لماذا نحن هنا ؟؟ في هذا المكان ؟ لماذا نحن في هذا الزمان ؟

    الممثلة : الاكل جاهز .تحب شطة مع الاكل ؟ لو تحب كجب؟ همبركرحار؟ احجي .. احجي .. الاكل يبرد .

    الممثل : كل الاحتمالات خواء . لا نهاية لا بداية . نحن في الوسط ، وسط احلام كاذبة . حتام ؟؟ حتام ؟حتاااااام ؟؟

    الممثلة : حتى …………………..

    الممثل : اشعر اني اريد ان اغني .

    الممثلة : اختر عناوينك قبل المشكلة ، اختر عناوينك قبل ال ال ال ال

    الممثل : (يغني بصوت متقع ) نسيت النوم واحلامه … نسيت لياليه وايامه .. بعيد عنك ..حياتي عذاب .

    الممثلة : سأجهز الطعام، سأضع الرز في الماء، واطبخ الحديد والسلاسل في قدر كبير واقلي القيود بنار السنابل ولن اعود، لن اعود

    الممثل : (يستمر بالغناء )

    يسحب كل منهم كرسيه والممثل يردد اغنيته، والممثلة تردد كلماتها .

    إظلام

    نهاية الشكل الخامس

    شكل ليس اخير : مونودراما

     ممثل : الممثل امامه تمثال برأس ضخم للرسام (بيكاسو ) تخرج منه يد اصابعها قرب احدى اذني الرأس، الممثل يروح ويجئ وهو يفكر ماذا يفعل، ملابس الممثل تلطخت بمواد التي صنع منها التمثال، رأس الممثل اشعث وطويل نوعا ما.

    الممثل: بيكاسو، بيكاسو، لماذا تضع يدك بالقرب من اذنيك؟؟ هل تريد ان تصمها كي لا تسمع ما يجري . هل تحكها ؟؟ لماذا لم تضعها عند شفتيك، او لتغطي عينيك. اك تحيرني (يقف قبالة الرأس الذي لا نشاهد وجهه، نحن نشاهده من الخلف فقط) شئ واحد وينتهي كل شيء، ماذا اضع في يدك القريبة من الاذن، ماذا اضع؟؟ دمية ؟؟؟؟ لالالالا، انها تذكرني ينفسي

    أأضع سوطا ؟؟ لالالا انه يذكري بآلام كثيرة. اه وجدتها .. سأضع كتابا ، اها كتابا ، فبيكاسو يقرأ كثيرا …

    (يسرع للمباشرة بالعمل ، يضع ماءا فوق مادة ما ، ويباشر بنحت كتاب ، يستمر وقتا معينا ، ولكنه فجأة يتوقف ، يترك كل شيء ، ويتهض باتجاه التمثال )

    الممثل : ( مع نفسه ) ما فائدة ان تقرأ .. ماهو فعل القراءة . ؟؟ هل انت كتابا لاقول ان بيكاسو يقرأ . (يضحك كثيرا ) يقرأ ؟؟؟ (يضحك بقوة ) ماذا يقرأ ، يقرأ الكف ؟؟ (يضحك اكثر ) يقرأ الفنجان ؟؟؟ (يضحك ) لالالالا ، هذا غير مناسب .

    الممثل (متشنجا ) اذن ماذا يفعل؟؟؟ ماذا ؟؟ ..

    (فترة صمت)

    الممثل : اي بيكاسو ..سأحطم رأسك ان لم اجد ما تصنع بيدك هذه .سأحطمك، سأحطمك. لا بد ان اجد شيئا(يستدرك ) ولكن ربما رفع يده هذه ليغني مقاما عراقيا؟ او موال من احد الاغاني العربية، او موال اسباني؟(ينتبه ) موال اسباني؟؟؟ (يضحك كثيرا ) يا غبي لا يوجد مًوَالات اسبانية، المواويل فقط عندنا نحن. نحن. اذن ما العمل .. حسنا . حسنا حسنا. سأتخلى عنك ايها التمثال الذي لا يريد حلا.

