نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

    السيدة / ماهر طلبة


     
    سيدة  تعشق الحكايات، ترتاد مقاهى المشردين والتائهين فى صحراء الدنيا، تجمع ما تناثر من رواياتهم وتحاول قدر استطاعتها هدايتهم إلى خيام المضيفين.. حيث الغذاء والدفء والسمر الليلى والحكايات.. سيدة  ليست هى التلميذة التى تسند كتبها إلى صدرها لتحميه من نظرات المفترسين المشتهين، ولا هى المرأة التى حين تظلم عليها الدنيا مساءً تكون سريراً لرجل واحد أبداً لا يتغير.. سيدة  تفكر دائما فى المشردين والتائهين فى الصحراء.. منذ تخلفت عن الركب ذات مرة، وصارت وحيدة تشارك ذرات الرمال ضياع الصحراء وعطشها..  يومها، مر فارسها، ركب خلفها أو أركبها أمامه، وأوصلها لشط الأمان، يومها ذهبت سيدة إلى خيمة أبيها.. نَشَرت فى الأفق حكايات عنه.. هو النقى، التقى، الورع.. هو الصديق، هو الوفى، هو الكريم،  هو الشجاع، هو زير النساء، هو الخصى...
    تحاول سيدة أن ترسم المتشابه فى المختلف، أن توحد بين ذاته وبين حلمها، لكنها تخفى خلف رؤيتها  نظرات تطاردها وتطارده، لمزات تحاصره وتحاصرها..  سيدة تكره النظرات، تفهم اللمزات، لذلك استترت فى ليلها بالرجال وفى نهارها بالنقاب.
    سيدة ليست امرأة عادية، ليقول عنها التاريخ إنها كانت هنا ورحلت، فآثار سيدة وبصماتها فوق جسد كل رجل مرت من أمامه ، رمت عيونها تجاهه، تركت كلمة أو صوتا أو لونا أو طَعما من فمها على شفاهه، لذلك فتح لها التاريخ صفحة أبدا لا تنغلق..  ليست هذه هى حكايتها الوحيدة ، هى فقط ما استطاع التاريخ أن يضع إصبعه عليه من حكاياتها، لكن لسيدة قصة فى الطفولة قبل أن تغادر دار أبيها وتغادرها، تذكر أنها كانت معها عروستها، تُجلسها على حجرها تهدهدها  كطفلها الذى لن تلده أبدا، تُسمعها حكاية من حكايات الرمل .. الدمع الذى يسقط لوأد النساء، فيجمع فى البئر ليشربه ناس القبيلة والعابرون،  وحوش الصحراء وطيورها.. كانت عروسة سيدة حزينة، لكن ليست مثل سيدة، أتت يومها أمها، أخذتها من يدها، ألبستها ما خلعه عنها آخر لتصير عروسة.. سيدة تترك للتاريخ صفحة مهمة لا تنسى ولا تنغلق – منذ ذلك اليوم-  هى مثل الدمع يسقط من العين، تتلقفه الأرض – الحزينة – تتشربه ، فيخرج نبت أخضر لتأكله بهائم الأرض دون أن تشعر أن هنا دمعاً وألماً..

    مسرحية في انتظار غودو لصموئيل بيكيت.. عبثية الوجود وفوضوية الواقع/أياد خضير

    Talawa_Godot
    المسرحية تدور حول شخصيات معدمة ، مهمشة ، ومنعزلة تنتظر شخصاً يدعى  (غودو) ليغيّر حياتهم نحو الأفضل ، مسرحية كانت رمزاً للمسرح العبثي ،تكتنفها نزعه سوداوية وسخرية لا متناهية ،التي تتمثل باستخدام التلاعب بالألفاظ او بأحداث التوتر الذي يقدم السخرية بدوره ..  الرمزية تغلف كل شيء فيها هي قصة الانتظار ذاتها تتكرر عبر الأزمان والأماكن ، في نهاية الأمر أن “غودو” هو ( الذي لايأتي ) هو المشكلة التي بقيت بدون حلول ، هو اللاسؤال واللاجواب هو اللاشيء ولهذا كانت  مسرحيةً تحاور الذات ، ثرثرة بلا نهاية … الانتظار في مسرحية الكاتب الايرلندي صموئيل بيكت ( في انتظار غودو) بحد ذاته عبث حقيقي لا تشوبه شائبة ، خاصة عندما  يكون الشيء  هو ( الانتظار)  لا وجود له أصلا أو لا معنى له ..
    من هو غودو ؟ – هذه اللغزيه – هل هو المخلّص ؟، أم القاتل ، السعادة ، الحزن ، الموت ، الفراغ ، اللاشيء ؟…  من هو القادم الذي يقضي أبطال بيكت حياتهم في انتظاره ولم يأتي ! هل هو الزمن  الذي يحطم البشرية شيئاً فشيئاً ويسرقنا حتى نموت ؟ أم هو العبث  ؟ حيث ( لاشيء يحدث ولا أحد يجيء ) كما تقول المسرحية. .
    مسرحية ( في انتظار غودو) تحمل في داخلها الكثير من الترقّب والانفعال وتعتبر أفضل أعمال بيكت وأشهرها على الإطلاق ، أنها مسرحية (اللامنطق) في عالم يتظاهر بالمنطق وفي داخله فوضى مرعبة ، الخوف الدائم والإحساس بانعدام الأمن والهامشية عن سابق وعي ذاتي هي العناصر التي تضفي على عمل بيكت الكثير من المعنى ، إن المرء يمكن أن يكون شريداً في بلده كما في الخارج ، عاصر بيكت صديقه الروائي الإيرلندي (جيمس جويس) وتجاربه اللغوية في كتابته الروائية ، وعاصر (كافكا) وأجوائه الداخلية وسارتر وكامو وآخرين ، هؤلاء أصدقاؤه وجدوا فيها مادة غزيرة للمسرح لأنها كانت بالأصل مقاطع كتابيه تتخللها مادة حواريه حولها الكاتب إلى مسرحية من فصلين وخمس شخصيات ، يأتي الانتظار فيها من باب الاستسلام للزمن أو من باب جعل الزمن الخاوي قابلاً لأن يُعاش أو يسكن وهو ذريعة لشيء آخر هو كيف نمرر الزمن عندما يحاصرنا اللامعنى ، اللاتاريخ ونكون عاجزين حتى على الانتحار ، وقبول الحياة هو قبول عجزنا وخلاصنا المفقود ولكن لا أحد قادر على إنقاذ أحد…  ومِمَّ ننقذ بعضنا ؟ أ من الموت ؟ أم من العدم ؟ من العجز ؟ أم من القدر ؟ علينا أن نتدبر أمورنا بتمرير الزمن أو الانتظار كأنه الصيغة المثلى للكشف عن خراب هذا الوجود وكما يقول بيكت نفسه في فعل الانتظار نجرّب مرور الزمن في شكله الأنقى ..
    تدور المسرحية في فصلين لايتغير فيهما المنظر وهو طريق مقفر ليس فيه سوى شجرة جرداء ، وهي فكرة رمزية صورية تعكس عقم الحياة وعذاب الإنسان في منفاه على الأرض ، ويجلس إلى جوار الشجرة في هذه البقعة الجرداء شخصان مهرجان يثرثران ثرثرة لانهاية لها ينتظران غودو الذي لا يأتي ،الشخصيتان هما ( استراجون )الذي يقع دائماً ضحية عدوان في الليل ، إذ يتعرّض للضرب من قبل معتدين مجهولين وقدمه دائماً تؤلمه ، اهتماماته على طعامه وعلى نومه وعلى آلامه .. أما الشخصية الثانية هو (فلاديمير ) رجل مفكر وعقله مشغول بمناقشة الآراء والمقترحات ، وهما مرتبطان ببعضهما ارتباطاً جدلياً … منذ زمنٍ طويل يفكران دائما بالانفصال عن بعضهما لكنهما لايستطيعان وهي دلاله على أن (البشرية هي نحن في هذا المكان ، وفي هذه اللحظة من الزمان ) كما قال أحدهم ، وهما بانتظار شخص ما في يده خلاصهما مما يعانيان من ألوان الشقاء وقد وعد جازماً إنه يأتي ولكنّه لم يحدّد الوقت ، ولذا فان وصوله متوقع في أيّة لحظة ، المشكلة التي تواجههما كيف يقضيان الوقت ؟ كيف يعيشان إلى أن يحين وقت خلاصهما ، شخصان آخران واحد شخصيته  رهيبة متسلطة وهو ( بوزو )، يسوق أمامه تابعه ، الذي يحمل متاعه ، بواسطة حبل مربوط في عنقه وهو (لاكي ).. وقد اختلف النقاد عند هاتين الشخصيتين قسم من النقاد قال السيد والعبد وعند البعض الأخر المضحي والمضحى في سبيله وعند آخرين القوة والعقل .. الشخصية الرهيبة ( بوزو) هو الرجل القوي يعلن أن الأرض ملكه أما الشخص الآخر ( لاكي ) فهو لم ينطق بكلمه واحدة منذ أن ظهر على المسرح إلا عندما وضعت القبعة فوق رأسه وطلب إليه أن يفكر فهو إذن رجل الفكر الذي يسعى أن يفسّر كل شيء بالعقل ، الشخص الأول المتسلط كان يظهر في البداية  بأنه قوي إلا أنه يحمل هو بوادر انهياره عند اعتماده على الشخص الثاني المفكّر ، من الأشياء التي يستدل عليها في المسرحية عندما تنزع القبعة من فوق رأسه في عراك يشتبك به الجميع ومن خلال هذا العراك يفقد الشخص المتسلط ساعته هنا يوحي ألينا بيكت بهذا إنه بانهيار العقل والفكر يفقد الزمن مدلوله .
    يبدأ الفصل الثاني بأغنية عن كلب سرق قطعة من الخبز فضربه الطباخ حتى مات ، تدور معاني هذه الاغنيه حول الحرمان والقوة والموت ، نفس الأشياء القديمة نفس الحياة المملة وهي تتعاقب يوماً بعد يوم وتمضي المسرحية الى النهاية ، الشخصية الخامسة غلام وهو رسول غودو يبلغ برسالة بأن غودو لن يأتي ، لكنه سيأتي غداً وإنّه جادٌ بالمجيء في الموعد ، وهذه الرسالة تتكرر بيد الغلام بين فتره وأخرى يلاقي نفس الأسئلة ونفس ردود الأفعال عن كل مرّة ،  فيقرر الانتحار لكنّه يعجز عن ذلك ، وتنتهي المسرحية  من دون عودة غودو ، هو الغد الذي لايأتي لذلك نمضي العمر في انتظاره ، نبقى نجترُّ حياتنا في الانتظار ببساطة المسرحية تحكي قصة انتظار من لا يأتي ، صبغتها الرئيسية الصمت والجمل القصيرة والقلق ، وبالرغم من الانتظار الطويل … يبقى الأمل قائماً وهذا جوهر القضية .
    إن مسرحية في انتظار غودو، مسرح عبثي وهو تمرد على المسرح التقليدي ، مسرح ضد المسرح تغلب عليه سمات ، عدم المنطقية ، غير العقلانية ، مسرح بلا صراع ، بلا حبكة ، الأفكار غير متسلسلة وغير منطقية ، الحوار ليس محكماً ، عمل يسعى إلى تصوير محنة الإنسان في إبعادها المختلفة حيث سعى صامويل بيكت بمقدرة عاليه وفائقة في صياغة الأحداث والرمزية العالية والمكثفة والغرائبيه دلالة على أنه كاتب مقتدر استطاع أن يطوّر الحبكة المسرحية وينسف تقاليد الدراما المتعارف عليها مثلما نسف تقاليد الحوار وصولاً إلى الذروة ، فالصمت مرعب وسط طبيعة جرداء والانتظار أكثر رعباً .

