نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

ساحرة الدخان / عبد العزيز أبو شيار

الحال هنا
أبيضُ أسودُ مثل مفاتيح بْيانو
يرتعشان معا ينساب اللحنُ فيدهشنا
الأبيضُ يعطي الأسودَ رونقَهُ
الأسودُ يعطي الأبيضَ وجهَ نقاءْ
ضدان اجتمعا ..منحا للعالم حسْنا وبهاءْ
إلا هذا الإنسان الأعمى يلغي لونا 
أزمان مرت تعقبها أزمان .. كثر العميان
وشاعرنا يعصر قلبا ينظر للشمس
ليكسو هذا العالم بالألوان
لكن العميان اعتقلوه
والتهمة نيّتُهُ السطوُ على الألوان
كانت أرضي تتزيا ببياض وسواد
والعالم منقسم نصفين
شمالا وجنوبا
شمالا يلهث من تخمهْ
وجنوبا يبحث عن لقمهْ
أرض ساهرة يتقاطر منها عسل الفجر
ورايات النور صفاء الكلمات الأولى
وعروق الماء الدافقْ
تتطاير منها أدعية القديس المسموع صداها
بالقلعة بين حنايا الروح
نشيد يتهادى بين فجاج جبال
عند سكون الليل
كانت أرض الله سوادا وبياضا
والعالم منقسم نصفين
وساعتها عسعس ليل ظلام دامسْ
يدعو الداعي : يا فرسان النور
هذي فرصتكم لتكونوا.. ليسود بياض
فوق الأرض بألوان الطيف ..
وفار التنور
واحتمل الماء الزبد الرابي
تاج القيصر
وانهدمت قلعة زيف
كان يعشعش فيها خفاش أعمى
وتبدد دخان الساحرة الشمطاء هباء
بغيابات دهاليز الدخان
دعا القديس : ياربِّ فغيض الماء
فتحتْ أرضي عينيها
واستلقت فوق سرير ضياء الفجر
مثل امرأة أنهتْ رحلتها المتعبة
و الداعي : يا فرسان النور
هذي فرصتكم لتكونوا.. ليسود بياض
فوق الأرض بألوان الطيف ..
وفار التنور
واحتمل الماء الزبد الرابي
تاج القيصر
وانهدمت قلعة زيف
كان يعشعش فيها خفاش أعمى
وتبدد دخان الساحرة الشمطاء هباء
بغيابات دهاليز الشر
دعا القديس : ياربِّ فغيض الماء
فتحتْ أرضي عينيها
واستلقت فوق سرير ضياء الفجر
مثل امرأة أنهتْ رحلتها المتعبة
كان الشاعر حينئذ
يروي للناس الذكرى
ويحدثهم عن ظلمة ذاك الليل
وعن ساحرة جاءت للدنيا
تحمل لعنتها السوداء إلى العالم
في ثوب فتاة حسناء لتغريَ
من ينظر في عينيها بمرايا
غمست في خمرة عشتار
نُحتتْ بطلاسم غيم الوهم
تحار العين لناظرها
لن تتبينها ذكرا أم أنثى
الناظر في عينيها
ينقاد لها ترديه صريعا
كي تشرب كأسا من دمه
كانت ساحرةُ القلعة تكره ضوء الشمس
تستدرج أعداد ضحاياها ليلا
تتحين فرصة نوم القمر الشاحب
ساعتها  يرسو القارب فوق الجودي
والشاعر يروي للظمآى تحت غصون التين
رواية عطر الماضي ألفها من أوراق النور
وأقلام الوحي
كان صبي
يسمعه يحفظ كل وصايا القديس
وفي عينيه بريق نبي
ومضت أعوام كالبرق
قتل القديس
لجأ الشاعر للغابة مهموما ليفتش عن ألوان
نسي الناس القصةَ
جاء الساحر دس طلاسمه في الكلمات
بنى في الظلمة قلعته من يحموم
ومزيج من طينة يأجوج
نادى كل خفافيش الأرض أن اجتمعوا
كي تحجُبَ عينَ الشمس
ليكون العالم أسود أسود
لا نور ثَمَ ولا ألوان
من قبضة طين نفثت ساحرة
بدخان من عالمها السفلي
والعجل يطلسمه الدجال
بُعثَ الوحش الأعور
ساعتها لبست أرضي ثوب رماد
لتنام على كف الوحش
يختار الوحش امرأة كل مساء
لتكون فريسته قربانا
وعرايا تنقاد إليه بلا قمصان
والناس الآن سكارى غثيان ودوار
مسحورون بذاك الدخان
ورائحة الوحش النتنه
والقارب محبوس مرهون عند القرصان
لكن الفارس جاء مع الشمس بألف شعاع
يحمل أسفارا
قذف النور بعينيها فاحترقت وغدت دخانا
كوم رماد لا أحدٌ شيّع مأتمها إلا تسعة رهط
في سرب ملعون ثم انقلبت ذرات هباء
مازال الأبيض والأسود للساعة يغري الشاعر
قبض الشاعر في حال تلبسه
بتلالبيب حروف يجمعها
من صفحات الذكرى
ليشكّل هذا العالم ألوانا
ولحد الساعة ما زال الشاعر معتقلا
حتى  يثبت للناس براءته