    (الممثل يذهب نحو حقيبة ادواته ويخرج منها معولا كبيرا، ويتقدم ببطء نحو رأس بيكاسو، ليحطمه، يتقدم ببطئ شديد، ترافقه ضربات ايقاع بطيئة وفيها شيء من الترقب، يمضي زمن لابأس به من الدقائق وهو يمثل الفعل ويتفصد ادأءه بمبالغة كبيرة، يرفع الممثل المعول ببطيء شديد، كأنه لا يريد ان يهشم رأس بيكاسو، يرفع يده عاليا وفي لحظة محاولته انزال يده على رأس بيكاسو، يرن موبايل الممثل، يتوقف كل شيء عدا صوت الموبايل، الممثل رافعا يده بالمعول. لحظات تمر يرمي المعول بعيدا يخرج الموبايل من جيبه صارخا فرحا.

    الممثل : (يتراقص مع الموبايل ) شكرا لك، شكرا لك، شكرا لك، لقد فككت العقدة للسيد بيكاسو، شكرا شكرا .

    (الموبايل يستمر بالرنين بنغمة شرقية ، الممثل يضع الموبايل في يد التمثل بيكاسو ، ويبتعد قليلا عنه وهو يتأمله )

    الممثل : ( بعد لحظات من التأمل ) ها قد اكتمل كل شيء ، كنت بحاجة الى موبايل يا سيد بيكاسو .

    (رنين الموبايل مستمر ، الممثل يرقص على النغمة )

    اظلام بطئ جدا

    وتنتهي اشكال النص

     د. شاكر عبد العظيم (2015-02-24)

    مسرحية :”خبز بلون الرماد” تأليف: فاتن حسين ناجي

    الشخصيات:
    الأم : امرأة في الخامسة والثلاثين من عمرها
    البنت: فتاة في السادسة عشر من عمرها
    الجدة: تجاوزت الستين من عمرها