    مسرحية "منظر طبيعي" بفصل واحد تأليف :هارولد بنتر - ترجمة: علي كامل

    الشخصيات:   ـ بـيث: (الزوجة) امرأة في أواخر الأربعينات من عمرها.   ـ داف: (الزوج) رجل في أواخر الخمسينات من عمره.   المكان:    مطبخ في منزل ريفي. طاولة طعام طويلة. بـيث تجلس على كرسي ذو ذراعين في الزاوية اليسرى من الطاولة. داف يجلس على كرسي عادي في الزاوية اليمنى من تلك الطاولة.  الخلفية تتكون من مغسلة وموقد..الخ. ونافذة معتمة.   الوقت:    مساء.   ملاحظة:   داف يتحدث مع بـيث بشكل عادي لكن لا يبدو عليه أنه يسمع صوتها. بـيث لاتنظر نحو داف مطلقاً، ولايبدو عليها أنها تسمع صوته. الشخصيتان تجلسان باسترخاء دون أي إحساس بالقساوة أو الصرامة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ   بـيث: آه كم أحب الوقوف قرب البحر.   (وقفة)   كثيراً ما كنت أذهب إلى البحر، لأن ثمة شيء ما    كان يشدني إليه.    نعم، لقد ذهبت إلى هناك مرات ومرات ومرات.   (وقفة)    سأقف عند الشاطىء، فالهواء منعش هناك، دافىء    وسط تلال الرمل تلك، عذب، عذب جداً هواء    الشاطىء. آه كم أحببته.   (وقفة)   كان ثمة جمع كبير من الناس...   (وقفة)   وهم يندفعون يندفعون صوب البحر. جمع من    الرجال وهم يتجهون نحو شاطىء البحر.   (وقفة)   حين نهضت لأتمشى عند الشاطىء كان ينام هو    وسط الرمل.   وحالما استدرت أدار جسده وتطلع نحوي.. آه، كم    كان جميلاً ولذيذاً وهو يغفو. جفونه. سُرّته...   (وقفة)   هل تحبّ الأطفال؟.. قلتُ. هل تحب أن أنجب لك    طفلاً؟ هه؟    (وقفة)   استدارت امرأتان وتطلعتا نحوي.   (وقفة)   طفلنا؟ قلت، هل تحب أن...؟   (وقفة)   استدارت المرأتان ثانية وظلتا تتطلعان نحوي.    كلا، كلا. أنا التي استدرت.    لقد كانتا واقفتان وأنا أمشي.    (وقفة)   لماذا تنظران إليّ؟   (وقفة )   لا، لا، لم أقل ذلك، كنت فقط أنظر نحوهن.    (وقفة)    أنا جميلة.   (وقفة)   عدتُ ثانية باتجاه تل الرمل وكان هو مستديراً نحو    الجهة الأخرى.   أصابع قدميه كانت مدفونة في الرمل ورأسه كان    بين ذراعيه.   داف: هرب الكلب، ولم أخبرك بذلك.   (وقفة)   احتميت أمس تحت شجرة لعشرين دقيقة بسبب    المطر.. مع جمع من الشبان.. وكنت أريد أن أخبرك    بذلك.    (وقفة)    لم أكن أعرفهم من قبل.   (وقفة)   وبعد أن خفتّ زخات المطر اتجهتُ نحو البحيرة.    فجأة، شعرت بقطرتين كبيرتين تسقطان على طرف    أنفي.    من حسن الحظ أنني كنت على بعد ياردات من    السقيفة. هناك جلست.. وكنت أريد أن أخبرك بذلك.   (وقفة)   هل تتذكرين كيف كان الطقس أمس؟ مارأيك بهطول    المطر؟   بـيث: لقد أحسّ بظلي. رفع عينيه إلى الأعلى وتطلعّ إليّ وأنا واقفة فوقه.   داف: كان عليّ أن أجلب قليلاً من الخبز لإطعام الطيور.   بـيث: الرمال فوق ذراعيه.   داف: لقد صاروا يتقافزون حين رأوني وأثاروا ضجة...   بـيث: استلقيتُ قربه دون أن ألمسه.   داف: لم يكن أحد في السقيفة. كان هناك رجل وامرأة    يجلسان تحت الأشجار في الجانب الآخر من    البحيرة.    بقيت جالساً في مكاني لأنني لم أكن أحب أن تبتل    ثيابي.      (وقفة)   آه، نسيتُ أن أخبرك أن الكلب كان معي.   (وقفة)   بـيث: هل كانتا تعرفاني؟    أنا لا أتذكر وجهيهما ولم أرهما من قبل. إنني لا    أعرفهما.   لماذا إذاً كانتا تنظران إليّ؟    لم يكن ثمة شيء يثير الدهشة أو الاستغراب فيّ. لم    يكن هناك شيء غريب في هيئتي. كنتُ.. كنتُ مثل    الأخريات.   داف: لم يمانع الكلب بالطبع من أن أطعم الطيور. على أية    حال، ما أن دخلنا الـسقيفة حتى غفا. لكنه حتى لو    كان مستيقظاً لـ...    (وقفة)   بـيث: حين أخرج من عربة أو باب أو أهبط درجات سّلم    كان الجميع يمسك ذراعي برفق وخفة.. الجميع دون    استثناء.    حين كانوا يتحسسون عنقي من الخلف أو يلامسون    يدي كانوا يفعلون ذلك بنعومة ورّقة. جميعهم دون    استثناء... باستثناء...   داف: أتذكرين كيف كان المكان مليء بالبراز على طول    الممرات وقرب البحيرة. براز كلاب وذروق بّط    وو... لقد كانت هناك كل أنواع البراز.. وعلى طول    الممرات.    لم يستطع ماء المطر إزالة آثاره أو رائحته، بل    العكس، فقد جعل صورته مضّلِلة أكثر.    (وقفة)   لم أستطع إطعام البط فقد كانوا بعيدين يحّطون هناك    فوق جزيرتهم وسط البحيرة. لم استطع سوى إطعام    العصافير.    بـيث: بإمكاني الوقوف هناك الآن. بوسعي أن أكون مثلما    كنت من قبل. أرتدي ثيابي بشكل مغاير، فأنا لازلت    جميلة.   (صمت)   داف: ينبغي عليكِ أن تأتي معي ذات يوم لنذهب إلى تلك    البحيرة.. ومعك بعض الخبز. لا شيء يمكنه أن    يمنعك من ذلك. نعم.   (وقفة)   بـيث: حينما ذهبت لأسقي الزهور نهض وصار يتطلع إليّ   يرقبني كيف أرتبّ تلك الزهور. إنها قوة جاذبيتكِ،    قال.   كنتُ كئيبة جداً وأنا أتأمل تلك الزهور.   سأذهب لأسقيها وأرتبهّا، قلتْ.   ظلّ يتابعني وينظر نحوي وهو يقف على مسافة    مني.    وحين انتهيت من ذلك، بقيتُ واقفة.    أحسسته يمشي نحوي.    لم يلمسني.    كنت فقط أصغي إلى خطواته وأتطلع نحو الزهور    البيضاء والحمراء في المزهرية.   (وقفة)   بعدها لمسني.   (وقفة)   لامس عنقي من الخلف برفق.    تسللتْ أصابعه برّقة بين شعري ولامست عنقي   بخفة.   داف: حين توّقف المطر التفتُّ حولي فإذا بالرجل والمرأة    قد غادرا المكان ولم يبق في المتنزه أحد سواي.   بـيث: كنت أرتدي ثوبي الأبيض. رداء الشاطىء فقط، ولم    أكن أرتدي شيء تحته.   (وقفة)   لم يكن أحد على الشاطىء سوى رجل واحد كان    يجلس بعيداً، بعيداً جداً، عند حاجز الأمواج. ورغم    أنه الوحيد على الشاطىء، إلا أنه كان يبدو صغيراً    جداً تحت الشمس، ولم أكن بمقدوري رؤيته إلا حين    أقف، أو أتسلق تل الرمل.    وحينما استلقيت، لم أعد أراه، ولم يستطع هو أن    يراني أيضاً.    (وقفة)   ربما كنتُ مخطئة. لاأعرف. ربما كان الشاطىء    خالياً.    أو ربما لم يكن هناك أحد على الأطلاق.   (وقفة)   لم يستطع أن يراني على أية حال، ولم ينهض مطلقاً    من مكانه.   (وقفة)   إنكَ تغفو بشكل لذيذ، قلتُ له.    لم أكن حمقاء في تلك اللحظة، فقد استلقيت بهدوء    إلى جانبه.   (صمت)   داف: على أية حال...   بـيث: كان جلدي...   داف: إنني أنام نوماً عميقاً هذه الأيام.   بـيث: ... يوخزني.   داف: طوال الليل، هكذا وفي كل ليلة.   بـيث: كنتُ هناك عند البحر.   داف: يمكنكِ أن تشغلي نفسك بصيد الأسماك مثلاً، أو أن   تحصلي على المزيد من المعلومات عن عالم    الأسماك.   بـيث: كنت أتألم لوحدي عند الشاطىء.    داف: الأسماك مخلوقات خجولة خائفة وحذرة جداً، لذا   ينبغي عليك التودّد إليها وعدم إثارتها أو ارباكها.   بـيث: كنت أخمّن أن ثمة فندقاً قريباً يمكننا أن نتناول فيه    بعض الشاي.   (صمت)   داف: على أي حال... كنت محظوظاً حين غادرت المكان،   فقد كانت بعض الحانات لاتزال مفتوحة.   (وقفة)   لذا فكرت أن اذهب إلى إحداها لأتناول قدحاً من    البيرة، وقد كنت أريد أن أخبرك بذلك.    هناك قابلتُ شخصاً مجنوناً. قبلها كنت أتحدث مع    صاحب الحانة، فهو يعرفني. وبعدها دخل ذلك    المجنون. نعم. ثم طلب قدحاً من البيرة. وبعدها    بقليل بدأ يحرك شفتيه ولسانه ويتلفت يمنة ويسرة    وهو يتذمر من البيرة. أما أنا فلم أستطع تحمّل    الموقف. نعم.   بـيث: بعدها فكرّت.. ربما سيكون بار الفندق مفتوحاً.. عند    ذاك سنجلس هناك وسيجلب لي شراباً.   ماذا سأطلب؟   ولكن، ماذا هو سيطلب؟    ماذا يحب هو؟   ينبغي أن أسمعه يقول ذلك.    أن أسمع صوته.   سيسألني حتماً أولاً، ماذا أحب أن أشرب.    وبعدها سيطلب شراباً لنا نحن الإثنين.    لكن ينبغي أن أسمعه يقول ذلك.   داف: "هذه بيرة أم بَول؟ إنها لاتطاق"، قال الرجل..    بالعكس قلتْ. إنها لذيذة وجيدة، نعم، هكذا قلت.    "قلت لك أنها بَول.. بَول"، قال.    لكنها أفضل بيرة في المنطقة، قلتْ.    "كلا، كلا. قالْ، إنها بَول".    رفع صاحب الحانة قدحاً كبيراً وملأه بالبيرة ثم    ارتشف جرعة كبيرة منه. "لذيذة" قال.   "لابد إذاً أن أحداً ما ارتكب حماقة هنا. نعم، لابد أن    أحداً ما تبوّل في هذا القدح بدلاً من أن يذهب إلى    المرحاض". قال المجنون.    (وقفة)   قذف صاحب الحانة نصف كراون(**) على    الطاولة وطلب منه أن يأخذه.    "آه، لكن سعر القدح بشلنين وليس لديّ فكة لأعيد لك    الباقي"، قال المجنون...    ثم أضاف بعدها بقليل:    "حسناً، حسناً، سآخذه، لكنني سأبقى مديناً لك بثلاث    بنسات في هذه الحال".    "أعطها لأبنك هدية مني". أجاب صاحب الحانة.    "ليس لدي إبن"، أجابه الرجل.. "ليس لديّ أطفال    على الأطلاق".    "أنا واثق من ذلك، بل أراهن أنك لست متزوجاً    حتى". قال صاحب الحانة.    "نعم، لست متزوجاً وليست هناك امرأة تقبل أن    تتزوجني".    (وقفة)   بعدها سألنا ذلك المجنون إن كانت لدينا رغبة أن    نشرب معه قدحاً من البيرة.    صاحب الحانة قال أنه سيشرب قدحاً. أما أنا فلم أجبه    في البدء، لكنه اقترب مني وقال: "اشرب قدحاً    معي.. اشرب معي قدحاً".    (وقفة)   أخرج عشرة شلنات ووضعها على الطاولة وقال أنه    يريد قدحاً من البيرة هو أيضاً.   (صمت)   بـيـث: نهضتُ وسرتُ باتجاه الشاطىء ثم دخلت الماء.    لم أسبح لأنني لاأجيد العوم.    لقد تركت الموج يندفع نحوي فغفوت فوق الماء.    كانت الأمواج خفيفة جداً وناعمة وهي تلامس عنقي   من الخلف.    (صمت)   داف: يوماً ما حين يكون الطقس جيداً بوسعكِ الخروج إلى    الحديقة لتجلسي هناك. الهواء نقي في الحديقة. إنني    أذهب إلى هناك دائماً. الكلب يحّب ذلك.   (وقفة)   لقد زرعتُ بعض الزهور. سيسّركِ جداً رؤيتها.   بإمكانك أن تقطفي بعضاً منها وجلبها إلى هنا إن    أحببت. لن يراك أحد فلا يوجد أحد هناك على    الإطلاق.   (وقفة)   نحن محظوظان جداً ياعزيزتي لأننا نعيش هنا    بسلام واطمئنان في منزل السيد سايكس دون أن    يزعجنا أحد.    فكرّت مرة بدعوة شخص أو شخصين ممن أعرفهم    من أهالي القرية إلى هنا على قليل من الشراب    لكنني غيرّت رأيي في اللحظة الأخيرة لأنني    أحسست أن ذلك ليس ضرورياً.   (وقفة)   أتعرفين ماذا سترين إذا خرجتِ إلى الحديقة؟    سترين حشود من الفراشات. نعم.   بيـث: تعريّت تماماً ثم ارتديت رداء الشاطىء.   لم يكن أحد على الشاطىء سوى رجل عجوز كان    يجلس بعيد جداً عند حاجز الموج.    استلقيتُ إلى جانبه وهمستْ.    هل تريد طفلاً؟ طفل؟ طفلنا؟ سيكون جميلاً.   (وقفة)   داف: أتتذكرين المطر؟ ماذا كان رأيك بزخات المطر    تلك؟   (وقفة)     الشابان الذين قابلتهم تحت الشجرة أثناء الزخة    الأولى كانا يمرحان ويضحكان بالطبع. حاولت أن    أصغي لهما لأعرف ماالذي يضحكهما، لكنني لم    استطع معرفة ذلك لأنهما كانا يتهامسان.    حاولت الإصغاء ثانية لأعرف النكتة.. لكن...   (وقفة)   على كل حال، لم أستطع أن أعرف في الآخِر.   (وقفة)   حينها تذكرتكِ.. نعم، تذكرتكِ حين كنتِ شابة. لقد    كنتِ لاتحبين الضحك كثيراً. نعم. كنتِ... كئيبة.    (صمت)   بيـث: أخيراً عرفت لماذا اختار لي مكاناً نائياً ومقفراً كهذا.    نعم، لقد اختاره لي خصيصاً كي أرسم بهدوء وأمان.    أخرجت قلم الرصاص من كراسة الرسم، إلا أنه لم    يكن ثمة شيئاً لأرسمه. لاشيء سوى الشاطىء    والبحر.   (وقفة)    أحببت أن أرسمه. لكنه لم يُرد ذلك. كان يضحك    يضحك...   (وقفة)   فضحكت أنا معه أيضاً.   (وقفة)   كنت أرقبه وهو يضحك. بعدها ابتسمتُ واستدرتْ.    كان يوّد ملامسة ظهري.. أن يدير جسدي نحوه.    لقد أحببت أن أضحك معه قليلاً فضحكت.   (وقفة)   كان يضحك ويضحك ويضحك. نعم. لهذا السبب لم    استطع رسمه.   (صمت)   داف: كنتِ في شبابك رّبة بيت من الطراز الأول.    نعم، أليس كذلك؟    وكنتُ فخوراً بك حقاً. نعم. لم تتذمري أو تعترضي    يوماًعلى شيء قط، ولم تتشاجري أو تغضبي   مطلقاً. كنتِ تنجزين عملك على أفضل وجه،   وكان السيد سايكس يثق بك ويعوّل عليك.    نعم، لم يكن قلقاً بشأن المنزل لأنه كان واثقاً   من عنايتك به وإبقاءه بوضع جيد دائماً.    (وقفة)   هل تذكرين حين طلب مني مرة أن أذهب معه في    تلك الرحلة؟ تلك الرحلة الطويلة إلى الشمال؟    آه. وهل تتذكري حينما عدنا كيف عبرّ لك عن   امتنانه لقاء عنايتك الشديدة بالمنزل.   نعم، فقد كان كل شيء يسير بدقة مثل عقارب   الساعة.   (وقفة)   كنتِ مشتاقة لي أعرف ذلك. أتذكرّ أنني حين دخلتُ    يومها هذه الغرفة وقفتِ جامدة دون حراك. نعم.    كان عليً أن أقطع كل الطريق الطويل المؤدي إلى    الطابق العلوي لأصل إليك. نعم.   (وقفة)   وحين وصلتْ، لمستك برفق.    (وقفة)   كنت أود أن أخبرك بشيء حينها، أليس كذلك؟ لكنني    انتظرتْ، انتظرتْ.. وبعدها.. بعدها لم أفعل ذلك.    لكنني قرّرت أخيراً أن أخبرك. نعم قرّرت وفعلت    ذلك في صباح اليوم التالي. أليس كذلك؟    (وقفة)   قلت لكِ يومها... أنني خذلتك... نعم، قلت لك ذلك.    وقلت لك أيضاً أنني خنتك ولم أكن مخلصاً لك.   نعم، قلت لك ذلك.   (وقفة )   لم تبكِ حينها. نعم.    خرجنا بعدها نتمشى لبعض الوقت حتى وصلنا    البحيرة وكان الكلب معنا.    جلسنا قليلاً تحت الشجرة. لم أستطع حينها أن أفهم    لماذا جلبت معك سلة المشتريات.   سألتك، ماذا في داخلها؟ لكنك لم تجيبي.    في الآخِر ظهر أن في داخلها خبزاً. نعم، وصرتِ    تطعمين البط.    ومن بعد جلسنا تحت الشجرة نتطلع معاً نحو    البحيرة.   (وقفة)   وحين عدنا ودخلنا هذه الغرفة وضعتِ كفيك فوق    وجهي وقبلتِني.   بـيث: لم أكن أريد حقاً أن أشرب.   (وقفة)   رسمت وجهاً فوق الرمل وبعده جسداً. وكان جسد    امرأة.    ثم رسمت بعد ذلك جسد رجل قريب من جسد    تلك المرأة من دون أن يتلامسا.    لم يكونا شبيهان بالبشر.. كانا لايشبهان أي شيء.    فجأة، تطاير الرمل فامتزجت خطوط الجسدين    وغامت التخوم بينهما، فزحفتُ نحوه ووضعت    رأسي فوق ذراعه، ثم دفنت وجهي في وجهه    وأغمضت عينيّ وأطفأتُ الضوء.    ( صمت)   داف: لقد أحّبنا السيد سايكس وأعجب بنا فوراً بعد مقابلته    الأولى لنا، ها؟   (وقفة)   قال: أحسّ أنكما ستشكلان فريق عمل رائع في هذا    المنزل. هه، هل تتذكرين ذلك؟ وهذا ما برهّنا عليه    حقاً. فقد كنت أجيد السياقة بشكل رائع. ليس هذا    حسب، بل كنت ألمّع له حذائه أيضاً.. هاهاهاها.    كان بوسعي القيام بأي شيء، أي شيء. أي عمل    كان من أجل العيش. نعم.   أما هو فلم يكن ينقصه شيء، لاشيء على الأطلاق.    أتذكرين كيف كان وحيداً وكئيباً؟ أتعرفين أنه كان    لوطياً؟   (وقفة)   لم أشعر بأية شفقة نحوه مطلقاً لأنه كان وحيداً. كلا.   (وقفة)    أما الفستان الأزرق الذي انتقاه لكِ حينها لترتدينه في   المنزل فقد كان ذلك لطفاً منه حقاً، على الرغم من    إنه فعل ذلك من أجل مصلحته الشخصية بالطبع.   نعم، كي تعتني ببيته وضيوفه. أليس كذلك؟   بـيث: حرك جسده وسط الرمل واقترب مني ووضع    ذراعه حول خاصرتي.   (صمت)   داف: هل تحبين أن أتحدث معك؟   (وقفة )   هل تريدين أن أبوح لك بكل تلك الأشياء التي فعلتها؟   (وقفة)   والأشياء التي كنت أفكر بها؟   (وقفة)   أظن أنك تحبين ذلك، هه؟   بـيث: ثم عانقني.   (صمت)   داف: كان من مصلحته الشخصية طبعاً أن يراك وأنت    ترتدين فستاناً جذاباً في منزله لكي تتركي انطباعاً   جيداً لدى ضيوفه.   بـيث: ركبتُ الباص ونزلت عند تقاطع الطرق.. ثم دخلت    الزقاق القريب من الكنيسة. كان كل شيء هادئاً جداً    إلا من زقزقات الطيور. لم يكن هناك سوى رجل    عجوز كان منحنياً يعبث بمرمى ملعب الكريكيت.    حينها وقفت تحت شجرة لأتفادى حرارة الشمس.   (وقفة)   فجأة سمعت صوت سيارة. توقفت السيارة ما أن    رآني، فتسمّرتُ في مكاني. تحركتْ السيارة ثانية    واتجهتْ نحوي ببطء، فتقدمتُ نحوها وسط الغبار.    لم استطع رؤيته بسبب انعكاسات ضوء الشمس. أما    هو فقد كان يتطلع نحوي.    حين اقتربت من باب السيارة كانت الباب مغلقة.    تطلعتُ إليه عبر الزجاج فانحنى وفتح لي الباب،    فدخلت وجلست إلى جنبه.    ابتسم لي ورجع بنا فجأة إلى الخلف بحركة واحدة    سريعة جداً اجتزنا خلالها الزقاق وتقاطع الطرق ثم    اتجهنا صوب البحر.   (وقفة)   داف: كنا موضع حسد الكثير من الناس لأننا نعيش    لوحدنا في هذا المنزل الكبير. إنه كبير جداً    لشخصين حقاً.    بـيث: قال أنه يعرف ساحلاً مهجوراً ونائياً جداً لايعرف به    أحد في هذا العالم، وهو المكان الذي سنذهب إليه.    داف: كنتُ لطيفاً وحنوناً جداً معك ذلك اليوم. كنت أعرف    أنك شعرت بإهانة حينها. لذا كنتُ حنوناً وعطوفاً    معك.    أتذكر أنني مسكتك من ذراعك ونحن عائدين من    البحيرة. أما أنت فقد فوضعتِ كفيكِ على وجهي    وقبلتِني.   بـيث: الطعام الذي جلبته معي في حقيبتي طهوته بنفسي..    حتى الخبز أعددته بنفسي.   (وقفة)   كانت نوافذ السيارة مفتوحة غير إننا تركنا غطاءها مغلقاً.   داف: أقام السيد سايكس مأدبة عشاء صغيرة تلك الجمعة    وقد أثنى عليك كثيراً لقاء طهوك اللذيذ وخدماتك.    (وقفة)   امرأتان، امرأتان فقط هما كل الحضور، ولم أراهما    بعد ذلك مطلقاً. ربما كانتا أمه وشقيقته.    (وقفة)   لقد طلبوا قهوة في ساعة متأخرة من الليل. كنت    أشعر بالنعاس. فكرّتُ حينها أن أنزل إلى المطبخ    لمساعدتك إلا أنني كنت متعباً جداً.   (وقفة)   إلا أنني استيقظت حالما دخلتِ الفراش. كنتِ متعبة،    متعبة جداً فغفوتِ فوراً حالما استلقيتِ على السرير    ووضعت رأسك على الوسادة.   بـيث: ما قاله كان صحيحاً، فقد كان الشاطىء مقفراً وخالياً    من البشر.   (صمت)   داف: في اليوم التالي القيتُ نظرة على الطابق العلوي    للمنزل وكنت أريد أن أخبرك بذلك. كان الغبار    مزعجاً تماماً فقمنا أنا وأنت بمسح الغبار معاً.   (وقفة)   كان بوسعنا الصعود إلى غرفة الاستقبال وفتح    النوافذ. وكان باستطاعتي جلي الآنية القديمة    لنحتسي كأساً هناك أنا وأنت في إحدى الليالي    الرائقة.    (وقفة)   أحسست أن هناك عُثاً في المنزل وحين رفعت    البساط عن الأرض تطاير العث في أرجاء المكان.   (وقفة)   بـيث: حين أكبر لن أكون بالطبع كما أنا الآن.    تنانيري.. سيقاني الطويلة..   سأشيخ يوماً ما حتماً ولن أبدو كما أنا الآن.   داف: استطيع الآن في الأقل الذهاب إلى البار بسلام، أو    أخرج إلى البحيرة باطمئنان دون أن يزعجني أو    يضايقني أحد.   (صمت)   بـيث: كل الذي تراه.. ُقلت ْ، ما هو إلا ضوء لمستك..    اشراقة حضورك.. رشاقة رقبتي.. بريق عينيك..    وهج الصمت، هو ما عنيتْ.    سحر زهوري..    يداي وهما تلمسان تلك الزهور هو ما عنيتْ.    (وقفة)   كنت أتطلع نحو بعض الناس هناك.   (وقفة )   كانت السيارات تزمّر وتزعق وهي تتخاطف    كالبرق بالقرب مني، وكان فيها رجال تجلس إلى    جانبهم فتيات يتقافزن أشبه بالدمى ويقأقئن    كالدجاجات.    (وقفة)   كان الجميع يصرخ في بار الفندق. وكانت الفتيات    يظهرن بشعورهن الطويلة مبتسمات.   داف: المهم في الأمر أننا الآن معاً. نعم، هذا هو المهم.   (صمت)   بـيث: استيقظتُ مبكراً لأن ثمة أشياءاً كثيرة كان ينبغي    عليّ إنجازها. نعم، فقد كان علي أن أضع الصحون    في المغسلة لتنقع. نعم، وقد أبقيتها طوال الليل في    المغسلة ليسهل جليها في الصباح.    الكلاب استيقظت من نومها هي الأخرى. أما هو فقد    كان يتبعني في ذلك الصباح الضبابي القادم من    النهر.   داف: كان ذلك اللوطي يجهل أي شيء عن أقبية البيرة    ولايعرف خبرتي الطويلة في أقبية الخمور، لذلك    استطعت أن أتحدث معه باسترخاء وثقة عالية.   نعم، ثقة ناتجة عن خبرة عمل ومعرفة.   بـيث: فتحتُ الباب وخرجتْ. لم يكن هناك أحد.    كانت الشمس مشرقة والبلل يغطي الأرض كلها.   داف: الشخص الذي يعمل في أقبية الخمور إنسان جدير    بالثقة، نعم. لماذا؟ لأنه يتحمل مسؤولية كبرى. فأوّل    ماينبغي عليه القيام به حين يستيقظ مبكراً هو    مساعدة سائق شاحنة نقل براميل البيرة لإنزالها إلى    داخل القبو. وبعدها عليه فتح بوابة القبو وإدخال    المزلقة ثم انزال البراميل واحداً واحداً بواسطة حبل   ووضعها على سكة لإنزالها إلى الداخل ووضعها    على الرفوف.     ومن ثم عليه هّز تلك البراميل من الأسفل بعد    وضعها على حوافها مستخدماً ميزان ورافعة.   بـيث: كان الطقس مازال مضبباً، لكنه أكثر رقة وخفة.   داف: البرميل يكون عادة مغلقاً بسّدادة، لذا ينبغي ثقب تلك    السّدادة بقوة ليدخل الهواء إلى داخل البرميل كي    تتنفسه البيرة.    بـيث: البلل يملأ الهواء، والجو مشمس، والأشجار خفيفة،    خفيفة مثل ريش الطيور.   داف: بعدها يجب ضرب الصنبور بقوة، بقوة.   بـيث: كنت أرتدي ثوبي الأزرق.   داف: وإبقاء البراميل منتصبة ثلاثة أيام ووضع أكياس   رطبة فوقها.   وينبغي غسل أرضية القبو يومياً. نعم كل يوم،    وغسل البراميل كل يوم أيضا.   بـيث: كان صباحاً خريفياً عذباً.   داف: وفتحْ المياه نحو مضخات البار بواسطة الأنابيب..    يومياً.   بـيث: وقفتُ وسط الضباب.   داف: والآن عليك أن تسحب وتسحب وتسحب.. وفي    اللحظة التي تصل فيها إلى الثـفل، عليك أن تتوقف    عن السحب. نعم، لأن تلك الفضلات ستسبب لك    إسهالاً. لكنك ستحصل على برميل ناقص في    الآخِر ، نعم.    والآن أعيد البيرة التي إندلقت من الجوانب ثانية    إلى ذلك البرميل وابعثه إلى مصنع البيرة. هاهاهاها.   بيث: وقفتُ تحت الشمس.   داف: ولا تنسى أن تحرك البيرة بقضيب نحاسي كل يوم.    نعم كل يوم. وأن تضبط المقادير حسب قياسات    الغالون وتعلمّها بالطباشير. عظيم.    والآن كل شيء جاهز ومرتب مقنع وأنيق. ولن    تتبول على نفسك مرة ثانية مطلقاً. هاهاهاها.   بـيث: بعدها عدتُ إلى المطبخ وجلست.   داف: استغرب ذلك اللوطي لسماعه هذا، وقال أنه يسمع    للمرة الأولى أن أرضية القبو تغسل.      قال أنه كان يظن أن معظم اقبية البيرة تحوي على    أجهزة للتبريد مثبتة حرارياً، وهي من يتحكم   بكل شيء.   وقال أنه كان يعتقد أيضاً أن البراميل الخشبية    المعبئة بالبيرة يتم ضخها بالأوكسجين بواسطة    إسطوانة.    قلت له إنني لاأتحدث عن البراميل الخشبية أنما    أتحدث عن بيرة طبيعية طازجة تضخ فوراً من    البرميل.   قال أنه كان يظن أن نقل البيرة يتم من الشاحنة    مباشرة في حاويات معدنية عبر أنابيب. حسناً، قلت    له، بوسعهم أن يفعلوا ذلك، لكنك لم تتحدث   عن نوعية البيرة. إنني أتحدث عن النوعية. المهم،    وافقني الرأي أخيراً.    بـيث: جلس الكلب بقربي وصرت أمسّد شعره. تطلعت    نحو الوادي من خلال النوافذ فرأيت الأطفال    يتراكضون فوق العشب، ثم صعدوا بعدها إلى أعلى    التل.   (صمت طويل)   داف: لم أستطع رؤية وجهكِ مطلقاً. كنتِ تجلسين قرب    النافذة في إحدى الليالي المعتمة وكان المطر    يتساقط، يتساقط بغزارة.    كل ما أستطعت سماعه هو صوت قطرات الماء    وهي تضرب الزجاج بقوة.    كنتِ تعرفين أنني سأدخل، لكنك لم تتحركي.    جلستُ بالقرب منك.    إلى ماذا كنت تنظرين؟    كان كل شيء معتماً في الخارج. لقد استطعت رؤية    ظلك فقط على النافذة. انعكاس صورتك على    الزجاج.   كان ثمة ضوء ما حتماً في مكان ما. محتمل جداً   أن يكون انعكاس وجهك هو الذي كان يضيء    أكثر من أي شيء آخر.   جلستُ بالقرب منك. أما أنتِ فقد كنتِ مستغرقة في    حلم، ربما.    جلستُ قربك دون أن ألمسك.    كل ما أحسست به هو مؤخرتك فقط.   (صمت)   بيث: كنت أتذكر على الدوام أن في الرسم ثمة مبادىء    أساسية للضوء والظل. إلا أنني أحس إن من يوحي    بالظلال والضياء هو الفكرة دائماً.    ما الظل إلا تجريد للضوء.   قوام الظل يستوحى من شكل الفكرة ذاتها.    لكن ليس دائماً، وليس بشكل مباشر بالطبع.    الظل يتأثر بها بعض الأحيان لكن بشكل غير    مباشر. وفي أحيان أخرى لايمكننا العثور أصلاً   على أي مبرّر لتلك الظلال.   (وقفة)    إنني أشعر دائماً بالضجر حين أفكر بمبادىء الرسم    تلك.   (وقفة)   لهذا السبب لم أضّل لا المسار ولا القلب مطلقاً.   داف: كنتِ ترتدين سلسلة حول خصرك. وفي تلك السلسلة    كنت تحملين مفاتيح وكشتبان ودفتر ملاحظات وقلم    رصاص ومقص.   (وقفة)   كنت تجلسين في الردهة وأنت تقرعين الجرس.   (وقفة)   لماذا كنتِ تقرعين ذلك الجرس الملعون بحق    الشيطان؟   (وقفة)   جنون، جنون أن يقف الواحد في ردهة فارغة وهو    يقرع هذا الجرس اللعين.    لا يوجد أحد هناك كي يسمعه، نعم لا أحد. فليس ثمة    أحد في البيت سواي.    أين الطعام؟ لاشيء، لاشيء في المطبخ. لايوجد أيّ    شيء. لاوجود حتى لحساء أو فطيرة أو خضار.    لاتوجد حتى قطعة لحم. اللعنة على الجميع. (وقفة)   بـيث: نعم، لهذا السبب لم أضّل المسار مطلقاً. ومع ذلك   وحتى حين طلبت منه أن يستدير لينظر إليّ لم    استطع رؤية نظرته.   (وقفة)   لم أستطع معرفة إن كان يتطلع نحوي أم لا.   (وقفة)   رغم أنه استدار وبدا كما لو أنه ينظر إليّ.   داف: انتزعتُ السلسلة من خصرك بقوة وأخرجت منها    كل شيء. الكشتبان والمفاتيح والمقص ورميتهم    على الأرض حتى صاروا يقرقعون. ثم انتزعت    الجرس ودسته بقدمي هكذا، هكذا، فدخل الكلب.    ظننت أنك ستتقدمين نحوي وتستلقي بين ذراعيّ ثم    تقبليّنني. بل فكرت أنك ربما ستدعوني إلى الفراش    أيضاً.    لقد أحببت مضاجعتك أمام الكلب. نعم، في حضرة    الكلب، مثل رجل، وأنا أضرب الجرس في الأرض    بقوة محذراً إياك خشية أن يقفز المقص أو   الكشتبان ويدخلان بين فخذيك، هاهاها.    ثم قلت لكِ بأن لاتقلقي فسأرميهما بعيداً ليتعقبهما   الكلب، فسيشعر بالسرور وهو يداعب الكشتبان   بين مخالبه.   أما أنت فستتضرعين لي مثل كل امرأة. نعم مثل أي    امرأة. وسأضرب الجرس في الأرض بقوة، نعم   سأضربه بقوة، فإذا بحّ صوته وضعف رنينه،   عندئذ سأعّلقه ثانية في مكانه وأضاجعك أمامه وهو    يتأرجح مقرقعاً ليوقظ النيام جميعاً، جميعاً، يدعوهم    لتناول العشاء، فالعشاء سيكون جاهزاً حتماً،    وسأجلب لحم خنزير مقددّ، وسأضربك على رأسك    الجميل محذراً الكلب من أن يبتلع الكشتبان و...   بـيث: فاستلقى فوقي وتطلعّ نحوي.    كان يسند كتفي بذراعيه فيما يدي تلامس نتوء ضلعه.   (وقفة)   رقيقة لمسَتهُ حول عنقي.    ناعمة قبلته ُ على خدي.   (وقفة)   حلوة حبيبات الرمل الصغيرة وهي تتراقص على جسدي.   (وقفة)   السماء صامتة في عينيّ.    عذب ورقيق صوت المد والجزر.   (وقفة)   أوه، أنت حبي الحقيقي، قلتْ.        النهاية     *** 