    المكان : باحة خلف المنزل مليئة بالأتربة، تتناثر على اطرافها .. صناديق قديمة ، قدور طبخ غيّر لونها السخام ، خرق اقمشة بالية ، تنور خبز من الطين ، سلة مهملات مليئة بأحذية ممزقة ، عشرات الكتب مبعثرة في كل زاوية .
    - الأم تمسك بيدها ( مسحاة ) أو رفش صغيرة الحجم ، تحفر بصعوبة .
    الام : لو انني احرقتها بكلتي يدي لما استطاعت هذه الارض الصلدة ان تجرح ما بين أصابعي.
    الجدة : وستجدين الدخان المتصاعد من باحة المنزل وكأنه صوت ينادي الجميع ليجتمعوا فوق رؤوسنا وستغدو المصيبة فضيحة لا حدود لها . اكملي الحفر.
    الام : بل سأكمل الدفن .. نعم اكمل دفن ثمن أيامي العجاف .. تمزقت يدي وانا احفر بهذه الارض الصلبة ، لم أعهدها بهذه الصلابة يوما .
    الجدة : لو جاءنا خبر مداهمة الجيش للبيوت وتفتيشها في النهار لاستطعنا حرقها بسهولة أما الان فان تصاعد النيران ورائحة الحرق سيكون كجهاز انذار للجيش وللجيران .
    الام : وستكون مكان جذب للطائرات التي تحوم فوق بيوتنا .. وكأنها غربان تنتظر رائحة الموت.
    البنت: انا لا اقبل ان تحرقوا الكتب، انها آخر عبق لي من رائحة أبي، كيف لهذا العطر ان يغرق برائحة الدخان والرماد؟
    الام : سيان بين رفضك وقبولك، بين رفضه وذلك الذي يتوسد القيود ..وبين قبوله سيان( تصرخ بالأم ) هيا احفري .. احفري .. احفري …
    الجدة: لم يترك لنا من شيء له قيمة تذكر (تشير الى أكوام الكتب) سوى هذه المثقلة بالمشاكلات، كان مصدر جحيم عليك وعلى وأمك.
    الام: ما يملك من نقود يسارع بها الى المكتبات لا يبقي منها ديناراً واحداً ( تترك الحفر وتنزوي بالقرب من الجدار) كنت اتوسل به ان اشتري أوانٍ جديدة بدل الأواني المكسورة التي نأكل بها، ولكنه كان يقول لي: هذه الكتب هي غذاء الروح والعقل. كنت أحمل حذائي الممزق أمام عينيه واقول له: لقد تمزق حذائي، أريد واحدا جديدا، ولكنه كان يقول لي: عندما استلم راتبي الشهري سوف اشتري لك زوجين من الاحذية وتتعاقب الشهور والرواتب وانا بذلك الحذاء الممزق، وهو يستنزف كل نقوده على هذه الكتب (تبدأ بالصراخ ورمي الكتب فوق سلال الاحذية الممزقة) لو انتعلت بسعرها حذاء لكان لها قيمة أكبر .
    البنت: إن قيمتها كبيرة جداً يا أمي.
    الام: اصمتي وإلا مزقت الكتب فوق رأسك، الا يكفيني الـ ١٧ عشر عاماً التي اضعتها من عمري واني انتظر السنابل تطرح ما تجود به ولا احصد سوى العجاف والشداد ؟
    الجدة: ( للأم ) حسرتي عليك يا ابنتي، لم تجدي في هذه الحياة يوماً كريماً، فمن الجوع والفقر الى انتظار من هو في حفرة الموت اسيراً منذ ثماني سنوات، يعود أو قد لا يعود!
    الام: (تأخذ كومة تراب بين يديها وتنثره على شعرها بهدوء) كنت جميلة وصغيرة عندما جاء سعيد جارنا ليطلب يدي من والدي، حينها فرحت كثيراً بأنني سأتزوج من سعيد المثقف الذي يسافر كل يوم الى بلاد اوربية، ويأتي معه بحقائب كبيرة …
    البنت: وهل كنت تحبينه يا امي ؟
    الام : نعم كان قلبي يخفق كلما شاهدته من خلف باب المنزل متوجها الى بيته ( بخجل ) حينها أختلق ألف حجة لكي أخرج والقي عليه التحية .
    الجدة : ساعة السودة ساعة اللي عرفنه بيها سعيد لا شفنه خير ولا شفنه سعادة من الصبر للكبر
    البنت: ( تنتفض ) ماذا تقصدين بالقبر يا جدتي ؟ لالا .. أبي لم يمت ، مازال اسيرا .
    الجدة : وما الفرق بينه وبين الموتى ؟
    البنت: الأمل يا جدتي عندما افتح اي كتاب من كتب والدي واقرأه( تفتح كتاب بالقرب منها ) استمر في القراءة والقراءة الى ان انهي الكتاب في نفس اليوم، واتوجه الى فراشي واحلم بأن ابي عانق الفجر وكلاهما طرق الباب، ويصيح : ها انا جئتك يا ابنتي يا قرة عين والدك. وانا اهرع حوله واقول له لقد انهيت قراءة سبعين كتابا الى الان من كتبك يا ابي، لم تذهب نقودك سداً ، لقد تغذى بها فكري، قرأتك يا أبي في كل حرف، وأبي يجيبني بصوت من بعيد ( صوت يأتي من الحفرة )