    من المسؤول عن لغة المسرح / منير راجي


     

    لقد كثر الجدال و النقاش عن المسرح و لغته و كلنا نعرف أن المسرح أحد الفنون الأدبية التمثيلية الذي يعتمد أساسا على تجسيد الأفكار و طرحها على الجمهور من خلال الخشبة في ظرف زمني محدد لا يتجاوز الساعتين...
    عندما نتكلم عن المسرح فاننا نتكلم عن دوره الاعلامي قبل كل شيئ و مدى أهميته في ايصال الأفكار الى الجمهور , لهذا استلزم علينا أن نتطرق و لو بايجاز الى دور المسرح كوسيلة اعلامية قد تكون أنفع وسيلة و قد تكون عكس ذلك تماما و ذلك حسب المضامين و الأفكار السائدة فيه..
    قد يعتقد البعض أن المسرح ما هو الا فترة زمنية ترفيهية نضحك فيها و نتسلى لقضاء أوقات الفراغ , و منهم من يعتقد أن المسرح ما هو الا عمل هزلي, حتى اقترنت كلمة مسرح عندنا بكلمة ضحك نتيجة الفهم الخاطئ لهذا الفن الاعلامي الهام , و ما زاد الطين بلة هو عدم الفهم الحقيقي للمسرح من طرف ممارسيه من ممثل و مخرج و كاتب...
    اذا أردنا اصلاح ظاهرة اجتماعية خطيرة فلا بد أن نستعمل هذا الاصلاح في قوالب أدبية و فنية متنوعة , فالشاعر من جهته يحاول الاصلاح بطريقته الخاصة و الروائي بتصوراته للأحداث و المسرحي بحواراته و حركاته... فالمسرح وسيلة و غاية للاصلاح سواء كان اصلاحا اجتماعيا أو ثقافيا او فكريا أو سياسيا...
    و انطلاقا من هذه الفكرة نستطيع أن نحدد نوعية اللغة المستعملة من طرف المسرح مع مراعاة ثقافة و مستوى السواد الأعظم من الشعب , و هنا لسنا بصدد تقييد الكاتب المسرحي في لغته المستعملة , فالكاتب لابد و أن يحاسب على لغته و من واجبه أن يبدع بالفصحى , الا أننا نطالب المخرج المسرحي أن يعرف كيف يستغل العمل المسرحي و أن يستخدم طاقاته الفنية لغرض توضيح هذا العمل و تبسيطه لغويا و فكريا حسب المستوى اللغوي و الفكري للشعب مع حفاظه التام على المضمون , لكن للأسف الشديد لازال جل مخرجينا المسرحيين لم يدركوا بعد دوزرهم المنوط بهم و يكتفون دائما قائلين بأن الكتابة المسرحية في بلادنا لا تزال ضعيفة و منعدمة ..
    بصراحة هناك براعم في هذا المجال و لكن نظرا لاهمالهم من طرف المخرجين لجئوا الى عمل ابداعي آخر ..
    يؤسفنا جدا أن نسمع من بعص الممثلين و المخرجين ينتقدون كتاب المسرح و يلومونهم عن اللغة المستعملة ( الفصحى ) و يبررون قولهم بأن هؤلاء المؤلفين لم يحترموا لغة الشعب .., فكيف يحق لمخرج أو ممثل أن يفرض لغة معينة على المبدع ؟..
    ان الكاتب المسرحي قبل كل شيئ مطالب بأن يكتب بلغة فصيحة سليمة حتى تتعدى التراب الوطني و تعم جميع أقطار العالم العربي و بالتالي تستطيع اي دولة أو بلد عربية أن تخرج منها مسرحية على الخشبة باللغة التي تراها لائقة و مناسبة , و هكذا يصل النص المسرحي الى كافة الشعوب العربية على اختلاف لهجاتها..
    فالكاتب المسرحي من وجهة نظري لا يستطيع ان يكتب بالعامية لأن أمامه أهداف عديدة يريد ايصالها الى المجتمع من بينها ترقية المستوى اللغوي للقارئ , و قد جرب العديد من كتاب المسرح الكتابة بالعامية و لكن لم يفلح و نذكر على سبيل المثال توفيق الحكيم و محمود تيمور و غيرهم ..
    ان المخرج المسرحي في بلادنا لايزال نائما و همه الوحيد هو ان يبرز اسمه على الشاشة في بداية المسرحية و أحيانا يتعدى ذلك كاحتكاره للمسرحية فهو المخرج و هو الممثل و هو المؤلف ..
    ترى لماذا لم يكن توفيق الحكيم ممثلا و مخرجا و نفس الشئ بالنسبة لنجيب محفوظ و احسان عبد القدوس و احلام مستغانمي و ميخائيل شولوخوف و..و ..
    لماذا كل هؤلاء لم يكتبوا بالعامية رغم أننا نلاحظ أن كل رواياتهم الفصيحة تحولت الى أفلام او مسرحيات بالعامية ؟
    طبعا لان المخرج قام بدوره و تفهم المهمة التي هو بصددها .., فالمسرح رسالة قبل كل شيئ , و ليس شهرة و تخزين أموال ...
    ان لغة المسرح التي كثيرا ما نجد بعض مفكرينا و نقادنا بصدد طرحها و مناقشتها لا تحتاج الى كل هذا النقاش و هذا الجدال .., فاللغة مقرونة بلغة السواد الأعظم من الشعب و هذا الموضوع لا يهم الكاتب على الاطلاق و انما يهم المخرج و كاتب السيناريو او المقتبس بالدرجة الأولى , علينا أيضا أن لا نفهم المسرح كوسيلة لعلاج مرض اجتماعي أو سياسي فحسب و انما كوسيلة لرفع المستوى اللغوي للفرد و حتى المستوى الأدبي هذا الأخير الذي لم يأخذ حقه على الاطلاق في بلادنا رغم أن أدبنا العربي غني بالشعر المسرحي و بالروايات التي بامكانها ان تتحول الى مسرحيات عالمية ..
    يجب أن نجعل من المسرح غذائنا الروحي و الفكري و الوجداني حتى نتمكن من رفع مستوى الذوق الفني لدى مجتمعاتنا الذي ظل طيلة فترة من الزمن ينظر الى المسرح نظرة خاطئة , و أن نسعى جاهدين الى خلق مدرسة مسرحية متطورة تحقق طموحات و آمال جيلنا , و أن نعمل أيضا على تشجيع المواهب المسرحية من مؤلفين و ممثلين و مخرجين .. و تبقى لغة المسرح فصيحة نصا و عامية عمليا ...


    دراسة درماتورجية لنقد النقد/ بنيحيى علي عزاوي



    إحساساتنا أصابها مرض عضال فتعطلت ساعتها البيولوجية فأصبحت كل الحواس الخمسة فاقدة مناعتها : تخدرت بأفيون السياسة الزئبقية للقرن21 المتداخلة في فن فنون كل أنواع الكذب المزركش الأشكال والألوان من: خداع وغش وتخرس مستحم بضالة فكر مكر وضلالة اختلاق بطون الكتب الصفراء بتأويلاتهم للتراث غواية لغزو المشاعر"البهيمة"ودليلهم "السلف الصالح" هو طريق  إخلاص واستقامة وهدى لكي نفرمل الزمان الآني ونعيش زمن الأولين ..فهم رجال ونحن رجل، كما أكد من خلال استبصاره تلمسا وتحسسا لزمانه أبو حنيفة  الحكيم الهمام..أفلا تستبصرون معي التلفيق وجهالة البهتان لسياسة العربان الذين غرسوا في اللاشعور الجمعي أساطير  زور باطل،تابعين حكامنا وتحولوا إلى حروف الجر لسياسة مسيري العالم في الدول الكبرى الذين لهم فن افتراء افك نميمة وبهتان تخرُص، ثم تدجيل  لعقل إنسان الجنوب الذي  تعطلت كل حواسه فأصبح كالأنعام، يأكل ويشرب وينام ثم يقضي حاجته الغريزية على مر السنين والأعوام، ولا يأبه لسرعة قياس الزمان وما تحمله السنون من تغيير كل شئ  حتى بيولوجية البشر سوف تتغير ليعيش إنسان الشمال في كواكب أخرى ذوات أكمام وأفنان.علم السياسة الدبلوماسية  في القرن 21مثلها كمثل شجرة الزقوم، أصلها من الجحيم وثمارها رؤوس الشياطين فأصبحت فتنة للمغفلين، وبدعة "الماركوتينغ" الذي هو لفن التسويق بسياسية القرن21 /الحلال أصبح حراما والحرام حلالا/ نحن في زمان العولمة التي اتخذت من سحر التكنولوجية عالما خطير لا يدركه عقل /الإنسان الجنوب/ إلا قلة تعيش غربة الاغتراب في عالم الأنعام ...عالم العولمة فيه سلبيات أكثر منه ايجابيات يعمل أصحاب القرار العالمي على تدجيل العقل البشري وغسيله بفكرة فلسفية خطيرة أولية اسمها"بيو- ماركوتينغ" وستظهر على  أرض الواقع أفكارا أخرى لم تكن في الحسبان، بل كانت عند علماء أجلاء في طي النسيان، بسبب شرور طغيان الرأسمالية التي عطلت مكانيزمات الضمير وكل حواس الإنسان التي كانت من مبادئها وأسماها ألا وهوعنصر الخير الذي أصبح في الإنعاش هذه سنوات بدون عناية تذكر من طرف السلطة التنفيذية التي يترأسها العقل ولا اهتمام من لدن السلطة التشريعية التي تدار من قبل إرادة الإنسان الواعي المنيب، ما السبب ؟ماذا جرى لحواسنا المعطلة التي لم تعد نشيطة بصفة طبيعية كما خلقت منذ الأزل من لدن الرحيم الرحمن؟؟ هذا الكلام وجهه الرقيب للعقل سلطان للذات ..سكت العقل ثم ضغط على زر الجهاز أمامه وقال:
    تسألني عن الحواس الخمسة ؟ أجاب الرقيب : أجل سيدي..أرى الحواس الخمسة تعطلت لماذا؟ رد العقل بصوت رخيم: ولِمً لا تقول تغيرت...؟" ضحك العقل ضحكات مسترسلة حتى تفاجأ رقيب الذات من شكل ضحكات العقل..نظر العقل بقوة نور عيونه الزئبقية إلى الرقيب حتى طأطأ الرقيب رأسه ثم بعد صمت دام أكثر من دقيقة ونصف ثم ضغط على زر الجهاز وقال العقل بصوت جوهري: ألا ترى يا رقيب أن الحياة كلها تغيرت وستتغير بفضل أبحاث الإنسان الكوني اللا متناهية!! تسألني على حاسة الذوق أقول لك من كثرة الروتين تعودت على الملح من عدمه ثم الحلو من مره وجميع ما يتذوقه اللسان تكلف به البطن بروعة التمام ، وان سألتني عن اللمس أقول لك اختصارا بحكم تغير الزمان فقد حاسته لأن كل شئ أصبح أملس ، وأما عن حاسة السمع فطبلة الأذن فسدت تخريبا من كثرة الموسيقى المزعجة فعوضها الأطباء بآلة لا تسمع إلا المصلحة المادية "المركوتينغ" وأما حاسة الشم من كثرة العطور الكيماوية تكيفت حتى أصبحت تشم كل ما حول محيطها طيب ورائع،  هكذا إلى أن تتغير مناعتها تمهيديا للعيش في كواكب أخرى ذات جمال أجمل... أما حاسة النظر فإنها أصبحت ترى كل شئ وردي ههههههه الحروب والقتل والجوع والفقر وجميع أنواع الشرور،فأصبحت  تتلذذ بسادية لذة الشر بعيون وردية،... جميل هذا الزمان ، زمان التغير والتغيير يا رقيب، هذه بعض مؤشرات العولمة..وأنت لم يطرأ عليك تغير لماذا؟ انتظر أين تمضي ،؟ قال الرقيب بحشرجة عجائبية سأرحل إلى الأبد وستبقى وحيدا مع ديكتاتوريتك ... قهقه العقل قهقهات الجبروت وقال: انتحر أو أشرب ماء البحر فالحياة ستستمر والبشر قرر أن يرتقي إلى ما هو أفضل ههههههههه....فجأة استيقظت مهزوما خائفا من هذا الحلم المزعج...وقلت مع نفسي هل الرقيب هو الضمير!!؟ وهل الضمير الإنساني مات أم انه في مصحة الإنعاش؟ أو تخدر بحكم المصلحة المادية التي طغت على المشاعر الإنسانية.

    الخروج من قلبي ..قصيدة : لـ صابر حجازي

    لا أؤمنُ .. بالبياضِ / ياسمينة حسيبي شاعرة من المغرب

     
    وأشقّ دمِــي نِـصفيْن .. لِـتعبُــرَنِــي
    لتقومَ - وللمرة الأخيرة - من جسدي
    وتُعِـيـد ترتيب ردْهـــة الــروحِ .
    أنا امرأة وحيدة كهمزة على السّـطر
    حُـضني باردٌ كــالشتاءِ !
    وأنت رجل مصابٌ من جهة "الــغَـرْبِ"
    تَـفْـزَع إليـكَ الحُـروب راكــضةً ،
    تدخُـلكَ من فُتُـــوقِ الجـُرحِ ..
    فَتُهيئُ لحْم التّـرابِ تحسّبًا للجوعِ !
    تُهاتفني ..
    كلما كان الوطن خارج التغطية ،
    تُخبرني عن جندي "محظوظٍ" مات دون أن يدري ،
    عن امرأة تستثمرُ بطنها في مشروعٍ للشهداءِ
    عن نتوءاتِ الثلج ورائحة البرد..
    ووُجوهٍ تصدأُ من صرير الرياح .
    تحدثني عنكََ وعنّي ،
    عن إسمي ، حين هرّبنَـاهُ تحتَ جنحِ البيـاضِ
    عن واقعٍ قتَلنَاهُ برصاص الحلُم
    عن بقايا وطنٍ نُخبئُها تحت اللّسان ،
    وبين واوِكَ .. ونُـوني
    وانكسار دمعةٍ في عين نبيّ ،
    تَـعِــدُنِـي بيقينٍ يُشبهُ لُـعبَةَ الأطفـــالِ ..
    بوطــنٍ حليق اللحية وأنيق الـــرّجـال
    بشعبٍ جديدٍ ..
    من النازحين والثكالى والأيتامِ !
    وأنا الفـــارغة من كلّ شيء ..
    يَلْسعنيِ الصقيع بألْسنةِ النارِ
    يفغر صراخي ..
    كُـلّما تجمّد غضّ الأجسادِ في الخِـيامِ.
    أفْـتحُ قناة " الأعراب" فتقذفني بالجثث ،
    تقرعني بـِ" الــعاجل" من بائِتِ الأخبار
    وبالمسيرات البهلوانية ضد الإرهاب .
    أنا التي كَــفَـرتُ - منذ انْـدلاعِ الثلــجِ -
    بمؤشرات الجوّ المُــتـــأمْـــركــة ..
    وتَــأَوْرُبِ نشـــراتِ الطقسِ !
    أنا التي قَـصَفَني العمر من حيث لا أدري
    فبلغتُ سنّ الــرّشــد بين رصاصتينِ ..
    ووطنٍ لا يتذكّرُ إســمِـي !

    قبيلة عتاب تعقد مؤتمرها السنوي لدعم وأسناد القوات الأمنية والحشد الشعبي / محمد صخي العتابي


     
    نظمت قيبيلة عتاب مؤتمرها السنوي في محافظة واسط بحضور شخصيات دينية وسياسية وبرلمانية وجمع غفير من ابناء عشائر عتاب والقى الأمير رياض ثجيل حاتم العتابي أمير قبيلة عتاب في العراق والوطن العربي كلمة اكد فيها اهمية الدور الذي تقوم به القبيلة والعشيرة العراقية في التصدي للمخططات الرامية الى تقسيم العراق وتفتيت وحدة شعبه وسعيها الى نبذ الطائفية والدعوات التي يطلقها اعداء الشعب العراقي لتمزيق
    وحدة نسيج أبناء الشعب الواحد واوضح ان اختيار قبيلة عتاب مناسبة عيد تاسيس الجيش العراقي يوما لانعقاد مؤتمرها العام  خير دليل على ان ابناء العشيرة العراقية اصبحت في خندق واحد مع قوات الجيش والشرطة من خلال تطوعهم في صفوف الحشد الشعبي  وتصديهم البطولي لعصابات داعش الارهابية .
    وفي كلمة له خلال المؤتمر أكد نائب رئيس مجلس محافظة واسط الاستاذ تركي الغنيماوي ان العشائر العراقية الاصيلة اثبتت عمق ارتباطها التاريخي والوطني بما قدمته من تضحيات ودعم للقوات الامنية والحشد الشعبي.
    واواضح ان التمعن في صفحات التاريخ والتأمل في المواقف المفصلية التي رسمت العمق الحضاري والفكري لهذا الوطن المعطاء كانت ولا تزال جزء لايتجزأ من المنظومة القيمية والأخلاقية لهذا المجتمع، انطلاقا من روح الدين الحنيف والاخلاق العربية التي طالما كانت مصنعا للأبطال والمواقف المشرفة عبر التاريخ
    المعاصر وأضاف أن عظيم مابذلتموه من عطاء قل نظيره خلال المرحلة الراهنة من عدد وعدة تعزيزا لخطوط المواجهة واسنادا لقواتنا البطلة يشعرنا بالتقصير ويحملنا مسؤوليات اخرى تجاه المرحلة الراهنة.
    وأكد البيان الختامي الذي جاء فيه تاييدهم لقرارات الحكومة الاتحادية في مكافحة الفساد الاداري والمالي وتضامنهم مع دعوات المرجعية الدينية العليا أضافة الى استنكارهم أقامة المؤتمرات على أساس طائفي ومذهبي وعرقي مع التاكيد على اهمية تلاحم جميع العشائر في الظرف الراهن ودعم الجيش والشرطة والعمل على أقرار قانون يضمن حقوق شهداء وجرحى الحشد الشعبي وتفعيل مجالس حل النزاعات العشائرية .



    تعالوا نكتب فالكتاب يخلدنا / صالح الطائي


    صالح الطائي

    (مهداة إلى الأديبة والمحاورة الرائعة الصديقة عزيزة رحموني
    التي نشرت موضوعا عن الكتابة أوحى لي بهذا الموضوع)


    تعالوا نكتب فهناك من ينتظرنا.
    من يريد أن يقرأ عنا، أن يعرفنا.
    أن يسمع أساطيرنا
    ونكاتنا وأصوات ضحكاتنا
    ونشيج بكائنا
    جدنا وهزلنا
    وكل حقائقنا، وكل شيء عنا.
    تعالوا نكتب
    فهناك من يأمل أن نترك له شيئا يدله علينا
    فقد عرفنا آباءنا الأقدمون مما تركوه لنا مكتوبا؛ فدلنا عليهم.
    تعالوا نكتب
    فهناك في الزمن الآتي من يحب أن يجد ما يذكره بنا، ما يدله علينا، ويذكر له مآثرنا، بطولاتنا، هزائمنا، حزننا، فرحنا، حكمتنا وحمقنا.
    هناك في الزمن الآتي من يريد أن يعرف كيف كنا نفكر .. نعمل .. نلبس .. نعيش .. نتعامل، نتحارب، نتصاحب، نكره، نحب.
    لا تقل لي: إن الكتابة بطر وترف فكري لا يشبع من جوع.
    لا تقل لي: إن سوق الكتاب كاسد، والكاتب أفقر من شحاذ.!
    ولا تقل لي: ليس هناك من يقلب الكتب ليعرف مضمونها؛ بعد أن شغلته الدنيا بهمومها.
    لأني سأقول لك: وماذا أراد الإنسان البدائي الأول الذي لم يكن يعرف الترف والبطر حينما ترك رسومه وكتاباته وآثاره على جدران كهوف منسية، لتصل إلينا بعد حفنة آلاف من السنين، فتدلنا عليه؟
    هل كان يأمل أن يبيعها ويتربح بها؟
    ماذا أراد المتحضر السومري والبابلي حينما أصر على كتابة أفكاره وقوانينه مستخدما ألواح الطين بدل الورق، ومسامير الحديد بدل الأقلام، متحملا عناء رسم تلك الصور التي دلتنا على تاريخه بعد آلاف السنين من وجوده؟
    هل كان يكتب ليفتخر أو ليبيع ما يسطر؟
    إن الكتابة يا سيدي هي محاولة لتمجيد الذات، ذات الفرد وذات الأمة، بل وذات الإنسانية جمعاء، فمن منا يكره ذاته؟!.
    الكتابة تخليد للعمل الذي أنجزناه سوية عبر عمرنا.
    الكتابة وسيلتنا التي نخاطب بها أنفسنا؛ والقادمون من بعدنا.
    هي خامتنا التي نرسم عليها واقعنا، لكي تأتي الأجيال بعد ألف عام وعام فتعرف ماذا كنا نعمل، وماذا كنا نريد أن نكون، وإلى أين وصلنا، ولماذا، فتأخذ العظة.
    إن الكتابة يا سيدي المعترض تختزل كل القرون بأسطر معدودات وتضعها بيد من يبحث عن خفايا وأسرار وطقوس تلك القرون.
    والكتابة هي ديمومة الحياة.
    وهي الآصرة التي تربط الماضي بالمستقبل لتؤكد وحدة الوجود.
    وعلينا أن نكتب لكي نديم التواصل مع التاريخ القادم.
    فكتابتنا هي التي ستوصل لهم تراثنا وتراث من سبقنا.
    فنعود بنظرهم أحياء بعد موت طويل
    وتكتمل سلسلة الوجود

    حاجتـنا لبناء ثــقافــــة مجتمعية رصينة / نهاد الحــــديـثي


     نهاد الحديثي

    لكل مجتمع مهما كان شكله أو طعمه أو رائحته ثقافة يمكن من خلالها تحديد ملامح هذا المجتمع، أما المقصود بالثقافة ،هنا ليس الفنون المكتوبة والآداب ولكن المقصود الحياة نفسها وكيف يعيش ذلك المجتمع حياته و ماهي أدواته للعيش وكيفيستخدمها. في كثير من المجتمعات يسهل عليك أن تجد الملامح الرئيسة لثقافة ذلك المجتمع وذلك في عدة مواقع فمثلا قدتذهب إلى الشارع أو تستمع إلى الراديو أو تشاهد التلفزيون أو تشاهد مسرحية أو فيلما في ذلك المجتمع عندها سوف تجد انكتستطيع أن تحدد أركان هذه ثقافة هذا المجتمع ببساطة، مثل هذه الثقافات سوف تكتشف بسرعة أنها تتفق على قضايا مشتركة،بين أفرادها بينما تترك ما تختلف عليه بعيدا عن واقعها لذلك أصبحت سهلة الفهم امام الاخرين---والسؤال الذي حيرنا جميعا وحير غيرنا هو: أين يمكن أن توجد ثقافتنا المجتمعية...؟ وبطريقة أخرى كيف يمكن أن نبني ثقافة مشتركة بيننا بعيدا عن الدوران فقط حول مجتمعنا بثقافات متعددة..؟ لنكن صرحاء حول ثقافتنا المجتمعية نحن كما يبدو من المشهد الاجتماعي لا نملك ثقافة متفقاً عليها من الجميع وهذا لب المشكلة، عندما نذهب إلى المسجد يوم الجمعة نجد ثقافة قد تتعارض كثيرا مع مقتنيات منازلنا وقد نجد من يصادر محتويات منازل الكثير من أفراد المجتمع