    صوت الأب : كنت ادرك اني سأحمل حقيبتي خاوية في نهاية المطاف واجثو فوقها في حفرة الموت، كما هي هذه الحفرة، لكني من اخترت ان تكون خاوية لكي تمتلئ بها حقائب فكرك يا قرة عين والدك .
    الام : ابنتي …ابنتي … اذهبي واحضري المزيد من الكتب، لقد امتلأت هذه الحفرة، وسوف نبدأ بحفر حفرة اخرى .
    الجدة : مخبل سعيد ابن فطيمة كضه عمره مخبل ضيع فلوسه على هاي الكتب لاشبع ولاخله مرته وبنته تشبع .
    البنت : الحمد لله يا جدتي لم نشعر بالجوع يوماً ، نحن افضل من غيرنا بكثير .
    الجدة : لولا ان امك تعمل ليلاً ونهاراً لما استطعت ان تلبسي او تأكلي او تجلسي كأنك ( مثقفة ) وتقرئين الكتب .
    البنت : الثقافة والعلم جزء لا يتجزأ من الطعام والشراب، كلاهما غذاء للروح والجسد .
    الام : ( تضحك بسخرية ) ههههههه اعطني خبزاً اعطيك شعباً مثقفاً ، كان أبوك يردد هذه الكلمات دائما … هيا انهضي واجلبي الكتب بينما نردم هذه الحفرة ( تذهب البنت لكن ماهي إلا لحظات وترجع مسرعة )
    البنت : ( بخوف كبير) أمي .. هناك اصوات كثيرة في الشارع .
    الام : عسى ان لا يكون الجيش قد بدأ بالتفتيش، ادخلي يا ابنتي الى الحمام واغلقي الباب عليك ولا تخرجي ابدا .
    البنت : لماذا يا امي ؟
    الام : ( بصرخة كبيرة ) كفاك جدالاً ادخلي بسرعة قلت لك ، ولا تخرجي الا ان اقول لك اخرجي .
    ( تذهب الأم الى خارج المنزل، بينما تبقى الجدة تطمر بالحفرة وترفع يدها الى السماء والتراب يتساقط على الارض )
    الجدة : يا الله استر علينه وعلى بنياتنه ماعدنه غير الستر يارب .
    ( ترجع الأم مسرعة خائفة )
    الام : إنها مصيبة يا أمي لقد دخلوا الى المنطقة، ماذا نفعل؟ لم نطمر سوى القليل من الكتب ( تضرب وجهها بيدها ) أمي سوف يأخذوننا أنا وابنتي الى غياهب السجون ان ادركوا إننا نمتلك هذه الكتب .
    الجدة : اين وصلوا بالتفتيش؟
    الام : انهم في بيت جارتنا ام جميل، لم يبق سوى خمس منازل ويدخلون الى بيتنا .
    الجدة : انقذنا يا رب
    الام : يا رب لا تخذلني بعد ان خذلني الجميع .. يا رب لم يبق لنا سواك يا الله .
    الجدة : سنحرقها.
    الام : ماذا تقولين يا أمي؟
    الجدة: نعم سنحرق الكتب دون ان يشعر احد فلا نستطع ان نحفر ونردم بهذه اللحظات القليلة .
    الام : لكنهم سيشعرون من النيران المتصاعدة .
    الجدة : جيبي المعجنة وحضري الطحين والخمرة والماي .
    الام : ماذا تقولين؟ انا لا افهمك .
    الجدة : سوف نخبز الخبز للجيش سمعنا انهم اقتربوا من منزلنا ونحن منزل كرم لا يمكن ان لا نكرم ضيوفنا .
    الام : وهل سيكفي التنور لكل هذه الكتب ؟
    الجدة : لن نضيف الحطب، ستكون هذه الكتب هي حطبا لتنورنا الذي سوف نخبز فيه الخبز.
    الام : لكن ابنتي لن تقبل، ستحزن كثيرا .
    الجدة : تحزن على الكتب افضل من ان تحزن على هتك سترها ( تصيح بوجه الام ) اذهبي ، هيا احضري ما امرتك به (تذهب الام لتحضر الطحين بينما تنهض الجدة وتزيح التراب من فوق ملابسها وتتجه الى التنور ، تزيح الاغراض من فوقه وتنحني )
    الجدة : سترك ولطفك ، يا الله .. أعمِ عيونهم عن هذا البيت، يا الله ليس لنا سواك يحمينا .
    ( تدخل الام حاملة معها الطحين والماء ، الجدة تجلس على الارض تتربع والام تصب لها الماء فوق الطحين ، تبدأ الام بالبكاء )
    الام : يمه راسي وجعني كومي شديه .
    الجدة : ( ترد عليها باكية وتتطلع نحو ابنتها ) يمه شد الغرايب ما نفع بي .
    الام : اخ يا يمه تعبت ( تحتضن امها وتجلس على الارض واضعة راسها بحضن امها ، الجدة تضع يدها على راس ابنتها )
    الجدة : انهضي وقفي صامدة كما وقفت منذ تسعة اعوام ولا تجعلي الايام تكسر لك ظهرك .
    الام : كسرتني يا امي ولم يعد لي القدرة على النهوض .
    الجدة : اليوم وفي هذه اللحظات لابد لك بالوقوف والاسراع بالصمود ، اسرعي واسرجي التنور
    الام : هل سنخبز الخبز دون ان يختمر العجين ؟