    يتفق الباحثين والمختصين في مجال بناء المجتمع المدني وغرس الافكار الحديثة، الخطوة الرئيسية لنشر اية مفاهيم جديدة تتمثل في زيادة المعرفــــــــة في عقولهم،وان تكون الثقافة هي التقليد اليومي وجزء من مفردات الحياة عمليا وسلوكيا، ولنشر ثقافة السلام كي تصبح ثقافة مجتمعية لابد من الاخذ بنظر الاعتبارالافراد قبل القيادات ،وانتصبح هذه الثقافة جزءمن الموروث الحياتي اليومي ،وتلعب مؤسسات الاعلام دورا مهما في ترسيخ القيم التربوية والتعليمية لثقافة مجتمعية واعية ومن خلال ما تبثه وسائل الاعلام فهي تتطلب قدرة ومهارات معرفية كبيرة للعاملين في وسائل الاعلام بخصوص اسس بناء السلام ونشر وترسيخ السلام عبر برامج ومواد اعلامية مختلفة ومنوعة وهادفة ،دون اغفال دور الاسرة والمؤسسات المدنية بهذا الشأن او بما ينفذه من برامج وفعاليات في عدة ، تستند الى قبول التعددية والتنوع والاختلافوالاستعداد للعمل من اجل تعلم وممارسة اسس السلام من العائلة وطبيعي ان هذاالامر يحتاج الى كميات هائلة من المعرفة لان الموجودة حاليا لدى الافراد،قليلة جدا بهذا الخصوص.
    وبخصوص المؤسسات التربوية لابد ان ترافقها بحوث ودراسات وموادة معرفيةتضخ باستمرار في عقول الاجيال حتى يتم تغير الموروث الرفضي لقبول هذهالثقافة بأعتبارها دخيلة كما يصفها البعض احيانا او بسبب قلة المعرفة حولهامع التأكيد على دور تأهيل المدرسين والمربين بهذا الشأن وزيادة مهاراتهمفي مجال هذه الثقافة وادخالهم دورات وفعاليات يتدربون على اليات نشر وترسيخثقافة السلام، هذا الامر ليس من الصعوبة تحقيقه اذا ما وضعت الخطط وخصصت ميزانية و تمتأهيل قادة و مسؤولين لادارة هذا الملف ، ايضا لابد من الاخذ بنظر الاعتبارتوظيف المعنيين وقادة المجتمع لكي يقوموا بمبادرات حول اهمية هذا الامر واعداد دراسات ميدانية عن حلقات الضعف والتحديات اتلتي تواجه نشر هذهالافكار وايجاد الحلول لها وصولا الى ان تصبح ثقافة السلام ثقافة مجتمعيةوجزء من الموروث اليومي لحياة الافراد.
    كتب الأستاذ فهمي  هويدي عن واقعة الرئيس الألماني كريستيان فولف الذيانتخب لمنصبه حديثا واضطر للإنتقال من موطنه في مدينة هانوفر إلى برلينالعاصمة ، وفي برلين فشل في  إلحاق ابنه بدار حضانة حكومية تتقاضى أسعارارمزية حيث لم يجد مكانا شاغرا لأن الأماكن المتوفرة في الحضانات أو المدارسالحكومية لا تستوعب سوى 43% من أطفال مدينة برلين، فاضطر السيد الرئيس إلىتسجيل ابنه في قائمة الانتظار التي تضم كل عام عشرات الأطفال لحين خلو أحدالأماكن ، وقال الرئيس لبعض أجهزة الإعلام  أن منصبه يحظى باحترام كبيرحقا، لكن ذلك لا يعني أن يغير من نمط حياته هو وعائلته،أو أن يعاملوامعاملة خاصة تميزهم عن غيرهم من المواطنين. وقال الأستاذ فهمي "إن الرؤساءالذين نعرفهم ما إن يقبض الواحد منهم على منصبه حتى ينتقل من مصاف البشرإلى مصاف الآلهة" ولذلك كان طبيعيا أن يعجز المستشار عن حجز مكان لابنه فيالحضانة "في حين أن الآلهة في أقطارنا يحجزون الأوطان كلها لأبنائهم".
    هي في الحقيقة ثقافة مجتمعية أكثر من كونها مسلك شخصي لمسئول بعينه في بلدمعين من بلدان العالم، سواء كان الحاكم في مصاف البشر العاديين أو في مقامأعلى منهم. كلا الحاكمين  سليل ثقافة مجتمعية معينة هي التي تشكل تصرفاته. حكى لي قبل سنوات أحد معارفي أنه كان مسافرا بالقطار في عطلة نهايةالأسبوع في السويد وتصادف أن كان مسافرا معه على نفس القمرة رئيس وزراءالسويد الراحل أولف بالمة ، استغرب صاحبنا من تلك المفارقة،كيف لرجل ذيمكانة عالمية مرموقة وحاكم دولة بمكانة السويد أن يسافر معه كراكب عادي علىنفس الدرجة ونفس القمرة بهذه البساطة. وفوق ذلك كان بالمة هو الذي ابتدرمعه الحوار ثم أخذ يصغي باهتمام شديد ويطرح بعض الأسئلة حينما كان صاحبنايحدثه عن السودان، وردا على تسائل تحرج صاحبنا من طرحه بشكل مباشر ولكنه لميفت على حصافة بالمة، قال إنه في عطلة قصيرة خاصة وليس هناك ما يمنعه منركوب القطار ويفعل مثلما يفعل الآخرون. المهم أن الرحلة  انتهت وترجل  الإثنان من القطار ثم ذهب كل واحد منهما  في سبيله، ولم يكن هناك من مستقبللأولف بالمة، ليس ذلك فحسب، كما لاحظ صاحبنا، ولكن أولف بالمة تسلل خارجامن المحطة في هدوء كغيره من المسافرين.
    كريستيان فولف الذي أثار إعجاب الأستاذ فهمي هويدي، ومن قبله أولف بالمة،وكثيرون غيرهما،لم يأتوا من فراغ، ولم يكن مسلكهم مجرد اجتهادات وقناعاتشخصية ومناعة خلقية معزولة عن المجتمع، ولكنهم حصاد تراكمات حضارية  وتجاربطويلة  امتدت عبر  قرون وعقود من الزمان لم تكن خالية من الدماء والصعودوالسقوط، وهم أيضا تجسيد لثقافة اجتماعية اتخذت شكل المؤسسية الثابتة من قيمة العقل وقيمة الانسان، ونقولها للاسف إن مجتمعاتنا أصبحت غير قابلة للتحرك بل وترفض كثيراً من التحرك إلى الأمام نتيجة تزاحم الثقافات الجزئية السائدة فيه بحجة أن ذلك مختلف مع الماضي، نحن بحاجة إلى أن ندرك أين نحن وأين ثقافتنا لنشترك جميعا في بناء ثقافة مشتركة لا ترى أهمية إلا للمجتمع وحده ولحياته الفكرية والاجتماعية والسياسة والاقتصادية

    حيدر و مسابقة أمير الشعراء / علي عيسى الوباري

    اغتنموا الفرص فإنها تمر مر السحاب ما اعظمها من حكمة و ما
     
     اعظم من قالها ، لكن مع الاسف حصر مفهومها في شئون تقليدية محددة ، نحن بحاجة لهذه الحكمة العظيمة و نشرها في بيئاتنا الاسرية و محيطنا الاجتماعي حتى نساهم في خلق جيل مبادر.
    احد اسباب بقاء المبدع العربي مكانك سر و ابداعه يبقى في حدود وطنه او اقليمه انه لم يـزرع فيه طموح المنافسة العالمية و لا يتخيل ان يكون في الصف الاول دوليا ، الامر ليس بالسهل و لا الصعب لكن إذا أردت ان تكون ستكون ما دام تملك موهبة مثل ما فعل الشاعر المتألق عدنان المناوس، مثال رائع  في الوصول للعالمية .
    من المحزن أن اغلب المجتمع لا يتعامل مع الموهبة و المهارة كقيمة في ذاتها يجب استثمارها اجتماعيا و ثقافيا و تنمويا و على مستوى الوطن و خارجه .
    شاع بالمجتمعات في العشر السنوات الماضية دورات تطوير الذات و اكتشاف المواهب لكن لم تنعكس الدروس النظرية على الواقع و تُطبق اجتماعيا .
    كم موهوب  دفن مع مواهبه  تحت التراب و خسرت المجتمعات و الاوطان جواهر ثمينة بسبب عدم اغتنام فرص ابرازها و لم تجد اليد التي تدفعها للعلن ، لو اتيحت للموهوبين    الحواضن المحفزة لكسبت الشعوب و الامم استثمارات ثقافية و مكاسب اقتصادية .
    النقد الاجتماعي السلبي اصبح مصاحب للبعض من افراد المجتمع و بالتالي انعكس سلبا على مبادرات فردية و جماعية بحيث توارت بعض المواهب و اصحاب الطاقات  خوفا من المجتمع ،  او على الأقل لا يلاقون تشجيعا من المجتمع .
     الفعاليات الاجتماعية و الثقافة ينبغي ان ينظر إليها  من جانبين : داخلي ( ذاتي ) و خارجي ، نحن مسئولون عن الجانب الداخلي الذاتي الذي ينبغي ان تشحذ الهمم و تخرج افضل الافكار و تنسق الجهود من اجل انجاح اي مبادرة و اي نشاط ، اما العوامل الخارجية فليس بيدك التأثير عليها الا من خلال ابراز ما لديك من مهارة او ابداع و اتقان بالاداء ، من الصعب تغيير العوامل الخارحية لكنك مسئول بتقديم نفسك و عرض قدراتك للخارج و اقتتاص الفرص من اجل اثبات ذاتك و الاعلان عن ما منحه الله لك .
    عصرنا عصر المواهب و المهارات من يمتلك ابداع يكون له شأن و يتميز في زمن تعددت فيه  المواهب و ارتفع عدد من يمتلك الطاقات.
    الموهبة منحة من الله يستفيد منها صاحبها و المجتمع و الوطن ، كثير من الدول تفتخر بأصحاب العقول و المواهب و المهارات  كل دول العالم تجلب افضل المبدعين لانهم صناعة تنموية و ثروة وطنية تفخر بهم بل تحارب من اجل جذبهم  و تتهافت الاوطان لجلب العلماء و المفكرين و الادباء و منحهم جنسياتها .
    يا ليت نتعامل مع الموهبة كقيمة وطنية و انسانية يصبح صاحبها رمزا ينقش اسمه في لوحة الشرف التاريخية ، كثير من الرموز و المبدعين عرفت مناطقهم و دولهم بهم لدرجة يقال احيانا المنطقة التي بها العبقري او الرمز الابداعي أو تنتمي الجنسية له .
    المبدع يقترن باسم المنطقة الجغرافية التي يعيش فيها ، العباقرة علامات ابداعية مسجلة على جبين  دولهم و مدنهم و لا ينسوا تاريخيا .
    سيبقى اسم الجواهري لامعا في عالم الشعر و منارة شامخة  في التاريخ ، خلد شكسبير اديبا و مسرحيا يزداد نجمه مع افول نجم بلده الذي ينتمي له ، من يوثق اسمه في صفحات التاريخ هو الرمز و النجم من خلال ما يقدم من ابداع انساني .
    الابداع ثروة الامم هذا هو المبدع ابو القاسم الشابي قيروان شعري ما زالت العرب تتغنى بشعره و شجرة تونسية مغروسة جذورها في اعماق تراب الوطن ، كذلك  طاغور شاعر الهند الكبير ما زال تاجا لدولة سكانها اكثر من مليار نسمة .
    النجومية ليست شيئا في متناول اليد و الابداع ليس امرا بسيطا ، هو طفرة في التاريخ الانساني كم متنبي برز خلال مئات السنيين ؟ ، و كم معري نبغ بالتاريخ؟.
    التنصيب الرسمي ضروري و الحصول على شهادات و جوائز معترف بها ، تعبير عن نشر الموهبة و توثيق للابداع.
     كثير زعموا انهم افضل شعرا من احمد شوقي في عصره لكنهم بقوا ماكثين بين سطور شعرهم و لم يبرزوا و  لم يتقدموا للساحة الادبية و الاعلامية ، موهبة و حضور احمد شوقي و تفاعله  الثقافي فرضت أمارته للشعر ، التاريخ لا يدخل في التفاصيل يتحدث عن النتيجة  مشكلة كثير من الشعراء الموهوبين و المبدعين انهم لم يتقدموا للاعلام لنشر ابداعهم ، الابداع حق انساني يستفيد منه الجميع .

    لماذا نشجع و نقف مع حيدر ؟
    الشاعر حيدر العبدالله و كما ذكروا الشعراء و المتخصصون انه مبدع و قيمة شعرية متميزة فرضت نفسها من خلال ابداعه الشعري الذي شهدت له عدة جوائز
     ١- حصوله على جائزة شاعر شباب سوق عكاظ٢٠١٣
    ٢ - المركز الثاني عربيا في جائزة البابطين
    ٣- المركز الثاني في مسابقة البدر للابداع
    ٤- شهادة الشاعر المتميز جاسم الصحيح في حقه " مسيح شعري"
    ٥- ترجم له الشاعر الكبير ناجي الحرز في كتابه شعراء قادمون من الاحساء
    اضافة لشهادات عديدة من شعراء و نقاد
    الشاعر حيدر رغم صغر سنه اطلق عنان موهبته الشعرية مبكرا و اصبح نخلة سامقة تهز بسعفاتها و تنزل شعرا جنيا حين تبتسم لنسمات الشمال ، يفوح من شعره رائحة بخور الجدة ، و ينثر على من حوله عودا معتقا ، يسقي من عيون شعره شجر الليمون و يقطف من حروفه تينا يتلذذ بتذوقه من يهضمه ، تشنف آذانها زهرة عباد الشمس حين تشرق كلماته مع شمس الصباح ، هو شاعرا متألقا يشار له بالبنان ، شعره تعانق مع قصائد المعلقات السبع في بستان ديوان العرب ، هو موهبة بارزة و نجما شعريا سيشجع الجيل الذي بعده في الاجتهاد بعالم الشعر و الادب .
    البعض له ملاحظات على طريقة المسابقة لكن ليس المطلوب ان يكون منهجها متوافق حسب ما يفترضه المشاهد و المهتم  بالشعر فلكل مسابقة شروطها حسب ما يريد القائمون عليها، هناك ميزة ايجابية بمسابقة أمير الشعراء و هي النقد المباشر من هيئة النقاد، يعني بمقدور المتخصصين ان يميزوا بين الموضوعي و المتحيز ، كما ذكرنا المسابقة متاحة و فرصة للمبدعين و المبادرين ، كل من شارك بها قال اني استفدت منها حتى لو كان في مراحلها الاولى، لذا التفاعل مع المسابقات حالة ايجابية .
    التشحيع  لحيدر ينتج عنه فوائد عديدة منها :
    أ - تشجيع الشباب على ابراز مواهبهم في كل المجالات
    ب- تشجيع المبادرات الثقافية و العلمية
    ج - ابراز المظهر الاجتماعي التضامني
    د - ابراز مواهب وطنية تقدم لوطنها ابداعها عربيا
    ج - ترجمة المعاني الايجابية الاجتماعية
    نتحدث كثيرا عن المسئولية الاجتماعية و الوعي في التشجيع و الاخذ بيد اي موهوب و مجتهد فهذه احدى المبادرات الاجتماعية التي تترجم الحس الاجتماعي و تعبر عن المسئولية الاجتماعية في احتضان المواهب.  ما قام به المتحمسون للشاعر حيدر يستحقون  الشكر و التقدير جميعا و لا سيما السيد محمد الحداد و حسن المبارك و حسن العبدالله ، ينبغي الوقوف معهم حتى لا نتأسف على فرصة كبيرة لموهبة شعرية حقيقية ستحفز مواهب اخرى بالابداع و المبادرة في ابراز مواهبهم بمجالات اخرى, لمسئولية الاجتماعية و الشراكة المجتمعية تفرضان علينا الوقوف مع اي مبادرة  و تشجيع اي موهبة شبابية سواء اكانت علمية او ادبية او رياضية
    فلنتذكر، كل موهبة تُبرز و كل ابداع يُعلن هو تعزيز وجود و صناعة تاريخ .

    المئات من أهالي بغديدى يحضرون مهرجان شعري دون دعوة متابعة / جميل الجميل


      أقام منتدى بغديدا الأدبي جلسة شعرية،تضمنت مهرجانا شعريا للشعراء الشباب في الحديقة العامة التابعة لبلدية الحمدانية، مقابل كنيسة مار بهنام وأخته سارة في قره قوش بغديدا .
    بدأالمهرجان بالوقوف دقيقة صمت على ارواح شهداء الثقافة مع عزف للنشيد الوطني العراقي  وتلاها كلمة المنتدى ألقاها الشاعر الشاب رواد رعد، وبدأت الشعراء بقراءة نصوصهم وقصائدهم وهم على التوالي كلّ من الشاعر رمزي هرمز ياكو، المشرف على المنتدى، "سرجون نوح شعبو، برزان عبد الغني جرجيس، طيف عبد المسيح، ديفد حازم شيتو ، انس عولو، رواد رعد، ايهاب ماجد هدايه ، جميل الجميل ، آرام أبو وديع ، كرم سكريا، الياس حنو". حضر الامسية السيد قائممقام قضاء الحمدانية ولويس خنو عضو المجلس البلدي في قضاء الحمدانية وعدد من الشباب والشابات والعوائل ومن الموصل وبرطلة وكان حضورهم دون دعوات رسمية .
     وعن المهرجان قال الشاعر جميل الجميل رئيس المنتدى: المهرجان هو انتقالة نوعية والتمرد على واقع المهرجانات الكلاسيكية وايصال رسالة لكل من يهمه الامر ومن لا يهمه الامر بأن الشباب ذات نشاط وحيوية وهم يشكون أمرهم للسلطات والساسة الذين يصرفون الملايين ولا يصرفون مبلغا بسيطا لهكذا نشاطات ادبية وثقافية، وهناك تهميش كبير للثقافة في العراق وبالأخص الشعراء الشباب الذين ينتظرهم مستقبلاً أدبياً.
    وأضاف بان هذا المهرجان كان يجب أن يقام بالشارع ليعلموا أن الشباب لن يتوقفوا أبدا عن عزمهم وان هذا المهرجان سيبقى مستمرا ونصف شهري وجاء تمويل المهرجان من الشعراء الشباب نفسهم ، ولم يتم دعوة اي شخص رسميا وانما جاء الحضور عن طريق صفحات الفيس بوك وهذه انتقالة من القاعات المغلقة الى الشوارع والحدائق للتمرد والتواظب على تقديم الشعر للمتذوقين .

    وردة .. رحيق الطرب العربي / منير راجي ( وهران ) الجزائر


      

    وحشتوني..وحشتوني ..اهلا بأعز الحبايب ..هكذا كانت وردتنا.. كانت تحب بصدق و تخلص للجميع..
    و ها نحن الان نشتاق اليها بعدما فارقتنا و كان ذلك يوم ( 17 مايو 2012 )..
    انها ( وردة فتوكي ) المولودة في باريس من أب جزائري و أم لبنانية.. هذه الأسطورة التي أطربت و لاتزال تطرب الملايين من المحيط الى الخليج..
    وفي مقالي هذا لا اريد أن أعرج عن حياتها و مسيرتها الفنية فهي أشهر من نار على علم و انما احاول ان أقف عند بعض الجزانب الانسانية عند وردة ..
    لقد عرفت بطيبتها و لم تعادي أحدا و كانت محبوبة من طرف كل من عرفها ..
    هذه الوردة التي انتشر رحيق طلعها في كافة الأقطار العربية و تذوقنا عطر أغانيها التي ستبقى خالدة أبد الدهر...
    تعتبر أميرة الطرب العربي السيدة وردة الجزائرية من بين أفضل المطربات اللواتي قدمن أنفسهن بقوة في عالم الغناء العربي على مدى عقود من الزمن..
    كانت السيدة وردة مجاهدة و مخلصة لوطنها و لا يخفى على أحد مشاركتها بالمال رفقة ابيها في الثورة التحريرية مما أدي بالمستعمر الفرنسي طردهم من فرنسا ..لقد كانت تحب الوطن حد النخاع و لم تبخل مرة واحدة عن وطنها فغنت لافراحه و بكت لأحزانه...هذه هي ابنة ( سوق اهراس ) هذه هي جوهرة ( سدراتة ) المنظقة الذي تنحدر منها وردة الجزائرية...
    لم تمنع وردة كغيرها من الفنانين من الاشاعات و لكن كانت دائما صبورة و لا تتسرع في الحكم على الاشياء ..
    انها من عظماء تاريخ الفن كما تعتبرمدرسة فنية تتلمذ و تربى الجميع على أغانيها ...
    لقد غنت وردة للعديد من عمالقة الفن العربي .. وكان لزوجها الموسيقار بيليغ حمدي دورا بارزا في حياتها الفنية مما جعله يقدم لها أروع الالحان التي ستبقى خالدة أبد الدهر...
    غنت وردة لكل من رياض السنباطي.. محمد عبد الوهاب .. السيد مكاوي.. محمد الموجي ..فريد الاطرش و العديد من الملحنين العرب...
    كما ساهمت وردة في تدعيم العديد من الفنانين الشباب و الذين هم الان نجوم في الساحة الفنية العربية كشيرين و ايهاب توفيق و أمال ماهرو أصالة و غيرهم..
    لم تتوقف السيدة وردة لحظة واحدة عن فنها رغم مرضها ..قكانت كل مرة تسعد محبيها بالجديد رغم صعوبة ذوق هذا الجيل فعرفت كيف تكيف أغانيها حسب أذواقهم و ابدعت في ذلك ..
    هكذا في مثل هذا اليوم ( 17 مايو 2014 ) ودعت وردة جمهورها العريض فبكوها عشاقها ..
    تركت لنا رصيدا كبيرا من الأغاني الخالدة و بهذا تكون الأسطورة وردة قد أثرت المكتبة الفنية العربية بأروع الاغاني التي لا تموت .. رحم الله أميرة الطرب العربي و أتمنى ان تنال حقها الفني الذي يرقى و يليق برقيها الفني و مستواها الغنائي ...

    الأمام موسى بن جعفر عليه السلام باب الحوائج / محمد صخي العتابي

    تمرعلينا هذه الليلة ذكرى أستشهاد سابع أئمة أهل البيت الأمام موسى بن جعفر عليه السلام الذي عرف بصبره الطويل على عذابات السجون المظلمة في زمان الطاغية الرشيد أمضى ثلاثة عشر سنة وكان الأمام صابرا محتسبا يحمل قلبا كبيرا يستوعب المحبين والأعداء يروى ان شخصا تحدى اصحاب الامام الكاظم عليه السلام واخبرهم بأنه سيقوم بعمل يخرج الامام من صبره وتحمله وكظمه فأحضر عصا وجعل في اخرها مسمار وانتظر خروج الامام من داره وعند خروج الامام وقف الرجل في طريقه وقال له: لي اليك سؤال. فاجابه الامام : سل ما تريد، فاقترب من الامام  وثبت المسمار على قدمه الشريف واتكأ على العصا واخذ يسأل الامام عدة اسئلة لا تليق بمقام الامام والامام  يجيبه بعدها سال دم الامام على الارض اثر العصا والمسمار فقال له الامام الكاظم عليه السلام: يا اخي اطلب منك ان تبتعد قليلا اخشى ان يصيب ثيابك شيء من هذا الدم، فانبهر الرجل بهذا الخلق المحمدي الرفيع واعتذر من الامام هذه هي أخلاق بيت النبوة ولقد حرص في حياته الشريفة التي قضى معظمها في السجن أستشهد مسموما على وحدة الكلمة وأعلاء كلمة الحق وقضاء حوائج الناس وعلمه وفقهة الذي ملأ به الدنيا يروى عن أبي حنيفة إمام المذهب الحنفي أنه قال: أردتُ أن أسألَ جعفر الصادق عن مسألة القضاء والقدر فدخلت داره فرأيت موسى بن جعفر -الإمام الكاظم عليه السلام - وهو صغير السن في دهليز دار أبيه فقلت في نفسي: ان هؤلاء يدعون وراثة العلم عن رسول الله لأختبرنه فقلت له: أين يحدث الغريب منكم إذا أراد ذلك -أي قضاء الحاجة- فنظر إليّ ثم قال: يتوارى خلف الجدار ويتوقى أعين الجار، ويتجنب شطوط الأنهار ومساقط الثمار وأفنية الدور والطرق النافذة والمساجد، ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ويرفع ويضع بعد ذلك حيث يشاء فلما سمعت هذا القول الحكيم والبيان الجميل منه نبلَ في عيني وعظم في قلبي ووجدت فيه ذكاء خارقا فقلت له : جعلت فداك فممن المعصية (أي حينما يرتكب الإنسان معصية فمن العامل لمعصيته؟) فقال الإمام الكاظم: المعصية لا تكاد تخرج عن ثلاث حالات:1-من العبد. 2-من الله. 3-أو منهما. فان قلنا من الله تعالى فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده ويأخذه بما لم يفعله، وان كانت المعصية منهما فالله تعالى شريك العبد والله سبحانه أقوى من عبده والقوي أولى بانصاف الضعيف (وان الله وعد العاصي بالعقوبة) وان كانت المعصية من العبد وحده فعليه جاز ان يصدر الامر إليه ويوجه النهي له وله حق الثواب والعقاب ووجبت الجنة والنار. فبقي أبو حنيفة مبهوتاً لهذا الاستدلال والبرهان المنطقي فقال له: ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم”. وفي قوله (ع) (ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم 
    فأن عمل حسنا أستزاد الله وأن عمل سيئا أستغفر الله منه وتاب اليه) ما أحوجنا اليوم الى الأمة الأطهار عليهم السلام ومدرستهم التربوية العظيمة لقب الأمام بكاظم الغيظ باب الحوائج ما قصده مكروب أو حزين إلّا فرّج الله همّه و أزال عنه غمّه وما استجار أحد بضريحه إلّا قضيت حوائجه. وقال الأمام الشافعي (قبر موسى الكاظم الترياق المجرب) في كل عام يزدحم حول ضريحه المقدس الملايين من المسلمين .
    السلام عليك سيدي موسى بن جعفر يوم ولدت ويوم تبعث حيا.