    الجدة : كفانا اختمارا ، دم اولادنا اختمر وجثث اطفالنا اختمرت ولحى شيخونا خمرها الدم الا يجدر بخبزنا الا يختمر ؟
    الام: نعم يا امي لا يجدر بخبزنا ان يختمر (تبدأ الام برمي الكتب، كتابا تلو الاخر في التنور والنار يتصاعد لهيبها) احترقي يا ايام شبابي وجمالي (النار تتصاعد، تستمر برمي الكتب وتصرخ بصوت عال) احترقي يامن أحرقت الحب والشوق (تتطاير الاوراق المحترقة على الارض تدوسها الام بقدميها وتصرخ) احترقي احترقي، تناثري يا ليالي الشوق والالم، تناثر يا رماد قلبي ولهيب سنوات عمري .
    الجدةً: ( تواصل تحضير العجين وتزيح الرماد المتطاير بكلتي يديها عن الاناء الذي ستضع فيه العجين وتردد بصوت خافت )
    الجدة : شلك على ابن الناس غير مروته .
    الام: اهذه كتبك التي كنت تتلحفها ليلاً وانا اتلحف الخوف والعوز (تضحك بهستيرية عالية وتصرخ) تلحفوا النار كلاكما، تلحفوا الرماد، تعانقوا مع الاب في قعر هذا التنور .
    الجدة: خذي هذه العجينة ضعيها في التنور واشعلي النار بمزيد من الكتب حتى تنضج لهم اول قطعة خبز ليأكلها الجنود ويقرأوا السلام .
    الام:( تضع العجينة في التنور وتضع الكتاب تلو الاخر تلو الاخر ، تبتسم ) أأكلوا ..أأكلوا الخبز ها انا اعطيكم خبزاً لتعطونا شعباً مثقفاً … ها انا اعطيكم خبزاً اعطوني شعبكم المثقف .. اعطوني حبكم المثقف .. اعطوني ثوراتكم المثقفة …
    الجدة: خذي هذه الثانية واكثري من الكتب .
    الام : خبزاً بنكهة الثقافة ( تضع الخبز في التنور وتضحك وهي ترمي بالكتاب تلو الاخر في سجرات النار المتقدة من التنور ) اليس هذا الخبز مميز يا امي ، فهو مليء بالحروف، مليء بالكلمات، مليء بالفكر والجمل والحوارات؟ أليس هذا الخبز يا امي متعدد اللغات والحضارات كما كنت اسمع من سعيد وهو يردد هذا الكلمات ( تردد ضاحكة ) صدام الحضارات …
    الجدة : خذي هذه الثالثة ولا تتواني في وضع المزيد من الكتب .
    الام : شمّي يا امي ، شمّي هذه الرائحة المنبعثة من التنور ، ما اجملها من رائحة ، للتو ادركت ان للثقافة رائحة .
    الجدة : اسرعي فقد بدأت خيوط الفجر تظهر .
    الام : لم تبق سوى كتب قليلة .
    الجدة : حمدا لله لقد زال العبء من على اكتافنا .
    الام : عبء السنين العجاف والشداد .
    (تدخل البنت وتسير بخطى ثقيلة وتتوجه نحو الحفرة وتضع راسها فوقها وتنام )
    الام : لا تتفوهي باي كلمة ان كنت تبحثين عن الكتب، مازال هناك البعض منها في هذه الحفرة .
    البنت : لماذا أحرقتي الكتب يا امي، ليس للكتاب ذنب ان وقع في ايادٍ لا تقدر قيمته .
    ( طرقات قوية على الباب )
    الام : ( للبنت ) انهضي بسرعة وادخلي الى الحمام ، اوصدي الباب من خلفك ، انهضي
    (البنت لا تنهض )
    الام : انهضي (تسحبها من شعرها بقوة ) انهضي …
    ( تنفض الجدة الطحين من فوق ثيابها وتخاطب الام )
    الجدة : اذهبي وافتحي الباب انا سأهتم بابنتك .
    ( الام تتجه الى خارج الباحة لحظات .. ثم تعود )
    الجدة : ماذا ؟ هل دخلوا الى المنزل ؟
    الام : كلا .
    الجدة اين ذهبوا ؟
    الام: رحلوا عندما اخبرهم جارنا انه لا رجال في هذا المنزل .
    ( تنتفض البنت من الارض وتتجه نحو التنور وتبدا بإزاحة الخبز وتصرخ )
    البنت : احترقت أنت يا كتب، وهم لم يأتوا ، تحولت الى رماد .. وهم قد ولوا بعيدا (تأخذ الخبز بين يديها وتقدمه الى أمها )
    البنت : خذي يا أمي .. خذي يا جدتي كلوا الخبز لتعطونا شعبا ملؤه الخوف والخيبة.( تصرخ البنت بصوت عال ) كلوا الخبز ، فهو بنكهة الحب ، بنكهة غياب أبي . هذه كتب أبي اثمرت خبزا .. فماذا ستثمرون أنتم … ؟ كلوا كلوا كلوا …
    ( تبدا البنت بتوزيع الخبز بشكل جنوني في كل زوايا الباحة على أشخاص وهميين، بعدها تجلس قرب الحفرة التي دفنت بها الكتب ، تضع قطعة خبز كبيرة فوق الحفرة )

    ( انتهت )

    فاتن حسين ناجي (العراق – بابل 2014)
    faten222357@yahoo.com